بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » :: عمَّ تتساءلون عنه في مصائب اليوم ؟ ::

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 08-01-2008, 04:29 PM   #1
أبوعمر السحيم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2003
البلد: :: المملكة العربية السعودية ::
المشاركات: 1,017
:: عمَّ تتساءلون عنه في مصائب اليوم ؟ ::


الحمد لله رب العالمين .. وصلى الله وسلم على خير خلقه أجمعين .. أما بعد ..

فإن الأمة اليوم تمر بمحن عظيمة .. ورزايا عصيبة .. ما اجتمع عليها منذ نشأتها فتن كاجتماعها عليها اليوم .. فمن احتلال لبلدان المسلمين ..
و حروب دامية رهيبة أهلكت الحرث والنسل ..
وتناطح بين أبناءها .. الذين يحمعه الإسلام .. وتفرقهم النفوس ومصالحها ..
ومن قحط في السماء .. وجدب في الأرض ..
ومن ارتفاع في الأسعار أهلك الشعوب وأفقر المجتمعات ..
ومن أسهم سلبت الأموال وأذهبت العقول .. وعادت أسهماً حقيقية تطعن القلوب .. وتثير المواجع .. وغير ذلك من المصائب والمحن الرهيبة !!

وقد يتساءل المرء ويتفكر: ممَّ هذا البلاء ولمَ ؟

والجواب : معروف مشهور .. وفي كتاب الله موجود مبثوب .. وفي غير ما موضع .. كما في قوله جل وعلا : {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .. فقد ظهر فساد عريض في حياة الناس ومعاشاتهم ورزقهم .. وحلول الآفات بها .. وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك .. والسبب : ما كسبته أيديهم من مخالفة أمر الله وأمر رسوله .. ومن معاصيه ومخالفة أمره .. بهذه المعاصي الفاسدة المفسدة .. كما في قوله : {ولا تفسدوا في الأرض –أي بالمعاصي- } .. كل ذلك لحكمة يريدها الله سبحانه ..

وقوله سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} .. فما حصل للناس اليوم هو بسبب ذنوبهم ومعاصيهم .. وليعلموا أن ما يصيبهم هو شيء من جزاء معاصيهم .. والأكثر : يعفو الله جل وعلا عنهم بعفوه .. ويتجاوز عنهم ..

وكقوله جل شأنه : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .. فتامل في هذه الآية : كيف سلَّى الله جل وعلا عباده : أن ابتلاءه كان لمعصيتهم يوم أحد .. مع أن معهم خير عباد الله إطلاقاً .. وهو رسوله الكريم العظيم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- .. فلما تساءل الصحابة عما وقع عليهم من القتل والأسر ؟ أجابهم ربهم وهو أعلم بهم : هو من عند أنفسكم .. فعودوا على أنفسكم باللوم .. واحذروا من الأسباب المردية .. ثم ختم جل وعلا الآية بقوله: {إن الله على كل شيء قدير} .. فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم ..

عباد الله : من الآيات السابقة يتبين أن الله جل وعلا رحيم بعباده .. وهو أرحم بهم من أنفسهم وأمهاتهم .. فلما رأى عباده في بعد عنه وعن دينه وشرعه .. ابتلاهم لحكم يريدها ومصالح ينفعهم بها !! أتعلم ما هي ؟

- إن منها : تخويفهم مما أمامهم من العذاب والنكال يوم الحشر والنشور .. ففي الآية الأولى يقول الله جل وعلا : { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} .. فما يصيب الناس اليوم هو إشارة لهم وتخويف وتهديد .. لعلهم يرجعون .. وإلا فإن الذي أمامهم من عذاب الآخرة أكبر وأعظم .. وأدهى وأمر .. كما قال الله تعالى : {كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} فإن من علم ذلك: أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ويحل العقاب .. إن كان ذا عقل عاقل .. وبصيرة نافذة .. {لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} ..

- ومن فوائد ذلك : {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .. فإن الله أكرم الأكرمين .. وأرحم الراحمين .. لم يؤاخذ عباده بذنوبهم مباشرة .. بل يعفو ويصفح .. ويغفر ويقبل .. ويدعو إلى التوبة ويحث عليها .. فإن لم يستجب العبد : حذره بتحذيرات ونبه بتنبيهات توجب له الرجوع والأوبة .. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته .. وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة .. وذلك كقوله تعالى : { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .. وهذا من رحمة الله بعبده أن يبتليه بالبليات عله أن يرعوي وينتبه فيرجع .. والابتلاء خير من الإمهال وفتح باب الخير للعاصي .. حتى إذا أخذه لم يكد يفلته .. كما في قوله بعد هذه الآية : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} .. والله المستعان ..

- ومنها : تكفير الله عن عباده الذنوب والآثام التي اقترفوها بأن يصيبهم بمصائب وبلايا .. ولكنها لا تستغرق الذنب كله .. حيث {يعفو عن كثير} .. ولا يظلم الله الناس .. ولكن الناس أنفسهم يظلمون ..
ومن قرأ كتاب الله وتأمله : وجد من أسباب العذاب الدنيوي وحكمه عجباً .. وهو في كتاب الله مستفيض واضح لمن وفقه الله لتأمل كتابه وتدبره ..
فتدبر القرآن إن رمت الهدى .. فالعلم تحت تدبر القرآن

وفي هذا الباب يقول الإمام العالم الواعظ الموفق : ابن الجوزي رحمه الله في كتابه الثمين القيم : صيد الخاطر : ((خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة، والبلايا العظيمة، التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة.
فقلت: سبحان الله ! إن الله أكرم الأكرمين، والكرم يوجب المسامحة.
فما وجه هذه المعاقبة ؟.
فتفكرت، فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم، لا يتصفحون أدلة الوحدانية، ولا ينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه، بل يجرون - على عاداتهم - كالبهائم.
- فإن وافق الشرع مرادهم، وإلا فمعولهم على أغراضهم.
- وبعد حصول الدينار لا يبالون، أمن حلال كان أم من حرام.
- وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها، وإن لم تسهل تركوها.
- وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة، مع نوع معرفة المناهي.
- وربما قويت معرفة عالم منهم، وتفاقمت ذنوبه.
فعلمت أن العقوبات، وإن عظمت دون إجرامهم.

فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً، صاح مستغيثهم: ترى هذا بأي ذنب ؟.
وينسى ما قد كان، مما تتزلزل الأرض لبعضه.
وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب، ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه)) ا.هـ..

اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم ..
وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ..
وارحمنا وتب علينا .. وتقبل منا إنك أنت السميع العليم ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..


أبو عمر السحيم
الرياض - في غرة عام 1429
1/1/1429
أبوعمر السحيم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)