|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
10-01-2008, 06:56 PM | #1 |
المشرف العام
تاريخ التسجيل: Sep 2001
البلد: Buraydah City
المشاركات: 5,510
|
شئ من الذكريات مع الشيخ / علي الجمعة ، رحمه الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم
شئ من الذكريات مع الشيخ / علي الجمعة ، رحمه الله .. كتبه الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن العياده يوم الخميس 11/12/1428 ، بعد صلاة الظهر ،، ،، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. كعادته الموت يأتي فجأة ، ويدخل بدون استئذان ، يخطف من نحب ، ومن لا نحب ، ولا يفرق أو يراعي ، ليس لأحد أمام سطوته مكانة ، لا تمنعه الحصون المشيدة ، ولا ترده الجيوش أو الحراس ، لا يهاب العزيز لعزه وسلطانه ، ولا القوي لسطوته وقوته ، ولا يعطف على الصغير لصغره وضعفه ، أو المسكين لمسكنته . إذاً هكذا نحن أمام الموت ، منتهى العدل ، ومنتهى الحكمة ، وكل له موعد لن يخلفه أو يتخلف عنه . عجيب أمرنا أمام رهبة الموت إذا خطف من نحب ، نتذكره سريعا وجيدا ، رسالة مفزعة ينقلها الهاتف الجوال في وقت متأخر من الليل ، العالم الجليل لقي وجه ربه ، نتحسر ، ونذرف الدمع ، ونحزن كثيرا ، نسترجع ، ونحوقل ، ثم ماذا ..؟ يسرع الجميع في طلب مآثره ولملمت سيرته ، وحياته ، ونبحث عن احد قريب منه أو له يحدثنا عنه ..؟ إذا لماذا لا يكون هذا مع من نحب ومع علمائنا وهم بين أظهرنا ، وعلى قيد الحياة ..؟ هذه الخواطر مرت بخاطري عندما وصل إلى هاتفي النقال ـ الذي تركته على غير العادة بعد صلاة الفجر مفتوحا ـ تلك الرسالة التي تمنيت أني لم القي عليها نظرة ، ولكن يالفضولنا العجيب ، الذي دفعني أن أتطفل وافتحها ، وإذا بالرسالة تقع علي كالصاعقة ، لان كاتب الرسالة كتبها كأنه يرسل رسالة سلام عادية ، يقول بكل برود ، الشيخ علي الجمعة لقي وجه ربه ، هكذا بدون مقدمات ، أو تهيئة ، ألا يعلم ماذا سيسببه هذا الخبر لمن يطلع عليه ..؟ فتخيل أنت مثل هذا الخبر ، شيخ تحبه وتجله ، ولك معه مواقف وتربطك به علاقة وأخوه، و بينك وبينه أشياء وأشياء ، سمعت صوته عن قرب ، وتجاذبت معه أطراف الحديث ، نهلت من علمه ، ثم يأتيك مثل هذا الخبر فجرا وأنت لم تحسب حسابه ..؟ ولكن لا نقول إلا ما يرضي الرب ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . عجيب أمر هولاء السادة العظماء العلماء ، شوامخ في الحياة ، وعلو بعد الممات . تنادى المسلمون للصلاة على الشيخ وتشييعه ، والسير خلف جنازته ، فكان الموعد على غير الحسبان ، تدفقت الألوف الى المسجد من كل حدب وصوب ، غصت الشوارع والساحات المحيطة بالمسجد ، تأملت هذه الجموع ، فيعترضني سؤالا حادا ، من الذي اخرج هولاء من بيوتهم في هذه الساعة ..؟ مع العلم انه في كل يوم يشيع فيه راحلون الى الله وقد لا يعلم بهم إلا القليل من أقاربهم ، ما الذي يجعل الإنسان يحدث دويا بعد رحيله ..؟ سؤال يجب ان نقف عنده طويلا ونتأمله . إذا الأمر فيه منه ومنحة ربانية ، لأنه لا سلطان على الناس يخرجهم من بيوتهم الا الله سبحانه وتعالى ، إذا أردت مثل هذه المنح الربانية في حياتك ويعد مماتك ، وهي متاحة لكل احد ، فما عليك إلا أن تكون قريبا من ربك ، في كل لحظة ، في قوتك وضعفك ، وعجزك وسطوتك ، وعلانيتك وسرك ، وسترى ما يسرك بعد رحيلك . هذه والله اعلم ، ما كان يتحلى به الشيخ ، وقد يكون هناك شئ آخر بين الشيخ وربه ، لا يعلم به الاهو سبحانه ، ظهرت علاماته بعد رحيله جعلت هذه الجموع تنساق بكل عفوية خلف جنازته ، ومن أجمل السقيا ذلك الوابل الذي أصاب تلك الجنائز التي صاحبت جنازة الشيخ ، إذا العلما برهم يتدفق على غيرهم حتى بعد رحيلهم . ******************** بعد مغرب ذلك اليوم ، وبعدما نفض الغبار ، تنادى محبو الشيخ لجمع شتات ذكرياتهم عن الشيخ ، ورصد المواقف والسجايا التي كان الشيخ يتحلى بها ، كل ذلك من اجل تكريم الشيخ ، آه ما أعجزنا ، لما لا نكرمهم وهم بين أظهرنا ..؟ ولكن هي عاداتنا ، لا نذكر علمائنا إلا بعد رحيلهم . على اثر ذلك رن هاتفي النقال ، وكان المتحدث احد الفضلاء ممن تربطه بالشيخ علاقة وطيدة ، يطلب مني أن أتحدث عن الشيخ ، فاعتذرت ، لان المفاجأة لم تبرحني بعد ، ورهبة الموقف لا زالت تحيط بي ، فماذا عساي أن أقول ، فالذكريات تبعثرت ، والمواقف تحتاج إلى استحضار ، فطلبت مهلة لبعض الوقت ، الملم فيها ذكرياتي مع حبيبي وشيخي ووالدي وصديقي ، فضيلة الشيخ الدكتور / على بن عبد الله الجمعة ، طيب الله ثراه واسكنه فسيح جناته .. ******************** شيء من الذكريات مع الشيخ : ما أصعب أن تستدعي بعض ذكرياتك المدفونة في حنايا النفس عن شخص تحبه ، خاصة بعد رحيله ، لان الذكريات تبقى أسيرة اللا شعور ، وهي تبقى اسرار خاصة جدا ، ولكن لان العلماء يبقون بعلمهم ملك للناس يستفيدون منها ، حتى بعد رحيل أشخاص العلماء ، كعادة العظماء ، تبقى سيرهم تدرس على مر العصور لتستفيد منها الأجيال القادة والمعاصرة . من المواقف التي مرت لي مع شيخي ، وتجلت بكل وضوح وبشكل عملي ، نور البصيرة التي منحها الله إياه ، فلم يكن العائق البصري يحول بين الشيخ وبين نور الحقيقة ، فقد حصل على أعلا الدرجات العلمية ، وهي الدكتوراه ، ولولا ما يتمتع به من نور البصيرة لما وصل إلى ما وصل إليه ، إذا نحن أمام إرادة قوية ، كان الشيخ يتمتع بها ، فأين هم العاجزون ، الذين منحهم الله قوة البصر ويرون الألوان على طبيعتها ورغم ذلك لم يصلوا إلى نهايات تذكر..؟ وأسوق لك هذا الموقف الطريف كدليل على أن الله أنار بصيرة الشيخ وقد حصل لي هذه الموقف شخصيا مع الشيخ : في أحد الأيام خرجت أنا والشيخ من مركز توعية الجاليات في الفايزية ، حيث الشيخ هو رئيس مجلس الإدارة ، وأنا عضو ، فركب الشيخ معي في السيارة لأوصله لمنزله ، فاستغليت الفرصة لأستفيد أكبر وقت ممكن من الشيخ ، فانهمكت في الحديث ، وكنا نسير في طريق الملك خالد باتجاه الجنوب حيث منزل الشيخ (علي) نفس الشارع من الجهة الشرقية ، ولما أقبلت على الإشارة القريبة من منزل الشيخ اضاءت اللون الأخضر ، فتجاوزت الإشارة إلى الأمام وأنا منهمك في الحديث معه ، فقال : لما لم تنعطف يسارا الى البيت ..؟ فقلت لم نصل ، فقال : البيت قبل الإشارة ..؟! فضحكت وقلت سبحان الله ( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) . الشيخ من أجمل سجاياه التواضع والمداعبة اللطيفة والابتسامة المشرقة على محياه ، مع التفاؤل ، وهذه بضاعة قد لاتجدها إلا في متاجر قليل من الناس . اذكر لك هذه الموقف ، و تتجلى فه صور التواضع والمداعبة لإخوانه طلبة العلم ، وهذه الموقف حصل أمامي ، وكان بين الشيخ رحمه الله ، والشيخ / عبد الله الجعيثن ، حفظه الله ، حيث كان هناك اجتماع لبعض الدعاة وطلبة العلم لمناقشة بعض المواضيع المتعلقة في أمور الدعوة إلى الله ، دخل الشيخ / عبد الله الجعيثن ، وسلم ، ثم وصل إلى المكان الذي فيه الشيخ / علي رحمه الله ، فسلم وعرف بنفسه ، فتبسم الشيخ / علي قائلا بكل مداعبة وهو يمسك بيده : (الأعرج ..؟ ) وكان الشيخ / عبد الله قد حصل له حادث مروري ، على إثره استخدم العصا بعض الوقت ، فما كان من الشيخ /عبد الله ألا أن بادله نفس المداعبة ، ورد بقوله : ( ما تعيرش ) فضحك الجميع لهذه المداعبة الجميلة . ومن صور تواضعه رحمه الله ، انه لا يحب الإطراء أو أن يلقب بالشيخ ، ومن ذلك إني طلبت منه يوماً أن يكتب لي خطاب تزكية لتقديمه لمكتب الدعوة ، فقال أكتب أنت ، وأملى علي الصيغة ، وفي نهاية الخطاب ، كتبت أنا : قاله الشيخ / علي الجمعة ، فقال توقف ، لا تكتب الشيخ ، فقلت لماذا ..؟ فقال أنا لا أقول عن نفسي ذلك ، بل أكتب ، أملاه الفقير / على الجمعة . وأذكر مرة أني كنت عنده في المكتبة ، فطلب القهوة والشاي ، وبعد انتظار بعض الوقت سمع صوت فناجيل القهوة ، إشارة إلى أنها أحظرت ، فهممت بالقيام لإحضارها فرفض الشيخ قائلا : أنت الضيف وفي بيتي ، فقام واحضرها بنفسه .. هذه بعض الصور التي توضح مدى ما كان يتمتع به هذا العالم الجليل رحمه الله ، من سجايا وتواضع وحب ، كعادة العلماء الربانيين . إذا ماهو دورنا تجاه علمائنا ..؟ أن نحفظ لهم حقهم ، ونبرز تراثهم وننشر علمهم . لذا أهيب بإخواني مكتب الدعوة وتوعية الجاليات في حي الفايزية في مدينة بريدة ، أن يتولوا هذا الأمر، ويقوم المكتب بنشر علم الشيخ وتراثه ، وفاءا وتخليدا لذكراه الطيبة .. والله أسال ان يجعله في بحبوحة من العيش مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ووالدي والمسلمين عامة يارب العالمين . وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى لآله وصحبه أجمعين . آخر من قام بالتعديل admin; بتاريخ 10-01-2008 الساعة 08:55 PM. |
الإشارات المرجعية |
|
|