|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عبدالله
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
|
استدراك و تتمة على موضوع : [ لين الكلمة .. مع قوة المضمون ]
بسم الله الرحمن الرحيم
::: استدراك ::: كنت قد كتبت فيما مضى موضوعاً بعنوان : ....[ لين الكلمة .. مع قوة المضمون ] .... و تحدثت عن اللين في بث الفكرة ابتداءً ، و التلطف في الخطاب منطلِقاً من نصوص تؤكد هذا المعنى و تعززه ، و هنا أستدرك على ما لم يُحرَّر فيما سبق ، فرأيت أن يُفرد له موضوع مستقل لكي يعم النفع ، مع ضرورة الربط بين المستدرك و المستدرك عليه فأقول : لما ذكرتُ أن الأصل اللين في الأسلوب الدعوي و غيره للتأثير في الناس أو بث فكرة معينة ، مع الحفاظ على المضمون الذي يعتقده الإنسان ، و عدم التنازل عنه ، طفقت أتأمل في مواطن الشدة ، و نظرت أولاً في كتاب الله جل و علا ، فوجدت أن أكثر الآيات أمرت باللين و الصفح و الجدال الحسن و الحكمة و ما إلى ذلك مما يدل على اللين ، و بين هذا وجدت آياتٍ أخرياتٍ تأمر بالغلظة ، كقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ، و قد أتت هذه الآية في سورتي التوبة و التحريم ، و من نظر إلى كلام أهل العلم في ذلك ، وجد أقوال للسلف من الصحابة و غيرهم ، تدور في فلك هذا المعنى ، وهو واضح لا يحتاج إلى زيادة .. و هذا استثناء من الأصل ، و تخصيص للعام ، و العلة في ذلك هو أن الرسول بدأ باللين مع المنافقين فلايَنَهم و صفح عنهم و هم على دِراية بما يأمرُ به و ينهى عنه ، فما كان منهم إلا العناد و الاستكبار إضافةٍ إلى هذا النفاق الذي يُعد من أسوأ أنواع الخسة و الدناءة و الكيد و المكر ، فناسبت الغلظة عليهم ، لكفِّ شرورهم و تضييقاً للدور الذي يقومون به من زعزعة للصف في المجتمع الإسلامي . قال صاحب الظِلال - رحمه الله - في كلامٍ رائع يتحدث فيه عن اللين و الشدة : " إن للين مواضعه و للشدة مواضعها ، فإذا انتهى أمد اللين فلتكن الشدة ، و إذا انتهى عهد المُصابرة فليكن الحسامُ القاطع ، و للحركة مقتضياتها و للمنهج مراحله ، و اللين في بعض الأحيان قد يؤذي ، و المطاولة قد تضر " ثم أنتقل بكم أيها الأكارم إلى فعل الرسول - صلى الله عليه و سلم - و أطلب منك أيُها القارئ الكريم أن تفكر معي في أي الأمرين أشد و أعظم : [البول في المسجد] ، [الإطالة في الصلاة بالمسلمين] ، كلاهما مُخالف و إن كانت الأولى أشد مخالفة ، و لكن تعال و تأمل كيف كان تعامل الرسول عليه الصلاة و السلام في الموقف الأول ، و كيف كان تعامله في الموقف الثاني : [البول في المسجد] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه ، دعوه . فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن . فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه ). و للقصة روايات كثيرة . و لكن تأمل في تلطف النبي - صلى الله عليه و سلم - و لينه و ذلك تحبياً له ، و تأليفاً لقلبه ، و عذره بالجهل .. و هذا الذي أشرت إليه في ثمرات اللين في الخطاب ، مع بقاء أصل المضمون ثابتاً لا يتغير . [الإطالة في الصلاة بالمسلمين] كان معاذ يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يأتي فيؤمّ قومه ، فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ، ثم أتى قومه فأمَّهم ، فافتتح بسورة البقرة ، فانحرف رجل فَسَلَّم ، ثم صلى وحده وانصرف ، فقالوا له : أنافقت يا فلان ؟ قال : لا والله ، ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأُخْبِرَنّـه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار ، وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال : يا معاذ أفتان أنت ؟ كررها ثلاثاً كما في أحد الروايات ؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا . و من هنا ، يُعلم أن للقسوة مواطن ، تختلف باختلاف الظروف و الأشخاص فمعاذ - رضي الله عنه - مؤكدٌ قبوله لكل ما يأتي من رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بخلاف الأعرابي الذي لا يُدرى كيف تكون ردة فعله لو قوبل بالقسوة التي قوبل بها معاذ - رضي الله عنهما و من هنا نقول : كما أن الشريعة أمرت بالإحسان إلى الأولاد ، و النفقة و رغبت في اللين لهم و التيسير عليهم ، فإنها أيضاً أمرت بالضرب عند تجاوز العشر للصلاة . يجب أن ينظر في عواقب الأمور ، و ما تؤول إلى الأساليب لكي لا يترتب على المنكر منكر أعظم منه ، و هذه من أهم القواعد في إنكار المنكر ، و كما قال القائل : فقسا ليزدجر ومن يك حازماً **** فليقس أحيانا على من يرحم وفق الله الجميع لطاعته ، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد . أخوكم / الصمصام
__________________
ياربي ..افتح على قلبي .. و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك .. [عبدالله] من مواضيعي : آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات ) ::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة) آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 01-02-2008 الساعة 05:31 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|