|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
13-02-2008, 08:36 AM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
علماؤنا والرحلة في طلب العلم .
كنت أقرأ وأسمع عن رحلة طالب العلم إلى الآفاق طلباً للعلم ولقيا العلماء , ولم أكن أعي أهمية هذه الرحلة ودورها في صقل العالم , وكسب الخبرات بالاحتكاك بكثير من المدارس الفقهية المختلفة , ومعايشة الشعوب عن قرب , مما يفتح لدى طالب العلم آفاقاً من المعرفة , ودروساً من فقه الواقع , ومراعاة أحوال الشعوب والناس ما لا يدركه من تقوقع في بلده , وأخذ العلم عن علماء وطنه , والموافقين له بالمذهب والمنهج .
حتى أذن الله لي وخرجت إلى بعض البلاد العربية ليس طلباً للعلم , ولكن للسياحة والسير في الأرض , فعرفت حينها كم كان علماؤنا مقصرون في هذا الجانب تقصيراً عظيماً , وأن جزءاً كبيراً من شخصية العالم التي بناها الشافعي وأحمد وإسحاق وابن جرير والبخاري وغيرهم لأنفسهم لا توجد عن علمائنا ممن لم يرحلوا في طلب العلم , ولم يروا العالَمَ الذي يختلف عن عالمهم فيعذروا الناس في كثير من المسائل , والقضايا الفقهية التي يتداولونها . قد يقول قائل : إن الرحلة في طلب الحديث لم تعد متيسرة في هذا الزمن مع تيسر وسائل المواصلات إلا أن الصعوبة تكمن في السياسات التي تضيق على العلماء , وتحد من الاستفادة منهم , فأقول إن هذا صحيح , ولكنّ مجرد الخروج إلى بعض البلدان الأخرى ومخالطة الناس عن قرب , ولقيا بعض العلماء ولو لم يعتكف عنده طلباً للعلم , كل هذا كفيل بفتح آفاق من العلم والمعرفة وسعة الإدراك , وفهم النصوص , والجمع بين الأقوال ما لا يناله من لم يرَ إلا أهل بلده , ولم يخالط إلا بني ملته وعقيدته . وأقرب مثال لذلك مسألة التصوير التي خلط فيها كثير من العلماء ولم يفرقوا بين عمل اليد والنحت وبين عمل الآلة الذي هو حبس الظل , ولو تأملوا المعنى اللغوي لمعنى التصوير وأنه يعني التجسيد من جهة , وإبداع خلق دون مثال من جهة أخرى ورأوا تلك الصور في كثير من البلدان العربية والإسلامية التي تملأ الشوارع والمتاحف , وأعني بالصور تلك التماثيل التي صورها أصحابها , وشقوا لها سمعاً وبصراً , وجعلوا لها جسداً مضاهين بذلك خلق الله الذي قال في محكم التنزيل " هو الذي يُصَوِّرُكم في الأرحام كيف يشاء " , وقال سبحانه " وصَوَّرَكُم فأحسنَ صُوَرَكم " , ورأوا كيف يتم تعظيم تلك الصور , في فهم صريح لسبب المنع وهو الخوف من الشرك . هذا مجرد مثال يمكن أن يفتح للعالم مدارك للفهم سواء على مستوى النصوص أو مستوى فهم الواقع . ولكن للأسف الشديد أكثر علمائنا وفقهم الله لم يعطوا هذا الجانب أهميته , بل إن بعضهم يفتخر بأنه ليس لديه جواز سفر , وكأن السفر أصبح من الموبقات . والله المستعان .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
الإشارات المرجعية |
|
|