[القِمطرة]

إنّي حَائرٌ لمَا أقَول ، ونَادم فِيمَا أكتُب ، فَهلْ مِنَ المَعقُول أنْ يُحسَب مَوضُوع كهذا (لمَعرض) تَافِه لا يَستَحقّ العَناء بالمَجيءِ إليْهِ . .


زَعمُوا أنّ القَصص أبْسَط فِي شَرح الفِكرَة . .

دَخلتُ (المعرض) -المَوصُوف- بالدّولي ، الذي يَحوِي كُتيّبَات لاَ تَعدُو قَدر كُتب الظُرّاف مِنْ كُتّابِنّا الأوّلِينَ ، وليتَ شعْري لوْ رَأيتَ أكثَر النّاس يَلتَهِمُونَ كُتب (الروايات) مُدّعينَ أنّهم قُرّاء جَيّدون ! أو مُفكّرون نَابغُون ، ومَا علموا أنّهم ذوو (مقلب) حَتى يَكنسَ التّجار أَموَالَهُم ، فَفِي سَبيلِ هذهِ (الروايات) ذَهبتْ عُقول النّاس ، وانْحَطّت أخلاَقهُم.


وَلجتُ بَوابَتهُ -المعرض- الصّغيرَة ، فَمَنعُونِي الدّخول ، بِحُجّةِ أنّي لمْ أجلِبُ لَهمْ نَفعاً مِنْ كَسبِ النّسَاء ! ، فاسْتَغثتُ بأحَدِ العاملينَ ممّن أعْرفِهُ فأجَابَ -عفَا اللهُ عنه ، حَتّى أرغمتُ أنْفَ البُعبُع . تَجوّلتُ في رَدَهَات (المعرض) طَالِباً عِلْمَاً أسْتَنِيرُ بِهِ -كَمَا يقولونَ ، أو فِكراً أرْتَضِيهِ ، أو رَأيَاً أنَاقِشُهُ ، ولكنْ هَيهَات ، فَدُور النّشر اسْتبدَلتْ الطيّب بالخَبيثِ ، حتّى انْهَالَ النَاس -مُفكري العَصر الحَالي ، عَلى (الروايات) مُستَعينِينَ بَهَا نفعاً لأحدٍ ، مِن ذلكَ الغثّ السَمِين! ، وعَجَبِي لغَلاءِ أسْعَار تِلكَ التّوافِه ، وزُهدهُم فِي أمّهَات الكُتب (وهذا أسعدني) ، ولكنْ أمهَات الكُتب لا تَكادُ تَجدُهَا إلاّ مَمَنوعَة مِنَ الصرفِ ، أو مُنقَرضِة.


أخذت أتنصّت للضّحِك مِنَ البَاعَةِ المُدلّسِينَ ، والزّبَائِن المُفَكريِنَ -كَمَا اتّفَقنَا سَابِقاً ! ، فَإنّكَ تَرَى الرّجَلَ طُولاً وَعَرْضَاً ، وعَليهِ عَلامَات الرّجولَة وَأصَالة العَروبَة ، حتى مَا يَلبَث برْهَة مِنَ الزّمَن حَتى تَرَى يَدهُ تَطيشُ بَينَ (روايات) الجِنس وَالمُجون ، أمّا البَاعَة فَهم الضّارِبِينَ بِالدّف.


ويَقولونَ : كُونُوا مُفكّرينَ ، فَهلاّ بدّلتم وَزيرَنَا الأعْجَمِيّ (البخاري) بَوزِيرٍ عربيّ يَعْرِفُنَا ونَعْرِفهُ ، يَعرِف مَا يَشْتَهِي العَربيّ الأَصِيل ومَا يَصْلح لهُ ، وَيدع الكُتب الدّنيّة التي صَارَت مُنطلقاً لدُعَاة التّفكِير عنْدَ بَعْضهم ، برَأيي أنّ ذاكَ هوَ الحَلّ.:D

سَأعُودُ لأكمِلَ بالقصّةِ الشّط الآخر مِن العَينِ.



القِمَطرُ