كان مغمورًا , يضربه أصحابه لشقاوته , قليل الفهم , غبي النظرة , له من الحمقى والمغفلين نصيب الأسد , لكن المصريين أصابوا حين قالوا في أمثالهم الدارجة : عمر الشئي بـئي .
حين تقبل الدنيا على المرء تعيره محاسن غيره , وإذا أدبرت عنه تسلبه محاسن نفسه , لذلك قالوا : ويل للعالم من انحراف المتعلمين , وتواطؤ المثقفين .
لكن صاحبنا المدير العام ليس بمتعلم حق العلم , وليس بمثقف , وإنما جعجعة ولا يرى الرائي طِحنًا , فنصبوه حين ساعدته الظروف , وجاء حين كانت مقاعد المسرح خالية من الحضور , فقعد في مقعد اختاره لنفسه حين لم يخيره أحد .
كلامه معسول حين يخاطبك , فتخرج من عنده وكأن ما تريده في جيبك , لكنك تكتشف بعد متر واحد من مكتبه من أنك خالي الجيب حقيقة , فلا وفاض , وإنما مواعيد عرقوب .
كثير من مديري العموم جاءوا مجاملة , وجاءوا حين رسموا رسمتهم التي لا يفهم فحواها إلا من عاشر من يفكرون تفكيرهم , حيث ينصبون شراكهم للمسئولين بين موائد الأطعمة , وبين الحديث الذرب المعسول , وحين ينال الواحد منهم بغيته يبقى كما بقي حمار الشيخ في العتبة .
إن أولئك المديرين قلما تجد فيهم شخصية إدارية ناجحة , وإنما سعيهم إلى الإدارة كان من باب الهيلمان , وقد حققوا هيلمانهم , فلم يبقَ إلا أن يتخبطوا في قراراتهم , ويسعون حثيثًا لوضع لجان تدرس ما يجهلونه عادة , فلا رأي لهم إلا من رأي أصحاب تلك اللجان .
في التعليم , في البلدية , في الصحة , . . . تعددت الشخصيات , وقهر المواطن واحد .