بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » من ذكرياتي في المدرسة ، وأفكاري حول التدريس

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 12-12-2002, 11:43 PM   #1
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
من ذكرياتي في المدرسة ، وأفكاري حول التدريس

كتبتها بناء على طلبِ أحدِ معلمينا الأفاضل

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن اتبعهم إلى يوم الدين ..


في مراحل التعليم الأولى يتعلم النشءُ ما يكوِّن به بذرة العلم والخبرة ، فما يزال ينميِّها ويُرسي غرَاسَها ، ويقيم ساقها لتزهر وتثمر ، وتعطي بعد أن كانت تُعطى ، وتُرى شامخةً بعد أنْ كانت
ترى ـ بعين الغبطة ـ الشوامخَ حولها ..
وبعد أنْ يتعلم الشاب ، ويتعدى تلك المراحل ، يرى ما لم يكنْ يراه من قبل ، ويعرف أسباب الشموخ ، وعوائق الشموخ ، ومن كانوا حجر عثرة في طريق الشموخ ..

لمَّا صحبني والدي – حفَّه اللهُ بحفظه- إلى المدرسة في أولِّ يومٍ دراسيٍّ من أولِّ صفٍّ درستُه ، كنت أسابقه – وبكلِّ شوق – إلى غرفةِ الصفِّ ، فقد كنت أرسم في مخيلتي آمالا – بحدود تلك السنِّ- معطرةً بأحلام طفوليَّةٍ تعشق ( التجدد ) و ( الاجتماع ) .

وقد هيأ لنفسي ذلك الإقبال ( دراستي التمهيدية ) قبل المرحلة الابتدائية.

كان ( إعدادُ ) المدرسةِ ، لذلك اليوم في ذلك الصف جيدا ، فالمرطبات ، والكلمات التشجيعية كانت في استقبالنا ذلك اليوم..


مرَّت تلك السنة على خيرٍ ، فقد بذل المدرسون جهودا مشكورة في التعليم ، والتلقين ، والإرشاد ..

بعد الصف الأول سيكون التعامل معنا أكثر جدية ، حيث قد عرفنا المدرسة وماذا ينبغي أن يتصف به طالب المدرسة ..

إلا أنَّ الجدية والتي قد تعني الشدة تتجاوز حدَّها المعقول عند كثير من المعلِّمين ، فالعصا ، بل وغيرها من ( الأسلحة ) ! لنا بالمرصاد ، ولقد رأينا وعايشنا وسمعنا عن ، وفي تلك الفصول ما يحقُّ لنا أن نسميَّها ( سجون ) ! .. أنا لا أبالغ !

فعندما يكن دافع التأديب: ( الانتقام للنفس ) ، أو ( إثبات الشخصية ) ..

أو عندما يكن للغلوِّ مكانٌ في القلب ..

فلا عجبَ أن نرى أو نسمعَ نماذج من ( التعذيب )! ، وغرائب من التكسير والتشذيب..

وسأسرد لكم نماذج مما سمعتُ ، أو رأيتُ ، أو ذقتُ ! :

فمما سمعتُ : ما روي لي عن ( سلاح ) يسمى ( الفلكة ) يقتاد إليها ( الضحية ) فتُربَط رجلاه ، وتُسَرَّح لها ( العصا ) لتذيقها من القبلات الحارة ما يحيل ( بياضها ) إلى ( احمرار ) !

ومن حوادث العنجهية التي تدل على الكبر عند بعض من يُسمَّون بالمعلمين ، ما سمعته عن أحد منهم رأى أحدَ طلابه في الشارع فلما أصبح الصباح ، وذهب الطلاب إلى مدارسهم ، واجتمع هذا الأستاذ بذلك الطالب ما كان من المعلم ! إلا أن أقام الطالب وعاقبه على تلك المصادفة الخاسرة ، واللقاء المشؤوم !

أمَّا ما رأيتُ فأذكر مدرسا لنا في الإبتدائية فرض علينا أن نأتي بالدفتر المسلَّك ، والويل لمن لم يأت به ، وبعد أيام اكتشف المعلمُ أنَّ أحد طلابه لم يأتِ بذلك النوع من الدفاتر – ومع أنَّ الطالبَ اعتذر بأعذار يقبلها ذو القلب الرحيم- إلا أنَّ المدرس أبى إلا أن يفتك بذلك الطفل الحيي الذي لا يكاد يسمع له صوت .. فانهال عليه ضربا في اليد ، والفخذ ، والمقعد ، فسمعنا صوت الطفل وعويله واسترحامه ، وما كنا نعرف له صوت ، أو ننل منه كلام..


ولقد عُرف هذا المدرِّس بأسلوبه الغريب في التعذيب وما أزال أسمع أصواتا تدعي عليه ، وتقبح ذكره..


أما ما ذقتُ فقد أملى علينا مدرسٌ في الابتدائية قطعةً إملائية فلما توافد عليه الطلاب لكي يصحح لهم ما كتبوا ، استغللتُ هذا الوقت بما أراه يزيدني قربة عند أستاذي فبدأتُ أحرك المنقلة لأرسم رسوما هندسية مزخرفة تحت القطعة فأنال بها من الدرجات ولو قطعة.. فلما أريتها معلمي وأنا أُخفي ابتسامة المستعدِّ لاستقبال الثناء ، إذا بيده على وجهي ! وقضى اللهُ أمراً كان مقضيا ..

وأنا في تلك النماذج لا أقصد الاحتجاج على استخدام الضرب لتأديب الطلاب بل أنا ممن لم يسعدْهم قرارُ منع الضرب ، والذي أعتبره ردة فعل معاكسة انتقلت من خطأ إلى خطأ !

ولكن ؛ كل شيء بقدر ، والذي نعرفه عن منهج السنة هو استخدام الضرب للتأديب ولكن بشرط ألا يتجاوز العصا عرض المسواك ، وأن لا يتجاوز الضرب عشر ضربات ،وأن يكون بقدر ، وأن يعرض السوط أمام المتعلمين .


وبعد أن أشرتُ إلى جانب من سوء أخلاق بعض المعلمين يحسن بي أن أذكر شيئا عن أهمية القدوة وشيئاً من خوارمها .

فعلى المعلم أن يكون متحليا بما يعلم ، وألا يكون مفسدا وهو يزعم الإصلاح ، فالطلاب وخاصة الصغار منهم يرون أنَّ المدرس هو أحق فئات المجتمع بأن يؤخذ بقوله ، ويُقتدى بفعله !

وأذكر أباً يحاول أن يبدل قناعة طفله بمسألة فقهية تلقاها عن أستاذه فما استطاع ذلك بسهولة.

فليفقه المعلم خطورةَ موقفه ، وليلتزم الخلق الفاضل قولا وعلما وعملا .

ولقد رأيتُ في مسيرتي التعليمية نماذج من هبل المعلمين الذين لا يمسكون لألسنتهم زمامها ، و لا لجوارحهم خطامها ، فأفسدوا أكثر مما أصلحوا ، وأخرجوا جيلا عابثا ، هازلا ..

ومن سوءات بعض المعلمين التي لاحظتُ والتي لا بد من التنبيه عليها لتقويم المسيرة التعليمية ، تحديث الطلاب بما لا تبلغه عقولهم ، أو ما لا يناسب أسنانهم ..

وحسنٌ ما فعله مقررو المناهج من حذف بعض الكلمات الغير مناسبة ككلمة ( هنو ) من الأسماء الستة..

وسيءٌ ما أخبر به الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله تعالى في ذكرياته ، من وجود كلمات غير مناسبة في منهج إحدى المراحل الأولى حيث أخبر بأن طفلة سألته عن معنى ( حشفة ) – أو كلام نحوها – ولما استفصح عن دافع سؤالها وجد أنها درست ذلك في المدرسة ولم تدر ما هو!


وبعض المعلمين من يحدث ببعض همومه الفكرية ، أو توجهاته المذهبية ! أمام طلابه الصغار !


وهناك من يضر بطلابه بإشغالهم بأمور خارجة عن دراستهم المنهجية أو التربوية ، بل تؤثر على دراستهم وتحصيلهم الدراسي..

ومنهم من يشتت طلابه بذكر أراءٍ تنقض أراء مدرس غيره ..

أذكر أن مدرسَ القرآنِ كان ينصحنا بالالتحاق بحلق القرآن الكريم ، ثم يأتي مدرس النحو فيقول: " دعك من تلك الحلقات الآن ! ، ابحث لك عن مصرية تدرس لك النحو!" .


وحول طُرِق التدريس أذكر أن معلما كان له فضل سابغ في تخليصي ودفعتي – حسب ما أتصور- من كثير من مشكلات الإملاء كان ذلك في الصف الثالث الابتدائي ، حيث كان يكثر من إملاء الجمل والعبارات علينا ، فكان في ذلك نجاحاً لا بأس به ، فجزاه الله عنا خيرا كثيرا.


وأذكر في الأولى المتوسطة مدرسا فاضلا كان يلقي علينا موضوع ( كان وأخواتها ) بأسلوب
قصصي ، ولا شك أن في ذلك تسهيلا للمادة وتحبيبا لها . فجزاه اللهُ خيراً.

وهنا تتوقف الذكريات ، وتخمد الأفكار التي هي مداد القلم ..

وأعتذر عن التقصير
والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أخوكم/ ناصر الكاتب

__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح

آخر من قام بالتعديل ناصرالكاتب; بتاريخ 24-07-2003 الساعة 01:30 AM.
ناصرالكاتب غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)