في الحديث أن العلماء هم ورثة الأنبياء , وفيه من أنهم كأنبياء بني إسرائيل , وفيه " لا نبي بعدي " , ولنا أن نسأل هنا : من هم أولاء العلماء ؟ أهم أصحاب العلم الشرعي , أم أهل المنطق , أم علماء الذرة والعلم التجريبي ؟ !
أغلب المظان عندي أن العلماء هم الكتّاب الناضجون الذين يحركون الأذهان , ويحاربون الظلم , ويقمعون المترفين الذين استأثروا بالمال على فقراء الأمة , فهم في كتاباتهم يحاربون الفساد كما كان الأنبياء يحاربونه , أما علماء الشريعة فهم خاصون بالفتاوى التي تقف عند الحد الشرعي فحسب , أما المطالبة بردع الظالمين , وتوزيع الثروة على الفقراء , ومخاطبة الرأي العام بعدم الاستئثار بالمال فلا يقوم به إلا الكتّاب المصلحون .
إن الفقير بحاجة إلى المخبز أكثر من المسجد , فلذلك نجد الأغنياء يعمرون المساجد ظنًّا منهم من أن الله سيغفر لهم , وسيثيبهم على فعلهم حين حرموا مالهم الفقير , واكتـنزوا المال , فهم مترفون في الدنيا بمالهم , ويريدون من الله أن يترفهم في جنته ! !
إن مثل هذا الفعل منهم عبارة عن استغفال لله تعالى , فهم يحسبون أن الله غافل عما يعملون بمالهم الذي هو عارية عندهم , إنهم نسوا قرض الله قرضًا حسنًا بتصدقهم على الفقراء , وراحوا يبنون المساجد , وكأن هذه المساجد ستملأ جوف الفقير الخاوي !
حركة الأنبياء هي حركة إصلاحية , تندد بالظلم , وتقضي على الفساد , وتدعوا إلى دين اجتماعي إصلاحي , وعلماء الشريعة على مر العصور لا يحاربون الفساد ولا يحركون أذهان الشعب , وإنما الكتّاب هم الذين يقومون بهذا الفعل , كما فعلوا في الثورة الفرنسية , وعودة حق الزنوج السود في أمريكا وغيرها .
الكاتب الحصيف خير من ألف عالم شريعة , فإن كثيرًا من صفات النبوة متوافرة في الكاتب المصلح , حيث ينادي بالعدل والمساواة , ويندد بالظلم , ويبحث في المشاكل الاجتماعية , فيعالجها , ويضع الحلول المناسبة لها .
تحياتنا لكم .