تلقت عائلة اليحيى نبأ استشهاد ابنها ـ نحسبه كذلك والله حسيبه ـ أمس البارحة بعد مرور سنة كاملة على مقتله في جبال أفغانستان أثناء تصديه لإحدى غارات المحتل الأمريكي، وكان محمد بن عبد العزيز بن حمد اليحيى قد هجر النوم والطعام منذ بداية الضربة محاولاً إقناع والديه بالموافقة على ذهابه لتلك الأرض للدفاع عن عرض المسلمين المستباح إلا أن والدته من شدة حبها له رفضت نظراً لأنه كان شمعة البيت التي لا يُضيء إلا بها مما جعله يمتنع عن الطعام مدة أسبوع كامل حتى وافقت أمه على ذلك ثم انطلق لتلك الأرض كغيره من الشباب الذين لا يتبعون إلى أي جهة أو منظمة وإنما حركهم حمية الإسلام والشوق إلى ما عند الله، وقد كان له ما تمنى فقتل في إحدى المرات التي كان يتصدى فيها لإحدى العمليات وقد ذكر الشهود الذي حضروا دفنه أن رائحة المسك تفوح من جسده حتى قال الذي قَبَره : إن قبره كان يفوح أيضاً من ذلك المسك الطيب ، يقول أحد إخوته : إننا فعلاً لم نفقد أحداً في حياتنا مثلما فقدنا محمد، فقد كان له عدة أعمال في البيت فهو المحتسب على الأهل صغيرهم وكبيرهم في صلاة الفجر، بل كان يشترط عدم خروجه من البيت حتى يستيقظ الجميع ، وكان قد سجل إخوته وأقاربه في حلق القرآن، وكثيرًا ما ملّ بعض الصغار من هذه الحلقات بحكم طبيعة الطفولة التي تريد اللعب في اليوم كله، ولم يكن لهم مقنعاً ومرغباً إلا هو، وقد حرص كثيراً على تفطير الصائمين حتى أنه تكفل بنفسه بتفطير أحد المساجد الكبيرة بالرياض قبل ذهابه لأفغانستان، ويتعجب منه الأخوة كثيراً فقد يكثر من الطلب من الناس من قول ادعوا الله لي أن ييسر ذهابي للجهاد وله أبيات بسيطة وجميلة عن العدوان على أفغانستان وحديث نفسه بالقتال هناك حيث يقول مطلعها :
يا نفس خاف الله ما الذي تنتظـري
موتاً على الفراش كما الجمال تحتظر
ومن المعلوم أن عائلة اليحيى من العوائل القليلة التي جمع الله فيها بين العلم والمال .