[بنت 14]

عذراء تندس في خدرها "الرملي".. يتلبسها "حياء" لا يكاد أن يغادرها.. فلا يبدو منها سوى عينين واسعتين اكتحلتا بلظى "الشمس".. ويد "بضة" زانها الحناء خضابا.. وقوام كما النخلة هي: ممشوقة القد.. تغرب "شمسها" في مفرق هامتها.. لتنغرس - من ثم - قدماها الحافيتان بطين يلتاث بـ:"التبن"... تنحني ساعة أن تؤتي "أكلها".. هذا إن أحسن "الفلاح" تلقيحها! وإن هو لم يفلح في صنعته استحال طلعها "شيصا" يتأذى به من يبتغي "خرافها"! في حين يستطيب "الجيران" مذاق شهي تمرهم (بنوايعه) مع لبن سائغ للشاربين... و(اللي ما يحضر عنزة - عند الولادة - يجيب تيس).
وإذن.. - كما رأيتم - في (بريدة) ليست هي: "البلدة الأخرى" ولم تكن "الاستثناء" الذي يدمغه "المهووسون بها" على جبينها "ندبا" يشين وضاءتها فتبدو أكبر من سنها ولكأنها قد "هرمت"! وإذ يذبل "الجبين" فقل على بقية "الجسد" السلام!
.. لربما احتفل "بعض" من أهل "بريدة" بما قد يقال "عنها" وفق كتابات "متسطحة" لم تلم بأدنى "منهجية علمية"! الأمر الذي صدق معه هؤلاء "البعض" ما قد قيل - قبلا . وما هو يقال الآن.. في شأن "مدينة" بالضرورة لا يفرقها - بصورة ظاهرة - عن البقية من مدننا الكثيرة أي فارق يقتضي رؤية تباينها عن غيرها ويحوطها بهالة من التمييز.. كما أنها ليست بالاستثناء عن "قاعة" المدن كما يشاؤه لها "المروجون" لهذا الزعم! وإذن فيمكننا القول إن هذا الاحتفال والتصديق من لدن "بعض من أهلها" لعله أن يكون قد وافق هوى و"نفسيات" تسعى أن تمد "قامتها" ولو على حساب أن تظل بقدمين سليمتين راسختين!
وما أحسب أن سيستعصي عليك التعرف إلى هوية هؤلاء "النفر" حيث إن من آماراتهم الاشتغال في شأن إشاعة "خبر" استثنائية "بريدة" وأهلها بالضرورة! هؤلاء هم من تتعاظم إساءتهم لـ:"ديرتهم" من حيث ابتغوا لها "نفعا" وما علموا أنهم بهذا الاشتغال يكرسون الإساءة إلى "شخصية بريدة" ويؤكدون بآخرة الأمر "هشاشة" تفكيرهم وضآلة اهتماماتهم.
إلى ذلك فإنه ما من مدينة إلا وفيها حالتان "متقابلتان" تشيان بالتناقض بحسبانهما ظواهر اجتماعية تنتظم الجغرافية السكانية "الديمغرافية"! ووفق سجل كل "مدينة" قائمة تطول وتقصر بأبناء لها بات يؤرخ لهم.. وذا من شأنه أن يسقط "تفاهة": القول بـ"استثنائية بريدة" وهو الزور الذي خلق "مناخا" - لدى طائفة - تشكلت على إثره أخلاقيات "مشينة" من انتفاخ "بالوني" للذات! وتضخم "ورمي" للأنا! واعتداء "سافر" بالشخصية! مما يفرز ممارسات سلوكية أول من سيطاولها الأذى جراءها هي ذاتها "بريدة" التي ينتسب إليها أولئك النفر!
وأحسب أن الحاجة تظل ملحة في محاولة "فضخ" هذا التورم ذلك بالإبانة عن: "أن الرؤية" السيكلوجية" لأفراد أيما مدينة/ ريف/ بادية عندما تسلط مجهرها "بذات القرب" الذي تم التعامل معه مع "بريدة لا ريب أن سيأتي بذات النتائج تقل وتكثر بحسب الكثافة السكانية و"أركيولوجيا" المدينة ذاتها!
الصنمية الأسطورية التي تم تدشينها لبريدة إنما هي فعل استقر في "العقل الباطن" لبعض من أبنائها لا يبصره سواهم ولئن رغب "غيرهم" سماع "أسطورية الاستثناء" هذه فإنما! يأتي بسبيل كونه نكتة "كبيرة" يتسامرون بها و"أصحابنا" صدقوا الخبر فـ:"طاروا بعجة" المتندرين بهم!!
ثمة أقوال رائعة حظيت بها بريدة من لدن ساسة ورحالة وعلماء! هذا ما يعرفه "المهووسون باستثنائية بريدة لكنهم في ذات الأثناء لا يعرفون أن ثمة أقوالا لربما أنها تبز ما قد قيل في: "ديرتهم" قيلت في مدن أخرى!
أقلمة "الوطن" في تشظيته حالة تنذر بعدائية مقيتة! تمنح من يتربص بـ"الوطن الكبير" العداء, فرصة جد كبيرة يتغيا استثمارها "ورقة" في هجومها المستعر علينا جميعنا!.
أكثر الوالغين بجرم "القول" باستثنائية "بريدة" هم الأقل لها نفعا وما إن يتم امتحانهم وابتلاء صدقهم في"الفعل المادي" حتى نلفيهم قد انقلبوا خاسرين على أدبارهم! ليس أسهل من أن تتجر بالقول! بيد أن "الفعل" يقف لك بمرصاد "المكاشفة" فيبين منك ما قد خفي على السذج! بادي الرأي.... وبعد فهذه كتابة جاءت عقب قراءة "عمل ريبورتاجي" في صحيفة دولية عربية مارس معد "التحقيق" فيها تسطيحا وسذاجة ولم يأل "جهدا" في نشر غسيلنا قبالة "العرب" كلهم! وبذل الغاية من وسعه في تكريس "سوالف المجالس البريدية"! وغافل بعضا من "أبناء تلك المدينة" فأوقع "بعضا" في "الفخ" وهو الذي قد وقع قبلا في "الشرك" الذي قد نصب!
"بريدة" كم يسعى أولئك في تقزيمك والإبانة عن سوأة " لا تسألين عنها البتة"!؟ قمة الجناية أن يتم اختزالك في "مادة صحفية" بصورة شائهة لتأريخ حافل.

خالد السيف.........

* أكاديمي سعودي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

============
المصدر
http://www.alwatan.com.sa/daily/2002.../writers10.htm