[علوان]

منقول




[c]نظرت إلى الدنيا فإذا الناس فيها غالبا بين غني وفقير .. وإذا فقيرها جائع .. عارٍ .. قد غاب عن دنيا أهلها .. فأصبح كأنه خيال لا يُرى .. ولا يلتفت إليه .. إن قال لم يسمع له .. وإن طلب لم يعط .. بات في حياة تدور عجلتها .. فتكون في يوم أشر من الموت .. وفي آخر مقاربة له .. لو وضع قدره بين يديه لأنهى ما بقي له منها .. أو لأعدم وجودها .. تمر عليه الليالي لايرى من الفرح رسما .. وإن أصابته نفحة كانت مشوبة بحرمان .. فهو بين غصص تذيب الصخور .. وهموم تحرق القلوب .. لو أدركته شفقة من إنسان تصيبه لعنة من الباقين .. فلهف نفسي عليه .. وعلى قلوب محرومة .
وإذا غنيها في هم من غناه .. يريد السعادة ويتوهمها في ماديات يصيبها .. فإذا ما أصابها أبصر نفسه مفتقدا للسعادة .. فعاد للطلب في أشياء أخرى توهمه نفسه أنها سبب السعادة .. فلا تراه إلا لاهثا .. ترى ابتسامته فتظنها سرور .. ولو تأملتها لوجدتها علامة تعاسة .. غاب عن قلبه الأمان .. وتوارى عن نفسه الاستقرار .. يحيا حياة هي أقسى من الموت .. نهاره عمل .. وليله ألم .. يعيش في عصابة من المقربين جمعهم الطمع وربطهم الجشع .. فإذا ما أنزلق في هاوية لم يكن معه من يأخذ بيده ويشد أزره إلا بقايا من مروءة مخرومة يدفعها رياء .. أو حياء مع تمني النهاية فلا يكون عليهم في واقع الناس تأنيب .
فلا الفقير سعيد بفقره .. ولا الغني راض بغناه .. نظر كل إنسان لما عند الآخر فضاقت عليهم الدنيا .. وعجزت قلوبهم أن تحمل همومهم فظلموا أنفسهم والناس وساءت أخلاقهم .
مالي وللدنيا .. طلبت قلبا حرا فأعيا طلبي من حولي .. والتمست نفسا أبية فعشت غريبا وحيدا .. ورضيت بحرية يراها غيري قيود .. فرحلت بنفسي وهمي ..ونظرت إلى جوار ملك لا يظلم جاره .. ولا يهان ضيفه .. واشتاقت نفسي للقائه .. ودفعني إلى معصيته علمي بمغفرته .. فإن أصبت من الناس خيرا بعد ذلك فهو علي دين أقضيه ما استطاعت نفسي الوفاء .. وإن أصابني منهم شر نظرت إلى ربي ورجيته عوضا يلم شتات نفسي .. وينير لي دربي .. آه من شوقي أعياني .. آه من قلبي أبكاني .. آه يا عيش الأحزان ..

[/c]


منقول