بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » تنبيه العقلاء من زلات الدعاة و العلماء

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 30-12-2002, 11:45 PM   #2
خالد العمراني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2002
البلد: /
المشاركات: 129
السلام عليكم

المقصد الخامس في بيان الواجب على الأتباع تجاه العالم إذا بدت زلّته
لخطورة وقوع العالم في الزلاّت ابتداءً ، و متابعته فيها ، و تلقّف الشواذّ من أقواله انتهاءً ، حذَّر أهل العِلم منها ، و أنكروا من أصرَّ عليها أو تابَعَه فيها ، منطلقين في ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في النصيحة .
روى مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ) ، قلنا : لمن ؟ قال : ( لله عزَّ و جل ، و لكتابه ، و لرسوله  ، و لأئمة المؤمنين ، و عامتهم ) .
و من النصيحة للعلماء الواجبة لهم ما ذهب إليه ابن رجب الحنبلي رحمه الله في قوله : ( و مِمَّا يختص به العلماء ردّ الأهواء المضلة بالكتاب و السنة على مُورِدِها ، و بيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها ، و كذلك رد الأقوال الضعيفة من زلاّت العلماء ، و بيان دلالة الكتاب و السنة على ردّها ) [ جامع العلوم و الحكم ، ص : 98 ] .
و رويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : ( ويل للأتباع من عثرات العــالم ) . قيل : و كيف ذاك ؟ قال : ( يقول العالم شيئاً برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله صلى الله عليه وسلم فيترك قوله ذلك ، ثم يمضي الاتباع ) [ الموافقات ، للشاطبي : 3 / 318 و الفتاوى الكبرى ، لابن تيميّة : 6 / 96 ] .
و في رواية عنه رضي الله عنه ، أنّه قال : ( ويل للعالم من الأتباع ) [ مجموع الفتاوى : 20 / 274 ] ، أي لما يتابعونه فيه من الزلات .
فإذا أردنا خيراً بعلمائنا ، و ورثة النبوّة في أمّتنا ، كان لِزاماً علينا أن نلتزم تجاههم بأدبَين جليلين : الأوّل : توقيرهم و معرفة قَدرهم ، و عدَم الحط من مكانتهم ، أو الطعن في علمهم و أمانتهم بسبب ما قد يقعون فيه من زلاّت ، أو يخطئون فيه من الفتاوى و السؤالات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين اضطره المقام إلى الخوض في مسألة زلات العلماء : ( نعوذ بالله سبحانه مما يفضي إلى الوقيعة في أعراض الأئمة ، أو انتقاص أحد منهم ، أو عدم المعرفة بمقاديرهم و فضلهم ، أو محادتهم و ترك محبتهم و موالاتهم ، و نرجو من الله سبحانه أن نكون ممن يحبهم و يواليهم و يعرف من حقوقهم و فضلهم ما لا يعرفه أكثر الأتباع ، و أن يكون نصيبنا من ذلك أوفر نصيب و أعظم حظ ، و لا حول و لا قوة إلا بالله ) [ الفتاوى الكبرى : 6 / 92] .
و قال أيضاً : ( ليس لأحد أن يتبع زلات العلماء كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم و الإيمان إلا بما هم له أهل ) [ الفتاوى الكبرى : 2 / 23 ، و مجموع الفتوى : 32 / 239 ] .
و قال الإمام الذهبي في ترجمة الإمام محمد بن نصر المروزي : ( و لو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قمنا عليه و بدَّعناه ، و هجرناه ، لما سلم معنا ابن نصير ، و لا ابن مندة ، و لا من هو أكبر منهما ، و الله هو هادي الخلق إلى الحق ، هو أرحم الراحمين ، فنعوذ بالله من الهوى و الفظاظة ) [ سير أعلام النبلاء : 40/14 ] .
الثاني : الإعراض عن المسائل المعدودة من قبيل زلات العلماء ، و عدم ذكرها أو العمل بها ، أو الانتصار لها ، أو الدعوة إليها ، كي لا يغترّ أحدٌ بها لصدورها من عالم موثوق في علمه ، و عدالته ، و رجاحة رأيه ، فيصير الناس إلى تقليده فيها مع ظهور الخطأ عنده ، و جلاء الحق عند غيره ، أو إلى الطعن فيه ، و غمز قناته ممّن دأبوا على تتبّع السقطات ، و الطعن في العلماء و الدعاة .
قال ابن الجوزي في كتابه السر المكتوم : ( هذه الفصول هي أصول الأصول و هي ظاهره البرهان ، لا يهولنك مخالفتها لقول معظم في النفس ، و قد قال رجل لعلي عليه السلام أتظن أنا نظن أن طلحة و الزبير على الخطأ و أنت على الصواب ؟ فقال : إنه ملبوس عليك ، اِعرِف الحق تعرف أهله . و قال رجل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إن ابن المبارك قال كذا فقال إن ابن المبارك لم ينزل من السماء [ الفروع في الفقه الحنبلي : 6 / 381 ] .
و قال الإمام القرطبي [ في تفسيره : 10 / 131 ] و قد ذَكَرَ الخلاف في حكم شرب النبيذ : ( فإن قيل : فقد أحل شربه إبراهيم النخعي ، و أبو جعفر الطحاوي ، و كان إمام أهل زمانه ، و كان سفيان الثوري يشربه ، قلنا : ذكر النسائي في كتابه أن أول من أحل المسكر من الأنبذة إبراهيم النخعي ، و هذه زلة من عالم ، و قد حُذِّرْنا من زلة العالم ، و لاحجة في قول أحد مع السنة ) .
و قال شيخ الإسلام : ( إن الله سبحانه كما غفر للمجتهد إذا أخطأ ، غفر للجاهل إذا أخطأ و لم يمكنه التعلم ، بل المفسدة التى تحصل بفعل واحد من العامة محرماً لم يعلم تحريمه و لم يمكنه معرفة تحريمه ، أقل بكثير من المفسدة التى تنشأ من إحلال بعض الأئمة لما قد حرمه الشارع ، و هو لم يعلم تحريمه و لم يمكنه معرفة تحريمه ، و لهذا قيل : احذروا زلة العالم فإنه إذا زل زل بزلته عالَمٌ ) [ مجموع الفتاوى : 20 / 274 ] . فالديانة ـ إذن ـ في متابعة الحق و أخذه من لسان و مقال من قال به كائناً من كان ، و الإعراض عن الخطأ ، و ردّه على من قال به كائناً من كان ، و حذار حذار من غلوٍ في متبوع يصد عن اتباع المشروع .
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً إن آمن آمن وإن كفر كفر فإنه لا أسوة في الشر) .
و ما أبلغ و أحكم قول معاذ بن جبل رضي الله عنه فيما رواه عنه أبو داود بإسنادٍ صحيح : ( و أحذركم زيغة الحكيم ، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق ، قال الراوي : قلت لمعاذ : ما يدريني - رحمك الله - أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة ، و أن المنافق قد يقول كلمة الحق ؟ قال : بلى ، اجتنب من كلام الحكيم المشبهات التي يقال لها : ما هذه ، و لا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع ، و تلقّ الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً ) .
فإذا تقرر هذا و بان الحق فيه ، ظهر لنا أن من زلات العلماء التي ينبغي الإعراض عنها ، مع إحسان الظن فيمن وقع فيها مجتهداً ـ تقديم بعض العلماء أقوال أئمة المذاهب على سواها ، و إن ظهر لهم في خلافه الحقُّ بدليله من الكتاب أو السنّة الثابتة ـ و من أمثلة ذلك ما قاله بعض المالكيّة : ( لما قال مالك في رواية ابن القاسم في المدونة أكره القبض في الفريضة تركته ، و لو كان في الموطأ و الصحيحين الاقتصار على حديث الأمر به و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب ) .اهـ . [ فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك ] .
و مثل هذا القول في النكارة ما ينسب إلى الإمام السبكي الشافعي ، من قول : ( الحكم بخلاف الصحيح في المذهب مندرج في الحكم بخلاف ما أنزل الله تعالى ) .
و نحو هذا كثير في كلام متعصّبة المذاهب .
و هو ما لا نقرّه ، و لا نقول به ، بل يتعين علينا و نحن ننشد الحق ، و لا نتعصّب لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبرأ من كلّ ما خالف الشرع و نردّه على قائله ، و ننظر في حال من قال به ، و نرى قوله : ( إما زلة عالم و وهلة فاضل عاقل ; أو افتراء كاذب فاسق ) بحسب حاله ، كما قال الإمام ابن حزم الظاهري في معرض ردّه بعض الأقوال الفاسدة [ انظر : المحلى : 3 / 219 ] .
--------------------------------------------------------------------------------
المقصد السادس في بيان الواجب على العالم إذا بان خطؤه
البشر هم البشر ، لا عصمة لأحدٍ منهم بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كلّهم خطاء ، و خير الخطّائين التوابون .
و قد نُدبنا إلى الرجوع عن الخطأ ، و التوبة من المعصية ، و لا فَرق في ذلك بين عامي و عالم ، أو أمير و مأمور ، أو كبير و صغير .
و مِن جملة الأخطاء التي يجب الرجوع عنها ما يقع فيه العالم من زلات في الفتيا و التأليف أو غير ذلك ، و حريٌّ به إن بان له الحق أن يرجع إليه ، و يعضَّ عليه بالنواجذ ، لينجو بنفسه ، و ينجو بنجاته الأتباع من بعده .
و له في ذلك أسوة حسنةٌ في نبيِّ الرحمة صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك خيراً إلا و أرشدنا إليه ، و لا شراً إلا أخذ بحُجَزِنا فصرفنا عنه ، و حذَّرَنا منه ، و قد كان مدرسةً في اتباع الحقّ و الرجوع عمّا يخالفه . فقد قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر يبكيان بعد أن تبيّن لهما الحق في مسألة أسارى بدر ، خلافاً لما ذهبا إليه .
أخرج مسلم في صحيحه عن عمَر بن الخطّاب رضي الله عنه في قصّة أسارى بدر ـ و كانوا سبعين رجلاً من المشركين ـ أنّهم : ( لما أسروا الأسارى ، قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ،‏ ‏و عمر ‏: ( ‏ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ ) فقال ‏أبو بكر :‏ ‏يا نبي الله هم بنو العم و العشيرة أرى أن تأخذ منهم ‏ ‏فديةً ،‏ ‏فتكون لنا قوةً على الكفار ، فعسى الله أن يهديهم للإسلام . فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ : ( ‏ما ‏‏ترى يا‏ ‏ابن الخطاب ؟‏ ‏) قلت : لا و الله يا رسول الله ، ما أرى الذي رأى ‏ أبو بكر ، ‏و لكني أرى أن تُمكنا فنضرب أعناقهم ... ‏فهَوِيَ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ما قال ‏أبو بكر ، ‏و لم يهوَ ما قلتُ ، فلما كان من الغد جئتُ ، فإذا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم و أبو بكر ‏قاعِدَين يبكيان ، قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي ، أنت و صاحبك فإن وجدت بكاءً بكيتُ ، و إن لم أجد بكاءً تباكيتُ لبكائكما . فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ : ( أبكي للذي عَرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عُرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ، شجرة قريبة من نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ، ‏و أنزل الله عز و جل : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ و اللهُ عَزيزٌ حَكِيمٌ ) [ الأنفال : 67 ] .
فما أروعه من مثَل ، و يالِحُسنِها من تربية ! نبيّ الرحمة ، و صدّيق هذه الأمّة ، يبكيان ، و يعلّمان الدعاة و العلماء ، أدباً رفيعاً من آداب الدعاة ، في الرجوع إلى الحق ، و التمسك به .
و هكذا كان أصحابه رضوان الله عليهم من بعده ، يتلمسون سبل الهدى ، و ينصاعون إلى الحق ، و يعرضون عمّا يخالفه ، و لا يجد الواحد منهم غضاضةً في الرجوع عن رأيه ، و قبول الحقّ ممّن جاء به ، كائناً من كان .
كيف ، و هم المتواصون بالحقّ ، المتواصون بالصبر !! و ما أجمل قول فاروق هذه الأمة رضي الله عنه في كتابه لمعاوية بن أبي سفيان عامله على الشام : ( و لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك و هديت لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم و مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ) .
قال السرخسي رحمه الله معقباً على كلام الفاروق هذا : ( و ليس هذا في القاضي خاصة بل هو في كل من يبين لغيره شيئا من أمور الدين الواعظ و المفتي و القاضي في ذلك سواء إذا تبين له أنه زل فليُظهر رجوعه عن ذلك ، فزلة العالم سبب لفتنة الناس ... و قوله : الحق قديم ؛ يعنى هو الأصل المطلوب ، و لأنه لا تنكتم زلة من زل ، بل تظهر لا محالة فإذا كان هو الذي يظهر على نفسه كان أحسن حالاً ، ثم العقلاء ، من أن تظهر ذلك عليه مع إصراره على الباطل ) [ المبسوط : 16 / 62 ] .
قلت : و ما إصرار المخطئ على خطئه بعد قيام الحجة عليه ، و وضوح المحجّة بين يديه ، إلا ضرب من ضروب المكابرة ، لا يصير إليها إلا مخذول أخذته العزّة بالاثم ، فآثر العاجل على الآجل ، و هذا حال علماء السوء الذين ابتليت بهم الأمّة قديماً و حديثاً ، و لهؤلاء خطر داهمٌ تتعيّن مقابلته بالنكير و التحذير .
روى مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ، و لا يستنون بسنتي ، و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ) .
و روى أحمد و غيره بإسناد حسن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لكعب : إني أسألك عن أمر فلا تكتمني قال : و الله لا أكتمك شيئاً أعلمه . قال : ما أخوف شيءٍ تخافه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أئمة مضلون . قال عمر : صدقت ، قد أسر ذلك إليَّ و أعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . و قال عبد الله بن المبارك رحِمَه الله :
و هل أفسد الدين إلا الملوك *** و أحبار سـوء و رهبانـها
و مثل أحبار ( علماء ) السوء كما روي عن المسيح عليه السلام : كمثل صخرة وقعت في فم النهر ، لا هي تشرب و لا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع ، أو كمثل قناة الحُش ظاهرها جص و باطنها نتن ، و مثل القبور ظاهرها عامر و باطنها عظام . [ انظر : إحياء علوم الدين: 1/74 ] .
و ردعاً لهؤلاء ( ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتيين ، فمن صلح للفتيا أقره ، و من لا يصلح منعه ، و نهاه أن يعود ، و تواعده بالعقوبة إن عاد ، و طريق الإمام إلى معرفة من يصلح للفتوى ، أن يسأل علماء وقته ، و يعتمد أخبار الموثوقين فيهم ) قاله الخطيب البغدادي [ كما في آداب الفتوى ، للنووي ، ص : 17 ، 18 ] .
قال ابن القيم رحمه الله : ( من أفتى الناس ، و ليس بأهل للفتوى فهو آثم عاصٍ ، و من أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضاً ) .
ثمّ نقل عن أبي الفرج ابن الجوزي رحمه الله قوله : ( و يلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية ، و هؤلاء بمنـزلة من يدل الركب و ليس له علم بالطريق ، و بمنـزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة ، و بمنـزلة من لا معرفة له بالطب ، و هو يطب الناس ، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم، و إذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب و السنة و لم يتفقه في الدين ! ) [ إعلام الموقّعين : 4 / 17 ] .
--------------------------------------------------------------------------------
خاتمة
و بعد فقد علَّق الإمام البخاري في صحيحه عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قوله : ( ثلاث من جمعن فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك ، و بذل السلام للعالم ، و الإنفاق من الإقتار ) .
قال الحافظ في الفتح : ( قال أبو الزناد بن سراج و غيره : إنما كان من جمع الثلاث مستكملاً للإيمان لأن مداره عليها ; لأن العبد إذا اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقاً واجباً عليه إلا أداه , و لم يترك شيئاً مما نهاه عنه إلا اجتنبه , و هذا يجمع أركان الإيمان ) [ فتح الباري : 1 / 83 ] .
قلتُ : و بقَدر ما يبتعد المرء عن الإنصاف ، يكون الصواب عنه بعيداً ، و من رامَ الحقَّ ، أنصفَ الخَلقَ و رَحِمَهم .
و طلباً للإنصاف ، و إحقاقاً للحق ، لا غيرَ كان عَملي في هذا البحث ، تربيةً لنفسي ، و تذكيراً لإخواني طلبة العلم بما ينبغي أن يكون عليه الحال تجاه أهل العلم و الفضل .
و خشية الإفراط في إجلال العلماء ، و تقديسهم عن الأخطاء ، كان لزاماً علينا التذكير بأنّهم بشَرٌ يصيبون و يخطئون ، و إن كانوا في معظم الأحوال موافقين للحقّ فيما يقولون و يفعلون ، و أنّهم عنه لا يعدلون ، إلا أن تقَع منهم زلّة ، في حال التباسٍ أو غَفلة .
فإن وقَعَت منهم الزلّة ( أو وَقعوا فيها ) رأيتَ الناس بسبَبِها فِسطاطين ، مُفرِطٌ و مُفَرِّط . مُفرِطٌ في تتبّع الزلاّت سواء كان قَصدُه الأخذ بها في العَمَل تَرخُّصاً ، أو الطَعن بسببها فيمن صدَرَت عنه تطاولاً و تنقصاً .
و مُفرّطٌ فيما أوجبه الله عليه ، من عدَم التقديم بينَ يديه ، و عَدَم الغلوّ في أحَدٍ من خلقه بالردّ - قبل الكتاب و السنّة - إليه .
و كلا الفريقين مجانبٌ للصواب ، صائرٌ إلى تباب ، ما لم يمتنَّ الله عليه بالتوبة قبل الحساب . و قد بيّنت في رسالتي هذه ما يقتضي المقام تبيانه في هذا الباب ، باذلاً في طلب الحق و تقريبه للخلق وسعي ، فإن أصبت فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، و إن أخطأتُ فمِن نفسي و من الشيطان ، و اللهَ تعالى أسألُ أن يغفر زلّتي ، و يقيل عثرتي .
و أفوّض أمري إلى الله ، إنّ الله بصير بالعباد و الحمد لله ربّ العالمين
و صلّى الله و سلّم على نبيّنا محمّد ، و آله ، و صحبه أجمعين
و كتب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
( الملقّب بالشريف )
دَبْلِن ( إيرلندا ) في غرّة جمادى الآخرة عام 1423 للهجرة
اخوكم في الله ابو حديفة خال العمراني
Khaled_alamrani@hotmail.com المسنجر
__________________
الله اكبر و لله الحمد
خالد العمراني غير متصل  
 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 04:36 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)