بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » هذهِ فتوى الفضاءِ فمتى القضاءُ ؟

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 20-09-2008, 08:39 AM   #6
azizreem
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 169
اعجبني تعليق على الفتوى باحد المنتديات فنقلته لكم :

بدءً ينبغي التفريق الواضح بين " الصحّة " و " الصلاحية " ؛ فالصحّة تتعلق بصواب الفكرة في ذاتها ، أي تتناول الحق والصواب بقطع النظر عن دخوله في منظومة الواقع أو عدمه . أما الصلاحية فهي تتعلق بفعالية الفكرة حينما تدخل في منظومة الأفكار والأشياء والأحداث ، فيصبح لها تأثير ملموس ، يمكن ملاحظته وتقييمه .

صحة الفكرة إذًا لا تعني أنها دائما فعّالة وصالحة ، فالقرآن العظيم مثلا فكرة صحيحة كلّ الصحة في اعتقاد المسلم ، ولكن التاريخ الإسلامي يثبت أن هذه الفكرة التي هي حق في مضمونها كانت فعّالة في ظروف دون ظروف ، كما أن واقعنا الإسلامي اليوم يثبت أن القرآن العظيم مع أنه هو الدين الحق الوحيد في العالم إلا أن الدائنين به من المسلمين يعيشون في حالة ضعف وذلة ، نرجو أن تنقشع قريبا . كما أن فعاليّة الفكرة لا تعني أنها دائما صحيحة ، فهانحن نرى الحضارة الغربية المعاصرة تتسيد العالم وتفرض على جزء كبير منه كثيرا من قيمها ومنتجاتها ، مع أنها حضارة مبنية على أفكار يحكم الإسلام على كثير منها بالبطلان !

على ضوء التمييز بين الأمرين ، أدخل إلى موضوع " الفتوى المثيرة " التي ذهبت إلى وجوب محاكمة أصحاب القنوات التي تبث الفساد العقدي والخلقي ، وردعهم بالسبل الممكنة ، فإن لم يرتدعوا بها ، ولم يمكن معاقبتهم إلا بالقتل فإن هذا جائز قضاءً .

والحقيقة أن من يملك مستوى مقبولا من العلم والفهم إذا نظر في هذه الفتوى من حيث مطابقة " معناها " للنصوص الشرعية المستشهَد بها يجد توافقًا ـ على الأقل ظاهريا ـ مع مضمون تلك النصوص ، فقوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتّلوا ... ) الخ ، وقوله : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فقد قتل الناس جميعا ... ) الخ ؛ يتوافقان مع مضمون الفتوى من حيث نوعية الجرم والجزاء ومن حيث وصف الجرم ، فالآيتان ذكرتا الجرم ، وهو محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد ، وكذلك الفتوى . والآيتان ذكرتا القتل بوصفه نوعا من أنواع عقوبة الإفساد في الأرض ، وكذلك الفتوى . والآيتان أجْمَلتا وصف الجرم ، وهو الإفساد في الأرض ، وكذلك الفتوى . إذًا نستطيع القول بأن الفتوى باعتبارها فكرة مجردة صحيحة .

لكنّ الفتوى في العرف الفقهي ـ كما هومعلوم ـ ليست مجردَ " شرح " لنص شرعي ، وإلا لأصبح تفسيرنا لأيّ آية أو حديث فتوى ! بل الفتوى فكرة تجمع في طيّها أمورا عدة ؛ منها فهمٌ مطابق لمعنى النص الشرعي المستشهَد به ولمقصوده ، ومراعاة لبقية نصوص الشريعة ومقاصدها ، وفهم لقول السائل ومقصوده ، ومراعاة مطابقة الفتوى لمقتضى الحال ، بكل ما فيه من أشخاص وأحداث وأشياء . فإذا نظرنا إلى الفتوى من حيث هذه الاعتبارات كلها وجدنا أنها تخلو من الفعالية ! أو فلنقل إنها ستخلو من الفعالية الإيجابية مع احتفاظها بصحة الفكرة التي تتعلق بمعنى النص المفرد فقط ، أي شرح النص ! وأخُصّ " النوع الإيجابي " من الفعالية بالذكر ، لأنها ربما لا تخلو مستقبلا ـ وأرجو أن أكون مخطئا ـ من " النوع السلبي " منها !

إن ملاحظة عدم الفعالية الإيجابية يمكن من خلال ما يلي :

أ ـ صاحب الفتوى المحترم ، يعلن حرصه على طاعة أولي الأمر وكسب رضاهم ، وأنه لا يهمه غضب الآخرين إن رضوا عنه ، وهذا شيء طيب يُشكر عليه جزاه الله خيرا ، لكنّ كثيرا من تلك القنوات التي تنصبّ الفتوى عليها وعلى أصحابها يملكها بعضُ أولي الأمر المذكورين أو يشتركون في ملكها ! فمؤكّدٌ إذًا أن الفتوى ليست موجّهة إليهم ؛ لأنه لا يُتصوّر أن يقول شخص لمن يطلب رضاه : إنه يجوز قتلك ! أو قتل شريكك المقرّب منك ! إلا على سبيل المزاح ! وقطعًا أن الفتوى جِدٌّ كلُها .

ب ـ القضاء بنظامه وواقعه الحالي ليس له استقلال وسلطة تامة تمكنه من البت في كل قضايا الدولة الإعلامية والمالية وغيرها ، ولا يتعرض لشيء منها إلا إذا قُدِّم إليه للنظر فيه ، ومن ثمّ فالحديث عن معاقبة مالكي قنواتٍ فضائية مدعومة حكوميا بما قد يصل إلى القتل يُعدّ في نحْو الفتوى " جملة غير مفيدة " !

إن المشكلة لا تكمن هنا !

فالفكرة الصحيحة إذا لم تجد بيئة تعمل فيها بتلقائية ؛ أي فعالية إيجابية ، تصبح منعزلة عن الواقع ، وتغدو مغتربة ، ومن هنا يبدأ الخطر ! فالفكرة الصحيحة لا تستطيع أن تتحول إلى واقع مثمر إيجابي لوحدها ، بل يتم لها ذلك عن طريق مجتمع مؤمن بها ، وقادر على حملها ، وكُفْء في الوقت نفسه في فهمها على الوجه الصحيح وتوظيفها على الوجه الصحيح . فإن لم تجد هذه البيئةَ المشروطةَ القادرة على تفعيلها بالشكل الإيجابي الصحيح ، فإنها تصبح حينئذ فكرة مغتربة مشرّدة يسهل اقتناصها من قِبل قطّاع الطريق الذين ليسوا من أهلها ، فحينئذ تتم عمليات السطو والاغتصاب والتخريب التي يقوم بها قطّاع الطرق في العادة ، فتُمزَّق الفكرةُ وتُشوّه حتى تتحول بكل سهولة على أيدي قطّاع الطريق إلى " فكرة باطلة " ! ومن ثمّ تكتسب لها من خلالهم وجودا وفعالية ، ولكنها وعلى غير المرغوب من أهل الخير ستكون " فعالية سلبية " ؛ ففي خصوص موضوعنا تتحول الفكرة القرآنية الطيبة الصحيحة ، إلى فكرة شيطانية خبيثة باطلة ، وذلك حين يُسيء أهلها الطيبون الصالحون معاملتها ، فيَعرضونها بغير ما هي عليه في حقيقتها القرآنية ، ويخرجونها إلى الوجود دون أن يُهيئوا لها واقعا تعيش فيه وتُؤثر من خلاله ، فلا يكون لها مصداقية واقعية ، فتغترب ، ثم تُختَطف ، ثم تشوّه ، ثم تُدمِّر !

إنها ـ بلغة الأستاذ مالك بن نبي ـ تنتقم حينئذ ممن خذلها وأساء استعمالها ! وما أقسى انتقام الأفكار المخذولة !!

أسأل الله الكريم ، أن يصلح أفكارنا وأحوالنا أجمعين ، وأن يعلمنا " سياسة القول " قبل أن يعلمنا القول ، وأن يجنبنا شرور اغتراب الأفكار الصحيحة واختطافها ، وأن يجعلنا ممن أوتي نصيبا من مضمون قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) .
__________________
يكفي معك قضيت زهرة اسنيني
حلم مضى يا ليت راعيه ما فاق
مكتوب اواجه ما كتب في جبيني
وعزاي كل الخلق في حكم خلاق
و دنياك هذي كلها دمعتيني
دمعة لقاء00والثانيه دمعة افراق
azizreem غير متصل  
 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 12:14 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)