كَلامُـ لِلعُقولِ أمْ نِفَاقٌ وَحُب الظُّهور !!
.
.

كَلامُـ لِلعُقولِ أمْ نِفَاقٌ وَحُب الظُّهور !!
إنَّ المُتَتَبِّعَ لِحَالِ الأمَّةِ في زَمَانِنَا ، ليَجِدَ أنَّ الأحَدَاثَ التي تَعْصِفُ بِهَذهـِ الأمَّةِ ، كَشَفَتْ زَيفَ كَثيرٍ مِنْ العُقولِ كَانَت مُتَسَتِّرَةً خَلفَ أغطيَةٍ مُتَنَوِّعَةٍ لِتُزَيِّفَ عَنَّا حَقيقَتهَا ، وَعُقولٌ أُخرى عَجَزَتْ عَنْ الثَّبَاتِ أمَامِ التَّيَارَاتِ الأُخرى فَانسَاقتْ خَلفَهَا .
وَلَمْ تَكِنْ المِحَنُ التي مَرَّت بِهَذهـِ الأمَّةِ إلا خَيرَاً لَهَا ، لِتَكشِفَ الثُّقبَ الذيْ يُحدِثُهُ هَؤلاءِ في مَرْكَبِهَا ، لِتَرويجِ عُقولِ أعدَائِهَا بِأجسَادِ أبنَائِهَا ، إمَّا بِظَاهِرِ صَلاحٍ تَسْتَغِلُّهُ ، أو بدَعاوى أُخرى في ظَاهِرِهَا الرَّحمَةُ وَ في بَاطِنِهَا العَذاب .
وَلنْ تَتَجَرَّعَ الأمَةِ أمَرَّ مِنْ خَيَانَةِ حَاكِمٍ ، وَعَالِمِ سُلطَانٍ ، وَنِفَاق مِواطِنٍ بِوطَنيَّتِهِ ، فَهَذهـِ أُسسٌ سَتَرتَكِزُ عَليهَا الأمَّة ، وَتقودُ شَريعَتِهَا ، فَخيَانَةُ الحَاكِمِ لَنْ تَرفَعَ شَأنٌ للعَقيدَةِ ، وَعَالِمُ السُّلطَانِ سَيُسَيِّرُ الحَقُّ إتِّبَاعَاً لِهَوى السَّلطَانِ ، وَنِفَاقُ المُواطِنِ دَندَنتُهُ بِحبِّ وَطَنِهِ وَهوَ مَنْ يَحْفِرُ لِسُقوطِهِ .
قَالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام : { إنَّ أَخْوَفُ مَا أََخَافُ عَلى أُمَّتي الأئِمَّةُ المضلينَ مِن الأمَرَاءِ والعُلَمَاءِ والعُبَّادِ الذينَ يَحْكمونَ بِغَيْرِ عِلمٍ فَيُضِلُّونَ النَّاس } ، وَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلاكُ أُمَّتي عَالِمٌ فَاجِرْ وَعَابِدٌ جَاهِلْ وَشَرُّ الشِّرار شِرَارُ العُلَمَاءِ وخَيْرُ الخِيَار خِيَارُ العُلَمَاء)).
وَقَالَ الأوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " شَكت النَّوَاويس مَا تَجد مِنْ نَتن جِيَفِ الكفَّارِ فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهَا بُطُونَ عُلَمَاءِ السُّوءِ أَنْتَنُ مِمَّا أَنْتُم فِيهِ ". وَقَالَ الفُضَيْلُ بن عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ: " بَلَغَني أنَّ الفَسَقَةَ مِنْ العُلَمَاءِ يُبْدَأُ بِهِمْ يَومَ القِيَامَةِ قَبْلَ عَبَدة الأوثَان " .
وَقَالَ كَعْبٌ رَحِمَهُ الله: [ يَكونُ في آخِرِ الزَّمَانِ عُلَمَاء يزهدون النَّاسَ في الدُّنيَا وَلا يزهدونَ وَيخوفون النَّاس وَلا يَخَافُونَ وَينهونَ عَنْ غَشَيان الولاةِ ويَأتْوُنَهُمْ وَيؤثرون الدنيا عَلى الآخِرَةِ يَأكُلونَ بِألسِنَتِهم يُقَرِّبونَ الأغْنِيَاءَ دُونَ الفُقَرَاءِ يَتَغَايَرونَ عَلَى العِلْم كَمَا تَتَغايرُ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَال يغضب أَحَدهم عَلى جَلِيسِهِ إذَا جَالَس غَيْرُه أُولئِكَ الجَبَّارونَ أَعْدَاءَ الرَّحَمنْ ] .
للأسَفْ أصبَح التَّدينُ وَالمَشيَخَةُ عِنَدَ فِئَةٍ مِنْ النَّاسِ مَوضَةً وَمشيَخَةً ظَاهريَّةٍ يَسلُكُ دَربَهَا لِجَلبِ النَّاسِ بِالدَّندَنةِ على الوَسطيَّةِ والإعتِدَالْ ، وَمَنْ يُخَالِفُ نَظريَّتَهم مُتَشَدِّدٌ مُتَطَرِّفٌ مُتَخَلِّفْ .
الوُقوعُ بِالشُّبهَاتِ ، وَحُبِّ الظُهورِ دَاءٌ أصَابَ أُمَّتنَا حَتى ، وَلو كَانَ على حِسَابِ الدِّينِ ، وَللأسَفْ هَذا مَا جَعَلَ أُنَاسٌ محسوبينَ عَلى الدِّينِ يَأخُذونَ الأمَّةَ مِنْ بَرِّ الأمَانِ إلى بَحرِ الشُّبهَاتِ والخِلافَاتِ واللهُ المُستَعَان .
إنَّ مَنْ يَعايشُ حَقيقَةَ مَا نَحنُ فيهِ يَرى مَا أخبرَ بهِ مُحمَّد بن عبد اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم ، وَ الذيْ أخرجَ أبوينَا مِنْ الجَنَّةِ قَدْ أعمَى أبصَارَ كَثيرٍ مِنْ أبنَاءِ أُمَّتِنَا ، وَإلا فَفِتَنٌ قَطِعِ الليلِ المُظلِمِ ، وَبَدأ الإسلامُ غَريبَاً وَسيعودُ كَمَا بَدأ ، وَالقَابِضُ على دِينِهِ كَالقَابِضِ على الجَمرِ ، كَفيلَةٌ بِأنْ تَنتَشِلَ النَّفسَ العَفيفَةَ الصَّادِقَةَ مِنْ بُركَانِ الشَّهواتِ والأهواءِ وُحبُّ الدنيَا وَكَرَاهيَّةُ المَوت .
قَالَ عَليهِ الصَّلآة وَالسَّلام : { يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت } .
قَالَ يُوسف القَرضَاوي : " إن كثيرًا من الخطط الفاشلة، والقرارات الباطلة، والسياسات القاتلة، إنما دفع إليها استرضاء فئات من الناس على حساب الحق، أو تملق آخرين ولو بخراب الوطن، أو التخلص من حرج اليوم ولو بتحميل المتاعب والخسائر كلها على الغد.
إن أمتنا في حاجة إلى روح جديد يسري في كيانها، ينشئها خلقا آخر، يغير فلسفتها ونظرتها إلى الحياة، وإلى الأشياء ويبدل نمط حياتها الحالي المتواكل المتثائب، إلى نمط منتج فعال. " انتهى اللَّهُم أرِنَا الحَقَّ حَقَّاً وارزقنَا اتِّبَاعَهُ وأرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارزقنَا اجتِنَابَهُ ولا تَجعله مُلتَبِسَاً علينَا فَنَظِل .
اللَّهم إنْ أردتَ بِعبَادِكَ فِتنَةً فَا قبِضنَا إليكَ غَيرَ مفتونين
أخيرَاً .. فَمَا كَانَ مِنْ صَوابٍ فَمِنْ اللهِ وَمَا كَانَ مِنْ خَطَأ فَمِنْ نَفسي وَالشَّيطَان
عُذرَاً .. فَعُذرَاً .. ثُمَّ عُذرَاً عَلى الإطَالةِ وَرَكَاكَةِ الأسلوبِ
دُمتم بِحِفظِ الرَّحمنِ وَرِعَايَتِهِ
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
|