بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » أصالة التعدد في الطبيعة البشريه

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 30-10-2003, 02:15 PM   #1
ابن عساكر
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 47
أصالة التعدد في الطبيعة البشريه

ر



منقول عن ملحق الأربعاء بجريدة المدينه


أصالة التعدد في الطبيعة البشرية
يوسف ابا الخيل
ربما كان الشيء الوحيد الذي تتفق عليه الطبائع البشرية (عملياً) هو الاختلاف نفسه وبالتالي فهذا الاختلاف الناتج بالضرورة عن تعدد المفاهيم والرؤى والتآويل يظل أصلاً وليس فرعاً طبعاً وليس تطبعاً ومن ثم فاية محاولة للخروج على هذا الطبع البشري سيكون مآله الفشل بلا شك. ان الاختلاف اصل خلقي طبع الله البشرية عليه كما اقام الكون نفسه عليه وبالتالي فالاختلاف سيكون بالضرورة مهيمناً على كل مناحي الحياة سواء الرؤى والاختلافات اللفظية او الاختلافات العقائدية او التفسيرية او حتى الاختلافات الدينية المتناقضة ربما. وقد اشار القرآن الكريم صراحة الى ان الله سبحانه وتعالى خلق خلقه اساساً بناء على صيرورة وضرورة اختلافهم اذ قال تعالى في الآية رقم 118 من سورة هود (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين). في هذه الآية اشارة لطيفة وحاسمة الى ان الخلق لا يزالون في حالة من الاختلاف اذ عبر عنها القران بالمضارع المستمر للمستقبل (لا يزالون) بينما خلق الناس أمة واحدة أي ذات رأي واحد عبر عنها بالفعل الماضي (لوشاء) وبالتالي فالحكمة الالهية انتقلت من الماضي للحال المستمر المقتضية للاختلاف الحتمي. معنى ذلك ان اية محاولة لنفي الاختلاف والتعدد او قسر الناس على رؤية واحدة ذات بعد آحادي انغلاقي اقصائي فهي ببساطة شديدة مضادة لحكمة الخالق سبحانه وتعالى من ارادته لخلق خلقه مختلفين. هذا الاختلاف الذي اشارت الاية اللاحقة للآية السابقة الى ان الله لذلك (اي للاختلاف) خلقهم لا يعني حصره في الاختلافات الهامشية الفرعية داخل الدين الواحد او المذهب الواحد فقط بل يمتد ليشمل حتى الاختلاف بالدين نفسه اي بتعدد الاديان نفسها. وتعدد الاديان بالاساس هو اصل خلقي بشري مبني بالاضافة الى انه مماهاة ومحاكاة لاصل الخلقة البشرية فانه نتيجة طبيعية لاصل عدم الاكراه في الدين المنصوص عليه بالدليل القطعي من القران اذ يقول تعالى في الاية رقم 256 من سورة البقرة (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) هذه الاية توضح بجلاء واضح ان الرشد اصبح واضحاً بعد ختم النبوه لكل ذي عقل وبالتالي فلا معنى لعسف ذي النهى على دين اوعقيدة بالقوة بل الاصل تركه ليدين ربه وفق ما يريد ووفق ما يتوضح له وحسابه بعد ذلك على رب العالمين ولكن ليس لاحد في هذه الدار ان يعاقبه على عدم التدين بدين معين بل الامر متروك لصاحب الامر سبحانه في الدار الآخره. وقد اوضح القرآن هذه النقطة الغاية في الاهمية في الاية رقم 29 من سورة الكهف اذ يقول تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) ان الجزاء على الايمان او الكفر هناك في الدار الاخرة وليس على هذه الارض والقران يشدد على ان ما على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الا البلاغ فقط وليس عليه فرض الاسلام على احد. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وليس فقط من شاء فليتسنن ومن شاء فليتشيع ومن ثم فهي حقيقة كونية وقانون أزلي وجودي لا يمكن لاحد كائناً من كان ان يدعي قدرته على ايقافه الوقوف ضده. يحلو لبعض طلبه العلم ان يتمسح بسفسطائية لا طائل من ورائها من قبيل الادعاء بان مشيئة الكفر والايمان تكون قبل انشاء العقيدة وبعدها فقد جفت الاقلام وطويت الصحف ولا يجوز عندها الدوران في الفلك العام للاية ولكن اولئك في الغالب الاعم لا يفرقون بين الحكم الالهي المقدس والتفسيرات والتنظيرات الفقهية البشرية ومن ثم والحالة هذه فاننا نحتج عليهم بالقطعي الالهي المقدس مقابل ما يدعونه من رؤى فقهية بشرية واخبار آحاد تفيد الظن ولا تفيد اليقين الذي يفيده الدستور الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تاسيساً على اصل التعدد القائم اساساً على مبدأ حرية العقيدة وعدم الاكراه في الدين فقد جاء الاسلام باحترام الديانات الاخرى حتى الوضعية منها انطلاقا من الحرية الدينية المعطاة للفرد اذ لا يستقيم ان يعطى الفرد حرية اختيار ما يشاء من العقائد ثم اتباع ذلك بازدراء عقيدته او دينه اذ يعتبر ذلك اعتداء على حريته ولا يمكن ان يجتمع الشيء ونقيضه باية تعاليم سماوية اذ يقول تعالى في الاية رقم 108 من سورة الانعام. (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) فالله عز وجل زين لكل امة ما تعتنقه من ديانه اياً كانت ومن هذا التزيين انبثقت الحاجة والدافع للقداسة الدينية والتزيين ضد التقبيح ومن ثم فليس بغريب تعلق الامم والافراد بدياناتها مهما بدت غرائبية طقوسها وعلى ذل فيحرم سب تلك الاديان وازدراؤها لان ذلك من شانه ازدراء وسب متبادل ومن ثم ازدياد مساحة التقديس وبالتبعية زيادة الانغلاق والتقوقع حول الذات واختفاء التسامح وبروز الحدية وامتلاء الذهن والوجدان بوهم امتلاك الحقيقة ومن ثم الوصول للحلقة الاخيرة من السلسة المتمثلة في ارتياد طريق العنف المسلح لاجبار الناس على اتباع ما يراه حقاً مطلقاً وحقيقة وحيدة. ومن هنا فان ما تقوم به الجماعات الاصولية المسلحة من قتل وافساد في الارض وترويع للامنين بدعوى الجهاد في سبيل الله ونشر الاسلام يعني انها شاءت ام ابت تسير عكس حقائق الكون الثابته وضد حركة التاريخ الجارية بلا ثبات اذ انها وهي تحاول فرض رؤيتها وفهمها للدين على الاخرين تسير بالاتجاه المعاكس لحقيقة كونية متمثلة في خلق الله للناس متعددي الاراء والمفاهيم ولا يزالون مختلفين الى ان يرث الله الارض ومن عليها ومن ثم فلا مجال للادعاء قولاً او فعلاً بالقدرة على تعديل حقيقة كونية الا لمن يدعو مع الله احدا!!! وبنفس الوقت فانها وهي تحاول تهميش او الغاء الرؤى والعقائد الاخرى بالارهاب المسلح فانها تسير معاكسة تماماً لحركة التاريخ التي تؤكد لكل من له قلب او القى السمع وهو شهيد ان محاربة العقائد والعنف ضدها لا يزيدها الا رسوخاً في افئدة وعقول معتنقيها. ان في قصص التاريخ لعبرة وعظة لمن لم يؤجر عقله بعد لمن يفكر بالنيابة عنه. فمثلاً لم تستطع الكنيسة الكاثوليكية رغم شدة باسها ورغم ما خاضته من معارك وما اسالته من دماء وما خلقته من ضحايا في سبيل القضاء على المذهب البروتستانتي ان تقضي عليه فلا زال اتباعه بالملايين موزعين في انحاء اوروبا واجزاء اخرى من العالم. والاسلام لا يزال يشكل منارة وشعاعاً للسائرين على دربه ولم تنفع او تستطع جميع الحملات التي حاولت واده ان تؤتي اكلها اذ ان اتباعه يتجاوزون المليار نسمه وهكذا فليههون اولئك المهووسون بنظرية المؤامرة على انفسهم اذ هم لا يزالون يعتقدون ان امريكا والغرب جاؤوا بخيلهم ورجلهم للقضاء على الاسلام ابتداء من حاضرة العباسيين اذ لو افترض جدلا ان ذلك احدى بنود اجندتهم فان منطق حركة التاريخ سيقف لهم بالمرصاد والافضل لبني جلدتنا ممن هم على درب الدوغمائية سائرون ان يحاولوا ايجاد موطئ قدم لهم في قطار الحداثة والحضارة السائر بقوة لا مكان لديها للخائفين والمترددين بدلاً من البكاء على اطلال لم تكن ذات يوم ذات صوت مدو في عالم حضارة وتسامج وديمقراطية او استجداء مستبدين طغاة من طراز الحجاج بن يوسف مؤسس وصاحب امتياز اصدار ايديولوجية الطغيان العربي ووريثه وامينه على طغيانه صدام حسين ومن هم على شاكلتهم لبعث فصل جديد من الاستبدادية والطغيان والتلاعب الفردي والعشائري بمصير امة كاملة لازالت للاسف لا تحن ولا تكن الا لجلاديها وسارقي نهضتها ومجدها. منذ ان انتهى حكم حزب البعث المرعب في العراق والاغلبية الساحقة من الجماهير العربية بما فيها نخبها المتخشبة تقف كل يوم عند باب الحصير حتى تغرب الشمس مؤملين ان ينشق الجدار فجأة عن المخلص صدام حسين وزبانيته ليعيدوا للسيف البتار وهجه الذي انطفأ هناك فجأة وليس هذا بغريب على من تطبع بالاستبداد والظلم فأصبح لا يراه الا الوجه الوحيد الصالح للحياة. ولنا شاهد على هذا التطبع وكيف ينقلب فجأة كقانون وجودي عندما يستمرئ الفرد والمجموع السير عليه ويتطبع بطابعه ذلك انه عندما استطاع الطاغية رمسيس الثاني ترويض بني اسرائيل على ظلمه وطغيانه واستبداده واراد كليم الله النبي موسى عليه الصلاة والسلام انتشالهم (بني اسرائيل) من بؤس عبودية الطاغية لم يتحملوا ان يستمرؤوا نسمة الحرية فعندما جاوزبهم موسى البحر ومروا فجاة بمن يعبدون صنما وضعوه لهم صاحوا بموسى ان اجعل لنا الها كما لهؤلاء القوم اله لانهم تعودوا على الوهية فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب يقتل ابناءهم ويستحيي نساءهم فرأوا في هذا القتل والاستحياء قانوناً وجودياً لا تتم الحياة الا به ولذا فقد كان رد موسى حاسماً وسريعاً ومباشراً اذ قال أغير الله ابغيكم الهاً !!! فإما الوهية الله عز وجل ومعها فضاء واسع من الحرية والسعة والتسامح والتعدد واما الوهية فرعون ذات الطابع الاستبدادي الظلامي الطغياني وحتى يأذن الله بانجلاء حاسم لليل العربي الطويل لا نملك الا ان نكون في زمرة المنتظرين والله المستعان على كل حال








الحقوق محفوظة لمؤسسة المدينة للصحافة والنشر©


© AL MADINA PRESS EST. ALL Rights Reserved

webmaster@al-madina.com
ابن عساكر غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)