|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
23-12-2003, 11:16 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 47
|
الخطأ شرط ملازم للوجود/ منقول من جريدة الرياض
منتدى الكتّاب> مقالات عامة > يوسف أبا الخيل
الخطأ شرط ملازم للوجود التاريخ: الثلاثاء 2003/12/23 م جريدة الرياض المصطلح أعلاه لا يمثل بالتأكيد نتاج جدلية عربية بين الذات وواقعها الرازح اصلاً تحت ركام من أوهام الفرادة والتميز المدبّجة لكمال موهوم ظل يمارس إسقاطية الهوان الحضاري والخواء الابداعي على آخر ظل حسب الثقافة التقليدية يستر عوار إفلاسه بالقفز على مقدرات ومواهب ذاتية وما فتئ حسب مفردات التراكم الدفاعية المخدّرة ذات الإطار الظاهري الجذاب يمارس تفوقاً تقنياً مزوراً بفعل التعدي على حرمات مراكمات ابداعية عربية ذات جوهر براق من تأسيس واندغام أنسة فريدة في مفاصلها ظلت على الدوام توفر الاشعاع والوقود اللازم لحضارته الهامشية. العنوان او المصطلح أعلاه يؤسس لفلسفة تمارس فضيلة النقد كمكون رئيسي لثقافة مفتوحة تشكل المراجعات بشتى اطيافها بما فيها المراجعة الفكرية اسلوب عمل دائم لها تبتغي استلهام الجديد بتعديل واعادة انتاج القديم بما يتوافق وضمان دورة الحياة الفكرية بما يمكنها من تمثل الواقع وفق تشكله الآني بدلاً من القفز على قوانينه الاجتماعية التي تأتت اساساً لتشكل المفاتيح الاساسية للتعامل مع هذا الواقع وفق قانون سيرة ذي الصيرورة الحتمية بعيداً عن الامنيات والاحلام. المصطلح آنفاً يشكل برافد معين الفلسفة التي انتجته احدى روائع نظرية الانسنة في الفكر الفلسفي الغربي دشنه تحديداً الفيلسوف الالماني نيتشه ( 1844- 1900) في كتابه (إرادة القوة) ونقلها الى العربية كل من محمد سبيلا وعبدالسلام بن عبدالعالي في كتابيهما (الحقيقة)، وتمثل فلسفة متكاملة تنظر للانسان وفق مفهومه الشامل بوصفه منظومة متكاملة من خليط متماوج من الهوى والتعصب والغضب والتفلت من الحق وكره الحقيقة والتبرم من النقد وادعاء المثالية ووهم الفرادة وخرافة التميز العرقي والثقافي والانكفاء على الخصوصية ونمطية إسقاط الاخطاء على الآخر وغيرها من مفردات متلازمة الانسان/ الحياة. هذا الانسان المحاط بهذا السياج الهائل من خلطة التعصب عرضة للخطأ الذي يشكل بالنسبة له متلازمة حياة باعتباره طبعاً لا تطبعاً وأصلاً لا فرعاً لا يمكن وفقاً لأدبيات هذه الفلسفة اقصاؤه من المنظومة الاجتماعية بسبب أخطاء تمثل جزءاً من طبعه وتركيبة بيولوجية في خلقته، من ثم بدلاً من ذلك فقد وطدت هذه الفلسفة دعائم انسنة اعتنت بالانسان بوصفه الغاية من الوجود تمثلت بالتبشير بالنزعة الانسانية التي تشكلت ملامحها مع بداية تشكل عصر النهضة الاوروبية ابتداءً من القرن الخامس عشر الميلادي وفيها تم النظر للانسان بوصفه جزءاً من ثقافة عامة مفتوحة تملك آلية ديناميكية اجتماعية للمراجعة والاصلاح اتكاء على تأصل الخطأ في الطبع الانساني للحد الذي اصبح ملازماً وشرطاً لوجوده. هذا يعني مبدئياً احتضان الانسان في المنظومة الشاملة للمجتمع بوصفه جملة من المتناقضات لا تسلم مفردة منها من طبعها إياه بقدر او بآخر من القدح والنقص والقابلية للذوبان في الثقافة الحاضنة اياً كانت وجهتها، واحتضانه يعني قبول افكاره باعتبارها ترجمة ذاتية شخصية للواقع والحياة والنصوص ،لا على أنها صورة حقيقية عنها، ومن ثم اخذها باعتبارها ذاتية الانتاج مندغمة في المخزون الثقافي للفرد واهوائه وميوله وما يؤمله ويرنو اليه خياله الجامح. واحتضان الانسان هكذا بأفكاره المنتجة ذاتياً لا يعني ضرورة تمثلها بقدر ما يعني تبني وضعيتها باعتبارها مرتكزة على طبيعة الخطأ بوصفه ذا تلازم مساري مع الحياة. هذا التنظير الفلسفي الرائع للتلازم المساري بين الخطأ والوجود يجد له جذوراً ضاربة العمق في تراثنا الاسلامي تؤصل للنظرة الانسانية وتعمق في الوعي الجمعي لأنسة كاملة تحتضن الانسان بصفته الآدمية بعيداً عن مترادفات جنسه ولونه وعرقه ودينه، وتؤصل للخطأ البشري باعتباره نتاج تفاعل بشري/ حياتي مقوماً بآلية التجربة والخطأ لتبين المسار الاكثر صحة لا الصحيح مطلقاً وفق منهج نسبية الحقيقة، يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز {قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له... الآية} سورة الزمر الآيتان 54/53حيث تؤصل هاتان الآيتان لمبدأين أولهما، مبدأ اصالة الخطأ في الطبيعة البشرية اذ رغم ان هؤلاء العباد قد اسرفوا على أنفسهم بالذنوب والمعاصي إلا ان الله تعالى شرفهم بمناداتهم بالاضافة اليه سبحانه بقوله (يا عبادي)، وثانيهما مبدأ المراجعة الفكرية بطلبه لهم بالإنابة والتوبة في قوله تعالى {وأنيبوا الى ربكم وأسلموا له}. تأصيل ذلك المبدأ من السنة النبوية الشريفة يتأتى في الحديث الذي رواه مسلم بسنده الى أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفرلهم) ومبدأ المراجعة والتوبة في قوله (فيستغفرون الله فيغفر لهم) والحديث هنا يؤصل للخطأ بصفته طبعاً بشرياً خلقياً كما يؤصل لثقافة مراجعة الافكار والآراء والايديولوجيات ومن ثم تواصل مسيرة التصحيح في عملية مستمرة تغذيها ثقافة التغذية الفكرية المرتدة، ضمن آلية ثقافة المراجعة هذه يجب التفريق في التعامل بين ناتج الفعل اللازم المنحصر بالفاعل نفسه بدون تعد الى غيره، وبين الفعل المتعدي الممتدة آثاره الى الغير والمجتمع والذي قد لا تكون آلية المراجعة الفردية كافية للتعامل معه وهذا ما سيكون موضوعاً لمقالة قادمة. |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|