الإيمان بحق الآخر في الإختلاف أول شروط نجاح الحوار
الإيمان بحق الآخر المختلف أولى شروط نجاح الحوار
الأربعاء 30 شوال 1424هـ الموافق 24 ديسمبر 2003 (العدد 14854) السنة التاسعة والستون (جريدة المدينه /ملحق الإربعاء)
الكاتب/يوسف اباالخيل
فيى الخطوات الأولى لتدشين الحوار
الإيمان بحق الآخر بالإختلاف أولاً
تجتاح فضاءنا المحلي حالياً عاصفة لم تهدأ بعد تنادي وتبشر بالحوار بصفته الحل السحري المنتظر للخروج من شرنقة الاحتكار والحدية بصفتهما تشكلان آلية الارهاب الذي تطاردنا اشباحه مع كل اطلالة فجر جديدة!! تلك لعمري تباشير جيدة في مراميها رائعة حين حذلقتها ان فضائياً او كتابياً او حتى منبرياً، ولكن هل تجد هذه الدعوة وما ترومه من مقاصد حسنة في مظانها ارضية مناسبة تتكئ عليها حين موضعتها على المحك؟ هذا سؤال محوري لا تشكل الاجابة عليه ترفاً من القول او زخرفاً منه قدر ما تشكل قلقاً مصيرياً تنبئ بحسبها ان كان ثمة بنية تحتية فكرية لحوار مبتغى في القادم من الايام. بداية يشكل الايمان بحق الاخر بامتلاك ناصية حق الاختلاف اياً كانت هوية هذا الآخر الجسر الرئيسي الذي سيتطاوله الحوار المبتغى وصولاً للضفة الاخرى من النهر لانه ببساطة شديدة اذ يمتلك الفرد رغبة في حوار مع الآخر فذاك يعني منطقياً اقتناعه بعدم امتلاكه الحقيقة مطلقاً ملك يمينه وانه من ثم اذ يسمع ما لدى الاخر فذاك يعني بداهة توافره على جزء من الحقيقة لا يتوافر لذاك الداخل في مشروع الحوار ساعة الاستماع لما لدى مماثله من رأي!! السؤال هنا هل يتوافر خطابنا المحلي بجميع اطيافه على تلك القناعة المؤسسة اصلاً لمشروعية الحوار؟ بمعنى اوضح هل تتعامل اطياف الخطاب المحلي مع بعضها وفق نسبة الحقيقة لاكليتها؟ قبل الاجابة على هذا السؤال يتبادر للذهن العام سؤال مرادف ان كانت الدعوة للحوار والاعتباط بها تختص بطيف دون غيره او عدة اطياف دون غيرها ام ان الجميع طاروا في العجة كما يقول المثل الشعبي؟؟ ان مجرد جولة سريعة على مفردات خطابنا المحلي هذه الايام تنبئك ان الجميع يتبنى الدعوة للحوار لا فرق بين تيار يقع في اقصى اليمين ومماثل له يقع في اقصى اليسار فالجميع اصبحوا ينادون به ويضعونه في مقدمة الادواء الناجعة لعوار ثقافتنا المحلية حتى من البعض تجدهم وقد تهافتوا بدورهم على ادعاء تمثل الحوار واعلنوا النزول من ابراجهم العاجية وطالبوا بالحوار مع الاخر ولو سألت ادناهم عن الاخر المعنون في ثنايا خطابه لم يستطع تحديده بدقة، ولو حدده لشخص البصر منك وهو حسير من هول تمثل مفهوم هذا الاخر في خطاباتهم. هذا يعني انه على المستوى النظري او التنظيري للحوار لن تجد احداً احسن من نده في التأكيد على اهميته للمرحلة الحالية والقادمة ولكن ستجد بالتزامن والتعاضد ضبابية قاتمة ساعة تحليل مفردات الحوار نفسها ومفردة الاخر المدعو للنزول لساحة الحوار. اما على المستوى العملي المحك فآلية العلاقة مع الاخر هي نفسها لم تتغير ويبدو انها محصنة ضد عوامل التعرية الفكرية خاصة من جانب الخطاب الديني عند البعض الذي وبكل صراحة وبعيداً عن ادنى مواربة لا يزال ممعنا عندهم في رفض الآخر الذي لا اعني به الآخر المختلف في الدين بل المختلف بالمذهب فقط، وهذا يعني ان الخطاب الديني عند البعض لم يستطع حتى الان ان يفك عقدته المزمنة مع الاخر غير المتوافق دينياً!! ويمكن لمن يريد ان يستكشف هذا الامر اخذ عينة عشوائية بالتجوال السريع على بعض زوايا الفتاوى في صحفنا المحلية وسيجد ان بعض هذه الفتاوى تؤسس على نفس مذهبي أحادي يقدم للمستفتي على انه حق قطعي لا يوازيه مثله. وسيكتشف ايضاً دعاوى اجماعية تؤسس نظريا على الاقل لفك رموز مذاهب اخرى بأنها ليست من الاسلام في شيء. للاسف فان الخطاب الديني عند البعض بكل صراحة لا يزال يتمثل نظرية الفسطاطين والدارين والمعسكرين وهي نفسها الشعارات التي ينادي بها ويتمثلها ابن لادن وجماعته من اعضاء القاعدة. الم تسمعوا لذلك الشيخ وهو ينادي بأن يكون اعضاء المجامع الفقهيه الاسلامية حكراً على اهل السنة فقط شعوراً منه بعدم صلاحية المذاهب الاسلامية الاخرى للتمثل عضوياً في تلك المجالس ان لم يكن يخرجها من دائرة الاسلام بالكلية!! ولم يمض على دعويته الاقصائية تلك الا ايام حتى تصدر مائدة الحوار مع المتراجعين عن الفتاوى التكفيرية او لزميله الاخر الذي يعلن بأن مفهومه للحرية الدينية ان افراد اولئك الطائفة الاسلامية يولدون ويعيشون ويموتون ولا احد يحاسبهم اما نقدهم وبيان فساد مذهبهم ومعتقداتهم فذاك واجب عقدي يجب ان تتمثله حتى المناهج الدراسية. بل الم يطرق اسماعكم ذاك الشيخ الوسطي الذي ادمن الظهور في منتج فضائي غربي ولسانه لا يفتر من التجلي بشتم الغرب صباحاً ومساءً وهو يدعو زميله المتداخل فضائياً الى التوبة النصوح على غرار توبة الخضير والفهد لمجرد انه طرح رأياً مخالفاً او حتى مناقضاً لما يراه هو حقاً.. اذاً مرة اخرى هل يتوافر الخطاب المحلي على ارضية صلبة تؤسس لحوار مؤمل؟ الاجابة اتركها لمن هم اكثر تفاؤلاً مني. يوسف ابا الخيل
|