بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » وقفات قرآنية في شهر القرآن ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 14-08-2010, 06:59 AM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
الوقفة الرابعة : مقارنة بين المسلم والكافر , وإعجاب المسلم بالكافر :
قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة
لن أتحدث عن تفسير الآية , فمعناها واضح , وهو تحريم زواج المسلم من الكافرة , وتحريم زواج الكافر من المسلمة , والكلام فيه تفصيل عند أهل العلم , ولكني أحب أن أشير إلى نقطتين لاحظتهما في هذه الآية :
الأولى : إثبات خيرية المؤمن على المشرك , وأنه لا مقارنة بين المؤمن والمشرك بالله في التفضيل , فالأول أفضل وأكمل , " وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ " " وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ " ومثل ذلك قوله سبحانه : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ , مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ( 35 , 36 ) سورة القلم , وكما قال تعالى : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ} (18) سورة السجدة .
فإذا كان المؤمن والفاسق لا يستويان , فالفرق بين المؤمن والمشرك من باب أولى .
ولهذا نعلم أن تشدق كثير من الكتاب والناهجين منهج العقلنة والعصرنة بأن الإنسان أخو الإنسان وأنه لا فضل لأحد على أحد , فكلاهما في الإنسانية سواء مخالف لمنهج كتاب الله تعالى , بل جاء المعيار الحقيقي الذي تتفاضل به الإنسانية : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات .
ولأن النص القرآني محكم عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فقد جاء التعبير بلفظ الإيمان " ولعبد مؤمن " ولم يأتِ بلفظ الإسلام , لأن الإيمان يشمل الإسلام الظاهر , ويشمل الصدق الباطن الحامل على التقوى والأمانة والنزاهة , فالمسلم إذا بلغ منزلة الإيمان فهو أفضل عند الله تعالى , وأفضل للناس من الكافر المشرك بالله واليوم والآخر .
وأختم هذا بقوله تعالى في سورة البينة حين جعل المشركين شر البرية , وجعل المؤمنين خير البرية :
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ , إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (6-7) سورة البينة .
الثانية : أن المسلم قد يُعجَبُ بالكافر , وهذا ليس فيه بأس للوهلة الأولى , بشرط ألا يحمله هذا الإعجاب على تفضيل الكافر على المسلم إلا بأمور دنيوية لا يتقنها إلا الكافر .
ومحل هذه الملاحظة قوله تعالى : " وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ " " وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ " والضمير يعود في الأولى على المشركة وفي الثانية على المشرك , حيث بينة الآية أن المشرك قد يُعجِبُ المسلم إما بشكله أو بعمله أو بأي شيء آخر .
ولم تنفِ الآية هذا الإعجاب , ولم تمنعه , وإنما منعت الزواج بين المسلم والكافر , وحينئذ فإعجاب المؤمن بالكافر إذا لم يحمله على مخالفة شرعية فليس محل نظر شرعي , بل جاء الشارع بإثباته وافتراضه .
فنرى هنا أن القرآن منع تقديم مصلحة الإعجاب على مصلحة مصاهرة المسلم مع المسلم , أما إذا لم يتصادم الإعجابُ مع ما هو أولى منه فلا بأس فيه , والله أعلم .


السبت : 4 / 9 / 1431 هـ
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  


قديم(ـة) 20-08-2010, 07:15 AM   #2
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
الوقفة العاشرة : اكتمال الدين .
قال الله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة
قال أهل العلم : إن هذه آخر ما نزل من القرآن , ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام [ انظر تفسير ابن كثير 2 / 20 ]
وقد نزلت هذه الآية في عرفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع يوم الجمعة كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قال ابن كثير - رحمه الله - حول هذه الآية : " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة , حيث أكمل تعالى لهم دينهم , فلا يحتاجون إلى دين غيره , ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه , ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء , وبعَثَهُ إلى الإنس والجن ... فلما أكمل لهم الدين , تمّت عليهم النعمة , ولهذا قال سبحانه : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } أي , فارْضوه أنتمْ لأنفِسِكُمْ , فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه , وبعثَ به أفضل الرسل الكرام , وأنزل به أشرف كتبه .." تفسير ابن كثير 2 / 19 .
ولي معي هذه الآية وقفات :
الوقفة الأولى : أنها نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع , وهي الموقف العظيم الذي وقفه النبي صلى الله عليه وسلم , ووقف معه المسلمون في مشهد مهيب , خطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة بين فيها معالم الدين , ووضع الأسس العامة والخاصة , ولم يترك شيئاً إلا بينه عليه الصلاة والسلام بأبلغِ قول , وأفصح لسان .
فجاءت هذه الآية تتويجا لذلك الموقف العظيم , وأن الدين قد كَمُل في يوم اكتملت فيه بلاغة محمد صلى الله عليه وسلم , واكتمل فيه حضور المسلمين , واكتمل فيه تعلق قلوبهم لله تعالى على صعيد عرفات .
فهو يوم الكمال في السموات , ويوم الكمال في الأرض , فيه كمل الدين , وفيه كمل القرآن , وفيه كملت النعمة فلله العظمة وحده , ولله الشكر وحده ,سبحانه تبارك وتعالى .
الوقفة الثانية : قوله : ( اليوم ) قال أهل النحو : إن ( أل ) في كلمة اليوم هنا , للعهد الحضوري , أي هذا اليوم الحاضر , ولعل التعريف هنا يعطي تعظيما وهيبة لقداسة هذا اليوم وعظمته , وهو ما صرح به أحد اليهود حين قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ! قال: أيَّةُ آية ؟ قال) : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً .( قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة ، يوم جمعة) رواه البخاري ومسلم .
الوقفة الثالثة : قوله : أكملتُ لكم دينكم .
فقوله :( أكملتُ ):فعل ماضٍ دال مسندٌ إلى الضمير العائد إلى الله تعالى , لبيان عظمة هذا الكمال , وأنه صادر من عند الله تعالى , وما أكْمَلَهُ الله فلن يتعرض له نقصان , وما أكمله الله فلن يحتاج إلى زيادة .
ثم قال : ( لكم ) وهذا خطاب للمسلمين جميعاً , أي أن هذا الكمال لكم أيها المسلمون , وليس لغيركم , فهل تبتغون كمالا من عند غير الله ؟
ثم قال : ( دينكم ) هذه الكلمة أتت لتبين موضع الكمال , وأنه في الدين , والدين يشمل القرآن والعبادات والأخلاق والفرائض والمعاملات وكل ما جاء من عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الدين .
وقد وصل إلى مرحلة الكمال الرباني الذي لا يعتريه نقص , ولا يفتقر إلى الزيادة .
وإضافة الدين إلى المخاطبين لكي يصبوا اهتمامهم له , وأن هذا الأمر إنما هو دينهم , وليس دين الله فقط .
وأي شرف وأي منزلة حين يكمل الله لك اعتقادك ودينك , ويعطيك الختم الإلهي الرباني الأبدي بأن دينك كامل غير منقوص فلا تضيعه .

الوقفة الرابعة : قوله " وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى "
فعطف على الكمال بلفظ الإتمام , والإكمال يكون للشيء الواحد حين يبلغ نهايته وغايته فيكون قد كمل , فأطلقه على الدين لأن الدين واحد ( إن الدين عند الله الإسلام )
وأما الإتمام فيكون للشيء المتعدد حين تكتمل جميع أنواعه فيكون إتماماً , ونعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى , فجاء لفظ الإتمام .
وقال : عليكم , ولم يقل ( لكم ) لثلاثة أمور :
الأمر الأول : ليخالف اللفظ الأول , فلا يكون هناك تكرار بلفظ ( لكم ) لأنه قال أولها : أكملت لكم دينكم .
الأمر الثاني : أن إتمام النعمة من الله تعني العلو والمنة , فهناك فوقية من المنعِمِ سبحانه على المنعَمِ عليه , فناسب لفظ ( عليكم ) .
الأمر الثالث : أن النعم تحتاج إلى شكر , والشكر تكليف على العبد , فناسب لفظ ( عليكم ) .
والمخاطبون بقوله : عليكم , هم المسلمون , وكفى لهم شرفاً أن يمتن الله عليهم بنعمه .
وقوله : ( نعمتي ) المفرد حين يضاف إلى الضمير فإنه يفيد العموم غالبا , ونعم الله متعددة , وقد أضيفت إلى الضمير , فتشمل جميع نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى .
وقد أضاف النعم إليه سبحانه , لأنه هو الـمُنعِمُ وحده جل جلاله {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } (53) سورة النحل .
وقد يكون أراد بالنعمة هنا نعمة إكمال الدين , وهي من أعظم النعم , وكل نعمة تحصل في الدنيا للمسلمين إنما هي متفرعة من هذه النعمة العظيمة .
ونلاحظ الفرق بين التعبيرين في الجملتين :
فالدين نسبه إلى المسلمين ؛ ليتحملوا الأمانة العظيمة , وأما النعمة فنسبها إليه سبحانه لا شريك له , لأن النعم منه وحده لا شريك له .
الوقفة الخامسة : قوله تعالى : " وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً "
لما بين سبحانه أنه أكمل الدين , وأتم النعمة , بين سبحانه ما هو الدين الذي كمله ؟
فبين هنا أنه الإسلام , ونسب الرضا إليه سبحانه , فإذا كان الله تعالى قد رضي لنا هذا الدين فأولى بالمسلمين أن يرضوه لأنفسهم , لأنه اختيار من لدن حكيم خبير أعلم بمصالحهم ومنافعهم .
وأي شرف للمسلم حين يعلن إسلامه , ويعتز به بأنه دين رضيه الله له , واختاره له ليتقرب به إليه , فهو الدين الأوحد عند الله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) سورة آل عمران , ولا يقبل الله من أحد دينا سواه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران .
وما دام أن الله تعالى قد رضيه لنا دينا , فهو أفضل دين وأعظمه كما قال تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء
وأتى بالجار والمجرور ( لكم ) ليبين أن هذا الدين مصلحة لكم , وفيه نفعكم في الدارين
وأصل التعبير : ورضيت الإسلام دينا لكم , فقدم الجار والمجرور لإرادة الاختصاص , أي لكم أيتها الأمة المحمدية , وليس لغيركم .
أو أن التقديم أفاد الاهتمام بالمخاطبين , ورفع مستوى التنبيه إلى أهمية هذا المرضي الذي سيأتي ذكره , وهو الإسلام .
فكأنه لما قال : ورضيت لكم .. تشرئب الأعناق لمعرفة ماذا رضي لنا ربنا ؟
فيأتي الجواب : الإسلام دينا .
فأي معانٍ سامية عظيمة حملتها هذه الجمل الثلاث التي نزلت يوم عرفة لتختم للمسلمين دينهم , ولتبين لهم أنه كامل إلى يوم القيامة فلا ابتداع , ولا نقصان .
فمن ابتدع ما ليس من الدين فقد استدرك على ربه سبحانه , ومن أنقص من الدين فقد اجترأ على دين الله , والموفق من اتبع ما أُنْزِلَ إليه من ربه دون زيغ أو ضلالة .

والله تعالى أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
10 / 9 / 1431 هـ
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 21-08-2010, 06:18 AM   #3
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
الوقفة الحادية عشرة : العدل فوق كل اعتبار :
قال الله تعالى : {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) سورة المائدة .
تتحدث الآية عن اليهود الذين آتاهم الله التوراة , وعن بعض صفاتهم السيئة , وقد صدرت الآية بصيغتي مبالغة : سَمّاعُون , وأكَّالُون , والآية أتت في سياق ذمهم وقبح أفعالهم , وقد سبق هذه الآية قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) سورة المائدة .
وهذه الآية تعطينا دلالة أكيدة على شنيع أوصاف اليهود مع ما آتاهم الله من علم الكتاب وهو التوراة , فحرفوا الكلم عن مواضعه , وكانوا سماعين للكذب ( مكررة مرتين ) , وهم الذين قالوا : يد الله مغلولة , وقالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء , وقالوا : عزيزٌ ابنُ الله , وقتلوا الأنبياء , وآذوا موسى عليه السلام , ومع كل هذه الجرائم العظيمة في حق الله تعالى وحق عباده وأوليائه إلا أن الله تعالى يأمر نبيه بأمر عظيم , وشأن خطير , يدل على القيمة السماوية التي جاء بها هذا الدين ليكون مهيمناً على الأديان كلها , ذلكم أن الله تعالى أمر نبيه بالعدل معهم " وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ " , فلا مجال للظلم هنا , فالعدل فوق كل اعتبار , ولا صوت يعلو فوق صوت العدل مهما يكن الخصم , ولا صوت يعلو فوق صوت حق الإنسان حينما يكون له حق , حتى ولو كان في الخسة والنذالة بمنزلة اليهود , فحين تحكم يا محمد بينهم فإياك والظلم لأن الله تعالى لا يحب الظالمين , بل الزم العدل والقسط معهم لأن الله تعالى يحب المقسطين العادلين .
أي دينٍ هذا ؟
وأي كتابٍ هذا ؟
وأي دستور هذا الذي يأمر بالعدل حتى مع أشد الأعداء ؟
إنه الإسلام .
إنه القرآن .

إنه الشريعة السماوية المحمدية التي ختم الله بها رسالته , وجعلها مهيمنة على الدين كله .
لقد كَفَلَ الله حقوقَ الإنسان – أي إنسان – وأنزل ذلك في كتابه وجعله شرعة ومنهاجاً للمسلمين , وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه , ذلكم حكم الله تعالى , ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون .
إن تحكيم شرع الله تعالى , والبعد عن الأهواء النفسية والسياسية والعِرقية والطائفية , وإقامة العدل بين الناس هو دستور هذه الأمة وشعارها التي جاء بها هذا الدين الحنيف {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } (48) سورة المائدة .
أين المنظمات العالمية التي تنادي بحقوق الإنسان لترى كيف كفل الله حقوق الإنسان كإنسان , وأمر بالعدل معه دون اعتبار لمصلحة أو عداوة { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } (58) سورة النساء . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة .
إن الإعراض عن هذا الدستور العظيم ( الحكم بشرع الله تعالى والعدل ) يؤدي إلى شريعة الغاب , وتفشي الظلم , والعودة إلى الحياة الجاهلية الأولى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة .
لقد أرسى الله تعالى قواعدَ العدلِ في كتابه , وبين أن أبرز ما يؤثر في العدل إما مرضاة أو عداوة , وجاء التركيز على هذين الأمرين في القرآن العظيم , فأمر بالعدل حال العداوة كما مر معنا في أكثر من آية في المائدة , وأمر بالعدل في حال المحبة والرضا كما في قوله تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } (152) سورة الأنعام , فأمرَ الله تعالى بالعدلِ ولو كان هناك ما يُنقصه , وهو القرابة , وهذه الآية من الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام التي تحث على العقيدة والخلق القويم .
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (135) سورة النساء
فانظروا كيف أمر الله بالعدل والقسط , ولو على الأنفس والوالدين والأقربين , وبيّن سبحانه أنّ عدم إقامة العدل مع هذه الطائفة إنما هو من اتباع الهوى ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي فلا تتبعوا الهوى بأن لا تعدلوا , ومن أعرض عن العدل فإن الله تعالى خبير بعمله , وهو سبحانه قادر على أخذ الحق منه .
فهل نحكم كتاب الله تعالى ونلزم العدل فيما نأتي ونذر , وفيما نحب ونكره , كي نكسب محبة الله تعالى ونبتعد عن غضبه ومقته ؟
والله تعالى أعلم .
11 / 9 / 1431 هـ
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 21-08-2010, 06:23 AM   #4
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
الوقفة الحادية عشرة : العدل فوق كل اعتبار :
قال الله تعالى : {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) سورة المائدة .
تتحدث الآية عن اليهود الذين آتاهم الله التوراة , وعن بعض صفاتهم السيئة , وقد صدرت الآية بصيغتي مبالغة : سَمّاعُون , وأكَّالُون , والآية أتت في سياق ذمهم وقبح أفعالهم , وقد سبق هذه الآية قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) سورة المائدة .
وهذه الآية تعطينا دلالة أكيدة على شنيع أوصاف اليهود مع ما آتاهم الله من علم الكتاب وهو التوراة , فحرفوا الكلم عن مواضعه , وكانوا سماعين للكذب ( مكررة مرتين ) , وهم الذين قالوا : يد الله مغلولة , وقالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء , وقالوا : عزيزٌ ابنُ الله , وقتلوا الأنبياء , وآذوا موسى عليه السلام , ومع كل هذه الجرائم العظيمة في حق الله تعالى وحق عباده وأوليائه إلا أن الله تعالى يأمر نبيه بأمر عظيم , وشأن خطير , يدل على القيمة السماوية التي جاء بها هذا الدين ليكون مهيمناً على الأديان كلها , ذلكم أن الله تعالى أمر نبيه بالعدل معهم " وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ " , فلا مجال للظلم هنا , فالعدل فوق كل اعتبار , ولا صوت يعلو فوق صوت العدل مهما يكن الخصم , ولا صوت يعلو فوق صوت حق الإنسان حينما يكون له حق , حتى ولو كان في الخسة والنذالة بمنزلة اليهود , فحين تحكم يا محمد بينهم فإياك والظلم لأن الله تعالى لا يحب الظالمين , بل الزم العدل والقسط معهم لأن الله تعالى يحب المقسطين العادلين .
أي دينٍ هذا ؟
وأي كتابٍ هذا ؟
وأي دستور هذا الذي يأمر بالعدل حتى مع أشد الأعداء ؟
إنه الإسلام .
إنه القرآن .

إنه الشريعة السماوية المحمدية التي ختم الله بها رسالته , وجعلها مهيمنة على الدين كله .
لقد كَفَلَ الله حقوقَ الإنسان – أي إنسان – وأنزل ذلك في كتابه وجعله شرعة ومنهاجاً للمسلمين , وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه , ذلكم حكم الله تعالى , ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون .
إن تحكيم شرع الله تعالى , والبعد عن الأهواء النفسية والسياسية والعِرقية والطائفية , وإقامة العدل بين الناس هو دستور هذه الأمة وشعارها التي جاء بها هذا الدين الحنيف {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } (48) سورة المائدة .
أين المنظمات العالمية التي تنادي بحقوق الإنسان لترى كيف كفل الله حقوق الإنسان كإنسان , وأمر بالعدل معه دون اعتبار لمصلحة أو عداوة { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } (58) سورة النساء . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة .
إن الإعراض عن هذا الدستور العظيم ( الحكم بشرع الله تعالى والعدل ) يؤدي إلى شريعة الغاب , وتفشي الظلم , والعودة إلى الحياة الجاهلية الأولى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة .
لقد أرسى الله تعالى قواعدَ العدلِ في كتابه , وبين أن أبرز ما يؤثر في العدل إما مرضاة أو عداوة , وجاء التركيز على هذين الأمرين في القرآن العظيم , فأمر بالعدل حال العداوة كما مر معنا في أكثر من آية في المائدة , وأمر بالعدل في حال المحبة والرضا كما في قوله تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } (152) سورة الأنعام , فأمرَ الله تعالى بالعدلِ ولو كان هناك ما يُنقصه , وهو القرابة , وهذه الآية من الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام التي تحث على العقيدة والخلق القويم .
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (135) سورة النساء
فانظروا كيف أمر الله بالعدل والقسط , ولو على الأنفس والوالدين والأقربين , وبيّن سبحانه أنّ عدم إقامة العدل مع هذه الطائفة إنما هو من اتباع الهوى ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي فلا تتبعوا الهوى بأن لا تعدلوا , ومن أعرض عن العدل فإن الله تعالى خبير بعمله , وهو سبحانه قادر على أخذ الحق منه .
فهل نحكم كتاب الله تعالى ونلزم العدل فيما نأتي ونذر , وفيما نحب ونكره , كي نكسب محبة الله تعالى ونبتعد عن غضبه ومقته ؟
والله تعالى أعلم .
11 / 9 / 1431 هـ
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 22-08-2010, 09:17 AM   #5
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
الوقفة الثانية عشرة : أتباع الأنبياء وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى : {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ} سورة المائدة .
قرأتُ هذه الآيات الكريمة وتعجبت من جرأة الحواريين الذين طلبوا من نبي الله عيسى عليه السلام طلباً غريباً لدرجة أن عيسى عليه السلام أمرهم بالتقوى , وذكرهم بإيمانهم .
ما هذا الطلب العجيب ؟
إنه مائدة من السماء ينزلها الله عليهم مملوءة طعاماً .
لماذا ؟
لأربعة أسباب :
1. ليأكلوا منها .
2. لتطمئن قلوبهم بأن الله أرسل عيسى إليهم , أو لأن الله قد اختارهم لدعوته , أو تطمئن بأن الله قد أجاب دعاءنا ... [ تفسير القرطبي : 6/236 ] .
3. أن يعلموا أن عيسى صادق بادعاء الرسالة .
4. أن يكونوا شهداء لله بالوحدانية , ولعيسى بالرسالة , وقيل : نشهد بها لك عند مَنْ لم يَرَها إذا رجعنا إليهم .

هذه أربعة أسباب دعت الحواريين لطلب المائدة , والحواريون هم أتباع عيسى المخلصون له , وهم الذين نصروه وآووه وأخلصوا بالإيمان ({فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) سورة آل عمران
فقوم بهذه المنزلة عند نبي الله عيسى عليه السلام يطلبون منه هذا الطلب الغريب ؟
بل زادوا بذلك طريقة السؤال العجيبة :
1. مناداة نبي الله باسمه دون لقبه : يا عيسى بن مريم ..
2. الاستفهام بقدرة الله تعالى : هل يَستطيعُ ربُّك ؟ وهذا فيه سوء أدب مع الله تعالى
, وقد حاول بعض المفسرين أن يعتذر لهم بأنهم قصدوا : هل يطيعُك ربُّك , لأن يستطيع بمعنى يطيع , كما صارت : استجاب بمعنى : أجاب .
وهذا القول فيه نظر : لأنه لو كانت بهذا المعنى لكان اللفظ : هل يستطيعُكَ ربُّك .
على أن بعض المفسرين قد اعتذر للحواريين أيضاً بأن طلبهم هذا كان في أول إيمانهم , وقبل أن يستحكم الإيمان في قلوبهم , وهذا قول له وجه , ولكنه يظل افتراضياً .
ولم يكن من نبي الله تعالى الرحيم بأمته إلا أن يستجيب لطلب قومه فيدعو الله تعالى بأن ينزل عليهم مائدة من السماء تكون لهم عيداً يفرحون فيها كلهم صغيرهم وكبيرهم وأولهم وآخرهم , وآية منه وحجة على قومه , خاتماً دعاءه بلغة النبي العارف بربه سبحانه : وارزقنا وأنت خير الرازقين .
ولأن الطلب عظيم , والله تعالى لا يعجزه شيء , فقد استجاب دعاء نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم مبيناً سبحانه أن من لم يؤمن بعد هذه الحجة القاطعة , والدليل الصريح فإن الله سوف يعذبه عذاباً لم يسبق ولن يسبق أن وقع على أحد من الناس .
أقرأ هذا العرض السريع لأخلص أتباع عيسى عليه السلام وأكثرهم طاعة وإيماناً فأتذكر مواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اصطفاهم لصحبة خاتم النبيين , حيث كانوا يسلمون أمرهم إليه , ولا يمكن أن يدرج الشك إلى قلوبهم حتى في أحلك الظروف وأقساها , بل كانوا مصدقين مذعنين استحقوا قول الله تعالى فيهم : {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (22) سورة الأحزاب , واستحقوا قول الله تعالى فيهم : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (51) سورة النــور .
واستحقوا قول الله تعالى فيهم : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (100) سورة التوبة .

والآيات في فضل صحابة محمد صلى الله عليه وسلم وطاعتهم له وإذعانهم لقوله كثيرة عند المتأمل , وربك يخلق ما يشاء ويختار .
مواقف لغوية سريعة :
يستطيع ربُّكَ : قرأ الجمهور ( يستطيعُ ربُّك ) بالياء والرب فاعل , وقرأ الكسائي : تستطيعُ ربَّك , بالتاء خطاباً لعيسى , ورب مفعول به , والمعنى : هل تستطيع أن تسأل ربك , أي هل تفعل ذلك لنا كما تقول للرجل : هل تستطيع أن تكلمني وأنت تعرف أنه يستطيع لأنك تريد : هل تفعل ذلك . [ الكشف عن وجوه القراءات السبع : 1 / 422 ] .
المائدة : الْخُِوان ( بكسر الخاء وضمها ) الذي عليه الطعام , قال قطرب : لا تكون المائدة مائدةً حتى يكون عليها طعام , وإلا فهي خُِوان , وأصلها من الميد وهي الإعطاء والميرة والإطعام [ لسان العرب ( ميد ) 3 / 411 ]
ومائِدَة فاعلة , وسميت بذلك لأنها تُطْعِم الآكلين منها , ويسمى الطعام مائدةً تجوزاً كما يسمى المطر سماء . [ تفسير القرطبي : 6 / 237 ] .
( نريد أن نأكل منها ) المصدر المؤول من ( أن والفعل في محل نصب على المفعولية ) والتقدير : نريد الأكل منها , والفعل : نأكل منصوب بأن , وقد عطفت عليه الأفعال بعده فأصبحت منصوبة : " وتطمئنّ , ونعلمَ , ونكونَ " .
وقوله : ونعلم أن قد صدقتنا ( أنْ ) هنا : مخففة من الثقيلة , وهي مصدرية وأصلها : ونعلم أنك قد صدقتنا , والمعنى :ونعلم صدقك , لأن المصدر المؤول في محل نصب سد مسد مفعولي عَلِمَ , ولعلنا نلحظ أن الحواريين لم يصلوا لدرجة العلم واليقين إلا بعد أن رأوا المائدة , بخلاف الصحابة الكرام الذين آمنوا برسول الله وصدقوا كلامه دون أن يطلبوا منه مثل هذا الطلب .
قوله : اللهم ربنا , هذان نداءان : أصلهما : يا ألله , ويا ربنا .
فأما الأولى فحذفت ياء النداء مع لفظ الجلالة وعوض عنها ميم في الآخر ( اللهُمَّ ) , وهو منادى مبني على الضم لأنه مفرد علم , وربنا : منادى آخر ( عند سيبويه ) منصوب على الفتح لأنه مضاف .
تكون لنا عيداً : ( لنا ) حال من كلمة عيداً , وأصلها نعت له , ولما قدمت عليه صارت حالاً , ولأولنا وآخرنا : بدل من ( لنا ) , وكأنه تفصيل للعموم , فلما قال : لنا , كان الضمير جمعاً مطلقاً , فجاء بالتفصيل بعده .
( فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه )
لدينا فعلان متكرران في اللفظ لكنهما مختلفان في المعنى : أعذبه , فهو في الأول يعود على من يأكل ولم يؤمن , والضمير يكون مفعولاً به منصوباً , وفي الثاني يعود الضمير على العذاب : أي لا أعذب هذا العذاب أحداً , ويكون الضمير نائباً عن المصدر ( وينصب على المفعول المطلق ) , وجملة لا أعذبه نعت لكلمة ( عذاباً ) أي أن هذا العذاب لن يحل بقوم آخرين , كما تقول : سأضربك ضربا لم أضربه أحداً من قبل .
والله تعالى أعلم وأحكم .
12 / 9 / 1431 هـ
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 23-08-2010, 11:46 PM   #6
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537


الوقفة الثالثة عشرة : اقتداء الفاضل بالمفضول :

قال الله تعالى : {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} (90) سورة الأنعام .
تتحدث هذه الآية عن أنبياء الله تعالى الوارد ذكرهم في سورة الأنعام , وأن الله هداهم وأمر نبيهم بالاقتداء بهم .
فاسم الإشارة : أولئك يعود على أنبياء الله تعالى المذكورين قبل هذه الآية , وذلك في لآيات التالية : {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ , وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ , وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ , وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (83-86) سورة الأنعام .
وهؤلاء الأنبياء عليهم السلام هم صفوة خلقه , منذ بدء الخليقة إلى نهايتها , وأفضلهم وأكرمهم وأشرفهم هو خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم , ومع ذلك فإن الله تعالى يأمر هذا النبي العظيم بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء , ولو كانوا أقل منه منزلة , لأن الحق أحقُّ أن يُتَّبَع .
والسورة الكريمة ( سورة الأنعام ) مليئة بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالأنبياء قبله , والاتعاظ بسيرتهم , لأنهم واجهوا في ذات الله من العَنَتِ والضيق من قومهم مثل ما واجهه صلى الله عليه وسلم فصبروا واحتسبوا , فليكن في ذلك قدوة لك يا محمد على صبرك واحتسابك .
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} (10) سورة الأنعام , {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ } (34) سورة الأنعام .
وإن قصص الأنبياء عليهم السلام تثبيت لمقام خاتم المرسلين , لأن له فيهم أسوة حسنة , {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (120) سورة هود .
نعود للآية في أول الوقفة .
الآية مبدوءة باسم الإشارة ( أولئك ) وهو مكون من ( أولاء ) وكاف الخطاب , وهو جمع لاسم الإشارة : ذا , وقد يبدأ بهاء التنبيه فيقال : هؤلاء , ولكن حين تأتي كاف الخطاب في آخرها فإن الهاء في أولها تحذف لئلا تجتمع الزوائد على اسم الإشارة , فلا يقول : هؤلائك .
واسم الإشارة هنا يعود على الأنبياء , فَتَمَّ جَمْعُه , والمخاطب به واحد وهو محمد صلى الله عليه وسلم , فتم إفراد حرف الخطاب وهو الكاف , ولو كان المخاطب جماعة ذكور أو جماعة إناث لأتى الضمير مطابقاً لحال المخاطبين كما قال تعالى : {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ} (43) سورة القمر .
والبدء باسم الإشارة هنا دال على تعظيم المشار إليه كما قال تعالى : {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (2) سورة البقرة , {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } (88) سورة الأنعام .
ثم أتى بعد اسم الإشارة اسم الموصول : الذين , وهو اسم مبهم لا يفهم إلا بصلته , وأتت الصلة بأعظم وصف وأشرفه , فقال : الذين هَدَى الله , أي هداهم الله , فأتى بالفعل مجرداً عن ضمير المفعول , ومتصلاً بالفاعل , ربما لعظم اتصال الهداية بالله تعالى , ولأن المهديين ( وهم الرسل ) معروفون بما سبق من الآيات , فلم يُحْتَجْ إلى إعادة الضمير , إضافة إلى أن الضمير مكني عنه قبلاً باسم الإشارة الدال على التعظيم .
ثم قال سبحانه : فَبهداهم اقتدِه , الفاء سببية تدل على أن ما بعدها مُسَبَّبٌّ عما قبلها , أي أن هداية الله سبب للأمر بالاقتداء , والجار والمجرور ( بهداهم ) متعلق بالفعل بعده ( اقتدِ ) وقُدِّمَ الجار والمجرور لإرادة الحصر , أي لا تقتدِ إلا بِهُداهم , كما قال تعالى : { وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (122) سورة آل عمران .
ونسبة الهُدى إلى الأنبياء بعد نسبته إلى الله فيه إضافة تشريف لأنبيائه عليهم السلام .
ثم ( اقْتَدِ ) أمرٌ من الله لنبيه بأن يقتديَ بهؤلاءِ القوم العظماء .
والهاء هنا للسكت , وهو ما يسمى بالوقف , كما قال تعالى : { لَمْ يَتَسَنَّهْ } (259) سورة البقرة .
وكأن الله تعالى أراد أن يبين أن الصلة بين محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء تنتهي بالاقتداء , ونِعمَ القدوة والمقتدِي والمقْتَدى به .
ومن خلال هذا العرض الموجز للآية يتبين لنا كيف أن الله تعالى يأمر نبيّه أ يقتدي بمن دونه في الفضل ؛ لأنهم على الحق والهدى , ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة , فَحَقٌّ على المسلم أن يَقْبَلَ الحقَّ مهما كان , وأن يقتدِيَ بِمَن يحمل الحق ولو كان أقل منه فضلاً أو علماً .


13 / 9 / 1431 هـ



__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 24-08-2010, 06:43 AM   #7
يرموك
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 206
بارك الله فيكم يا شيخ علي، فنحن أحوج ما نكون في شهر القرآن إلى مثل هذه الفتوحات الربانية.
* وها هنا إضافة فائدة بالنسبة لدعاء الصائم؛ فإن الأحاديث المرفوعة فيه لا تخلو من مقال، بل قيل إنه لم يصح في ذلك شيء، لكن لعل الأمر كان مشهورًا عند السلف.
ثم إن إدخال آية الدعاء بين آيات الصيام له دلالة لمن تأمله، قال ابن كثير في تفسيره -(1/509)-: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام؛ إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر..."، ثم ساق عددًا من الأحاديث الواردة في ذلك .
يرموك غير متصل  
قديم(ـة) 24-08-2010, 06:56 AM   #8
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
شكراً أخي ( يرموك ) على إطلالتك , وجزاك الله خيراً على ما أتحفتنا به من فوائد جليلة .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)