بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الفرج بعد الشدة (رؤية حول الأسهم)

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 25-03-2006, 07:04 PM   #1
د. صالح التويجري
إمام وخطيب جامع الروّاف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
الفرج بعد الشدة (رؤية حول الأسهم)

بسم الله الرحمن الرحيم
الفرج بعد الشدة (رؤية حول الأسهم)
د. صالح بن عبد العزيز التويجري
17-2-1427هـ
جامع الرواف ببريدة - حي الربوة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله، وصفيه وخليله. بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده. صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد..
عباد الله: إن الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب والبلايا والشدائد والنكبات، إن صفت يوماً كدرت أياماً، وإن أضحكت أبكت ، فلا تدوم على حال (وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ) [آل عمران:140]. فقر وغنى، عافية وبلاء، صحة ومرض، عز وذل. وحيث لا يزال قلب ابن آدم شاباً في اثنتين: حب الدنيا وطول الأمل فقد طرأت على الناس أنماط تجارية لم يألفوها وقفزات في الأرصدة أطارت الافئدة ... زاد في الأزمة تأرجح في الموقف الشرعي على أن الورع والسلامة لا يعدلهما شيء.
أيها المؤمنون: لقد مر كثير من الناس بأزمة في سوق الأسهم كادت تعصف بهم؛ بل عصفت ببعضهم. وربما انجر شرها إلى من هم حول الشخص المصاب كما سيأتي وها قد جاء الفرج. فماذا بعد المصائب؟
لقد قص الله سبحانه من قصص تفريج كربات أنبيائه عند تناهي الكروب فنجى نوحا ومن معه في الفلك، ونجى إبراهيم من النار، وفدى ولده بذبح عظيم ، ونجى موسى وقومه من اليمّ، وقصة يونس وقصص محمد – عليه وعلى جميع الأنبياء المرسلين أفضل الصلاة وأتم التسليم – مع أعدائه، كقصة الغار ويوم بدر والأحزاب وحنين.
يقول الضحاك بن قيس رضي الله عنه: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس عليه السلام كان يذكر الله تعالى، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى عنه: (فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبّحِينَ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات:143-144].
أخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث ابن رزين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيِرَه ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب". إن الشدائد تستجيش مكنون القوى ومذخور الطاقة، وتفتح في القلب منافذ ومسارب ما كان يعلمها المؤمن في نفسه إلا تحت مطارق الشدائد. فالالتجاء إلى الله وحده حين تهتز الأسناد كلها. وتتوارى الأوهام وهي شتى، ويخلو القلب إلى الله وحده. لا يجد سنداً إلا سنده وفي هذه اللحظة تنجلي الغشاوات وتتفتح البصيرة وينجلي الأفق.
(وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المفلحون). [البقرة: 155-157]
من هنا يأتي الفرج، وعند المضائق يأتي دور الاستخارة، وأهميتها. مع تقليل الاستشارة التي تذبذب القرار.
عباد الله: إن على المسلم العاقل ألا يجعل من الأزمات سبباً لتوسيع دائرة المشكلة، ويجر إليها أسرته: زوجةً وأولادًا وأهلًا وأقارباً. فيصبح جاهزاً لافتعال أي مشكلة بمجرد قليل من الاستفزاز غير المقصود ممن حوله. فالمشاكل الأسرية قنابل موقوتة، وألغام مدفونة تثيرها الأزمات. فالحذر الحذر. وقد عاشت بعض الأسر شيئا من الأذى بلا ذنب.
وإن من الدروس والعبر التي يقطفها الفطناء ويستقيها أولوا الألباب من كوارث الدهر ألا يجعل البيض في سلة واحدة، وليضرب من كل غنيمة بسهم، وكما هو التنويع في الأعمال الصالحة والقرب؛ يكون ذلك في الجانب المادي أيضا، وكذلك التنوع في المهن والنواحي الاجتماعية حتى في الأصدقاء؛ فصديق للاستشارة، وآخر للمناصحة، وثالث ملاذا بعد الله في الأزمات، وبهذا تكتمل شخصية العاقل بتنوع المؤثرات من حوله ما لم يجنِ ذلك على التخصص والتميز في فنٍّ يليق به.
عباد الله: أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم غرز عوداً بين يديه، وآخر إلى جنبه وآخر بعد، فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا الإنسان، وهذا الأجل – أراه قال – وهذا الأمل فيتعاطى الأمل، ويختلجه الأجل دون الأمل)) .
قال علي رضي الله عنه: "إنما أخشى عليكم اثنتين: طول الأمل، واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق".
كم من مستقبل يوما لا يستكمله، ومنتظر غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره. [شرح السنة 14 / 286.].
وإن من الدروس التي يستفيدها الإنسان ألا يبالغ في الأمل والخيال. كما لا يبالغ في اليأس والقنوط.
ومتى فرح الإنسان بنعمة وهبها الله له، فليتذكر أصحاب المآسي والمصائب من حوله. حتى يعتدل فرحه.
إن فرح الإنسان للآخرين حتى كأنه يعيشه هو فرح له يعوضه عن الخسائر، ويقضي على ضغناء القلوب وحسدها والفرح والشماتة بمصائب الآخرين، ويدفعها إلى الاستبشار بالخير سواء وقع في يدك أو يد أخيك. وبهذا تطيب للمستبشرين. حين تحب لأخيك ما تحب لنفسك كما هي صفات المؤمنين بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه. إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أما بعد..
عباد الله: الربا شح، وقذارة ودنس، وأثرة وفردية. ولم يبلغ من تفظيع أمر أراد الإسلام إبطاله من أمور الجاهلية ما بلغ من تفظيع الربا، ولا بلغ من التهديد في اللفظ والمعنى ما بلغ التهديد في أمر الربا. والبشرية الضالة التي تأكل الربا وتوكله تنصب عليها البلايا الماحقة جراء هذا النظام الربوي، في أخلاقها ودينها وصحتها واقتصادها. فالله تعالى مالك الكون، استخلف الجنس الإنساني في هذه الأرض، ومكنه مما ادخر له فيها من أرزاق على عهد منه وشرط. ولم يترك له الأمر فوضى، وإنما في إطار من الحدود الواضحة. منها أن يلتزم في تنمية أمواله وسائل لا ينشأ عنها الأذى للآخرين. ولا يكون من جرائها تعويق أو تعطيل لجريان الأرزاق بين العباد. يقول الله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة: 275] ويقول سبحانه: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) [البقرة: 276]؛ فما من مجتمع يتعامل بالربا ثم تبقى فيه بركة أو رخاء أو سعادة وطمأنينة - وقد ترى العين هذا في ظاهر الأمر- لكن البركة ليست بضخامة الموارد بقدر ما هي في الاستمتاع الطيب الآمن بهذه الموارد. عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وشاهديه وكاتبه، وقال: هم سواء. أخرجه مسلم وأحمد.
لقد ترك الله لآكل الربا ما سلف إن هو تاب وحثه على التوبة، وأوكل ذلك إلى إيمانه. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون) [البقرة: 278-279] حرب رهيبة معروفة المصير، مقررة العاقبة.. فأين الإنسان الضعيف الفاني من هذا الوعيد.
ألا وإن الاحتيال على الربا لا يقل خطورة عنه؛ بل الاحتيال صفة من صفات اليهود الذين ذمّهم الله عليها في كتابه؛ بل جعل عاقبة أصحاب السبت أن مسخهم قردة خاسئين بسبب تحايلهم وعدوانهم. إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم. فرصدوا شباكهم يوم الجمعة ليقع فيها صيدُ السبت ثم أخذوها يوم الأحد وقالوا: لم نصد يوم السبت. قال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ). [البقرة: 65-66]، ويقول صلى الله عليه وسلم: قاتل الله اليهود، لما حرم الله عليهم شحوم الميتة جملوه –أي: أذابوه- ثم باعوه -ودكاً- فأكلوا ثمنه". متفق عليه. إن الحيلة على الأمور المحرمة لا تقلبها حلالاً؛ بل تزيدها شدة وقبحًا.
وفي الربا تكريس البطالة، وفيض المال بلا عناء، والزهد بالعمل الجاد المثمر، وإغلاق أبواب التجارة المادية الملموسة, إلى معنوية رقمية وهمية مغشوشة.
أيها المسلمون: إن وقوع المصائب المادية والكوارث الاقتصادية محطات يحاسب المرء فيها نفسه عن مصداقية التكسب، وشرعية التعامل، والإجمال في الطلب, ولا يخفى على كل مسلم أن طيب المكسب سبب لإجابة الدعاء، وأيما جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
عباد الله: لكل تجارة ومهنة فن وتخصص وأصول تجري عليها. فالتجارة العشوائية التي يدخل فيها المستثمر دون أي استعداد سابق - يتم فيه تعلم أصولها وقراءة واقعها ومتغيراتها- مؤشر كاف لخسارة المال.
فهل يُعنى المستثمرون الجدد في سوق الأسهم بأخذ دورات في فنونه قبل الخوض في مغامراته المُرَّة؟
وما مدى مسؤولية الجهات المختصة في تثقيف الناس، وبيان خطورة الخوض في ميدانها دون سابق علم، ونشر ثقافة التعامل مع متغيراتها، والتحلي بأخلاقياتها عسى أن تسموا كل جهة بحماية مرتاديها، والحيلولة دون ابتزاز الأقوياء للضعفاء، والأذكياء للمغفلين، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني إذا بايعت غُلبت ( لعدم فقه التجارة أو الخرق فيها) فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا بايعت أحدا فقل لا خلابة" . (ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). ويقول صلى الله عليه وسلم : (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا). (الدعاء).
__________________
1) الملاحظات.
2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع.

الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني:
saleh31@gmail.com

حفظكم الله ...
د. صالح التويجري غير متصل  


قديم(ـة) 25-03-2006, 07:24 PM   #2
الصارخ
عـضـو
 
صورة الصارخ الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2001
البلد: الخليج العربي
المشاركات: 1,875
بارك الله فيك ياشيخ ..
العجيب في الأمر أن الأسهم عاودة النزول !!
الله يوفق الجميع
__________________
وقل ربي زدني علما
الصارخ غير متصل  
قديم(ـة) 25-03-2006, 10:39 PM   #3
الظـــامي
عـضـو
 
صورة الظـــامي الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: بــــــريدة
المشاركات: 535

بورك فيك شيخنا الفاضل ..

أحسنت حضورا وحروفا ..

كلمات وحروف من ذهب ...

نسأل الله للجميع التوفيق والسداد ..

وأن يستفيدوا من هذا العرض الموفق عن الموضوع ...

تقبل تقديري ...

__________________
من إستأنس بالله إستوحش من خلقه
لا أحد أعظم من الله
ولا كلام أعظم من كلام الله

ولا أحد أعلم بالله من الله
الظـــامي غير متصل  
قديم(ـة) 25-03-2006, 11:57 PM   #4
ولد المريدسية
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2003
المشاركات: 659
جزاك الله خيـــــراً شيخنــا صالح..


لا زلت أتذكر تلك الدورة التي أقيمت للأئمة والمؤذنين قبل عشر سنوات..


كانت تلك هي بداية الانطلاق للتعرف بك ، لكن ليس عن قرب..


آمـــل أن يكون القرب قريباً..
ولد المريدسية غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)