[عاشق المجد]

تجتاح حمى كأس العالم الجماهير في كل مكان هذه الأيام· وترتفع الأعلام الحمراء والخضراء والبرتقالية مرفرفة بين جماهير عشاق الكرة في أرض الملاعب، وبين جماهيرها المحتشدة في شوارع عواصم الدول المشاركة· لقد أصبحت الكرة وهوسها بحق معبّرين عن الشعور الجياش في عدد كبير من دول العالم· وبينما تحتفل الجماهير الفائزة بلاعبيها وكأنهم عائدون من غزو إسبارطة، فإن جماهير الفرق الخاسرة يعمها الحزن العميق لما أصاب فرقها من عثرة يأملون في أن تكون عثرة مؤقتة لمحارب لا يهزم·
وتشارك الصحافة في حشد الرأي العام في مقابلاتها المتتالية مع اللاعبين، وترفعهم إلى درجة عالية من الكمال لا يصل إليها أي زعيم دولة معاصرة·
ولقد كان الحزن عميقاً حين خسر المنتخب السعودي خسارة مدوية أمام المنتخب الألماني، وتساءل الكثيرون هل نحن بالفعل أهلاً للدخول الى حلبة المونديال بين اثنين وثلاثين فريقاً من أفضل منتخبات العالم، أم أن الصدفة وحسن الطالع هما اللذان قادانا إلى المونديال؟
الرياضة صناعة وتجارة عظيمة، ويصرف الكثير من الأموال على الفرق واللاعبين والمدربين والملاعب· وفي بلاد مثل بلادنا لا يتوافر لديها الكثير من وسائل الترفيه البريء للشباب، فإن الرياضة، خاصة كرة القدم، تملأ فراغاً عاطفياً ووظيفة مهمة لاطلاق عنان الطاقات الكامنة لدى هؤلاء الشباب· وهذه الرياضات الجماعية وسيلة مهمة للتنفيس عن مشاعر الشباب وطاقاتهم وهي في هذا تقوم بوظيفة ايجابية مميزة· ولكن الدور الإيجابي للرياضة لا يكمن فقط في حضور المباريات وتشجيع المنتخبات، بل يجب أن يشمل ذلك اشراك الشباب في ملاعب مجهزة على مستوى الأحياء، يستطيع الشباب أن يفرغ عن طريقها الطاقة الحيوية، ويبرزوا كأشبال يمكن ان تطور قدراتهم فيما بعد ليصبحوا نجوماً مرموقين في أنديتهم·
والشيء المحزن أن الرياضة المؤطرة والمؤدلجة قد أصبحت اليوم تجارة رابحة، ومثلها في ذلك مثل أية تجارة أخرى، فهناك كاسبون وخاسرون· فصناعة الإنشاءات والمقاولات قد كسبت أموالاً ضخمة من تخصيص الميزانيات لبناء الملاعب والمجمعات الرياضية الضخمة، وكذلك فعل اللاعبون الأجانب الذين يحصلون على عقود ضخمة كي يلعبوا عدة أشهر في صفوف الأندية المحلية· وبعض منهم كان صفقة خاسرة، فإما أنه لم يكن النجم المشهور اذا الصيت والسمعة، أو أنه كان مصاباً أو محالاً على التقاعد في فرق بلاده الأصلية·
ومثلما يكسب اللاعبون الأجانب، فإن الوسطاء التجاريين الذين يعرضون خدمات الوساطة بين الفرق المحلية واللاعبين الأجانب، قد حصلوا أيضاً على جزء من الكعكة الدسمة· وما ينطبق على اللاعبين ينطبق أيضاً على المدربين ذوي الصيت والسمعة الذين يستقدمون من أركان العالم الأربعة ليشرفوا على تدريب شباب صغار في السن، فقدوا حماسهم للعب في وقت مبكر، وأصبح هاجسهم الرئيسي جمع أكبر قدر من أموال الأندية والمشجعين·
والحقيقة أن الأندية الخليجية لم يعد لديها الكثير من الأموال لصرفها على هؤلاء اللاعبين والمدربين· فعندما كانت هذه الأندية غنية بأموال رؤسائها ومجالس إداراتها، كانت تلبي رغبات هؤلاء الإداريين في الظهور على مانشيتات الصحف وشاشات التليفزيون، وساعدت في تعريف جميع طبقات المجتمع بالنخب الغنية الجديدة·
وتنافس هؤلاء الاداريون للفوز بمقاعد مجالس الادارة، وكأنما هم طبقة سياسية تسعى للوصول إلى زعامة حزب سياسي جماهيري·أما اليوم وبعد أن تناقص الدعم المالي الحكومي لهذه الأندية، فإن هناك حديثاً عن خصخصتها، والتخلي عن استقدام اللاعبين الأجانب·
وفي إطار أيديولوجية السوق الجديدة، فإن على هذه الأندية أن تتحول إما إلى شركات مساهمة، أو أن تعود إلى وظيفتها الأساسية كأندية محلية للهواة· وربما اتجهت الأندية الغنية إلى المسار الأول، واضطرت الأندية المغمورة إلى سلوك المسار الثاني، مرغمة على ذلك بقلة إمكاناتها المادية·
علينا أن نعترف بأن فرقنا لا تمثل فرقاً عريقة مثل مانشيستر يونايتد، أو يوفنتوس، وأننا يجب أن نلعب كرة القدم وغيرها من الرياضات الفردية والجماعية لعشقنا لممارسة الرياضة على مستوى اجتماعي· أما اذا استمررنا في طريق أدلجة الرياضة ودفعها في منحى تجاري، فإننا نكون قد فقدنا الروح الأساسية للرياضة، والتي تعبر عن روح الشعوب، وتقبل الكسب والخسارة· نحن نعشق المنتخب السعودي والمنتخبات العربية الأخرى، ولكن يجب ألا ننساق في هوس جماعي خلف كرة القدم

[الإمبراطور]

أصبح المنتدى شموساً وأقمارا
وفي كل يوم يزداد المنتدى إبداعا
والمجد إنما يرتقب من عشّاقه
ويلوح بك ياعاشق المجد
شكراً لك
لافض فوك ولافقدك محبوك