|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
إذا طل منا سيد قام سيد..!
بقلم د. حسن بن فهد الهويمل أيها المفجوعون. أيها المنتحبون. أيها المصابون. تماسكوا، واجتازوا مرحلة الصدمة بالصبر والسلوان، وقول ما يرضي الله، لتتحقق لكم صلواته ورحمته وهدايته. {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155، 156، 157). إذ لم يعد الوقت متسعاً للنحيب، ولا محتملاً للانكسار، ولا مناسباً للارتباك. لقد كانت وفاة الملك فهد صدمة مذهلة، ورحيله فاجعة مؤلمة، ولكننا على يقين أن {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (الأنبياء: 35)، ولقد أكد الله لرسوله أنه ميت {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (الزمر: 30) {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ} (الأنبياء: 34). وإذ أقبل أبو بكر يجر رداءه، ليعلن موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يعلن بموته موت الأمة، وإنما جاء ليربط الأمر بمن لا يموت (ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت). لقد وقفت قوة الإيمان وقوة الإرادة وجهاً لوجه أمام حدث جلل. قوة الإيمان عند أبي بكر. وقوة الإرادة عند عمر. كانت قوة الإرادة بشرية، فخارت أمام المصاب الفادح، أما القوة الإيمانية فقد صمدت، وتجاوزت المحنة، (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت). ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (آل عمران: 144). واليوم نحن بحاجة إلى قوة الإيمان، فقوة الإرادة قد تخور، وتحملنا على فقد توازننا، وارتباك أوضاعنا. ذلك أن الملك فهد -رحمه الله- ، لم يكن ملكاً، يقبع وراء أبهة الملك، ولم يكن عابر سبيل، إنه الأب والقائد والتاريخ، إنه الإنسان الذي عرفناه، وعرفنا فيه الرائد الذي لا يكذب أهله. - رجل المبادرات. - رجل الملمات. - رجل الخبرة والمسؤوليات المتعددة. لقد تسلمت -رحمه الله- عدة حقائب وزارية، ولم يغب عن المشاهد المحلية والعربية والإسلامية والعالمية منذ نعومة أظفاره. وكان حكمه الذي امتدّ لأكثر من عقدين ذروة المسؤولية في حياته العملية، ومن ثمّ فقد وظّف كل خبراته وتجاربه لقيادة الأمة في ظروفٍ استثنائية يمر بها العالم، ظروف وسعت حروباً طاحنة، وسقوط إمبراطوريات عملاقة، وفشل مشاريع ثورية وقومية واشتراكية وقطرية وإرهاباً، ونزاعات واعتداءات وانهيارات اقتصادية، فكان الربان المحنك، الذي أرسى السفينة على شاطئ الأمان. وإذا قضى الله أن يترجل من مركز القيادة، فقد شاءت إرادته أن ينهض إليها رجل مثله، قضى حياته بالعمل، واكتسب الخبرات، وألم بالمسؤوليات. وقدر بلادنا الحميد أن تكون فوق هام السحب، لها حضورها الفاعل على كل الصعد. وأي حدثٍ جلل يمر بالمشهد السياسي العالمي، يكون لبلدنا معه شأن كبير. ووفاة شخصية كالملك فهد لابد أن يقف العالم كله، لينظروا ماذا سيكون. وما علموا أن السياسة هي السياسة، وأن المواقف هي المواقف. ومنذ أن أرسى الملك عبدالعزيز دعائم الملك، وأبناؤه من بعده يترسمون خطاه. لقد اجتاحت المنطقة أعتى العواصف، وكادت مثمنات البلاد تذهب أدراج الرياح، أمام غطرسة القوة، وجنون التصرف، وتصادم المصالح، وصراع الحضارات، واقتتال الطوائف والأحزاب والأعراق، ولكن البلاد والحمدلله خرجت من غوائلها بكل رباطة جأش، وقوة وإرادة وثبات، وصدق إيمان بالحق. وفي أحلك الظروف وأخطر الأحداث خرج القائد ليعلن موقف المملكة القوي الحازم الواضح أمام أي اعتداءٍ على الشرعيات، والتف العالم كله من حوله، وكان النصر المظفر. وعلى المستوى المحلي تعرضت البلاد لتحولات عالمية متسارعة، كادت تفقد معها البلاد خصوصيتها، فكان أن تلاحقت المبادرات الرصينة، لتفادي التخلف عن العالم المتسارع في إيقاعه، دون أن يمس التغيير ثوابت الدين وخصوصية الوطن. فكانت الأنظمة والمؤسسات الشورية والمناطقية والإجراءات الانتخابية في تتابع سليم. والقلم حين يراوح بين التأبين والتفجع، يتنقل الإنسان معه بين الألم والأمل والمملكة العربية السعودية منذ أن أرسى دعائمها المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز، وأقامها على قواعد الدين والوحدة والحرية والمساواة، وهي تنعم بالاستقرار السياسي، والأمن القومي، والرخاء الاقتصادي، وتداول السلطة بانسيابية وهدوء. لقد مات الملك فهد والموت يقين لا يدري أحد ماذا يكسب غداً، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 34)، وبعد لحظات من الوفاة تلقى الراية عضده الأيمن وخليفته في كل مهماته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -. ألم ممض وثقة قوية. فقدنا رجلاً عظيماً. واستقبلنا رجلاً عظيماً. مات ملك وعاش ملك. إنّها إرادة الله، وهي إرادة نرضاها، ونحمده عليها. فما كنا في يومٍ من الأيام نخاف فراغاً دستورياً، ولا تنازعاً على السلطة، رجال أشداء، عرفوا عظم الأمانة، فكانوا في ساعات العسرة أقوى منهم في ساعة الرخاء، سمو فوق كل المعوقات الطارئة. لقد عرفوا أن الأمة حية لم تمت، وان شأنها أكبر من كل شيء، فكان ان التفت الأسرة، وقدمت للأمة المصابة خليفة عاش حياته راصداً لسياسات سلفه ومواقفه، مستوعباً لثوابت هذا الحكم التي لا تتغير بتغير القائد: العقيدة والوطن. لا تفريط في ركنٍ من أركان العقيدة، ولا تهاون في شبر من أرض الوطن، وحدة إقليمية ووحدة فكرية. لقد ارتبكنا، واهتزت أيدينا، وذرفت دموعنا. وأحسسنا أننا غير قادرين على التماسك، ولكن حملة الأمانة نسوا ما هم فيه، وفكروا فيما هم مقبلون عليه. نسوا آلامهم، وأعادوا للأمة التي وضعت كل مقدراتها في سلالهم اطمئنانها وأثبتوا لها:- أن القوة على الثغور، وأن الأصابع على الزناد، وأن العيون مفتحة في كل الاتجاهات. إنها إرادة الله، وهل أحد يرد القضاء، لقد قضى الله أن يموت ملك، وأن ينهض ملك. فالله نسأل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يجزيه عن الأمة العربية والإسلامية خير الجزاء، وأن يأخذ بناصية الخلف، وأن يستعمله في طاعته، وإعلاء كلمته، والسعي في حاجات أمته العربية والإسلامية، وأن يسبغ الصحة والعافية على عضده وولي عهده الأمين ليواصل المسيرة خلف قائده، وهو قد سار معه نائباً ثانياً، وهو الآن يسير معه ولياً للعهد، كما نسأل الله جل وعلا أن يرزق الأسرة الكريمة الثقة والاطمئنان، واجتماع الكلمة، وتحمل المسؤولية الجسيمة التي اختارهم الله لها. - إن الحدث عظيم. - والخطب جلل. - واللحظات حاسمة. ولم نعد بحاجة إلى تقصي مآثر السلف والخلف. ولا أن نبدي ما في أنفسنا من حبٍ وثقة، وما اجتاحها من حزن وألم مريرين، ولكننا نعلن للعالم العربي والإسلامي والعالمي، أن البلاد ستظل بخير -إن شاء الله-، وأنها ستتقدم من حسن إلى أحسن، وأن رجالاتها تلقوا الراية من اللحظة الأولى، وأنها لن تسقط ولن تتوقف. وثقتنا بالملك عبدالله وبالأمير سلطان أنهما عاشا طوال حياتهما مع والدهما وإخوانهما، ومع الراحل المحنك، يتخلقان بأخلاقه، ويستلهمان طموحاته، ويعرفان دخائله. وكل ما يبعث على الثقة والاطمئنان أن البلاد لم تظل في ترقب خائف لمن يمسك بمقاليد البلاد، وإنما بادر الراية الأحق بها، حيث اختارته الأسرة ورضيه الشعب وهيأه الراحل باختياره ولياً للعهد، وحين توقفت خطوة الملك الراحل، تحركت خطوة الملك القادم، وهكذا تظل المسيرة كما هي: (إذا طل منا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول) فليرحم الله خادم الحرمين الشريفين، وليسبغ عليه شآبيب رحمته، وليجعل ما عمله في خدمة كتابه ومقدساته في ميزان حسناته، وليوفق الله القادم الجديد، وليسدد على طريق الحق خطاه، ويشد عضده بولي عهده الأمين ورجالات حكومته الأوفياء، ولن نقول إلا ما يرضي ربنا:- {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|