|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#11 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
كن وديعاً أبا وديع
(قول في عموم الدلالة..!) د.حسن بن فهد الهويمل همي أبداً منصب على استثمار الوقوعات العارضة والتقاط نثارها، وإن لم تكن بذاتها على جانب من الأهمية، إذ هي بعض تجارب الحياة، وما الحياة إلا كالأودية المفعمة من قطرات المطر. والوقوعات وإن صغرت في أعين الخليين إن هي إلا لبنات في بناء الحياة. وما فعلت ذلك إلا لتأسيس حوار حضاري، يأخذ العفو، ويُعرض عن الجاهلين. فما عدنا بعد هذا العمر الطويل والتجارب العميقة نحفل بالتناجي المقصي والمصادر لحق الشريك في القول والفعل. وليس من المفيد أن نمر بمشاهد القول، وكأننا لم نسمع ولم تقل. وإذ يكون الاختلاف حتماً مقضياً، فإنه قدر الواقع المأزوم، وواجبنا توجيهه قِبَل الإشراقات المعرفية. ومن توهم حسم الاختلاف، تصيده الوهم فيمن تصيدا. ولما لم يكن بد منه فإن من الحكمة ترويض النفس على معايشته. وشيوع الاختلاف ملمح إيجابي، متى ضبط إيقاعه، واستقامت أوضاعه. ولكن أن يشيع في ظله التفحش، ويستفحل الاتهام، وأن يحيد الجدل عن القول المعروف، فأمر مع توقعه مرتعه وخيم. والناس فيما يتصورون مذاهب، والعدول بهم عما يشتهون مغامرة محفوفة بالمتاعب، ولكنها من فروض الكفايات. وتصعيد الفعل ورده إلى حد العنف سجية لا يتخذ سبيلها إلا المستجدون على المشهد النقدي، ممن لا يعرفون أنه ما من عالم، أو أديب، أو ناقد إلا هو راد أو مردود عليه، إلا من لا ينطق عن الهوى، ومن ألَّف فقد استهدف. والذين لا يروضون أنفسهم على احتمال الخلاف غير المبرر ومعايشة ذويه صوتاً وصورة تضوى أجسامهم من المفاجآت الغريبة والملاحاة العنيفة. هذا الاستهلال مقدمة يراعى فيها عموم الدلالة لا خصوص السبب. والخلاف الأعنف بين أبي وديع/ عبدالفتاح أبي مدين، والأستاذة فائزة الحربي حول مصدرية محاضرته عن (البرقوقي وبيانه) خلاف مشروع، لو كان قول الطرفين لبعضهم حسناً. ف(الكاتبة) تُدِلُّ برسالتها الأكاديمية التي أشاعتها بين الناس، وتفاخر بجهدها الذي طاف بها آفاق المعمورة، و(كل فتاة بأبيها معجبة) و(أبو وديع) يُدِلّ باقتداره وماضيه، وما تركه خلف ظهره من منجزات على مدى نصف قرن ونيف. وفات الطرفين مشروعية تعويل اللاحق على السابق. وبهذا فليس عيباً أن يستمد الدارس بعض ما يحتاج إليه، مما هو مطروح في الطريق، ومبثوث في المراجع. بل أكاد أقطع بأنه لا يوجد نص بريء، وما (الأسد) في النهاية إلا مجموعة من الخراف المهضومة. والمشهد النقدي في مختلف العصور ينوس بالمصطلحات المتعلقة بالتعالق والتناص والتوارد والسرقات، وقد فصل القول فيها (ابن رشيق) في الأقدمين و(أحمد مطلوب) في اللاحقين. وفي العصر الحديث ظهر مصطلح (التناص) الذي شاع في أعقاب استفحال المناهج اللغوية، وأحسب أن وعيه يحسم الخلاف، ويهون مصائب الاتهامات التي يتراشق بها الكتاب، وإن كان مجال (التناص) الإبداع، إلا أنه قد يمتد إلى الدراسات؛ فالأفكار والنتائج التي يتوصل إليها السلف، قد تمتد إلى الخلف من حيث لم يحتسبوا. ومجال (التناص) إذاً في الشعرية والأدبية والنتائج، أما النقل الحرفي فيحال إلى (المصادر والمراجع) ولا يكون من باب (التناص). وفصل ما بين السطو والنقل المشروع تحسمه الإحالة إلى المرجع أو المصدر. وما عيب ناقل من ناقل إذا روعيت ضوابط النقل، ومهما حاول الخلف إخفاء نكهة السلف فإنها بادية لذوي الاختصاص. وكم قرأت من كتب، ونسيت أنني قرأتها، فإذا اندلق لعاب القلم على الورق، قلت بعض ما قالته، حتى يظن القارئ أنه هو، فالذاكرة المتوقدة مع صاحبها كما عفريت (سليمان) يأتي بالمقروء قبل ارتداد الطرف. والدارسة الشاكية ظلم ذوي القربى، ربما أنها أحست بذاتها تتمطى بين سطور (أبي وديع)، غير أنها لم تقتصد في التعبير عن رؤية ذاتها. وأستاذ بحجم (أبي وديع) ووزنه لم يحتمل الاتهام المباشر بهذا القدر، وبخاصة حين أشارت إلى الصعود على أكتاف الآخرين. وكان يتوقع منه حين أسرفت في اللوم ألا يسرف في الرد؛ إذ خير من المجاراة في التنابز أن يرشدها، وأن يلتمس لقولها محملاً حسناً، أو أن يصرف النظر عن تساؤلاتها واستدراكاتها، فما عيب صامت، وقد يكون السكوت جواباً وخطاباً، وما أجدره بلزوم الصمت إن لم يجد إلا هذا الرد الكاسح، ومكمن عتبي عليه أنه أخذ بمبدأ: (من اعتدى عليكم...) ولم يرق له العفو والصفح. ومثل هذه الفلتات جعلتني أضيق ذرعاً بمشهدنا النقدي الذي لما يشب عن الطوق، وكم سئمت الانصراف عن القضايا والاشتغال بالأشخاص: مصادرة وتهوينا. وواجب كل الأطراف المتنازعين حول قضايا الفكر والأدب أن يترافعوا أمام المتلقي حول تلك القضايا، وأن يدلوا بحججهم إلى القراء الذين يفرقون بين الدعوى الصادقة والادعاء الكاذب. ويتحقق ذلك حين يبدي المدعي رؤيته بموضوعية، ويرد المدعى عليه بموضوعية أيضاً. والمتلقي كما القاضي يفصل بين المتخاصمين، إذ لا تجوز الأثرة، بحيث يكون الراد هو الخصم والحكم، وفي النهاية فالحق أبلج، وما ضاع حق وراءه مطالب. و(الدارسة) بعد أن فاقت من هول الصدمة، وتمالكت أعصابها قالت: (هذا غير معقول يا أبا مدين) (الجزيرة 23 - 9 - 1426هـ). واستهلالها ومبتغاها معقولان، ولكنها فيما أرى ارتبكت حين تصورت فداحة السطو على جهودها، و(بنات الأفكار كالبنات الأبكار) ولكن (الحق قد يعتريه سوء تعبير)، ولقد عجبت من فعل عنيف ورد فعل أعنف. ولو كنت مجاملاً أو متقيا تقاة أو مداهنا، لفعلت ذلك مع رجل أخذ بيدي حين تعذرني الناس، وذلك يوم أن فتح لي صفحات جريدته قبل نصف قرن، ولما أزل معه في زمالة وصداقة تنمو مع الزمن. وما كان بودي استفحال الخلاف اللجوج، فالمعارك الأدبية كما الحرائق من مستصغر الشرر، ولست ضدها إذا أخذت بحقها، ولكنني ضد حيدتها إلى ما لا يحتمله الموقف، وبوادر الخلاف بين الطرفين تنذر بالحيدة. ولما يزل مشهدنا رهين المحبسين: البغي وسوء الظن. حتى لقد كاد ينفض سامر عقلائه، بحيث لم يبق به إلا من لا يؤبه به، وإذا كان رواد الحركة النقدية يؤزون الخلاف، فمن ذا الذي يقيل العثرات. ولربما تضيع المعارف تحت غبش الانفعالات الآنية، والقبول بها تحت أي ظرف شرعنة وإلف. ولقد حَمِد المشرِّع امتلاك النفس عند الغضب. وتجاوُز (أبي وديع) الغاضب إلى الرسائل العلمية وأصحابها، كما صنيعة الأعراب في (العرِّ) الذي يكوى غيره وهو راتع، وهذا التجاوز دليل احتقان لا مبرر له. وكم ضقت ذرعاً بمثل هذه الاستدعاءات التي يعمد إليها غير المؤهلين، وبخاصة الكبار بإمكانياتهم لا بمؤهلاتهم، وتلك صيرورة لا يقتضيها المقام. فالكاتبة لم تمس (أبا وديع) لأنه غير مؤهل أكاديمياً، وما كان من حق أحد أن يجعل العصر عصر بطاقات لا عصر كفاءات. وإذ تكون طائفة من حملة المؤهلات العلمية دون المستوى، فإن ذلك محكوم بقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. كما أنها لم تدل بشهادتها، ولم تعب خصمها في شيء من ذلك، وليست دون مؤهلها لتعاب. واستدعاء (أبي وديع) لذوي التخصصات الذين حملوا ما لم يحتملوا مدعاة لتوسيع رقعة المشكلة. ومثل هذا الاستدعاء غير المبرر يعد من لي عنق القضايا، والخروج بها طوعاً أو كرهاً عن مسارها، وتلك بعض إشكالية مشاهدنا الثقافية. ولما كنت ابن بجدة النقد - ممارسة على الأقل - فقد عانيت من فلتات ألسنة شطت بالقضايا عن مدارجها، وطوال أربعة عقود، كنت فيها عرضة لتقويلي ما لم أقل، وكم قلت، وأعدت القول: (اقرؤوا ما تحت السطور، ولكن لا تنطقوني بما لم أنطق)، وقد يكون لعنف (أبي مدين) ما يبرره، فأنا أعرف جيداً أن ناقداً وأديباً بمكانته، لا يمكن أن يركن إلى النقل الحرفي، ولا أن يتخفف بمرجع واحد، حتى ولم كانت لا تكدره الدلاء، وهو بثقافته وممارسته أكبر من أن يتحسس من ذوي المؤهلات، وأكبر من أن يعول على جهد، ثم يتكتم عليه. وهذا الثناء، وتلك التزكية لا تصادر حق (الدارسة) في التساؤل. وحتى لو استرفد منها أو من غيرها فالأمر جد يسير. ذلك أنه في محاضرته يعول على (المنهج التكويني) = التاريخي، والتكوينية هنا تعني مكونات النص، وهذا المنهج نقلي، يتقرى الوقائع والأحداث، ولو اعتمد في محاضرته على غير هذا المنهج فإن ذلك لا يمنع من التداعي، فالكاتب في النهاية محصلة مقروئه، والدارسون والنقاد لا ينطلقون من فراغ، بل هم ك(النحلة) تمتص نسع الأزهار، وبقدر التنوع والكثرة تكون الجودة. وكيف يدعي النقاء دارس أو كاتب، والرسالات السماوية تأتي لتتم مكارم الأخلاق. وحديث (أبي وديع) عن البرقوقي وبيانه الذي استعرضته على عجل ممتع وشيق، وكيف لا وهو سليل عصر (الرافعي) و(الزيات) و(البرقوقي) و(طه حسين) حتى لقد قيل عنه بأنه (طحسني)؛ لوجود شبه بين الأسلوبين المتسمين بالسهولة الممتعة والممتنعة. وهو فيما يكتب كأستاذه العميد العنيد، يغيب النصوص التي قرأها من قبل، ولكنها تُظهر أعناقها، وتشي بنفسها. وكم أعاني من مثل تلك الوشاية في بعض ما أكتب، فإذا عزمت على كتابة بحث أو مقال، أحسست بتداعيات كأنها (الدُّر) المتدفق، وما يخلص منها إلى شبات القلم يكون ك(بنت الدهر) مع (المتنبي) الذي تساءل مستغرباً وصولها إليه: (فكيف خلصت أنت من الزحام). وكم أخشى أن يقع الحافر على الحافر، فأقع تحت طائلة (الأشباه والنظائر). ولقد مس الشعراء الأوائل والأواخر طائف من هذا التعقب، ف(الخالديان) لم يسلم منهما شاعر. ونقاد المشاهير من الشعراء ك(أبي نواس) و(أبي تمام) و(المتنبي) الناقمون والموضوعيون نقبوا في شعرهم، وكادوا يردون كل بيت إلى شاعر قديم وبخاصة مع (المتنبي)، والمهتمون بالسرقات الأدبية أصابوا بأقلامهم أبرياء، حتى لقد أصبحت (السرقة) ظاهرة من ظواهر النقد، درست بوصفها أهم الظواهر النقدية في كتب مستقلة عند (مصطفى هدارة) و(بدوي طبانة) وألف فيها من قبل تطبيقاً (مهلهل العبدي) و(العميدي) و(ابن وكيع) و(الحاتمي) و(البديعي) و(الخالديان)، وشققها البلاغيون، لتكون دركات، ولما تزل الاتهامات المتلاحقة على أشدها. ولقد وُوُجه الشعراء ببعض ما احتملوا، مع أنهم أقدر وأغنى من أن تعدو عيونهم إلى جهد من دونهم، وإن سطا بعضهم بالقوة على شوارد الأبيات، كما فعل (الفرزدق). ومثلما اتهم الشعراء العمالقة، فقد اتهم الكتاب الأقدمون، ف(الجاحظ) اتهم باعتماده على مترجمات (أرسطو) وعيب على تكتمه في البيان والتبيين، كما اتهم الكتاب المعاصرون بسرقة الأفكار والمناهج، وهذا (طه حسين) مَثَلُ السوءِ في هذا يتهم بالسطو على جهد المستشرق (مرجليوث) و(جب)، وتؤلف الكتب لرد دعوى الانتحال، وهذا (محمد محمود شاكر) يتهم أستاذه الذي اضطره إلى قطع دراسته بسرقته، ويصف كتاب (طه حسين) (مع المتنبي) بأنه نسخ موضوعي لكتابه عنه. وهذا (نجيب محمد البهبيتي) الناقم على أستاذه (طه حسين) يشايل من سبق ومن لحق، وهذا (مصطفى هدارة) يتهم (إحسان عباس) و(محمد شعيب) و(أحمد مطلوب) بالنقل من كتابه عن السرقات دون الإشارة إليه. كما أن الصديقين اللدودين (أحمد أمين) و(طه حسين) يشيع كل واحد منهما عن صاحبه ما سربه طلابهم فيما بعد، وكأن كل واحد منهم لم يقدم إلا ما سرق. والمتعقب لظاهرة السرقات، يجدها تمس الكبار والصغار. ولمشهدنا الأدبي النصيب الأوفى، وبخاصة ما تمخض عن صراع (الحداثة) و(التجديد)، وكم أتمنى لو درست هذه الظاهرة وقومت، فليس كل اتهام كاذب أو مبالغ فيه. وعلى الرغم من كل ما سلف فإن الأستاذة (فائزة الحربي) من حقها أن تسأل، وأن تذكر بنفسها وبجهدها، وأن تعتب على أستاذ بحجم (أبي مدين) لم يذكرها عند القراء، وأخشى أن يكون (أبو وديع) كصاحب (يوسف) الذي ظنه ناج منهما فقال له: {اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ}. و(الأصمعي) وهو يجوب قفار (نجد) يبحث عن شوارد اللغة أفاده أعرابي يرعى غنمه بكلمة أو حكمة أو بيت، ولما رآه يكتب ما سمع قال له: اذكرني في كتابك. ولكن واجب التساؤل أن يكون بأسلوب لا يؤدي إلى الاتهام الصريح والإثارة العنيفة، و(أبومدين) عليه أن يتقبل عتبها بقبول حسن، وأن يصرفها إلى الحق بعطف أبوي، ولاسيما أنها تدعي إهداءه نسخة من الرسالة، والأستاذ لا يقر لها بذلك، ويدعي أنه أنجز بحثه قبل طبع رسالتها، وقد يكون واهماً أو ناسياً، وبخاصة أنه يتلقى كل يوم إهداء، ويستعرض كل ساعة كتاباً. وأذكر في هذا السياق زميلاً لا يرقى الشك إلى اقتداره واستغنائه، وجد بين أوراقه بحثاً أعطاه إياه طالب من طلابه، فظنه بعد طول مكث بين أوراقه أنه له، فبعث به إلى النشر، ولما نشر قامت الدنيا ولم تقعد، وأصر الأستاذ الواهم أنه له، ولم يذعن لدعوى الطالب، ولم يتذكر، ولج الطالب ومن وقف وراءه في عتو ونفور، والبحث برمته لا يقدم ولا يؤخر، ولكن الحق أحق أن يتبع، ولو أن الأستاذ اعترف بالخطأ مذكراً بما ترك خلفه من كتب ودراسات ومقالات ومحاضرات لتقبل الناس اعتذاره وصدقوه. و(الدارسة) في ردها الأخير على (أبي مدين) توخت الموضوعية، وساقت طائفة من النتائج التي توصلت إليها في رسالتها، والتي وافقها فيها (أبومدين) ومع قوة الحجة، فإن ذلك كله لا يرقى إلى اليقين، ذلك أن بحث (أبي مدين) مزيج من الخواطر والانطباعات وشيء من تأريخ قليل، وقد يكون استمد لحمته من معهودات قرائية سلفت، وكما قلت فهو يعتمد (النقد التكويني). والمسألة في النهاية محسومة، لو كانت على ما يدعي أحد المتخاصمين. ف(الدارسة) أمام مقالات أفضى بها الكاتب إلى الناس، وأصبحت جزءاً من التاريخ الأدبي، وتحت يدها رسالتها، وعليها أن تفكك النص كلمة كلمة، وجملة جملة، وعبارة عبارة، وأن تضع شبات قلمها على مفاصل القضية، والناس شهود الله في الأرض، ولقد فعلت بعض ما يجب في مقالها الأخير، وليس (أبووديع) أول من اتهم، وليست أول من أقام الدعوى. وعليها بعد هذه الزوبعة المغبرة أن تنظر في مدى اعتماده على جهدها، ومشروعية هذا الاعتماد، ولكن عليها مع هذا أن تعرف أن الذي هداها إلى المراجع والمصادر قادر على أن يهدي ناقداً مثل (أبي مدين) ولاسيما أنه ربيب الأدب المصري، وأنه ربما كتب ما كتب من هذا المعهود الذهني الذي يختزنه، ولو لزم أن أكتب عن ظاهرة أو قضية فسيكون لمعهودي الذهني قصب السبق، وكم من كاتب ترك السرى خلف المراجع وراء ظهره، وأعطى قارئه من مخزونه فيوض علم غزير. وتعاطفي مع الدارسة، وإشفاقي عليها من تلك الغضبة المضرية، لا يحولان دون رغبتي في أن تعود إلى نفسها، وأن تنظر فيما إذا كانت قد تجاوزت حدود ما يجب بحق أستاذ بسن جدها، عركته الحياة، حتى لم تدع في جسمه موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، كما أود من (أبي وديع) أن يكون وديعاً، فما عاد الزمن كما هو في عصر (الأمواج والأثباج). وما فَعَلْتُ ما فعلت إلا لفك الاشتباك، وترشيد المشهد النقدي، ولقد تحاميت الحكم في القضية، فأنا شاهد لم ير شيئاً. ويبقى الود ما بقي العتاب، ويبقى العود ما بقي اللحاء.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|