بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ( قطع الَلَسَن .. من تراث الدكتور حَسَن ) كتاب مفتوح للتأليف والقراءة ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 21-12-2006, 02:43 PM   #31
عباس محمود العقاد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
موسوعة الأدب السعودي وتداعيات الصدور..!
د. حسن بن فهد الهويمل


من إشكاليات المشهد الأدبي: محلياً وغربياً عقدة الملائكية الخالصة الخيرية، أو الشيطانية الخالصة الشرية، فيما يقوم الفراغ الهوائي بين القطبين بحيث لا ينوس فيه إنس ولا جان. والحدية الصارمة تعد إشكالية المشاكل في كل المشاهد: ا لسياسية والفكرية والأدبية، وعليها وعلى الثنائية تُحْمل دواعي الصراع والصدام، والمتحسس عن الوسطية، والمتلمس للمخارج يعيش غربة الوجه واليد واللسان. والمسدِّدون والمقاربون كالغرباء الذين يُصْلِحون ما أفسد الناس، وحاجتنا إلى أخلاقيات الحوار أشد من جاجتنا إلى مراجعة المنجزات وتسديدها.
والجدل المحتدم المتداعي إثر صدور الموسوعة ينذر بسوء، ولا يبشر بخير، وأحسب أن الأطراف تمارس تصعيد التنافي في حين أنه بالإمكان الخلوص من وهدة الاتهامات إلى صعيد المراجعات، والمؤلم أن ذروة الصعود إلى الهاوية تولى كبرها أستاذان جامعيان، ما كان لأحدهما أن يبلغ به الغضب مبلغه، ولا أن ينزلق في مهاوي الاتهام الشخصي. وإذا كان العمل الموسوعي مبادرة حضارية وحاجة ضرورية فإن حماية المشروع ونقده لا يكون سوقياً، إذ لابد من تكافؤ الفعل ورد الفعل.
والموسوعة كالمولود امتلك حتمية الوجود بمجرد ولادته الطبيعية أو المبتسرة، ولم يعد بالإمكان دسه في التراب، لقد قضي الأمر الذي فيه يتجادل المتجادلون، وسبق السيف العذل، و أصبحت الموسوعة بين أيدي القراء في الداخل والخارج رضي من رضي وسخط من سخط. وحين لا يكون بالإمكان رد الدر إلى الضرع ولا إيلاج الجمل في سم الخياط فإن من اللجاجة الاشتغال بالمحال والعزوف عن الممكن، ولم يبق إلا قراءة المشروع قراءة علمية منهجية حيادية متزنة مدعومة بالأدلة والشواهد، دون اتهام أو تخوين، فالفريق الذي أنجز العمل حريص على ألا يقول إلا الحق، ولكن الحرص لا ينجي من الأخطاء، والمسألة في النهاية تعود إلى التغليب، فإذا غلبت الإخفاقات النجاحات فشل المشروع، وإذا فاقت النجاحات الإخفاقات ملك العمل مشروعيته، ومهما اختلفنا أو تحفظنا على المنهج أو الآلية أو المادة أو المنفذين فإن النجاحات تفوق الإخفاقات. ومن حق الفريق العلمي علينا أن نسدده ونبادله النصيحة، وعليه ألا تأخذه العزة بالإثم، وألا يتمترس خلف أي سمة.
ويبقى الخلاف والحالة تلك حول هنات لا يخلو منها أي مشروع فكل قول أو فعل لغير المعصوم يؤخذ منه ويرد، ولا يمكن التسليم المطلق لأي منجز، وإذا لم يجعل الله لأحد من قبل رسوله ولا من بعده الخلد فإنه لا يكون لأحد التسامي فوق المساءلة والنقد، وليس لأحد أن يمنح نفسه أو قبيله العصمة أو العظمة، ومصائب المشاهد التسامي بالبعض إلى سدة العصمة، بحيث يكون المساس بهذا البعض مساساً بالمقدس، ولو عرف كل واحد منا قدر نفسه لما هدِّمت شوامخ ولا شمخت عوائل، وداء المشهد التشايل والتمظهر وتعالي القتام والشللية.
وتأتي الموسوعة ذِبْح المشهد، يقول فيها وعنها محق ومبطل، وناقم وعالم، ومجتهد ومصيب، ومخطئ ومتقحم لا في العير ولا في النفير، ومن ألف فقد استهدف. وعلينا توطين الأنفس، وتقبل أقدارنا بالتسليم والرضى، وكنا نتوقع أن تستقبل الموسوعة بممارسة نقدية متمكنة، هادئة مطمئنة، تحسن الظن، وتلتمس الأعذار، وتشير إلى مواطن النقص، ولا تتهم، وتقف حيث تكون القضايا، ولا تمتد إلى الأشخاص، ولا إلى النوايا، وتتعاظم المصيبة حين لا يتمخض القدح والمدح عن إيجابيات، وذلك ما أخشاه وما نعانيه، فالمشهد يعيش حالة من التوتر وتبادل الاتهامات، وحاجتنا إلى حكيم حليم يورد القضية موارد النجاة لا موارد الهلكة، والذين استقبلوا المشروع نقموا من ذويه: سريتهم وقلَّتهم ونوعيتهم وأثرتهم ومنهجيتهم وعدم تقصيهم مع ترهل الموسوعة.
والمعتورون تختلف نوازعهم ومقاصدهم ومستوياتهم المعرفية، ويتراوحون بين معمم ومخصص، ومُهْمَل له حق المساءلة ومبخوس له حق المطالبة، ومُبْتًسرٌ له حق المناشدة. وطبعي وقد امتدت الموسوعة إلى الشاهد والغائب والمقيم والظاعن والشاعر والناثر و الناقد والكاتب أن يكون لكل واحد رأيه فيما قيل عنه أو نقل منه، وجميل لو أن المشتغلين بالموسوعة استشاروا واستخاروا واستعانوا، ولم تكن استعانتهم على قضاء حوائجهم بالكتمان، وأجمل من هذا لو أنها استقبلت بنقد موضوعي معرفي لا يمس الأهلية ولا الكفاءة ولا الأمانة، فالذين أُهْملوا ولهم حق الحضور، من حقهم العتب حتى يرضوا، والذين بُخِسوا لهم حق المساءلة حتى يستوفوا حقهم، ومن ليس لهم ولا عليهم أمثالي ولكنهم يودون منهجية أحكم وآلية أسلم وفريق عمل أكثر دربة وتخصصاً يجب أن يُسمع قولهم، ويؤخذ بأحسنه، فما نريد إلا الإصلاح ولا عاصم إلا الله.
ومن المقت الكبير أن نطالب بسماع الحق ثم لا نسمعه، أو ننفي العصمة عن الغير وندعيها لأنفسنا، فما نقوله عُرضة للأخذ والرد، وما نحن إلا من غزية، وفريق العمل الذي نهض بالمهمة أهل لها ولا شك، ولكن الأهلية لا تعصم من الخطأ، ولا تعني الأفضلية، وفوق كل ذي علم عليم. والموسوعة في طبعتها الأولى بحاجة إلى خطوات إيجابية ومبادرة واثقة:
الخطوة الأولى:
إصدار ملحق تُستدرك فيه الأخطاء الواضحة، ويضم فيه من فات على الفريق من مبدعين ونقاد وكتاب.
الخطوة الثانية:
تشكيل فريق عمل جديد ممن سبق اشتراكهم ومن غيرهم تراعى فيه المؤهلات التالية:
أ. التخصصية العامة: بحيث يكون الفريق من المتخصصين في الأدب الحديث.
ب. التخصصية الخاصة: بحيث يكون الفريق من المتخصصين في الأدب العربي في المملكة العربية السعودية.
ج. الممارسة: بحيث يكون فريق العمل ممن يعيش حضوراً فاعلاً ومتميزاً في الدراسات والموسوعات.
د. التنوع: بحيث يكون الفريق متوفراً على متخصصين في النقد ومناهجه القديمة والحديثة، والتاريخ الأدبي والدراسات.
هـ. التحكيم: بحيث يكون هناك فريق محكمين لمراجعة المواد من حيث الموضوع والخطة والمنهج والآلة والشمول والتركيز.
و. الإشراف: بحيث يكون هناك فريق إشراف متخصص بالمنهج، والمادة.
ز. التصحيح: بحيث يكون هناك فريق عمل لتصحيح المادة لغوياً ونحوياً وصرفياً وأسلوبياً وشكلياً، وقبل ذلك لابد من وضع خطة عمل، فالمشروع نسل إلينا على حين غفلة.
ذلك أن العمل الموسوعي عمل معرفي توثيقي مرجعي جماعي نيابي، وليس جهداً فردياً، والمتلقي العربي يعد الموسوعة وثيقة لا معقب لها، لأن الموسوعية كالمعجمية عمل مسؤول ومؤسساتي، ومن ثم فإن احتمال الخطأ فيه نادر، وفي أضيق نطاق.
ومع كل ما سبق فإن الموسوعة مبادرة جيدة تستحق منا الاحتفاء والنقد الإيجابي وقراءة الإنجاز بمنهجية وعلمية تحمل على التسديد والمقاربة، ولا يجوز التعميم ولا التقليل من قيمتها، ومهما اختلفنا مع المنهج أو الآلية أو المادة أو أهلية أحد أفراد الفريق العلمي فإن الود باقٍ، وبإمكان المشروع في طبعته الثانية أن يستدرك الفوات، وكل الموسوعات والمعاجم مرت بمثل ما ستمر به الموسوعة، وعلينا أن نوازن بين الطبعة الأولى «لأعلام الزركلي» مثلاً وما لحق من طبعات، وأن ننظر إلى «دليل الناقد الأدبي» للأخوين «الرويلي والبازعي» في طبعته الأولى والثالثة، وأن نستدعي أي مشروع معجمي أو موسوعي في طبعته الأولى وطبعاته اللاحقة.
وأحسب أن مشروع الموسوعة عمل حضاري، يجب أن نعضده، وأن يوضع له مركز معلومات، ويؤلف له فريق عمل مساند لفريقه الأصلي، يتلقى الملاحظات والإضافات، وأن تحال أجزاؤه العشرة إلى طائفة من المتخصصين في الأدب الحديث ونقده، وفي الأدب السعودي وأنواعه، لإبداء ملاحظاتهم على كافة الجوانب تمهيداً لطبعة جديدة منقحة، وإذ بادر «نادي الرياض الأدبي» مشكوراً بالاحتفاء بالموسوعة وذويها فإن عليه أن يكون مثابة لفريق العمل وللمستدركات والإضافات، وليس من مصلحة الحركة الأدبية في المملكة أن يجهض المشروع، ولا أن تنزع الثقة منه، ولا أن يظل كما هو، وفي الإمكان تلافي التقصير، وليس من المصلحة أن يظل دُوْلةً بين ذويه الساخطين أو الراضين لا يتجاوز تراقي البلاد. يجب أن يكون رسولنا إلى آفاق الوطن العربي، فكم تجرعنا مرارة العزلة وجهل الآخرين بنا.
والموسوعة بطبعتها المنقحة المرضية لكل الأطراف خير من يصلنا بالمشاهد العربية، وعلى المتخصصين المبادرة إلى قراءة الموسوعة، وتدوين الملاحظات المتعلقة بالمنهج أو بالموضوع بأسلوب علمي بعيد عن التهوين أو الاتهام، وعلى الفريق أن يتقبل النقد برحابة صدر الواثق وثقة العالم، فذلك طريق النجاح.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج
عباس محمود العقاد غير متصل  
 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 10:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)