بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الإصدار المرئي (عين اليقين )من سلسلة العرق النابض لصد حقد الروافض

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 27-01-2007, 02:30 AM   #3
طالب الفردوس
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
البلد: تاج القصيم (( بريده ))
المشاركات: 750
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها الحور العين
خطبة السيدة زينب في مجلس يزيد :

وكان موقف السيدة زينب في مجلس يزيد بن معاوية من اروع مواقف الدفاع عن الحق ، وتحدي جبروت الطغيان والظلم .

فيزيد بن معاوية كان أمامها متربعاً على كرسي ملكه ، وفي أوج قوته ، وزهو انتصاره ، تحف به قيادات جيشه ، ورجالات حكمه ، وزعماء الشام ، وتشير الروايات التاريخية الى حضور بعض الدبلوماسيين الأجانب كرسول قيصر ملك الروم ، وبالتالي فقد كان يزيد حريصاً على التمتع بكامل هيبته ، والظهور بأعلى درجات القوة والسيطرة .

وتعرف السيدة زينب فظاظة يزيد وغلظته ، وتهوره في القمع والأرهاب ، وإن أي استفزاز له يمكن أن يدفعه الى أسوأ الأجراءات فليس له رداع من دين أو عقل .
كما أن أجواء المجلس كانت مهيأة ومعدة ليكون الإجتماع مهرجاناً للأحتفال بانتصار الحاكم على ثورة أهل البيت .

من ناحية أخرى فقد كانت السيدة زينب في ظروف بالغة القسوة والشدة ، جسدياً ونفسياً ، فهي لا تزال تعيش تحت وطأة الفاجعة وتأثيرها الهائل على أحاسيسها ومشاعرها ، ولأجواء الشماتة والأذلال التي استقبلتها في الشام وقع كبير على نفسها ، ومجرد حضورها سبية أسيرة في مجلس عدو ظالم حاقد قد ارتضع وتوارث عداء أسرتها منذ عهود وعقود ، وهي من هي في خدرها وصونها وعزها ، إن ذلك وحده كفيل بتحطيم المعنويات وهزيمة الروح .

وجسدياً فإن السفر كان مرهقاً وشاقاً ، حيث كان السير حثيثاً تنفيذاً لرغبة السلطة في الوصول بأسرع وقت الى الشام ، ومراكب السفر وهي الجمال لم تتوفر لها أدنى وسائل الراحة التي اعتادها المسافرون في ذلك الزمن .

والمرافقون العسكريون لقافلة السبايا كانوا جفاة صلفين في تعاملهم مع النساء والأطفال كزجر بن قيس وشمر بن ذي الجوشن ، حيث يقذفون السبايا بالشتم والسب ويضربونهم بالسياط لأدنى مناسبة .

وعامل الجوع والعطش كان له دور في انهاك السيدة زينب وارهاقها حيث كان الجنود يقترون على السبايا في الطعام والشراب ، مما يدفع السيدة زينب للتنازل عن حصتها لسد جوع وعطش الأطفال ، متحملة مضاضة الجوع والعطش .

ويصف الأستاذ عبد الباسط الفاخوري حالة قافلة السبايا الى الشام بقوله : « ثم إن عبيدالله جهز الرأس الشريف وعلي بن الحسين ومن معه من حرمه بحالة تقشعر منها ومن ذكرها الأبدان ، وترتعد منها مفاصل الأنسان بل فرائص الحيوان ».
اضافة الى كل ذلك فقد أحيط دخول السبايا الى الشام وحضورهم في مجلس يزيد باجراءات بالغة الصعوبة قصد منها ايقاع أكبر قدر من الأذلال والهوان بنفوس السبايا .
وقبل ادخالهم على يزيد أوقفوهم فترة على درج باب المسجد حيث مكان ايقاف سبي الكفار ، ثم أتوا اليهم بحبل أوثقوهم به كتافاً وقد كانت بداية الحبل في عنق
علي بن الحسين ونهايته في عنق السيدة زينب ، كما تربق الأغنام ، وساقوهم باذلال ، وكلما قصروا عن المشي ضربوهم بالسياط ، والسبايا يكبرون ويهللون ، حتى أوقفوهم بين يدي يزيد في مجلسه وهو متربع على سريره ، فالتفت اليه علي بن الحسين قائلاً : « ما ظنك بجدنا رسول الله لو يرانا على مثل هذه الحالة » ؟ .

فتأثر يزيد ولم يبق أحد في مجلسه الا وبكى ، وأمر يزيد بالحبال فقطعت.

ودعا يزيد برأس الحسين ووضعه أمامه في طست من ذهب ومع يزيد قضيب فهوى ينكت به في ثغره ثم قال : إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام المرى :
يفلقن هاماً من رجال أحبّة * الينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقام رجل من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقال له « أبو برزة الأسلمي » فقال : أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين ؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يرشفه ! أما انك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك ، ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد ( صلى الله عليه وسلم) شفيعه .
ثم قام فولى.
وتمادى يزيد في اظهار شماتته وفرحه وصرح بما في مكنون نفسه من انه ينتقم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومن أهل بيته حيث صار يتمثل بابيات شعر لعبدالله بن الزبعرى جاء فيها :
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحــاً* ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم* وعـدلناه ببدر فاعتـدل
لعبت هـاشم بالمـلك فلا* خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف ان لم أنتقم* من بني أحد ما كان فعل
وسمعت العقلية زينب ترنم يزيد بهذ الأبيات ، التي يعلن فيها كفره بالرسالة والوحي ، وإن دافعه الى قتل أهل البيت هو الأنتقام وأخذ ثأر قتلى المشركين في بدر ، ورأته كذلك يعبث برأس أخيها الحسين . . هنا قررت السيدة زينب أن تتحمل مسؤليتها في مواجهة هذا الكفر الصريح ، وأن تمارس دورها الرسالي في اعلان الحق ، فتفجر بركان ارادتها الأيمانية ، ووقفت خطيبة قائلة :

« الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين ، صدق الله ( سبحانه ) حيث يقول : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن ).

أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى . أن بنا على الله هواناً ، وبك عليه كرامة ؟ .

وأن ذلك لعظم خطرك عنده ؟ فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقه ، والأمور متسقة ، وحين صفالك ملكنا وسلطاننا فمهلاً مهلاً ، لا تطش جهلاً ، أنسيت قول الله ( تعالى ) ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين ).

أمن العدل يابن الطلقاء ! .
تخديرك حرائرك واماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدوبهن من بلد الى بلد ، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد ، والدني والشريف ، ليس معهن من حماتهن حمي ، ولا من رجالهن ولي ؟ .
وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء ؟ .
وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن ، والإحن والأظفان ؟ .
ثم تقول غير مستأثم ولا مستعظم :
لأهلوا وأستهلوا فرحاً * ثم قالوا يا يزيد لا تُشل


منحنياً على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة ، تنكتها بمخصرتك ، وكيف لا تقول ذلك ؟ وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية محمد ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب .

وتهتف بأشياخك ، زعمت أنك تناديهم ، فلتردن وشيكاً موردهم ، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت وفعلت .

اللهم خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا .

فهوالله ما فريت الا جلدك ، ولا حززت الا لحمك ، ولتردن على رسول الله بما تحملت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته في ذريته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ، ويلم شعثهم ، ويأخذ بحقهم : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) .

وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمد خصيماً وبجبرئيل ظهيراً .

وسيعلم من سوّل لك ، ومكنك من رقاب المسلمين ( بئس للظالمين بدلاً ) أيّكم ( شر مكاناً وأضعف جنداً ) ؟ .

ولئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرى ! ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ! ! فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي ، تنتابها العواسل ، وتعفرها أمهات الفراعل ! ! ولئن اتخذتنا مغنماً ، لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد ، والى الله المشتكى وعليه المعول .

فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها .

وهل رأيك الا فند ؟ وأيامك الا عدد ؟ وجمعك الا بدد ؟ .

يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين .

والحمد لله رب العالمين ، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة ، والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة ، إنه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونعمة الوكيل ».



د.خالد بن سعود الحليبي

في مطلع كل عام هجري، يتذكر المسلمون أحداثاً جِساماً؛ على رأسها الهجرة العظيمة التي غيّرت مجرى التاريخ، وذكرى انتصار موسى صلى الله عليه وسلم على فرعون، فيكون شهر الله المحرم مصدر اعتزاز للمسلمين وفرحة بانتصار الخير على الشر، ولذلك أُمِر المسلمون بأن يصوموا اليوم العاشر منه شكراً لله تعالى، ويوماً قبله أو بعده مخالفة لليهود الذين يصومونه وحده.

وكان لهذا اليوم قداسة حتى عند المشركين، فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ ، َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ "مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ". وفي حديث آخر أنه كان يوماً " تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَة".

ولكن محرم، وعاشوراء يذكر المسلمين كذلك بحادثة جلل، لا تهون في قلوب المؤمنين، هي حادثة استشهاد الإمام الحسين بن علي -رضي الله عنهما- في كربلاء، ولولا أننا سمعنا أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وتعزو ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكان مثل الحسين يستحق استمرار الحداد عليه أبد الدهر، بل إنّ جدّ الحسين أولى منه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

إن ذكرى استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لجديرة بالبسط والتأسي، دون أن نسمح لألسنتنا بالخوض في أقدار الصحابة والتابعين الذين حضروا تلك الفتن العظيمة، وكانت لهم مواقفهم والظروف التي أحاطت بهم، التي لا ندري ـ معها ـ لو كنا معهم ماذا كنا سنصنع؟ وإن دماء سلم الله أيدينا منها نريد أن تسلم ألسنتنا منها، (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة البقرة: 134] ، ولا أريد بهذه الخطبة إلا ذكر ما تدعو الحاجة لمعرفته من شأن هذا العَلَم الذي لا ينبغي أن يُقابل الغلوّ في حبّه عند قوم بالجفاء عند آخرين، حتى بلغ الأمر أن يُهجر اسم الحسين أو يُنسى فضله، وهو من هو في القدر والمكانة في نفس رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولو أنه اكتفى بشرف كونه من آل بيت رسول الله الطاهرين، لكفاه شرفاً،) ِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) )سورة الأحزاب:33 (بلى إن حبّه دين وعبادة يُرجى بها رضا الله تعالى وثوابه.

فمع الحسين بن علي بن أبي أطالب، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم نقضي الدقائق الغوالي من هذا اليوم المبارك..
الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وشبيهه في الخَلْق من الصدر إلى القدمين، أبوه أمير المؤمنين علي، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو عبد الله ولقبه الشهيد، وهو أحد سيدي شباب أهل الجنة مع أخيه الحسن.

ولد في المدينة المنورة في شعبان في السنة الرابعة للهجرة، وعقّ عنه جدّه رسول الله عليه السلام، كما عقّ عن أخيه الحسن من قبل، وقال فيهما: "هما ريحانتايَ من الدنيا" رواه البخاري. وعن جابر أنه قال: وقد دخل الحسين المسجد: "من أحب أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا" سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه ويلاعبه ويقول عنه: "حسين سبط من الأسباط، من أحبني فليحبّ حسيناً" وفي رواية: "أحبّ الله من أحبّ حسيناً" أخرجه ابن ماجه وأحمد والترمذي وحسّنه وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.

عاش الحسين طفولته وصدر شبابه في المدينة المنورة، وتربّى في بيت النبوة ثم في بيت والده، وفي حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف على الأخلاق الفاضلة والعادات الحميدة، أُثر عنه أنه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً، وشهد سنة 35هـ مبايعة والده الإمام علي بالخلافة ثم خروجه معه إلى الكوفة، وشهد معه موقعة الجمل ثم صفين، ثم قتال الخوارج، وبقي معه حتى استشهاده سنة 40هـ، فأقام مع أخيه الحسن في الكوفة إلى أن تنازل الحسن عن الخلافة، وسلم الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان، وهو ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فعن أَبي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى عُنُقِهِ فَيَرْفَعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفْعًا رَفِيقًا لِئَلَّا يُصْرَعَ قَالَ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ بالْحَسَنِ شَيْئًا مَا رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَهُ قَالَ إِنَّهُ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا وَإِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَعَسَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *رواه أحمد.

وكان الحسين لا يعجبه ما عمل أخوه، بل كان رأيه القتال؛ لأنه يرى أنه الأحق بالخلافة، ولكنه أطاع أخاه الذي كان يرى ـ كذلك ـ أحقّيته بالخلافة ولكنه آثر حقن دماء المسلمين، وبايع الحسين معاوية، ورجع معه إلى المدينة وأقام معه إلى أن مات معاوية سنة60هـ.

ولما تولى يزيد بن معاوية الخلافة، بعث إلى واليه على المدينة الوليد بن عتبة ليأخذ البيعة من أهلها، فامتنع الحسين عن البيعة، وخرج إلى مكة وأقام فيها، ثم أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخلافة وتدعوه إلى الخروج إليهم، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليأخذ بيعتهم فطالت غيبة مسلم وانقطعت أخباره، فتجهز الحسين مع جملة من أنصاره للتوجه إلى العراق، ونصحه بعض أقاربه وأصحابه بالبقاء في مكة وعدم الاستجابة لأهل العراق، ومنهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وجابر بن عبد الله، كما كتبت إليه إحدى النساء وتسمى (عمرة) تقول: حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقتل الحسين بأرض بابل" فلما قرأ كتابها قال: "فلا بد إذاً من مصرعي"، وخرج بمن معه متوجّهاً إلى العراق وفي الطريق قريباً من القادسية لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له: ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً.

وأخبره أن عبيد الله بن زياد والي البصرة والكوفة قتل مسلم بن عقيل، فهم الحسين أن يرجع ومعه إخوة مسلم فقالوا: "والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقْتَل" فتابع سيره حتى وصل إلى منطقة الطفّ قرب كربلاء، وكان عدد ما معه من الرجال (45) فارساً ونحو (100) راجل إضافة إلى أهل بيته من النساء والأطفال، حيث إن أهل الكوفة خذلوه ولم يوفوا بوعودهم لنصرته، فالتقى بمن معه بجيش عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان معه أربعة آلاف فارس، وجرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق، فهاجم جيش ابن زياد الحسين ورجاله، فقاتل الحسين ومن معه قتال الأبطال واستشهد الحسين ومعظم رجاله، ووُجد في جسده ثلاثة وثلاثون جرحاً، وكان ذلك في يوم عاشوراء من عام (61هـ) رحمه الله ورضي عنه ، ورثاه الشعراء على مر القرون ، ومن ذلك ما قاله الشاعر عبدالله بن عوف بن الأحمر :
صحوت وودعت الصبا والغوانيا *** وقلت لأصحابي: أجيبوا المناديا
و قولوا له إذ قام يدعو إلى *** قبيل الدعا: لبيك لبيك داعيا
ألا و انع خير الناس جدا و *** حسينـاً لأهل الدين إن كنت ناعيا
ليبك حسيناً مرمل ذو خصاصة *** عديم و أيتام تشكى المواليا
فأضحى حسين للرماح دريئة *** وغودر مسلوباً لدى الطفّ ثاويا
ليبك حسيناً كلما ذرّ شارق *** وعند غسوق الليل من كان باكيا
لحا الله قوماً أشخصوهم و *** فلم ير يوم البأس منهم محاميا
و لا موفياً بالعهد إذ حَمِيَ *** ولا زاجراً عنه المضلين ناهيا
فيا ليتني إذ ذاك كنت شهدته *** فضاربت عنه الشانئين الأعاديا
و دافعت عنه ما استطعت *** و أعملت سيفي فيهم و سنانيا
فيا أمة تاهت و ضلت سفاهة *** أنيبوا فأرضوا الواحد المتعاليا
ويروى أن قاتله هو سنان بن أبي سنان النخعي، وأن خولي بن يزيد الأصبحي هو الذي أجهز عليه واجتزّ رأسه، وقُتل مع الحسين سبعة عشر رجلاً من أهل بيته، منهم إخوته الأربعة، رحمهم الله جميعاً.
ويروى أنه لما ورد رأس الحسين إلى يزيد بن معاوية ومعه جماعة من أهل البيت وجلّهم من النساء، قال يزيد: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، فقالت سكينة بنت الحسين: يا يزيد أبنات رسول الله سبايا؟ قال: يا ابنة أخي هو والله أشدُّ عليَّ منه عليك، وقال كلاماً يشتم فيه عبيد الله بن زياد [ ولعل منه ما رواه يونس بن حبيب : أن يزيد كان يقول: وما عليّ لو احتملت الأذى وأنزلت الحسين معي، وحكّمته فيما يريد، وإن كان علي في ذلك وهن، حفظاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورعاية لحقه، لعن الله ابن مرجانة ـ يعني عبيد الله ـ فإنه أحرجه واضطره، وقد كان سأل أن يخلي سبيله أن يرجع من حيث أقبل، أو يأتيني، فيضع يده في يدي، أو يلحق بثغر من الثغور، فأبى ذلك عليه وقتله، فأبغضني بقتله المسلمون، وزرع لي في قلوبهم العدواة". ثم قال: رحم الله حسيناً لَودِدت أن أُتيت به سِلمًا.

ثم أمر بالنساء فأدخلن على نسائه، وأمر آل أبي سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، ثم أمر بتجهيز نساء آل البيت وإعادتهن إلى المدينة معزّزات.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم بأن ابنه وحبيبه سوف يقتل على يد مسلمين، فقد روى أبو أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: "لا تُبَكُّوا هذا" يعني حسيناً، فكان يوم أم سلمة، فنزل جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة : لا تدعي أحدا يدخل، فجاء حسين فبكى، فخلته يدخل، فدخل حتى جلس في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال جبريل: إن أمتك ستقتله، قال يقتلونه وهم مؤمنون؟ قال : نعم ، وأراه تربته. إسناده حسن كما قال الإمام الذهبي.
وقد بقي هذا اليوم دامياً في قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم ينسوه لأهل العراق الذين حضروا مصرع الحسين دون أن يدافعوا عنه، ففي البخاري عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا*.
وأما عن علاقته بعمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ممن يظن بعضهم أنه كان بينهم ما يسوء، فقد روى الإمام الذهبي أخباراً عديدة أسانيدها صحيحة، تدل على مكانة خاصة للحسين في قلب عمر رضي الله عنه، منها، أنه قال له: "أي بني وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم، ووضع يده على رأسه، وقال: أي بني! لو جعلت تأتينا وتغشانا". وكان يفرض له خمسة آلاف مثل أبيهم رضي الله عنه، وحين كسا أبناء الصحابة لم يجد ما يناسب الحسنين، فبعث إلى اليمن فأتي بكسوة لهما، فقال: الآن طابت نفسي. وبينا عمرو بن العاص رضي الله عنه في ظل الكعبة إذ رأى الحسين فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم.
اللهم إنا أحببنا الحسن والحسين وأمّهما وأباهما وعِترتهما الصالحة؛ لحبّنا لنبيك صلى الله عليه وسلم فاجعلنا يوم القيامة مع من أحببْنا.
اللهم صلّ وسلم عليهم جميعاً، وصلّ وسلّم على نبيك محمد خاصة، وعلى آله أجمعين وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
---------------------------------------------
(1) ذكره الهيثمي في المجمع 9/187 ونسبه إلى أبي يعلى وليس لأحمد ، وقال: رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وهو ثقة.

المصدر : الإسلام اليوم


رضي الله عن الحسن والحسين ومعاوية وسلفنا الصالح ومن تبعهم على منهاج السنة المطهرة ..
طالب الفردوس غير متصل  
 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)