|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2004
البلد: نجد
المشاركات: 23
|
الإقبال على عبادة الله كفيل بالنجاة من الفتن
روى الإمام مسلم (18/392) عن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : (( العبادة في الهرج كهجرة إليّ)) والهرج : القتل والقتال ، وماله من مقدمات من عصبية وحزبية ، وغير ذلك ، ولفظ العبادة هنا يشمل جميع أنواع العبادة من صدق وإخلاص ، ومراقبة لله وتقوى ، وورع وصبر وثبات على الحق ، ومحافظة على تعلم العلم النافع ، وتعليمه ، والعمل الصالح من صلاة وصيام ، وحسن معاملة ، وحسن خلق ، كل هذه وأمثالها من العبادات . فلو أقبل المسلم على العبادة كما أراد الله لم يبق معه وقت لضياعه مع الفتن والمراء والجدال ، وصدق النبي إذ يقول : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)) من حديث ابن عباس عند البخاري. وقال : ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) عن أبي هريرة عند مسلم (2/300). الفضل لله وحده في النجاة من جميع الفتن الفتن كثيرة ومتنوعة ومستجدة ما بين الحين والآخر ، وكل واحد من المسلمين المتمسكين بدين الله معرض في كل وقت للفتن ، فمن نجا من الفتن فذلك بشيئين عظيمين: فضل الله عليه ، واستمرارية توفيق الله له. قال تعالى مخاطبا أصحاب رسول الله بعد حادثة الإفك :{ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء} [النور]، ولما حصلت الشائعة بين الصحابة أن رسول الله طلق نساءه جرى للصحابة ما جرى فذهب عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى النبي وقال : ((أطلقت نساءك ؟ قال : لا ، قال عمر : فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله نساءه ونزلت هذه الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال عمر : فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ، وأنزل الله عز وجل آية التخيير)) رواه مسلم رقم (1479) بهذا اللفظ . فهنيئا لمن وفقه الله لتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن. الفرار من الفتن ولزوم كل امرئ عمله روى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)). وروى مسلم برقم (2887) عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فقال رجل يا رسول الله : أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال : يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء ، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ فقال رجل يا رسول الله : أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين ، فضربني رجل بسيفه ، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار)) . فهذا من العلاج العظيم وتعريف الناس ما ينفعهم فلو انصرف الناس إلى أعمالهم ما قامت فتنة كالمظاهرات والانقلابات ، فكل هذه من الفتن ، فما أعظم العلاج في الشرع ، وما أقل المنتفعين به. الفتن تنسف المتطلعين لها قال تعالى :{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال]، فتأمل كيف أمر الله باتقاء كل فتنة فمن لم يخضع لأمره سبحانه فالجزاء كما قال الله :{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور]. والله ثم والله إننا لا نطيق فتنة ولا العذاب الأليم ، فواعجبا لعاقل يقدم نفسه لما لا تحمد عقباه ، وقد جاء من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله : ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم...)) متفق عليه. وكم رأينا ممن يستعجلون الفتن قد تغيروا عن الحق فبعد أن كانوا أهل صدق أُثر عنهم الكذب ، وبعد أن كانوا من أجل الإسلام فقد صاروا من أجل الأغراض النفسية ، وبعد أن كانوا يتحاشون مؤاذاة الناس والسب والشتم فقد صاروا يخوضون في أعراضهم. فالله الله في دينك يا مسلم إذا جاءت الفتن فصن لسانك وحافظ على سلامة قلبك ، ونزه سمعك فلا تتصدى للجدال فيما لا تحسن ولا تتكلم في ما لا تعلم ، ولا تشغف بسماع كل ما يدور ويقال فتصير في اضطراب وحيرة وشكوك ، والله المستعان. الذنوب داء الأخوة في الدين روى البخاري في "الأدب المفرد" من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما)) وهو حديث ثابت عن النبي . فانظر حفظك الله كيف يجلب الذنب الواحد الفرقة بين المتحابين ، فيكف إذا كثرت الذنوب ؟!، وسواء كان الذنب في حق أخيه أو كان في حق أخ آخر ، أو كان بين العبد وربه. فيا لله ما أخطر الذنوب علينا ، فيا علام الغيوب جنبنا الذنوب وسهل لنا أن نتوب ، وقنا شر أنفسنا والقلوب. فاحذر أخي أن تتعامل مع أخيك المسلم بالظلم أو الغيبة والنميمة ، أو سوء الظن أو الكذب عليه أو الغش له. ومما يجلب العداوة بين الأخ وأخيه التداخل في أمور الدنيا ، فكم من إخوة كانوا أحبابا فلما دخلوا في الشركة صاروا أعداء. قال تعالى :{وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم} [ص] عدم الإخلاص من أسباب السقوط في الطريق قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ : (إنما يتعثر في الطريق من لم يخلص عمله لله ) فلله در ابن الجوزي كيف كان خبيرا بالداء والدواء . والتعثر هذا قد يختم به للإنسان ، قال الرسول : ((إن العبد ليعمل عمل أهل النار وهو من أهل الجنة ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنما الأعمال بالخواتيم)) رواه البخاري عن سهل بن سعد رقم (6607) وهو عند مسلم بنحوه رقم (112) قال ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ : (خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت ـ إلى أن قال: ـ فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر) اهـ من كتاب "قال ابن رجب" (151-152) . قلت : الله الله في إخلاص العمل لله في قلبك وقالَبك. التفقه في الدين إن من فوائد التفقه في دين الله سلوك طريقة النجاة من الفتن ، وهي منحة إلاهية يتفضل الله بها على من يشاء من العباد ، قال الرسول : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) متفق عليه من حديث معاوية. فإياك إياك واحتقار الفقه في الدين ، فقد قال بعض العلماء : (إن الله يرفع عن هذه الأمة العذاب برحلة أصحاب الحديث) نعم إن عظمة دين الإسلام تكمن في كل آية من كتاب الله وفي كل حديث صحيح عن رسول الله ، فالأمة الإسلامية قد تتجرع أنواعا من المصائب ، والحل موجود في أكثر من آية أو حديث ، والآية الواحدة والحديث الواحد فيه حل برأسه ، ولقد جاء الإسلام لكل فتنة بدواء ولكن قلَّ المداوون ، ولنضرب لذلك مثلا لما مات الرسول اختلف الصحابة في تجريده من الثياب فسمعوا قائلا يقول: لا تجردوا رسول الله . فتركوا تجريده ، واختلفوا فيمن يكون الخليفة بعده فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله يقول : ((قريش ولاة هذا الأمر )) رواه أحمد (1/5) ، فسلم الصحابة الإمامة لأبي بكر لأنه قرشي ، فانظر كيف حُسِم الاختلاف بسبب التفقه في الدين والتسليم للدليل ، وكم جرت من خلافات في الصحابة وكانت تزول وتنتهي إذا جاء الدليل والبرهان الشرعي ، فالتفقه في الدين أساس كل خير ولكن على يد من صح معتقده وسلم منهجه وحسن مقصده ، فاختيار الكتاب القيم والعالم الفطن للتفقه في الدين مطلب كل باحث عن الحق. الاعتصام بحبل الله وحبل الله هو اتباع القرآن الكريم والسنة المطهرة على فهم السلف الصالح ، والاعتصام بهما أمان من الزيغ والضلال ، قال تعالى :{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}. والاعتصام بكتاب الله كما أراد الله يكون بثلاثة أمور: 1- قبول آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الصحيحة قبولا صادقا ظاهرا وباطنا فلا تردد في قبول شيء من ذلك ، وهذا القبول لا بد أن يكون قائما على الاعتقاد الجازم أن القرآن الكريم والسنة المطهرة محفوظان بحفظ علام الغيوب ، قال تعالى :{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر]. 2- فهم القرآن والسنة على فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إذ لا عصمة من الانحراف في فهم القرآن والسنة إلا بهذا ، وأكثر الفرق التي ضلت عن سبيل الله كان من أسباب ذلك عدم اعتمادها على فهم السلف الصالح ، وأهل السنة أسعد الناس بفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان. 3- العمل بالقرآن الكريم والسنة المطهرة ظاهرا وباطنا على ما كان عليه عمل الصحابة ومن تبعهم بإحسان. والقيام بهذا أصعب من القيام بالذي قبله ، والمفرطون في هذا أكثر من المفرطين بالذي قبله ، ولم ينج من هذا التفريط إلا أفراد من عباد الله الصالحين ، والرجوع إلى ما كان عليه السلف من العمل عند الفتن أمر مهم ، وبالالتزام بهذه الأمور في جميع شؤون الحياة يتحقيق الاعتصام الحق بكتاب الله عز وجل . أهمية الرجوع إلى علماء الأمة عند الفتن إن علماء السنة والجماعة هم أعظم من يقف ضد الفتن قديما وحديثا ، وكم من فتن ظهرت في عصرنا فتصدى لها العلماء وكشفوا عوارها وأوضحوا أضرارها. فهم الذين وقفوا ضد الدعوات البدعية والأفكار المنحرفة بالمرصاد ينافحون في الليل والنهار عن الحق الذي جاء في القرآن والسنة المطهرة وسار عليه السلف الصالح ، فالذي لا يرجع إليهم إما أن يقول الكل على خير وحق . وهو يعني بالكل أهل السنة ودعاة البدع والتحزب وهو في الحقيقة يسوي بين الحق والباطل ، وإما أن ينحاز إلى فئة من فئات البدع والحزبيات ويحارب دعوة الحق ودعوة الله ورسوله وهو سائر في ذلك كما تريد الفرقة التي ارتمى بين أحضانها ، أما من رجع إلى علماء الحديث فإنه ينجو بحمد الله رب العالمين ، قال تعالى :{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء]. قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : العالم يرى الفتنة وهي مقبلة والناس لا يرونها إلا وهي مدبرة .قال تعالى مخبرا عن موقف عامة الناس في قارون :{فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} [القصص]. وقال في موقف أهل العلم من قارون : (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون} [القصص]. ثم تغير موقف عامة الناس ولكن بعد أن أهلك الله قارون ، قال تعالى :{وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون} [القصص]. ومواقف العلماء المعاصرين في إدراك الفتن والتحذير من الوقوع فيها كثيرة واعتبر بفتنة جهيمان وفتنة جبهة الإنقاذ في الجزائر ، وفتنة الانتخابات والتحزبات ، وغير ذلك كثير مما حذَّر منه العلماء فلم يقبل نصحهم فكان ما كان من المصائب العظام ، والغالب على المحبين للخير أنهم يستعجلون كما قال الرسول لبعض أصحابه : ((والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلى الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)) رواه البخاري (7/209) من حديث خباب. التمحيص للأخبار الشائعة خصوصا عند الفتن يجب على المسلم أن يتثبت من الأخبار الشائعة وأن لا يحدث بكل ما سمع وأن يردها إلى أهل العلم ، قال تعالى :{ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} ولهذا قال الرسول : ((كيف بكم بزمان يغربل الناس فيه غربلة وتبقى حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قالوا كيف بنا يا رسول الله ؟ قال تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون)) رواه ابن ماجه (2/3956) من حديث عبد الله بن عمرو . فالأخبار التي تنقل عبر كثير من الصحف والمجلات لايعتمد عليها لأن هذه المصادر ليست محل ثقة، وأيضا الكُّّتاب عندهم أفكار دخيلة واتجاهات في الغالب . فالأخطاء التي يتحدث بها الثقات عن فلان المعروف بعدم الوقوع فيما ينسبونه إليه يطالبون بالمصادر والنظر فيها ، وإذا لم يكن عندهم مصدر إلا الشخص يسأل عما نسب إليه فهذه الضوابط تقصم ظهور المروجين للفتن والساعين في الفرقة، فتسد عليهم الطرق وتغلق دونهم الأبواب وتفوت عليهم الفرص التي ينتظرونها ، والالتزام بهذه الضوابط شاق جدا لا يوفق لذلك إلا من وفقه الله ، ولا يستمر على ذلك إلا من ثبته الله رب العالمين جعلنا الله منهم. راجع كتاب : التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن
__________________
{ مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
آخر من قام بالتعديل HATM; بتاريخ 18-04-2007 الساعة 12:21 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|