|
|
|
![]() |
#17 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 128
|
السلام عليكم
نكمل معكم منذ سنة .. كنت جالسا في مكتبة الجامعة و كان ينتابني شعور بالفرح الشديد لقدوم الإجازة النصفية لهذا الفصل الدراسي وبينما كنت على هذه الحالة ، سمعت صوت هاتفي نظرت إليه وإذا به رقم والدتي يالله .. كم انا مشتاق لسماع صوتها فأنا لم أراها منذ سنة كاملة بكل لهفة أجبت نداء هاتفي كانت الكلمات الجميلة تخرج من فمي بغزارة وكنت أنتظر أن أسمع منها ما هو أجمل من كلماتي .. فقد اعتدت على كلامها الجميل ورقتها و عطفها الرائع صدمت بسكوتها ويا ليتها سكتت بدأت تتكلم و الحروف تخرج منها بصعوبة فالعبرات خنقتها شعرت بدموعها التي تحاول أن تخفيها وبعد أن سألتني عن دراستي طلبت مني أن أرجع إليها في هذه الإجازة فقد اشتاقت لي كما قالت كيف و الإجازة قصيرة جدا !! أسبوع واحد لا يكفي لأن أقضي إجازة مع أهلي في حلب.. لكن رغم كل هذا أصرت على قدومي و هنا بدأت تراودني الشكوك فالأمر ليس مجرد شوق ، الأمر أكبر من هذا وبعد اصراري على معرفة السبب قالتها ومزقت قلبي بحروفها قالت : إن أباك أصيب بوعكة صحية خفيفة وهو يرغب برؤيتك فتعال بأقرب فرصة أقفلت أمي الهاتف وهنا بدأت دموعي تنهمر بتلقائية ، وعكة صحية خفيفة !!! الأمر ليس كذلك فأبي مصاب بمرض القلب و كان كثيرا ما يدخل العناية المركزة ولا أعلم بهذا الأمر إلا عندما أعود إلى الوطن الأمر هذه المرة مختلف ، تعوذت من الشيطان الرجيم و انطلقت لشراء التذكرة و خلال يومين كنت قد وصلت المطار وكانت أمي و خالي في استقبالي هذه أول مرة لا يستقبلني أبي فيها ، أحسست بضيق في صدري كانت أمي تتصنع الإبتسامات وبدأت بتهيئتي لزيارة أبي في المستشفى الكلام الذي سمعته من أمي لا يستدعي هذا القلق و أن الأمر هو مجرد عملية جراحية و سيرجع أبي إلينا سالما بدأت أتضرع إلى الله بالدعاء فالامر الآن يتعلق بأغلى ما أملك وصلنا إلى المستشفى و توجهت مباشرة إلى العناية المركزة ليستقبلني الطبيب المسؤول عن حالة أبي ويطلب مني التوقيع عن العملية المقررة لوالدي وبالطبع سارعت للتوقيع وتوجهت نحو والدي ألقيت على والدي السلام لم يجب فهو ملقى على السرير لا حراك !! لا كلام !! عانقته وبدأت بالبكاء فهذه أول مرة أرى والدي فيها على هذا الحال بدأت أمي تهدئ من روعي و قالت : أباك الآن تحت تأثير المخدر هدأت أعصابي و استعنت بالله و توجهت إلى الطبيب لمعرفة حالة والدي رحب بي الطبيب ، واجلسني وبدأ الكلام كانت حروفه تنهال علي بقسوة فالأمر لم أحسب له حسابا قال لي ان أباك في حالة حرجة جدا ثم بدأ بشرح الحالة علمت حينها أن أبي تعرض لثلاث جلطات في آن واحد ، في الدماغ و القلب و القدم اليسرى و أنه توفي فعليا قبل بضعة أيام و لكن الله قدر أن يعيش إثر صدمات كهربائية متتالية ، كانت الفترة الزمنية القصيرة التي توفي بها كانت كفيلة أن تقتل معظم خلايا المخ التي لا يمكن تعويضها وهذا ما سبب الشلل الكامل الذي عاشه أبي لبضعة أيام كنت أتمنى أن أنفجر بالبكاء ليرتاح قلبي الذي أنهكته طعنات الحروف القاتلة ولكنني كنت أتصنع الصبر و أكابر حتى أخفف المصيبة على والدتي التي لم تعلم حتى وفاة أبي حقيقة حالته وكل الذي كانت تعلمه هو حالة من الغيبوبة التي قد يتعرض إليها أي شخص وبدأت رحلتي المتعبة في التخفيف عن والدتي و التمهيد إلى ما يمكن أن يحدث و عشنا أسبوعين في غرفة العناية المركزة كان ما يصبرني على مصيبتي كثرة المحبين لوالدي إذ أن الغرفة كانت لا تخلو من الزوار وهذا ما أثار دهشة الممرضين و رجال الأمن ولكن في الحقيقة مما زادني صبرا هي القصة الجميلة التي سمعتها من الذين شهدوا وفاته الأولى إن صح التعبير وهي : كان أبي رحمه الله إماما لموظفي الشركة التي يعمل بها وبسبب التعب الشديد الذي بدأ يشعر به في شهوره الأخيرة كلف صديقه في الإمامة و لكن الله قدر أن يتغيب هذا الصديق في ذلك اليوم و يؤم أبي صلاة المغرب و بعدها ذهب أبي إلى مكتبه ليكمل عمله و بعد ساعة أذن المؤذن لصلاة العشاء ، قام أبي رحمه الله ليتوضأ و بعد أن انتهى من وضوئه وقف بمكتبه و هو يضع غترته ( شماغه ) و هو يقول ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير ) ليقع على الأرض متأثرا بالجلطات التي أصيب بها لتكون هذه الجملة آخر كلمة تلفظ بها في حياته عندما سمعت هذه القصة انهالت دموعي لترسم الفرح الذي أحسسته و الراحة التي شعرت بها أسبوعين كاملين وهو ميت سريريا وفي يوم الثلاثاء الموافق 1 / 1 / 1427 توفي رحمه الله بعد صلاة الظهر و صلي عليه بعد صلاة العصر و دفن رحمه الله بعد وفاته بثلاث ساعات كان ينتابني شعور غريب أثناء تغسيله و دفنه ، فبالرغم من الحزن الشديد الذي أصابني بسبب فراق هذا الحبيب إلا أن قلبي كان يرقص فرحا بسبب رؤية الأعداد الغفيرة التي شهدت جنازته و بهذه الكلمات أطوي صفحات هذه القصة التي عشت قسوتها و ألمها ، لا أدري في الحقيقة عن سبب ذكرها لكم ، لعلي أحببت أن أشارك أخواني و أخواتي في هذا المنتدى الذي أعتبره البيت الثاني لي أحزاني ، ربما يكون سبب ذكر هذه القصة للعبرة حتى يراجع كل شخص علاقته مع أبويه و أن ينتهز كل منكم قرصة حياة أبويه ليكون رضاهما الجسر الذي تعبرون به إلى الجنة بإذن الله تعالى هذه القصة لأحد الأصدقاء وهو في ماليزيا رحم الله والده و اسكنه فسيح جناته يروي صاحب القصة التي حدثت في أرض الشيشان وتحديداً في جروزني قبل مدة فيقول : خرجنا في كتيبة مع قائد العملية .. وفي أثناء عودتنا من جروزني إلى الجبال إذا بالطائرات الروسية تقوم بإنزال المئات من الجيش الروسي .. فتوزعنا في المكان ونحن عراة الأقدام ، وفي ليل حالك الظلام والأرض من تحتنا ثلج . نزل الجيش الروسي فوق الجبال ونحن في الأسفل وأشكالنا مرئية وواضحة لهم ، لأننا في الأسفل وهم في الأعلى ولا يوجد مخبأ ساتر وبعد أن أثاروا الجلبة والإزعاج بدأوا بإطلاق النار .. وأقسم بالله العظيم إنا لنراهم يطلقون النار إلى الأعلى ونحن في الأسفل ، ونرى شرر نيرانهم واستمر الإطلاق مدة نصف ساعة تقريباً ونحن ندعو الله أن يخذلهم ويعمي أعينهم عنا .. ثم ساد السكون بغتة والهدوء فانتظرنا نصف ساعة أخرى ثم قال القائد خطاب : نريد مجموعة ترحل إلى أعلى الجبل ليعلمونا ما الخبر ولماذا وقف إطلاق النار ، فرفع الجميع أيديهم فاختار خطاب منهم سبعة فذهبوا هناك . وبعد ساعة سمعنا تكبيرهم فوق الجبل .. فخرجنا إليهم ونحن مندهشين و يلتهمنا الفضول ونسألهم ما الخبر فيكبرون وعادة لا يكبر المجاهدون إلا عند الفتح أو حدوث أمر جليل . صعدنا الجبل وهناك كانت المفاجأة : مئات من الروس قد قطعوا كأنما قطعوا بسيوف حادة أو بمناشير كهربائية حتى أننا قلنا لا يستطيع إنسان أن يقطع بمثل هذه القوة حيث كان القطع حاداً جداً .. والأغرب من ذلك أن الكلاشينكوف في أيد الروس لم يتأثر أو حتى يخدش .. والمشارط في جيوبهم سليمة تماماً وكذلك باقي الأسلحة وأعداد الجنود الروس المقطعين كانت بالمئات .. فعلمنا أن الله نصرنا بجند من عنده وشد أزرنا بمكرمة عظيمة ولله الحمد والمنة والحكمة البالغة في ذلك . يتبع |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|