بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » التقنيةُ والفِكرُ ...مَنْ يقودُ مَنْ !!

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 11-03-2008, 07:29 AM   #1
مثلث برمودا
عـضـو
 
صورة مثلث برمودا الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2002
البلد: Saudi Arabia
المشاركات: 225
التلازم بين التقنية وثقافتها(2/2)
محمد بن حامد الأحمري 21/11/1423
04/02/2002

ونعود إلى مداه القريب إذ نجد أن فن التعامل والاجتماع في مكان أو على مشروع عمل يجعل البعيد قريباً، و يجعل من شبه المستحيل ممكنا، ولا أزال أذكر ما كنا نعانيه في مساجد أمريكا ونحن غالباً من المهاجرين عرباً وغيرهم، حيث كنا لا نستطيع تجاوز الانتخابات السنوية في المساجد بسهولة، فانتخابات الرئاسة الأمريكية لا تسبب إشكالاً، ولا خصومات أو معارك جانبية، أو قتل كما يحدث في العالم الثالث، ولكن في مدينة ".." الصغيرة جداً كلما جاء موسم انتخابات المركز الإسلامي ثار الوضع، واستفز الناس ولابد أن تحضر الشرطة لفك الاشتباكات في المسجد عن قرابة عشرين عربي في المسجد!!
ولا أزال أذكر بحسرة ذلك الموقف في شهر رمضان عندما اختلف المصلون على من له حق الإمامة، ورفع أحدهم السلاح على رأس الإمام إن لم يترك المحراب، وجاءت الشرطة، وكان بينهم امرأة اعترض عليها أحد المسلمين بسذاجة ولأنها دنست المصلى بحذائها فقالت له: لو كرمتم مسجدكم لم أدخله ولم يدنسه حذائي!!
ولولا أن المساجد الأخرى تتلقى التشريع الديموقراطي الغربي قسراً، وإلا ما سلمت المساجد من معارك مشابهة ومستمرة، وحال المسلمين – الآن- في هذا الجانب أحسن بكثير من تلك الأيام. فلقد انتهت الكثير من تلك الخصومات، وتعود الناس ثقافة البلد بخيرها وشرها، فأصبحوا يقبلون ثقافة الديموقراطية ويغلبون الأغلبية حتى ولو لم تصب أحياناً وربما تجافي الصواب.
وهو الجزء الساذج وغير المعقول من الديمقراطية، فأحياناً تأتي بالخطأ، ولكنها حل لمن لا حل عنده. وترسم طريقاً للتفاهم عندما لا يجدي الحوار، ومثال ذلك تلك النكتة المنتشرة ـ وهي ممارسة إلى حد كبيرـ التي تقول : إن طلاباً في فصلهم اختلفوا في تحديد جنس ضفدع ، هل هو ذكر أم أنثى؟! فاختلف الطلاب، وليس هناك من طريق لحسم الموقف إلا بأن يقترعوا ويصلوا إلى تحديد جنس الضفدع من خلال الأغلبية، ليتعاملوا معه ويتخاطبوا في التعبير عنه بضمير "هو أو هي"!!
إن هذه الطريقة التي تعودوها للحسم في خلاف بهذه الطريقة، وليس لدى أحدهم ما يمكن أن يقنع به صاحبه. وهي نفسها طريقة الوصول لكثير من القرارات، قد لا يكون القرار صحيحاً، ولكنه خير طريق لنا للوصول لما بعده، والانتقال من دائرة الخلاف الكلامي للممارسة والعمل. ولا يفرض أحدهم رأيه على الآخر من خلال جهل ولا قوة. فكل منهم إنسان كليل وعاجز عن تحقيق المعلومة النهائية والمصلحة القطعية في ذلك.
وهذا ما يجعل الذات متأخرة عن الموضوع في كثير من ممارسات المجتمعات التي نضجت فيها الأفكار، وفي مجتمعاتنا الشخص مقدم على الحق، وهذا خلاف الشرع والعقل. وما دعاء الإمام الشافعي أن يسوق الله الحق على لسان مخالفه إلا درجة عليا من التجرد والتسامي على الذات والترفع للوصول للحق الأقدس، وللمصلحة العليا، وفي هذه الحال يخسر شخص الشافعي وتسقط سمعته عند السذج، ولكنه يعلو عند الله ثم عند عقلاء ومخلصي عباده، لأنهم يدركون ضخامة المعركة التي خسرها شخصه لينتصر الحق. وكانت تلك ثقافة المجتمع الإسلامي قبل الانهيار الخلقي والسياسي!!
فأصبحت البطاقة تحسم خلافات المجتمعات المفكرة، والرصاصة تحسم خلافات المجتمعات غير المفكرة. فهذه الخلافات الكبرى بين الأشخاص والأفكار ومصالح الأحزاب تشرح للناس في الحملات والميادين العامة والخاصة عاماً أو أكثر، ليعرفوا أيهما أحسن لهم واحب لهم وأخدم لمصلحتهم، ثم يتخلى الشارحون عن منصاتهم، والمطالبون بالمنصب، وتحسم بطاقات الاقتراع بينهم وإن أخطأت . وستكون خيراً من الرصاص في مجتمعات الشجعان (مشايخ الأفغان) و(رواندا)، فهي تقتل البدن والروح والعقل ويخسر المجتمع لا محالة. ولا تأخذ الانتخابات من وقت الناس ولا عواطفهم كثيراً، دقائق يعود الناس بعدها لأعمالهم كأي يوم عادي والأغلبية لا تشتغل بالموضوع أصلاً ولا تنتخب.
إن نقل التقنية للمجتمعات الأخرى ممكن ـ على الرغم من صعوبته ـ لكنها عانت من سوء استخدامها، وما رافق ذلك من ثقافة الشعوب الغربية وعنصريتها، وقسوتها ووحشيتها، وقد تعاني أسوأ من ذلك مستقبلاً، ونحن بحاجة لأن نعطي هذه التقنيات بعداً أحسن مما هي فيه من تقاليد قد تكون مانعة من نقل أو زراعة المفيد منها ، أو تبقى مضرة للناس على السطح، ولا يتلقاها مجتمع بقبول. وقبل الصناعة والتقدم لابد من ممارسة التفكير الشامل، وفتح نوافذ التفهم والتسامح والتفكير في مصالحنا بشكل جماعي، فالأولى بالفهم من القول ما يثبت صحته، ومن لم يفهم موقفاً فسوف يتطور ويفهم ويساند، ويدفع من قلبه وعقله وروحه ما يضمن للدين وللأمة الخير. ولكنه بحاجة أن يثق ولا ثقة دون مشورة، وبحاجة أن يعمل ويخلص ولن يكون إخلاص بلا ثقة. وإن مهاد الخير في بلاد المسلمين أغنى وأبقى ولكنه مطمور تحت أقدام الفردية قاتلة الأفكار والحرية والنبوغ !!


تحياتي ..
مثلث برمودا غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)