[القلب الوردي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


صباحكن\مساؤكن

معطر بذكــر الله


في عيادة الأسنان وبعد أن استلمت الممرضة مني الملف طلبت مني أن انتظر في المكان المخصص للنساء,دخلت وإذا بالمكان لم يمتلئ بعد! لفتت إنتباهي إمرأة قد لبست خمار يشبه خمار (الأشوام) وقد غطت يديها ورجليها بالسواد وكانت قد اصطحبت طفلتيها معها أعجبني جداً حرصها على الستر حيث كانت أستر من في الغرفة حتى ابنتها اللي لم تتجاوز الثامنة من عمرها قد البستها لباساً ساتراً قلّ مانراه على بناتنا ذوات الخامسة والسادسة عشرة !

في البداية ظننت أنها من بلاد الشام ولكن ما إن بدأت تحدث مع إبنتها وإذا بلغتها تختلف فهي ليست بالعربية إطلاقاًَ إزداد تعجبي وإعجابي بها , التفتت نحوي وسألتني بلهجتها المكسّرة والتي يشوبها بعض الكلمات الشامية :هل أنتِ عند الدكتورة فلانة؟ أجبتها بالإيجاب
وبدأت تشرح لي عن مأساتها مع إحدى الطبيبات وبدأ جميع من في الغرفة يتناقش في أي الطبيبات أحسن وأخف يد ووو, قالت إحداهن : إن الطبيب الرجل أفضل من المرأة وقبل أن تكملها تكلمت هذه المرأة وقالت: نحن نخاف الله والمرء لا يعرف متى يموت ولكن متى ما اضطررت لذلك فالله سيتوب عليك بإذن الله!, سألتهاإحدى الجالسات :هل أنتِ من باكستان؟! فأجابت بالنفي وأردفت: أنا أوروبية, قالت لها هذه المرأة(وكانت كبيرة في السن!) :وهل يوجد من يخاف الله هناك؟!!
بصراحة لم انتظر كي تجيبها هذه وقلت لها : في كل مكان يوجد من يخاف الله وليس هناك مكان محدد.
اعجبني في هذه المرأة قوة المنطق لديها حيث قالت : كما أنه يوجد هنا أناس قليلون لايخافون الله فهناك أيضاً قلة يخافون الله ولاتنسي أنها بلدة كفر (وكان قصدها أنه وإن وُجِد من يخاف الله هناك فهو في بلدة كفر والبلية من وُجِد من لايخاف الله وهو هنا في بلد الإسلام).


تحدثت كثيراً عن معاناتها في تعلم اللغة العربية حيث أنها تعلمت العربية الفصحى في معهد في بلدها ,وحين تزوجت من عربي (أردني)وهو الذي دعاها للإسلام (وهنا يظهر دور المسلمون الذين يدرسون في الخارج في دعوة الناس هناك إلى الإسلام) بدأت تأخذ منه الكلمات العربية ولكن حين أتت هنا قبل ست سنوات بدأت معاناتها حيث تقول: درست في دار تعليم القرآن وكنت مع نساء كبيرات لاأفهم مايقلن (ولكن أن تتخيلن كيف تتحدث مع إمرأة كبيرة من القصيم أو من الجنوب!)
وحتى في السوق تقول أسمع كلمات كثيرة لاأفهم معناها ولكنّيِ كنت أدون ما أسمع وأعطيها لزوجي كي يفهمني إياها حتى والآن تقول أفهم جميع اللهجات العربية من مصرية وشامية وخليجية وسعودية ماشاء الله تبارك الله.


اعتبرت هذه المرأة هي المسلمة الحق والنموذج الذي يجب أن يفخر به أي مسلم , لاتتحدث إلا بشيء يشوبه الحذر والخوف من الله ولاتنطق إلا بكلام يفيد من يسمع, هاجرت بدينها وتركت الأهل حتى تنجو هي وأطفالها, كي تربيهم التربية الإسلامية الحقة والتي عجز عنها معظم نسائنا هنا في بلد الإسلام , خجلت من نفسي وخجلت من وضع نسائنا أمامها حيث أنه يجب علينا نحن أن نعلمها وليس هي حديثة العهد بالإسلام!

وفي الختام أسأل الله العظيم أن يثبتنا وإياها على دينه وأن يحفظ علينا الأمن والإيمان إنه على كل شي قدير .


دمتم برعاية المولى وحفظه