|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2007
البلد: بريده
المشاركات: 20
|
حِينَ يَبْكِي الْقَلَمُ..(( صَبْراَ أبَاالْخِيل وآلنْجِيدِيْ))
بسم الله الرحمن الرحيم
صبراً أباالخيل وآل نجيدي.. (( وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون)) أتقدم بأحر التعازي إلى والدي وعمي وعماتي وكافة أسرتي بوفاة عمتي الغالية ((حصة)) رحمها الله.. كما أخص بالعزاء زوجها الشيخ: إبراهيم بن سعود النجيدي وأبناءه وبناته. وما هذه إلا رسالة بسيطة حاولت تسطيرها لعمتي الغالية – رحمها الله- حين يبكي القلم.. رغم أشلاء نفسي المبعثرة.. رغم دموعي الثكلى أحاول أن أكتب .. أن أعبر.. أن أخرج شيء مما يدور في نفسي.. ويح قلبي .. كيف له أن يهدأ.. كيف لدمعي أن يجف.. فعلى مثل عمتي ((حصة )) فلتبكِ البواكي.. هكذا عليّ أن أصارع أمواج الأسى .. وأن أدرك الحقيقة.. لم يعد في الوجود ذلك الصوت الهادئ.. غادرَته تلك النفس الزكية.. بعد صراعات مع المرض.. غاب عنّا ذلك العقل الحكيم.. كيف لي أن أتخيل أن عمتي لم تعد من عالمنا.. تركت حياتنا بحلوها ومرها.. سبقتنا إلى البرزخ.. ايه ياعمة.. لا أعلم بما أناديك.. عمتي.. أمي .. جدتي.. كلها لك.. بل أكثر.. عمتي.. عمود من أركان عائلتي قد انهار بوفاتك.. هو الموت يا عمة.. لا يعرف صغير ولا كبير.. لو كان لنا من الأمر شيء لفديناك.. ولكن لا مفر!! عمتي.. أخاطب روحك الزكية.. أناجيها.. أعلم أنكِ لن تجيبيني.. أعلم أن صدى صوتي سيرتد إليَ.. فلم يعد فوق السرير أحد!! عمتي.. برّك بجدتي لا يزال محفور في ذهني.. نعم..كنت صغيرة.. ولكني أدرك.. حين صحوت من النوم ذاك الصباح.. نزلت ورأيت منزلنا يعج بالناس.. قالوا بأن جدتي قد فارقت دنيانا.. لم أكن أعرف معنى الوفاة.. ولكن حين رأيت وجهك الذابل عرفت أن كأس الفراق مذاقه مرّ.. وها أنتِ اليوم تجرعيني إياه!! عمتي.. كنت ولم أزل.. لا تحلو لي جَمْعَة إلا حين أراكِ.. كعادتهم الكبار كانت فيهم بعض الأنانية.. دوماَ يأمرونني بأن أذهب وألعب مع الصغار.. كنت أرفض.. فأنا لا أريد أن أَحرم من سوالفكِ.. ليس شرطاَ أني أفهم مغزى الكلام.. ولكن أسلوبك في الحديث يأسرني.. حركة يديكِ تستهويني.. عندما نلعب.. كنت أصر على تقمص دوركِ.. فأنا العمة حصة التي يحبها الصغار والكبار.. فأحكي لهم .. أقلدكِ.. ودوماً ينتهي لعبنا بجرح في يدي.. أتعلمي لما؟؟ لأني أقطع الفاكهة بيدي اليسرى مثلك فينقلب الأمر عليّ!! عمتي.. كم كنت أتلذذ بزيارتكِ إلينا.. لم تكوني تنسي الصغار من عطاءك.. فلابد أن تغدقي على من تزوري بالحلوى.. حين نزوركِ.. كنّا نتلكأ في الخروج.. كلٌ منا يريد أن يكون الأخير ليظفر بأكبر قدر من العطاء!! عمتي.. كبرتُ وكبر حبي لكِ.. و ازددت إعجابا بحكمتكِ.. دوماً أدعوا الله أن يجعلني مثلكِ.. أن يهبني مثل سدادة رأيكِ.. صبرك.. حلمكِ.. عطاءكِ.. عبادتكِ.. عمتي.. آثار أقدامكِ على مصلاك تنتظر تجديدكِ.. تنتظر انتصابكِ عليها.. تنتظر أن تبتل بدموعكِ التي اعتادتها كل ليلة.. عمتي.. من سيجيب حنين سجادتكِ؟؟ من سيسامرها كل ليلة؟؟ من سيقدر على طيها؟؟ عمتي.. ماذا تري باب الفتح في الحرم يقول الآن.. فها هو رمضان قد أقبل .. والباب ينتظر دخولكِ.. كما أعتاد في كل رمضان.. كان يراك تمرين به كل يوم .. من أول ليلة.. إلى أن تتمي صيام الست.. أتريه ينساكِ!! كلا.. إنه ينتظركِ.. يحن إليكِ!! فقراء مكة يا عمتي.. ينتظرون ليلة العيد.. هاهم قد استبشروا بقربها.. ليحظوا بهداياكِ.. أخبريهم .. أنكِ قد رحلتي.. أخبريهم .. أنكِ لم تعودي من سكان هذا العالم.. نحن لن نخبرهم.. فمن سيقدر على كسر قلوبهم!! عمتي.. فقراء هذا البلد.. بحاجتكِ.. رحلتي وتركتيهم.. أغدقتِ عليهم بكرمكِ.. حتى أسرتيهم.. عندما مرضتِ.. كلهم أحسوا بكِ.. لم تتوقف اتصالاتهم.. ولا شك أن أكفهم لم تزل منصوبة تدعو لكِ!! عمتي.. حين بدأ المرض ينهش بطنكِ.. بكيتُ كثيراً .. وهل يجدي البكاء.. أتيناك في المنزل.. كعادتكِ.. وقفتي في الباب تستقبليننا.. أوصلتينا إلى المجلس.. لم تكوني ترتدي حذاء.. فالصغار-على قولكِ- لا يتركوا شيء.. دخلنا المجلس.. صببت لكِ من القهوة.. قلتي لي بالحرف الواحد.. ((لا يبنيتي.. لي أسبوع ما طب اثمي عود)) عند الخروج .. رفض أبي أن توصلينا إلى الباب.. فوقفت عند المجلس حتى وصلنا الباب الخارجي.. لم تسمحي لنفسك بالتخلي عن عادتكِ!! عمتي.. تصارعتي مع المرض.. حرمكِ من الطعام والشراب.. حرمكِ من القدرة على السير.. حين زرتكِ بعد تمكن المرض منكِ.. بكيت كثيراَ.. كنت أخفي دموعي لأني أعلم أنها تضايقك.. جسدك الأصفر الذابل هزّ كياني.. شحوب وجهكِ أدمى فؤادي.. لم أشأ أن أحدق فيكِ.. لا أريد هذه الصورة أن تمحو هيئتك التي نقشتها في مخيلتي!! عمتي.. لن أنس صوتك الذي يغالب دموعكِ حين اتصلتِ تهنئيننا بقدوم فهد.. وربي .. إنها أسعد تهنيئة.. كدت أن أغلق السماعة.. رأفة بكِ.. فحالتكِ لا تحتمل ذرف الدموع.. لا تحتمل الاتصال.. بالكاد كنت أفهم كلماتك.. صوتك واهن .. وشهقاتكِ قوية!! عمتي.. لا أنساكِ حين قلتي لي في الهاتف.. (( بنيتي.. الله ما يضيع أحد.. الله هو اللي رد يوسف ليعقوب)) عمتي.. أتري زوجكِ يناسكِ.. محال هذا.. حبكما لا يخفَ على أحد.. ولا أدل من الرؤيا شيء.. والتي فسرت بحبكما العظيم.. كنت عندكِ حين قيلت لكِ الرؤيا.. لم تنبسي من أول جلوسنا بكلمة.. وحين سمعتي ذلك.. نطقتي بصوت واهن.. لا أظننا نسمع إلا صداه من بين العظام النواحل.. قلتي.. ((أنا ما أذكر شيء.. إلا أمراً واحد.. كنت دوماً أجاري خاطره وأداريه.. لم أكن انطق بكلمة حتى انظر في وجهه مائة مرة أهو راضٍ أم غاضب)) عمتي.. أو تضني هذا سهل!! أو تضني هذا بسيط!! إن سحابة الحزن التي تظلله اليوم عظيمة.. ولا أدل على هذا من شرود عينيه!! عمتي.. حين أُخبرت الخبر لم أصدق.. أضنها فقط لحظات نقول فيها.. بأن عمتي حصة قد.. قد.. لا.. لا أستطيع أن أكتب.. بعد تلك اللحظات أضننا سنذهب ونزورك.. أو ربما ستأتي إلينا!! فأنا لم أستوعب الأمر!! عمتي.. كم مرة تمنيتي أن يصلى عليكِ الجمعة.. كم مرة حدثتي بذلك.. حتى في مرضكِ.. كنتِ تسألين عن اليوم.. في السبت السابق لقدركِ.. صحوتي من غيبوبتكِ.. سألتِ.. ((ما اليوم؟؟)) قيل لكِ بأنه السبت.. تنهدتي وقلتي.. (( فاتت عليّ الجمعة)) عمتي.. هنيئاً لكِ.. هاقد صُلي عليكِ في الجمعة التالية.. وأسأل الله الذي حقق لكِ هذه الأمنية أن يحقق لكِ كل أمانيكِ.. وأن يسعدكِ ويرضيكِ.. عمتي.. إن ما يخفف مصابنا بعد الله.. ذريتكِ.. البارة.. الصابرة.. جعل الله أبناءهم يبرون بهم.. ابنة أخيك البتول بنت محمد أباالخيل |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|