بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الغذامي بكل شجاعة يقف ضد الفصل العنصري في السعودية ..من سلسلة مقالات جديدة في لرياض.

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 17-03-2007, 12:45 AM   #15
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
الإسلام والقبيلة



د. عبدالله محمد الغذامي
إن الحديث عن الإسلام هو حديث في الصميم الثقافي، حيث يدور حوار حقيقي بين فئتين اجتماعيتين، تستند كل واحدة منهما على المرجعية الدينية والنصوصية، وتسعى كل فئة إلى الاستعانة بالنصوص المؤيدة لرأيها، وهو مسعى مزدوج حيث يصاحبه فعل جاد آخر يقوم على تأويل النصوص التي تخالف ما تذهب إليه، والحق أننا سنجد في النصوص الدينية وشواهد كثيرة تظهر فيها القبيلة والموقف منها، وتعدد هذه النصوص مع ما يصاحبها من تفسيرات مبكرة تغري كل باحث عن حجة تسند رأيه وتعطيه دافعا لمواصلة البحث، على أن المحرك الرئيس في هذا كله هو مايضمره الباحث من رغبات عقلية ونفسية تجعل القراءة في غالب أمرها بمثابة الاسقاط وتكون رغبة في الاستعانة بالنص لتعزيز الرأي، ولا تكون بحثا موضوعيا صادق النية في التسليم بمعطيات البحث ونتائجه، وهذا ما يجعل الأمر مهماً حيث سنرى عقول الناس في حججهم وفي ما يسوقونه من برهنة يرون أنها تعين على تفسير النصوص وفهمها، وفي هذا أدبيات كثيرة اجتماعيا وسياسيا وفكريا، ونحن كبشر نستعين بالنصوص التي تتفق مع تطلعاتنا العقلية والنفسية، ولا ننكر النصوص المخالفة لنا، بل نأخذ بتأويلها والالتفاف على معانيها، وهذا يحدث بنية صادقة ومخلصة ظاهريا، ولكنها تنطوي على مخاتلة نسقية فتاكة، وهو أمر يحدث بالضرورة علينا جميعنا، مهما زعمنا من حيادية وموضوعية.
ومن أجل التعرف على صورة القبيلة في الإسلام سأبدأ من الآية الكريمة التي أشرت في المقابلة السابقة إلى سبب استحضارها بناء على مطالبة أحد القراء، والآية هي قوله تعالى: (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) - الحجرات -

13.والآية الكريمة تشير إلى أربعة عناصر، كل واحد منها يمثل دلالة جوهرية في صياغة المعنى، وهي: 1- الناس، 2- شعوبا وقبائل، 3- التعارف، 4- الأكرم.

ونبدأ من العنصر الأول حيث جرى توجيه النداء إلى الناس (ياأيها الناس) وستفهم مغازي هذا النداء اذا استحضرنا السياق الذي وردت فيه الآية حيث سبقت بأربع آيات ابتدأت كلها بالنداء: ياأيها الذين آمنوا، مع ورود هذه الآية في سورة الحجرات، وهي سورة ليست طويلة وتتكون من ثماني عشرة آية وفيها خمس نداءات، أربعة منها للذين آمنوا، وواحد للناس، وسنرى أن الآيات التي خاطبت الذين آمنوا إنما هي آيات ذات خصوصيات أخلاقية إيمانية، - وسنقف لاحقا عليها - بينما هذه الآية تحمل عمومية الخطاب (الناس) ولذا فإن ما فيها هو حكم كوني عام، وهي بهذا شاملة للبشر - كل البشر - وهذا هو المعنى الكامن في كلمة الناس حيث هو تعبير عام ولا يخص أحدا دون أحد.

ولهذا أشارت الآية إلى سمة العموم في قوله تعالى: إنا خلقناكم، والله قد خلق الجميع وليس هناك أحد أو شيء ليس من خلق الله ، وهذه عمومية مطلقة.

وهذا يقودنا الى العنصر الثاني، وهو (الشعوب والقبائل) ولست أرى هذه العبارة إلا من زاوية عمومها، وشمولها، غير أني وجدت في كتب التفاسير إشارات تميل إلى وصف العبارات وصفا يوحي بالقبائلية، فبعضهم يشير إلى القبائل الكبيرة والصغيرة كمعنى لكلمتي الشعوب والقبائل، ولكن ابن كثير أورد معنى آخر حيث أشار إلى أن كلمة شعوب تعني بطون العجم وكلمة قبائل تعني بطون العرب، وقد نفهم من كلام المفسرين ما نفهمه، ولكن الفهم الذي يمنع أي لبس هو المعاني العمومية في الآية نفسها، حيث نرى علامتي الناس والخلق، فالخطاب للناس وليس لعرب أو عجم محددين، وانتساب الخلق إلى الله يزيد من عمومية التعبير وشموليته، ولذا فليس على أحد منا أن يتجاوز معاني التخصيص وأن يأخذ بمعانى التعميم، والنص جلي في ذلك خاصة أن الآيات الأخرى في السياق نفسه تخص في حديثها وفي مخاطبتها كلما اقتضى الأمر التخصيص، وفي هذا ما يؤكد ان ترك التخصيص هو إشارة إلى تعميم قطعي وأكيد.

ونأتي للعنصر الثالث وهو التعارف، وهو عنصر دلالي مركزي حيث يرد المعنى على سبيل الحصر، وتنص الآية حصرياً على أن سبب توزيع الله الناس إلى شعوب وقبائل إنما الغرض منه التعارف، أي بناء نظام من العلاقات الاجتماعية تقيم أواصر العيش بناء على معرفة كل فرد بجنسه الذي يماثله فيعرف حياته وظروفه حسب معرفته بجنسه وشبيهه ومماثله، مثلما هو حادث في مملكة الحيوان حيث تتآلف الحيوانات في مجاميع حسب أجناسها ويتعرف كل كائن إلى مماثليه ويشكل معهم خلية تحمي نفسها وتؤسس لشروط معاشها، ولقد خلق الله الجميع على هذه الغريزة التعارفية، حيث يتعارف المتماثلون ويتناكر المتخالفون، وهذاهو المعنى العملي والاجتماعي لنشوء التكوينات البشرية من شعوب أو من قبائل، وهذا ما يجعلنا ندرك أن نشوء القبيلة هو نشوء طبيعي يقوم على شروط إنسانية مصلحية واجتماعية بما إنها تكوين ظرفي له أسبابه العملية - كما أشرنا في المقال الخامس - .

إن مفهوم التعارف كنقيض للتناكر يدل على شروط العيش البشري وشروط البقاء والأمان النفسي حيث صنعنا الله على هذه المكونات وأعطانا الأسباب المساعدة عليها ووصف لنا حالنا مع ظروفنا التي خلقنا عليها، ولذا جاءت اشارة الخطاب إلى الناس بعامة وإلى خلق الله لنا على هذه الصيغة وجرى حصر السبب على ذلك وهو (التعارف) حيث يعرف بعضنا بعضا بناء على حوافز خاصة ينتج عنها تنظيمات بشرية كالشعب والقبيلة وما يقاس عليهما من تكوينات بشرية.

وهذه هي علة وسبب خلق الله لنا على صيغة تكوينات تنظيمية تكشفه الصيغة اللغوية في حرف التعليل (اللام): لتعارفوا، والتعارف معنى عريض وشامل يتسع لكل شروط المعاش وضروراته، على عكس التناكر، والتناكر معنى مضاد لشروط البقاء والأمان والقبول.

ثم يأتي العنصر الرابع، وهو عنصر المفاضلة، ألا وهو صيغة (الأكرم) وهي صيغة لاحقة لشرط الخلق ولاحقة لشرط عموم الناس ولاحقة لشرط التعارف، حيث تتساوى في أننا ناس ونتساوى في أننا من خلق الله ونتساوى في أننا ننتسب ونتعارف حسب تكوينات منها الشعب ومنها القبيلة ولا يختلف هنا من هو فرد من شعب ولا من هو فرد من قبيلة، بما إن الجميع ناس وبما انهم من خلق الله وبما إن نظام معاشهم يقوم على مبدأ التعارف، وليس هنا من مفاضلة حيث إن هذه كلها شروط حياتية فطرية وكلية، ولكن التفاضل يأتي مع صيغة التفضيل النحوية، ولم ترد هذه الصيغة الا هنا (الأكرم) - إن أكرمكم عند الله أتقاكم - وهو الأكرم عند الله ولم يقل عند الناس أو عندكم، وفي هذا إشارة إلى أن ما عند الله غير ما عند الناس، لأن الناس فعليا وعلميا لا تلتزم دائماً بالمفاضلة على أساس التقوى، ولديهم سلم عريض من المفاضلات، ولكن ما عند الله لا تشوبه شائبة، وهو أن الأكرم هو الأتقى.

هنا نرى الآية قد عمت في خطابها البشر كل البشر ووضعت قيمة مثالية عليا للمفاضلة، مع تحديد مواقع الناس من حيث هم شعوب أو قبائل وجعلت صفات الشعوب والقبائل هي صفات طبيعية وعمومية بما انها شرط اجتماعي للتعارف لا للتناكر، وهي شروط محروسة أخلاقيا بمفهوم الأكرم، ومن أراد أن يكون أفضل من غيره فله ذلك بأن يكون الأكرم وهي كرامة التقوى، والأكرم هنا هي صفة استحقاق مطلقة لأي أحد من الناس سواء من فريق القبائل أو من فريق الشعب، بل الشعوب كل الشعوب، وأنا هنا ملتزم بمصطلحات الآية الكريمة وهي آية تأسيسية ومبدئية.

هذا أصل طبيعي من جهة وهو أصل أخلاقي من جهة ثانية، حسب معاني الآية في عمومها ثم في قانون المفاضلة فيها، وهذا الأصل لا يجعل أحدا أفضل من أحد لمجرد انتسابه لشعب أو لفئة فلا يكون الفارسي أفضل من العربي ولا التركي أفضل من العربي، وفي أدبيات الفرس والترك ما يقول بأفضليتهم علينا، حتى إن كلمة عربي في التركية الشعبية تعنى معنى بذيئاً مثلما تعني كلمة عجمي عندنا معنى سلبياً، كما أن الشعب الإنجليزي والألماني يريان نفسيهما أفضل وأرقى، وهذا مقاس ثقافي يحرف معنى تقسيمات الشعوب - مثلما يحرف تقسيمات القبائل - من شرط التعارف الذي هو معنى عام يشمل شروط المعاش وضروراته كلها، يحرفه من شرط معاشي إلى شرط تفاضلي، وهذا ليس معنى الآية الكريمة وليس منطق ديننا كما أنه ليس منطق الفلسفة الإنسانية والمثالية، وإن كانت الفلسفة منتوجا بشريا تصيبه علل ثقافية نسقية مثل غيره من خطابات البشر، وفلسفة أفلاطون فلسفة عنصرية طبقية تفاضلية وانحيازية، وفينا مثلما فيهم عيوب وفينا مثلهم أمراض نسقية أولها العمى الثقافي، حيث يكون المضمر النسقي نقيضا للظاهر العقلاني، ولو قلنا بالتفاضل العرقي ورضينا به أساسا عقليا وأخلاقيا لوقعنا نحن ضحايا لهذا التمييز حينما يقول به الانجليز أو الألمان أو غيرهم فيرون أنفسهم أرقى منا عرقا ولونا، وهنا إما أن نأخذ بالأصل الأخلاقي الطبيعي الذي يجعل التفاضل بالقيم العملية أو لن يكون لنا حجة ضد العنصريين والفاشيين في أي ثقافة عالمية كانت أو خاصة.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 05-04-2007, 01:21 PM   #16
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (الشعب بوصفه قبيلة كبيرة)



د. عبدالله محمد الغذامي
أشار عدد من المفسرين إلى ان معنى كلمة شعوب تعني القبائل الكبيرة، وذلك في تفسيرهم لقوله تعالى: (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، ولا شك ان لهذا المعنى وجهاً كبيراً من الصواب، إذا أخذناه بمعناه المفاهيمي والثقافي، فالشعب قبيلة كبيرة، وحين أقول هذا فإنني أشير إلى الأبعاد الدلالية لمفهوم التعارف البشري، فالناس إذا ما صاروا شعباً فإنما يكونون كذلك بناء على روابط اجتماعية أولها اللغة المشتركة مع منظومة المصالح البشرية الأساسية في المعاش والأمن ونظام العلاقات الداخلي، وهم إذا ما كانوا شعباً فإن مصالحهم ستوحد حسهم الوجداني مثلماً قد اتحدوا في شروط حياتهم وشرط بقائهم وصيانة وجودهم، وسيكون النظام الثقافي الناتج عن تفاعل هذا الشعب أو ذاك فيما بينه سيكون هوية له وعلامة عليه، وان يكن في أصله ناتجاً عن شرط وظيفي معاشي، لكنه يتحول مع تكرار الممارسة إلى ذائقة ووجدان نفسي وذهني يتجاوز شروط الحاجة وان ظل متجاوراً معها. والشعر مثال على ذلك فنحن نجد إشارات قديمة تكشف عن وظيفية الشعر بما انه خطاب عملي في تحميس الناس للحرب وفي الدفاع عن حياض القبيلة، ثم صار وسيلة لكسب المال، ولكنه مع هذا الجانب الوظيفي صار قيمة جمالية وذوقية، ومثله رقصات الحرب التي نشأت لأسباب عملية لحشد الهمم ثم تحولت مع الزمن والممارسة إلى فن وثقافة كالعرضة ولا عجب ان نرى مدنا معينة تتفوق على آخريات في فن العرضة لارتباطهم الأصلي مع الحرب أكثر من غيرهم، والعرضة فن حربي مرتبط بالمدينة وهي ثقافة مدنية ابتدأت لغرض عملي ثم صارت فناً ثقافياً احتفالياً وجمالياً. وان شاعت العرضة في كثير من المدن كرقصة حرب ثم رقصة ثقافة إلاّ أنها تترقى عند مدن أكثر من أخرى حسب علاقة كل منها بتواريخ الحروب وثقافة المعارك. وهي سمة مدنية شاعت لتصبح سمة شعبية عامة.
والشعب - أي شعب - لا يقوم إلاّ على مفهوم (التعارف) الذي أشارت إليه الآية الكريمة بوصفه علة لتقسيم الخلق إلى مكونات فئوية، وهو معنى يؤسس لتصور مفاهيمي جوهري في نظرية العمران البشري ولقد أشار المفسرون إلى ان التعارف هو ان يعرف الناس بعضهم بعضاً فيقيمون حقوق التواصل بدءا من صلة الأرحام وهي الخلية الأولى لبناء العائلة وامتداداً إلى إقامة حقوق التكافل الاجتماعي والبنيوي الذي هو شرط لبقاء النوع وحمايته.

إذا قلنا هذا وهو أمر لا مشاحة فيه فإننا سنقول معه ان الشعب هو نظام معاشي مثلما ان القبيلة نظام معاشي، وستنتظم الأمور بين المفهومين ولن يحدث تعارض أو تقاطع بينهما إذا ما تمثل فيهما شرط (التعارف)، وهو علة وجود هذا التنظيم وسببه، أما لو حصل تعارض بين شرط التعارف عند الشعب مع شرط التعارف عند القبيلة فنحن هنا أمام علتين لوجودين متناقضين، وسيكون التعارف هنا تناكراً وليس تعارفاً، وسمة التواصل والتعايش لن تكون في صيغتها الطبيعية التي تقتضيها حكمة تقسيم الخلق إلى فئات متعارفة.

هذا يشبه حال الشعر، والشعر مظهر ثقافي ينطبق عليه صغة التعارف في أصل نشأته، ولكنه انحرف في بعض ممارساته ليكون نقيضاً لشرط التعارف، وجاء فن الهجاء ليكون خطاباً سلبياً من داخل خطاب ايجابي، وبذا صار نقيضاً ثقافياً يحرف الوظيفة الجمالية الأصلية، وكذا هو الشأن مع أي تكوين اجتماعي هو في أصله وجود طبيعي له مسبباته وله ظروفه الصحيحة، ولكنه يصاب في مرحلة من المراحل بعلة من العلل الثقافية ويصير خطاباً في الهجاء بعد ان كان شرطاً للبقاء.

ونحن لو نظرنا في أدبيات أي تكوين قبائلي فإننا سنلاحظ بسهولة أنه تكوين لا يختلف عن أي تكوين اجتماعي آخر، والشبه بين العائلة الكبيرة مثلاً والقبيلة يكاد يكون في تطابق تام، وكذا فإن سلوك أي شعب سيكون مثل سلوك أي قبيلة، ثقافياً واجتماعياً، فالشعب يتسمى بمسمى واحد ويحكي لغة واحدة ويملك قضايا يتحد حولها الجميع، مثلما يملك نظام مشيخة من نوع ما، وهي في حالة الشعب تسمى حكومة، وكذا فإن له ثقافة مشتركة كما له حساسيات مشتركة، وله غضبة تميمية أو غير تميمية واحدة، ومن يراجع ملاحظاته فسيتذكر مثلاً طريقة الزعامات الفرنسية في ردة فعلهم على أي حادث خارجي، ولن يجد في ذلك فارقاً عن ردة فعل أي تشكيل قبائلي على غيرهم، وليس في حالة العدوان الحربي فحسب بل حتى في اللمز على الثقافة أو الماضي، ولقد ثارت ثائرة الأوروبيين حينما جرى وصف أوروبا بالقارة العجوز، وقد جرى ذلك على لسان بعض السياسيين الأمريكيين في لحظة صراع سياسي على بعض القرارات العالمية، وغضبة الأوروبيين من ذلك الوصف تشبه غضبة بني تميم كما أورثنا إياها جرير. والحمية الثقافية فيما بين الشعوب هي أمر مشهود تشهده مباريات كرة القدم ومنافسات المسابقات العالمية. ومن سمات الإعلام الإنجليزي الانتصار لأي بريطاني أو بريطانيا يمسك بجرم في بلد أجنبي ولقد دافعوا دفاعاً انفعالياً عن فتاة بريطانية مسكت في أمريكا بجريمة تعذيب طفلة كانت تحت رعايتها، ودافعوا عن شاب إنجليزي مسك في قضية مخدرات في سنغافورة، وهي حمية شعبية مثلها مثل أي حمية أخرى بما إنها خصائص في الطبع البشري في انتصار الذات لذاتها بغض النظر عن الحقيقة المثالية.

وكما ان القبيلة تملك علاماتها الخاصة في الوشم مثلاً فإن الشعوب تملك علاماتها الخاصة في شكل العلم ولونه، وفي الشعار الرسمي، ولهم قصائدهم العصماء وهي بالمصطلح تسمى النشيد الوطني، وللنشيد الوطني منزلة خاصة ودستورية عليا، حتى ان اهانة الشعار عند الشعوب تصل إلى حد الخيانة الوطنية ولقد جرت محاسبة مطربة أمريكية لأنها بصقت أثناء أداء النشيد الوطني الأمريكي في احتفالات رياضية في لوس أنجلوس.

تلك سمات ثقافية تجنح الشعوب إلى تمثلها وهي صناعة ثقافية بسيطة في أصلها، ولكن الأمم تمنح هذا البسيط قيمة عليا وتنسب نفسها لهذه القيمة، وترى ان احترام هذه القيمة والمحافظة عليها والحرب من أجلها هي حقوق وطنية أولاً ثم هي شرف للشعب وواجب حتمي عليه.

كما ان التماثل فيما بين مفهومي الشعب والقبيلة سيمتد إلى الصفات التي يمنحها كل منهما لذاته مثل صفتي الشجاعة والكرم وهما صفتان نجدهما في أدبيات الشعوب مثلما هي في أدبيات القبيلة والإنجليز مثلاً يطلقون النكات على الاسكتلنديين بصفة البخل، والبخل سمة سلبية وإذا اتصف بها شخص أو قبيلة أو شعب أو ثقافة صارت مادة للسخرية والتندر، كما فعل الجاحظ وكما هي نكت الإنجليز وسخرياتهم. أما صفة الشجاعة فتشهد عليها الأناشيد الوطنية للشعوب وهي قانون ثقافي يمثل شرف أي تجمع بشري بما انها شرط للحماية والبقاء.

وهذا يعني ان ما ورد في القرآن الكريم من وضع الشعوب مع القبائل في صيغة لغوية واحدة يجمع بينهما فعل واحد وحرف عطف واحد وعلة وجودية واحدة يجعل التماثل تماثلاً تماماً حد التطابق والتوافق. وبذا فإن أي تكوين بشري هو تكوين عرفي - تعارفي، يختزن منظومة رمزية له ويحس بالانتماء إليها، وهذه سمة يشترك فيها البشر - كل البشر - . وهذا هو المعنى العميق للآية الكريمة بنصها الدقيق: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)، وليست منظومة العلامات الثقافية من مثل الوشم عند البادية إلى العلم (الراية) وما يتبعها من علامات تمييزية لشعب عن شعب ولتكوين عن تكوين، ليست هذه كلها سوى تجليات لشرط التعارف، وأنت إذا رأيت وشماً أو رأيت راية فإنك ستعرف ما وراء هذه العلامة وستقيم حق التعارف. وان من مسميات الراية أو العلم البيرق، وذلك لأنه يبرق في الأفق مشهراً صفة التعارف بين المتعارفين.

هذا - وهو حق وطبع - هو من المسلمات الثقافية العمومية وهو من طبع خلق الله ومن صفات الناس وعلاماتهم، وبما أننا نتساوى في هذا المسلك فإننا سنتساوى في سائر الأمور، خيرها وسلبيها، ولكل منا نوازعه الطبيعية للدخول في تكوين يتعارف معه ثم ينتمي إليه ثم يترابط معه على شروط الحياة كلها حتى السلبي منها، وان كان الشاعر الجاهلي يمدح قومه بأنهم يطيعون الداعي حتى لا يسألون على ما قال برهاناً فهذا هو نفسه القانون العسكري الذي يفرض على الجنود تنفيذ أوامر قادتهم دون نقاش، ولو سأل عسكري رئيسه عن الأسباب والمبررات وناقشه في الميدان لجرى تجريده من سلاحه وتأديبه تأديباً عسكرياً صارماً.

هو - إذن - شأن النظام البشري، وهو شأن متماثل، وبما انه يتماثل عند الكل فإن الكل سواء بسواء، إن خيراً فخير وإن سلباً فسلب، ولن يفضل هنا أحداً أحداً، بما ان الجميع يمارسون سلوكاً واحداً وان تنوعت المسميات، وهي كلها أنساق ثقافية، تميل بعض الممارسات على تصور حالها أفضل من غيرها، ويرد قوم على قوم في لعبة تناسخ ليست غريبة لأنها سلوك ثقافي عام، ولقد جرى من ابن خلدون مثلاً ان مجد القبيلة مرة وان ذمها مرة أخرى في فارق من الصفحات بسيط، وهو قد ظلم القبيلة في موقع وأنصفها في موقع وللتناقض عنده أسبابه، وأترك المسألة هذه لمقال آخر - إن شاء الله - .
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 05-04-2007, 01:22 PM   #17
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
الخميس 17ربيع الأول 1428هـ - 5أبريل 2007م - العدد 14164

--------------------------------------------------------------------------------
عودة الى ثقافة الخميس


--------------------------------------------------------------------------------

القبيلة والمجتمع (قانون: الأفعل هوالأفعل)



عبدالله محمد الغذامي
هناك قانونان مهمان هما: قانون التعارف وقانون (الأفعل هو الأفعل). أحدهما وجداني (اجتماعي، والآخر عملي) عقلاني.
وهما قانونان نأخذهما من الآية الكريمة، ففي قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) في ذلك تحديد لعلة الخلق والتقسيم الفئوي، وهو قانون التعارف، ثم يليه قانون الأفعل هو الأفعل.

وعلة التعارف هذه تقوم على مفهوم وجداني هو شرط للمعاش البشري بما إنه جوهر البنية الاجتماعية، وفي الثقافة العربية تأسيس قوي لهذا المفهوم فالشاعر الجاهلي (المثقب العبدي) يقول:

أكرم الجار وأرعى حقه

إن عرفان الفتى الحق كرم

ومثله قال الحطيئة بيته المشهور:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

لا يذهب العرف بين الله والناس

وفيهما تأسيس دلالي على معنى التعارف حيث إن التعرف على الحق وعرفان الحقيقة الاجتماعية في التعامل الكريم مع الجار هو المعنى الأكيد الذي يطرحه الشاعر برعاية الحقوق وعرفانه بها، مثلما أن العرف - بضم العين - هو الجود وهو رابط اجتماعي له قداسة وقيمة تأصيلية تجعله خيط وصل أخلاقي بين الناس ويترقى بالصلة العليا مع رب الناس، ولقد جاء بيت الحطيئة وسط قصيدة هجاء أقذع فيها بسب الزبرقان، ولكن وسط قبح الهجاء وجد نفسه في مواجهة مع الحقيقة الكلية في قانون التعارف وجاء هذا القول الجميل من بين ركام القبح، وبذا يتغلب قانون الحق على نسق النفي.

وفي قانون التعارف بناء اجتماعي وجداني وأخلاقي، ولذا تتقدم قيم السلوك حتى يصير الرجل المتوسم لسيماء التعارف والمعرفة بمقام الرأس ويسمى عريف القوم، وكلمة العريف هنا سمة قيمية تجعل حامل هذا اللقب في مقام رمزي لأنه يحمل معاني التعارف الاجتماعي ويتمثلها.

وهي من أقوى معاني السمو الاجتماعي ولذا قال شاعرهم (طريف العنبري):

أو كلما وردت عكاظ قبيلة

بعثوا إلي عريفهم يتوسم

فتوسموني إنني أنا ذاكم

شاك سلاحي في الحوادث معلم

والعريف هنا هو حامل المعرفة وعين الثقافة وممثل رمزية القيم، ومما يعطي هذه المعاني رفعة في الرمزية القيمية ما ورد في التراث عن سبب تسمية (عرفة) بهذا الاسم حيث تواترت الروايات عن أنها هي المكان الذي تقابل فيه آدم مع حواء فعرفها، وهناك ابتدأت مسيرة البشرية ونشأ نسل بني آدم من لحظة تعارف أزلية وصار المكان عرفة، وصار هذا المكان ذا قدسية خاصة ومحجة للمؤمنين يلبون فيه نداء ربهم وهو يوم الحج الأكبر، حيث يتجرد البشر من خطاياهم ويلبسون البياض ويتعرفون على مكامن أرواحهم وتتكشف لهم الحقيقة الذاتية بكل ما فيها من شوائب، ويسعى كل إلى تطهير ذاته في لحظة التعارف الكبرى هذه، وهناك يحدث التعارف الأكبر وفيه تتحقق صيغة القانون الثاني، وهي: الأكرم هو الأتقى، الأفعل هو الأفعل، أي أنها اللحظة والمكان الذي يصير فيه البشر على حد سواء ويكون التعارف على أقوى درجاته فالذي لا يعرف أحداً في ذلك المكان ولا يعرفه أحد يكون في حال من الضياع التام، بينما تكون المعرفة في ذلك الموقع وفي تلك اللحظة الزمنية بمثابة تكرار للحظة اللقاء الأولى بين آدم وحواء وهما الذكر والأنثى اللذان خلقنا الله منهما وقد تلاقيا بين يأس وخوف، واليأس والخوف شعور بشري عميق وشديد المعنى وهو حس يتكرر بصيغ متنوعة كلما وقف واحد من بنيهما وبناتهما في هذا المشعر العظيم وتتجلى لنا فيه القيم العميقة لمعنى التعارف في مكان التعارف الأول والأعمق الذي حمل معنى التعارف ورمزيته فصارت (عرفة).

التعارف - إذن - قيمة وجدانية اجتماعية صار علة لنظام الخلق وتقسيمات الناس، ولذا فإن كلمة المعروف هي من أقوى كلمات اللغة مفعولية في وصف علاقات الناس بالناس، وكل ما هو خارج المعروف سيكون خارج إطار التبادل الاجتماعي ونظام العلاقات البشرية، وهو نظام دلالي عريض يشمل الجانب النفسي حيث العرف - بكسر العين - تدل على الصبر والقدرة على مكابدة الظروف بما إن ذلك تدريب تربوي على التعامل مع الحياة، مثلما تدل الكلمة على دلالات حسية جمالية، فالعرف بفتح العين هو الريح الطيبة، ويقال امرأة حسنة المعارف أي حسنة الوجه وكلمة المعارف تعني الوجوه بشكل عام، ويقولون حيا الله المعارف، أي الوجوه.

هي كلمة مركزية في وصف علاقات البشر بالبشر وفي رسم سلوكهم الاجتماعي والوجداني ولذا صارت قانونا اجتماعياً يمثل علة بنيوية في تركيب الحياة الإنسانية وهذا ما يوضح لنا علة خلق الله لنا على شاكلة فئات وتقسيمات تحمل تسميات متعددة كالشعوب أو كالقبائل، وكل ذلك من أجل غاية تداولية هي التعارف بما يحمله من تجليات متنوعة، وهذا هو ما سميناه بقانون (التعارف).

ونأتي إلى القانون الثاني، وهو قانون: الأفعل هو الأفعل، وهو ما نفهمه من قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ولقد أورد الزمخشري في الكشاف رواية لقراءة أخرى للآية بفتح الهمزة: أن أكرمكم عند الله أتقاكم، وقال في معناها، كأنما هي إجابة علِى سؤال مفترض عن التفاخر بالأنساب، إذ بعد أن تحددت علة جعلنا شعوبا وقبائل وهي التعارف كأن سائلاً سأل: ولم لا نتفاخر بالأنساب كان الجواب: أن أكرمكم عند الله أتقاكم، أي إن العلة هي لأن الأكرم هو الأتقى - الكشاف

569/3.وفي القراءتين سيكون المعنى دقيقاً وواضحاً، ولم يتجاور القول عن القبائل والشعوب مع القول بأصل الأكرم الأتقى إلا لتأكيد قانون العمل بعد أن تأكد القانون الوجداني في التعارف، وقانون العمل هو قانون عقلاني كلي، والذي يفعل وينتج ويكون عنصراً إيجابياً على المستوى الإنساني والبشري هو الأكرم.

ولن يفوتنا المعنى العميق لاختيار كلمة الأكرم، حيث الكرم هو القيمة العليا في سلم الفضل الاجتماعي والناس تحب الكريم وتبجل قيمة الكرم وما من قبيلة أو شعب إلا وللكرم عندهم دلالة خاصة، وبما إن الكرم قيمة ثقافية بشرية عامة وشاملة فإن المفاضلة سوف تكون واحدة من مستلزماته، ونحن نعرف مدى تفاخر القبائل بكرمها ومدى تغني الأشعار والحكايات به، وما تعشق الناس أفراداً وجماعات بأن يوصفوا به، وهذه صفة هي من المعلوم عند الله العليم الخبير وهو يعلم حب خلقه لهذه الصفة ولذا اختارها هي على وجه التحديد ليجعلها قانونا للمفاضلة، وإن تفاضل الناس بها لأسباب تشوبها شوائب المباهاة الثقافية فإن الله جل وعلا قد جعل هذه الصفة تحديداً في جوهر السلم التفاضلي وجاءت الآية لتضع الشعوب والقبائل في مواجهة مع أهم قيمهم الثقافية ليروا أن هذه القيمة لا تسمو ولا تتم إلا إذا صارت قانونا في العمل والإنتاجية السلوكية والخلقية فتكون للتقوى وليس للمباهات، وتكون الأفعل بما انها منظومة عقلانية عملية وسلوكية، ويبقى للشعوب والقبائل حقها الطبيعي في تنظيم معاشها حسب قوانين بنيوية كضرورة حياتية مبدؤها التعارف، بكل معانيه وتجلياته، ولكن هذا بما إنه قانون وجداني (اجتماعي لا يكتمل إلا بقانون عملي) عقلاني، وهو أن الأفعل هو الأفعل. وهذا هو الثراء النفسي القيمي الذي هو بناء للنظام الأخلاقي وللنظام المعاشي للثقافات والأفراد قبائل وشعوبا.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 06-04-2007, 03:52 PM   #18
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
أنقذونا من سرطان العصبية القبلية



د. عائض القرني
يهدد مجتمعنا اليوم سرطان العصبية القبلية التي أصبحت تُثار بشكل بشع ممقوت، يقوم بذلك بعض الشعراء الشعبيين العوام تساندهم بعض القنوات التي لا تفكر في العواقب، فأصبحنا نُمطر صباح مساء بقصائد هوجاء يمدح بها الشاعر قبيلته ويمجدها ويرفعها فوق النجوم وكأن هذه القبيلة صاحبة البطولات في بدر والقادسية واليرموك ويعرِّض بغيرها من القبائل. وإذا نظرت إلى هذا الشاعر وجدت تعليمه لا يتجاوز (خامس ليلي) من محو الأمية، في يساره سيجارة يشعلها بسيجارة، قد تفحِّمت أسنانه واسودت شفتاه وأعفى شنبه حتى وصل أذنيه، ثم تقوّس حتى كأنه قرن خروف نعيمي، لماذا هذه الصرخات القبلية والعصبية الجاهلية؟ لماذا تُثار الآن بعدما وحّدنا الإسلام ثم اجتمعنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟ هل يؤمن هؤلاء حقاً بمبدأ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم( الله أعلم بما في قلوبهم، أنا أعرف أن الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقِهوا، لكن أن نسلم ديننا ومبادئنا ووحدتنا واجتماع شملنا لبعض الشعراء الجهلة السفهاء وبعض القنوات التي لا تفكر إلا في الشهرة وابتزاز الأموال فهذا أمر خطير، جد خطير. أنقذوا البلاد والمجتمع من سرطان العصبية القبلية ومن ريح العنصرية الجاهلية، سمع رسول الله رجلين يفتخران بالقبيلة على حساب القبيلة الأخرى فقال: «دعوها فإنها منتنة». من أشد الحرام أن نربي أجيالنا على النعرات الجاهلية، ومن أعظم المنكر أن نسعى في هدم كيان الدولة المسلمة بمعاول الهدم والتفرقة، عيب علينا أن نفرّق الصف بالفخر بالقبيلة والتعريض بالقبائل الأخرى، إن الفاسد في حياته والمحبط في نفسه والذي يشعر بمركَّب النقص يريد أن يعوّض ذلك بمدح قبيلته فحسب، وإضفاء الثناء عليها وحدها، وإهمال غيرها من القبائل. إن المجتمعات التي ما زالت القبائل فيها تكوِّن بذور المجتمع كدول الخليج عموماً سوف تقع فريسة لهؤلاء الحمقى الذين سوّل لهم الشيطان تقديس القبيلة، حتى أن بعضهم لا يحفظ له قصيدة في الثناء على الله عز وجل أو الدفاع عن رسوله المصطفى والمجتبى، أو الإشارة بالرسالة الخالدة، أو الدعوة لمكارم الأخلاق أو التنويه بالوحدة وجمع الكلمة، وإنما قصائده كلها نعرات جاهلية وعصبية قبلية، فمثل هذا يُوقف عند حده ولو قالوا له: لا تلعب بالنار أيها السفيه. فمثلاً نحن في المملكة العربية السعودية جمعنا الله بفضله في كيان واحد ودولة واحدة فضلاً من الله ونعمة وكنّا قبلا نتقاتل ونتهاجى بأبشع السّب وأقذع الشتم حتى قامت القبائل ببناء حصون الحرب مع القبائل الأخرى وما زالت بعض هذه الحصون قائمة للعيان وأدعو إلى هدمها؛ لأنها تذكر بالإحن والعداوات والثأر، فلما تمّت الوحدة واجتمع الشمل صار الثناء على الكيان كله والمدح للمجتمع بأسره حتى استيقظ الشيطان في رؤوس بعض الشعراء الأغبياء فقاموا بتقسيم البلاد في قصائدهم وتشتيت الشمل في أبياتهم وعادوا إلى كهنوت القبلية ونسوا الدين والدولة وأغفلوا التوحيد والوحدة، ولو كان عمر حيّاً لبطح الواحد منهم على بطنه وأدبه بالدِّرة حتى يخرج وساوس الشيطان من رأسه. ماذا نفع أبا لهب الهاشمي القرشي نسبه؟ وماذا ضرَّ بلال بن رباح المولى الأسود الحبشي نسبه؟ أيها الشعراء احترموا أنفسكم، ارفعوا رؤوسكم، طهِّروا ألسنتكم، قبل أن تؤدِّبكم سياط الدولة، ومن أنذر فقد أعذر، نحن أمة واحدة، ربنا واحد، ورسولنا واحد، وديننا واحد، وقبلتنا واحدة، فلماذا التفرقة والعنصرية والدعوة الجاهلية وبث بذور الفرقة والفتنة:
مجـدنا ملـحمة عنـوانها*** نـحن في بـدرٍ قتلنا الوثنا

وطنـي لا وطـن يشبهـه *** تعشق الأوطـان هذا الوطنا
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 12-04-2007, 12:17 PM   #19
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
المقال التاسع :

القبيلة والمجتمع (الشعوبية)



د. عبدالله محمد الغذامي
طلب احد القراء الوقوف على مفهوم الشعوبية وذكر في موقع "الرياض" على الانترنت انه جلس في مجلس وجرى ذكر الشعوبية فيه بما يوحي بشيء من التعارض الدلالي، وكأن ملاحظة القارئ الكريم تشير الى فهم علم يأخذ به بعض الناس في تصورهم للشعوبية ونسبة هذا التيار الى فئة من الفئات، وهو يريد مني دحض هذا الظن الخاطئ، وهذا ما سأجعله موضوع هذه الحلقة.
ولعل اللبس قد جاء عند هؤلاء من تصورهم ان ورود كلمة الشعوب مجاورة لكلمة القبائل في الآية الكريمة (وجعلناكم شعوباً وقبائل) انما هي اشارة الى الشعوبية، وهذا لن يكون فهماً صحيحاً للآية الكريمة ولا يمكن لتركيبة المعاني ان تسمح فيه، ولو تصورنا ان كلمة شعوب في الآية تعني الشعوبية للزمنا ان نتصور ان كلمة قبائل ايضاً تعني القبائلية، وسيغرينا التوهم حينئذ على ان الآية تقول (وجعلناكم شعوبية وقبائلية لتعارفوا)، وهذا مستحيل لأن الشعوبية والقبائلية نقيضان للتعارف وهما معنيان في التناكر والتقاطع وليس في صلة الارحام ولا في بناء المعاش الاجتماعي الطبيعي، هذا امر تقرره النتائج الدلالية للنص، غير ان ما يجب ان نشير اليه هنا ان هناك من يقول بفكرة الشعوبية، اما كشعار ضد العرب، او كوصف غاضب ضد الآخرين، ولقد سمعت مرة قصيدة قالها شاعر غاضب صب جام غضبه على قوم سماهم بالشعوبيين ووصفهم بالعداء للعرب وانهم في حالة احتقان ضد الامة منذ زمن ذي قار وانهم يسعون للثأر لتلك المعركة والانتقام من العرب، وهذا تطرف عنصري سببه الغضب الاعمى ولا يقوم على اية حقيقة تاريخية او واقعية.

والشعوبية بهذا الاصطلاح كانت تياراً سياسياً واجتماعياً له اسبابه المعروفة حينما قامت مع بداية العصر العباسي، و قد جاءت بعد فترة من الحكم العربي الخالص في زمن بني امية، حيث كانت العربية هي لب السلطة حتى ان بني امية كانوا لا يسندون الخلافة إلا لرجل تكون امه عربية مثل ابيه ولذا حرموا مسلمة بن عبدالملك من الولاية لأنه ابن جارية، بينما كان العباسيون ابناء جوار الا في القليل، وهذا يأخذ بأبعاد اخرى وهي كون العصبة الداخلية للحكم عند بني العباس هي عصبة غير عربية في غالبها في مقابل عروبية بني امية، ونتج عن هذا العامل صراع قوي داخل البنية السياسية والثقافية في زمن العباسيين وبدأ من مطلع الدولة حيث جرت تصفية ابي مسلم الخراساني ومن بعده البرامكة وهو في الحالين موقف سياسي لوقف المد الطاغي للفئات الفارسية في تطلعها للاطباق على الحكم والتوغل فيه مما اثار حفيظة الحكم وحسم الامر دموياً، والدموية في زمن العباسيين كانت هي لغة السلطة حتى انك لا تجد وزيراً عباسياً مات ميتة طبيعية وكلهم انتهوا بالقتل والسحل، وعلى ذلك مثال الزيات الذي تفنن في صناعة تنور لتعذيب خصومه واستغرق بناء التنور منه سنوات وصنع فيه سكاكين على جوانبه تمزق جسد الخصم المعذب وهو يهوي في التنور حتى يصل الى النار الحارقة في اسفله، ولما انتهى من بناء التنور وصار جاهزاً للخصوم كان اول زبائن هذا التنور هو الزيات نفسه بعد ان تغيرت عليه الاحوال.

ذلك جو ثقافي غير طبيعي وغير انساني من الاطراف كلها وفي ذلك الجور صارت المحنة حيث عذب المأمون ومعه المعتزلة (الاحرار العقلانيون..!!؟؟) خصومهم المخالفين لهم بالرأي والفكر وسجنوهم وجلدوهم على خلافات فكرية، وهو جو انفعالي ودكتاتوري، وهو الجو الذي ولدت فيه الشعوبية، وهي ولادة قيصرية جمعت اسوأ ما في الانساق الثقافية من عدائية للآخر، وجاء تيار يكره العرب جنساً وثقافة حتى قال ابو نواس كلمته الحمقى: ليس الاعاريب عند الله من احد، وهي كلمة اقل ما يقال عنها انها كلمة رجل غاضب لا يستند في غضبه الى دليل ديني او علمي او اخلاقي، وكان من الصفات التي حذر منها رسولنا الكريم هي حالة الخصام الغاضبة وجعلها من صفات المنافقين وهم الذين اذا خاصم الواحد منهم فجر، وهذا كله من الفجور في الخصام حين تتجاوز الخصومة حدود الصراع الطبيعي بين البشر لتصل الى حد التكفير والتخوين وسلب السمات الفطرية والانسانية للخصم، وهذا امر يقع باستمرار على مستوى الخصومات الفردية والدينية والثقافية، وهو امر واقعي شديد الواقعية، وفي الوقت ذاته هو علة نسقية مرضية تصل بصاحبها درجة الوقوع بالنفاق كما ورد في الحديث الشريف عن علامات المنافق واحداها انه اذا خاصم فجر.

هذا فجور في الخصومة ولذا فإن الشعوبية هي فجور ثقافي، له اسبابه وله تاريخهه، ولن يقابل الشعوبية في نسقيتها سوى القبائلية، اي النفي مقابل النفي، وهنا نكون قد دخلنا في لعبة الصراع الاقصائية التي لا تقيد البشرية في شيء، وهذا امر نلحظه اليوم في الموقف الامريكي والاوروبي من كل ما هو عربي، وما يقابل ذلك من توتر في الرد على ذلك الموقف حتى صارت ردود بعضنا على انحيازات امريكا تجر الويلات علينا اكثر مما هي رد حاسم عليهم.

وليس هذا من هذا ببعيد، اي حينما تأتي الشعوبية القديمة من الفرس او الحديثة من الغرب، وكلاهما ضد العرب، وتأتي من الداخل نعرات ثقافية تصف بعضنا بأنهم ليسوا منا وتوغل في النفي للذات في النهاية ولقد جاء المعنى القرآني الكريم في تأكيد ذلك حينما نهت الآية عن سب اصنام الكفار لكي لا ندفع بالكفار الى سب ربنا جل وعلا، وكذلك نهانا الرسول عن ان نسب والدينا ولما سأله احدنا كيف يسب الرجل والديه قال هو ان تسب والدي رجل ما فيرد الرجل بسب اهلك، وانا اسوق الحديث بمعناه وهو معنى يشير مثله مثل الآية الى ان عملية نفي الآخر تنتهي اخيراً بنفي الذات.

وقديماً لم تمر الشعوبية دون مواجهة، ولا شك ان المواجهة كانت راقية وحضارية ولقد كانت المواجهة ثقافية وعلمية وجدلية، هذا على مستوى الشعب والثقافة العامة، على خلاف موقف السلطة التي كانت تستثمر النزاعات لمصلحتها وهو موقف مفهوم وواقعي حسب شروط لعبة السلطة، ولكن الامة قد تعاملت مع المشكلات تعاملاً متطوراً، ولنأخذ مثال الجاحظ وهو من اشد المناوئين للشعوبية، والجاحظ لم يكن ابن قبيلة لا عاربة ولا مستعربة، ولكنه كان فرداً من افراد الشعب العربي، وواحداً من اعقل عقول الثقافة، وكان رده نموذجاً على الموقف الثقافي العربي الذي لم يقتل ابا نواس على شتمه للاعاريب ولم يكفره ولم يخونه ولم يصفه بالعدو الداخلي ولا بالطابور الخامس، ولكن الرد كان بالوقوف على خصائص الثقافة العربية وثقافة الاعراب والدفع باتجاه تخصيص العلامات الجذرية للثقافة وجاء كتاب العصا وكتاب الخطابة وكتاب الشعر وعلامة العمامة ممزوجة بسرد للامثال والحكم والنوادر وخصائص العرب وتاريخهم الثقافي، مما اسس لخطاب ثقافي ايجابي لم يواجه الشعوبية فحسب، بل بنى نسقاً ثقافياً مغايراً، اقام معنى للهامش كله ولذا نجد النساء والغلمان والجواري مثلما نجد الاعراب في كتب الجاحظ لأن مشروعه مشروع انساني ثقافي، وليس مشروعاً في النفي، هذا على عكس هجائيات جرير والفرزدق التي كانت خطاباً ذاتياً نرجسياً وانانياً يقوم على صناعة القبح مغلفاً بغلاف الجمال مثل الشكولاتة الفاسدة حينما تطوى بالسلولوفان وتزين بورق لماع ومن تحته السم. هذان مثالان ثقافيان احدهما يبني ثقافة ويؤسس لنسق مخالف يعلي ويرفع والآخر نسق عام يقوم على نفي نفسه كلما نفى غيره ويزيد من نفي نفسه كلما اوغل في نفي الآخر، وما من مرة قال فيها الفرزدق قصيدة مقذعة ضد جرير الا وجاءه ما هو اشد هجائية له، والعكس صحيح، مما يعني ان كل واحد منهما انما كان يهجو نفسه.

سنهجو انفسنا وسننفي انفسنا كلما هجونا غيرنا او نفيناهم، خاصة اذا كان هذا الغير هو الآخر الداخلي، اي نحن بصيغة اخرى.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 20-04-2007, 07:16 AM   #20
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (العائلة بوصفها قبيلة صغيرة)



د. عبدالله محمد الغذامي
كنت قد أشرت في المقالة التاسعة إلى مفهوم (الشعب بما إنه قبيلة كبيرة) وكان من الأولى أن يتصل هذا المقال بذاك المقال لولا موضوعات طرحها بعض القراء واستوجب الأمر الوقوف عليها، وأعود الآن لوصل ما انقطع، وكما هو الأمر بين تصورنا للشعب كقبيلة كبيرة من حيث تمثل هذا المفهوم لكل القيم والسمات التي نجدها في ثقافة القبيلة، ورأينا أن الشعب - أي شعب - يقول عن نفسه ويتمثل في سلوكه وفي رمزياته المعنوية سمات وصفات هي مما تقوله القبيلة عن نفسها، من مثل صفات الكرم والشجاعة وسمات الحمية والعصبية وقيم الثقافة في الحماسة الشعرية والانتماء للاسم والعلامة بوصفهما هوية ورمزاً من مثل العلم (الراية) والنشيد الوطني وشعار الدولة،و مما يماثل قصائد الحماسة وكأن عمرو بن كلثوم هو المرجعية الثقافية لكل الأناشيد الوطنية لأي دولة حديثة، وهذا أمر يشير إلى أن البشر - كل البشر - يمثلون مخزوناً وجدانياً عن ذواتهم وتاريخهم يجعلهم ينسبون كل فعل حميد لهم، وتتفق سمات وصفات المحمود فيما بينهم، مثلما يقع الجميع في خطأ نسقي شامل يجعل كل أمر قبيح من نصيب خصومهم أو حتى أندادهم. كذا هي الشعوب في تصورها لنفسها وفي حميتها الذاتية والحضارية، ولسوف نرى أن العائلات أيضاً تعطي نفسها صفات وسمات لا تختلف عما تعطيه القبيلة لنفسها، ولكي لا أكون متفرداً في الزعم سوف استعين بعبارات قالها أحد القراء في موقع "الرياض" على الانترنت في تعليقه على إحدى مقالاتي هذه وقال إن القبيلة تتصف بصفات خمس هي: الصفاء والكرم والشجاعة واحترام الجار وحفظ العهد.
وكم أنا ممتن لهذا القارئ الكريم لأنني محتاج لمن يساعدني على كشف دفاتر الثقافة وذلك بإعطاء الناس حقوقهم من الصفات التي يرونها لأنفسهم بحيث لا نظل ندعي عليهم ونزعم لهم صفات ونحرمهم من أخرى، كنت قد قلت من قبل إنني لم أجد في كل ما بحثته وسألت عنه من شيء أرى ارتباطه بالقبيلة سوى صفتي الشجاعة والكرم وهما الصفتان اللتان تفتخر بهما القبيلة وبهما يعلو شأن أي قبيلة ومن نقص نصيبه من هاتين الصفتين نقصت منزلته بمقدار نقص صفته.

وها هو القارئ الكريم يزيدني صفات إلى تلك، ولا شك أن صفات احترام الجار وحفظ العهد مضافة إلى صفتي الكرم والشجاعة هي صفات نبيلة وجليلة ولقد أشرت من قبل إلى كلمة المثقب العبدي عن إكرام الجار ورعاية حقه وان هذا من معرفة الحق وجعل ذلك بمنزلة عليا في سلم الخلق القويم، وهي من صفات التقوى وقد وردت أحاديث كثيرة عن حق الجار الذي تلقى رسولنا الكريم التوصية به من جبريل مباشرة حتى أوشك ذلك أن يبلغ حد التوريث - كما ورد في الحديث الشريف - كما ان حفظ العهد له منزلة عليا في النصوص الدينية حتى ان إخلافه قد يوقع المرء في صفة النفاق الذي من علاماته ان المنافق إذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان، وهذا كله درس أخلاقي رفيع، مثله مثل الشجاعة المعنوية والشخصية، وسنتفق كلنا على ذلك ولا ريب.

ولكننا سنتناقش في مسألتين وهما هل هذه الصفات الكريمة النبيلة محصورة بقوم دون قوم...؟ هذا أولاً، ثم هل صفة الصفاء الواردة في كلام القارئ قابلة للتصنيف العلمي، أي اننا لن نختلف على فهم المراد من الكرم والشجاعة واحترام الجار وحفظ العهد، ولكننا لن نصل إلى تصور مماثل لمفهوم الصفاء، وما المقصود به....؟.

وكم هو عيب أمر هذا (الصفاء)، وهو صفة تدعيها كل طبقات البشر، ومن الشعوب إلى العائلات إلى الأفراد، وقد كان هتلر يعتقد بسمو العرق الآري، وسعى إلى تنقية هذا العرق وتمييزه قسرياً وبقوة القانون والعلم، وكل الأوروبيين يرون صفاء هذا العرق وتميزه ويرون انه ذو ذهنية عقلانية بينما يقللون من شأن العرق السامي ويرون انه عرق عاطفي لا عقلاني، ويرون فروقاً في بنية الخيال بين الآريين والساميين، ومن الطرائف هنا أن المرحوم محمد حسن عواد كان يتباهى على رفاقه بأنه أرقى عقلاً منهم ويقول انه آري العرق وهم ساميون عاطفيون، وكان يقول ذلك في لحظات اشتداد الجدل مع أدباء جدة وعدم مجاراة زملائه لآرائه فيعلل ذلك بعجز في قدرتهم على تصور ما يراه وما يقول به. ولقد سمعت هذه الحكاية من عدد من مجايلي العواد، وكانوا يعاملون ذلك بوصفه طرفة تشير إلى مدى اعتزاز العواد بذاته واعتقاده بسموه العقلي على زملائه ومجايليه.

تأتي فكرة الصفاء العرقي لتكون دعوى بشرية يدعيها كل قوم لأنفسهم، وفي حالة مقالتنا هذه فإن العائلات تجنح لوصف نفسها بهذه الصفة، وكلنا نعرف مقولة أبناء الأصول، وكلمة الأصول هنا تعنى الصفاء في السمات والأعراف، وهي كلمة تسود في أوساط العائلات الكبيرة والمتوسطة في المدن والبيئات الحضرية، ففي القاهرة ودمشق وبيروت مثلاً، لا تجد للقبيلة وجوداً ملموساً لا في الذهنية العامة ولا في الخطابات، ولكن مفهوم العائلة ومفهوم الأصول مع ربطه بالعائلة هو المعنى الأبرز في تصور كل عائلة لنفسها، وهناك تجد الثقافة العامة تتحدث عن عائلات بيروت أو عائلات الشام، وتجنح إلى إعطاء العائلات قيماً عليا في التنظيم الاجتماعي والسياسي والتاريخي لهذه العائلات، حتى لتصف العائلة نفسها بالكرم والشجاعة والحمية والوفاء وبأنهم من أبناء الأصول، تماماً مثلما ذكر القارئ من صفات حتى لكأنه يصف هذه العائلات. ولا شك ان مجتمعنا هنا يقول بشيء مماثل عن العائلة في المدن، ونحن نعرف عائلات المدن عندنا وما تراه هذه العائلات عن نفسها من صفات وسمات وما تتبرأ منه من صفات وسمات، وكذا فإن العائلات تميز نفسها وتقسم طبقاتها حسب ما يتواتر من صفات عن هذه العائلة أو تلك. وهذا ليس محصوراً في العائلات ذات النسب القبلي، بل هو شامل للجميع، وكلنا نعرف ما تقوله عائلات مكة والمدينة عن أنفسهم وما يتباهون به من مقامات لهم وتاريخ معنوي يحيلون القول إليه مثلهم مثل عائلات الرياض والقطيف والقصيم، ويتعدى هذا شرط الأصل القبلي.

سنجد - إذن - أننا أمام ثلاث منظومات بشرية هي: الشعب، القبيلة، العائلة، وسنجد أن كل واحدة من هذه المنظومات تعطي نفسها صفات وسمات لا تختلف إحداها عن الأخرى، مما يعني أن الجنس البشري واحد في تصوره لنفسه وان لدى البشر مطمحاً كلياً لبلوغ الحد الأعلى في الصفات الحميدة، وهذه الصفات الحميدة لن تكون ميزة ومفخرة إلا إذا تم احتكارها، ولو تساوى الناس بالكرم والشجاعة مثلاً لما صار لأي من هاتين الصفتين من ميزة لأن الجميع كرماء وشجعان، ولذا صارت الثقافة البشرية تغري الناس بلعبة الإقصاء عبر أفعال التفضيل فيقولون مثلاً بأنهم أندى العالمين بطون راحة، وبأنهم أشجع الناس، والمصريون يقولون كلمتهم المشهورة عن العائلات والشعوب (أحسن ناس)، وهي جملة في المفاخرة يقولها كل ناس عن أنفسهم.

هذا منزع إنساني يختار القيم العليا ويمجدها ويميل إلى احتكارها لنفسه وجنسه وسلبها عن غيره، وهذا من مصلحة المثل العليا التي يحاول كل جرها لجانبه وعبر هذا تسود القيم وتنمو، ولو توقف الناس عن الانتساب لهذه القيم لماتت القيم ولم نجد من يتباهى بها.

إن العائلة قيمة اجتماعية واقتصادية، وأحياناً سياسية، وهي بما إنها كذلك فإنها تشكل الوحدة الأساس في بناء المدينة، بينما القبيلة هي الوحدة الجذرية لبنية الصحراء، ويفرق الأمر هنا بين ثقافة الترحال وثقافة الاستقرار، ولكل من الثقافتين نظامها الخاص، فالبدوي مترحل وهو بالضرورة كائن قبلي، والحضري مستقر ويكون كائناً عائلياً كنتيجة لذلك، وفي الحالين تكون صفات الصفاء والكرم والشجاعة والحمية هي من أبرز ما يتصف به كل نظام من هذه الأنظمة، وقد نجد مرادفات لفظية لكلمة الصفاء من مثل الأصالة الحضارية والثقافية وهي مما تصف الشعوب بها نفسها، ومن مثل كلمة أبناء الأصول أو أبناء الذوات، وهي صفة تمنحها العائلات لنفسها حسب سلمها الاجتماعي الذي هو في حقيقته ناتج عن سلمها الاقتصادي أوالسياسي، وكلما صارت العائلة ذات واقع مالي رفيع أو ذات وجاهة سياسية عالية صارت حينئذ تصف نفسها بصفة الذوات وهو معنى افتراضي لأن الذوات جمع لكلمة ذات، وليس هناك أحد ليس ابن ذات، ولكن الثقافة تجنح إلى تمييز بعض الكلمات مثلما تميز بعض البشر، وتعطي كلا من الاثنين معنى افتراضياً يندرج في سلم التباهي، وقد شرحنا من قبل أن ليس هناك أحد ليس له أصل، والكل جاءوا من شجرة نسب ومن سلالة بشرية قوامها امرأة ورجل، ولن يخرج عن هذا أحد، ولذا فإنك لن تجد معنى علمياً لكلمة أصل أو كلمة ذوات، أو كلمة صفاء، سوى انها كلمات تنتجها الثقافة وتمنحها لطالبيها مثلها مثل أوسمة التكريم وألقاب السيادة واللوردات في بريطانيا، التي صارت تمنح بمراسيم ولم تعد تكتسب بالعمل كما كانت ثقافة السابقين التي لا يكون الفارس فارساً إلا عبر ما في جسده من كلوم وجراح في معارك حقيقية تدمي وتجرح وتقتل.

هنا نرى أن الشعب والقبيلة والعائلة، هي أنظمة اجتماعية ضرورية بما إن الإنسان كائن تعارفي كشرط لوجوده يتماثل مع شرط ولادته، وبما إنها أنظمة ضرورية وتعارفيه فإنها تبني لنفسها نظاماً رمزياً متماثلاً في سماته وصفاته، ويكون الشعب قبيلة كبيرة مثلما تكون العائلة قبيلة صغيرة، وكلها صيغ بشرية لتعامل المرء مع ظروفه ومع مقامه الثقافي. هذا إذا كنا سنأخذ بالشرط العلمي للتعريف، وهي أن الأشياء إذا تماثلت في الصفات صارت جنساً واحداً، وها نحن نشاهد تماثلاً فيما بين ما تقوله الشعوب عن نفسها وما تقوله العائلات عن نفسها ومثله ما تقوله القبيلة عن نفسها وحينئذ يتساوى الجميع ولا يتميز أحد عن أحد إلا بصدق الدعوى في الصفات الحميدة المفترضة هنا، بينما ينقص بنقصان نصيبه من تلك الصفات. ويظل الإنسان كائناً تعارفياً بالضرورة وبالحقيقة والواقع وهو القانون البشري الكلي في تساو تام، وكل نقص في هذه السمة هو لحن ثقافي وخلل في نظام الأشياء.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 02:56 PM   #21
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (المدينة هي القبيلة لساكنيها)



د. عبدالله محمد الغذامي
(اذا تماثلت الاشياء في الصفات صارت جنساً واحداً) هذا ما ختمنا به مقالتنا الاسبوع الماضي، وكنا قد شاهدنا ان كلا من الشعب كمفهوم وكثقافة والعائلة كمفهوم وكثقافة هما مما يتصف بصفات وسمات تماثل ما تتصف به القبيلة من سمات وصفات تنسبها لثقافتها وتراها صفات تفاخر واعتزاز، من مثل الكرم والشجاعة والحمية والجوار والاصالة. وهي صفات يأخذ بها كل شعب وتأخذ بها كل عائلة تماماً مثلما هي في لب ثقافة أي قبيلة. ولسوف نرى في هذه المقالة ان الناس اذا ما استقروا في مدن فإن تجمعهم المدني يجنح الى ان يكون تجمعاً يقوم على عصبية المكان كمثيل لعصبية النسب، واذا كانت القبيلة تتخذ من النسب المشترك لأعضائها عصبية حامية وشعاراً ثقافياً ووجودياً فإن المدينة ايضاً تتخذ من مسماها ومن الانتساب لهذا المسمى قيمة عصبية مماثلة. واذا كان الشعب او العائلة هي مسميات تنطوي على قيمة عصبية وتمثل عصبة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية فإن كلا من المدينة ومن قبلها القبيلة هي عصبيات اجتماعية جوهرية ايضاً.
والحديث عن المدينة سيأخذ منا ابعاداً اربعة، وهي صيغ ثقافية ينبني عليها تكوين فكرة المدينة ومفهوم المعاش المشترك فيها، وهذه الابعاد الصيغ هي: نظام الانتساب، ونظام الطبقة، ونظام الشكل المدني، مع نظام الثقافة المدنية. وسأتناول هذه الصيغ واحدة واحدة.

وابدأ مع نظام الشكل المدني، ونحن في الجزيرة العربية نملك ثلاث صيغ للمدينة، هي:

1- المدينة المقدسة.

2- المدينة القبلية.

3- المدينة المختلطة.

ولكل شكل من هذه الاشكال نظامه الثقافي الخاص، فالمدينة المقدسة هي ما نراه في مكة والمدينة، حيث تختص المدينتان بصفتين لا تشاركهما فيهما الاخريات، الاولى هي وجود الدولة الدائم، فالمدينة من يوم هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) اليها ومكة ومنذ يوم فتحها وهما في ظل حكومة مركزية، ولم يجر في تاريخ أي من المدينتين ان كانتا من غير حكومة مركزية يتبعان لها، مما يجعل أمرهما السياسي في يد تلك الحكومة، وهما يتبعان بالضرورة حكومة مركزية كانت في المدينة اولاً ثم تنقلت ما بين العراق والشام وتركيا على مدى القرون حتى عادت الحكومة الى موطنها في الجزيرة العربية من بعد قرون من هجرة الحكم وتطوافه بين مدن الاسلام، وهذه المركزية السياسية جعلت مكة والمدينة تسيران في نظام اجتماعي خاص بهما، وصنعت لهما ثقافة خاصة تختلف عن ثقافة سائر بقاع الجزيرة العربية، خاصة وان الصفة الاخرى لهاتين المدينتين تساعد على بناء نظام ثقافي مختلف، وهذه الصفة الاخرى هي الهجرة الدائمة الى مكة والمدينة من عناصر المسلمين بكل اطيافهم العرقية واللغوية والاقتصادية والثقافية، مما جعل التركيب السكاني والثقافي في مكة والمدينة متميزاً ومختلفاً لتكونه من عناصر متنوعة من جهة ثم لتأثره الحتمي بأي تغير يطرأ على أي بيئة اسلامية مهما بعدت هذه البيئة، فما يجري في الهند او في تركيا او في الاندلس سوف يجد طريقه مع الحجاج ومع المجاورين الذين يقررون الاقامة فيهما، مما يجعل الوضع الثقافي فيهما ليس نابعاً من تغير ذاتي ولكنه تأثر من واقع خارجي، وهذا يفسر لنا لماذا لم تتأثر المدن الاخرى بالمتغيرات التي تحدث باستمرار في هاتين المدينتين من مثل انظمة الطبخ والملبس والمسلك وحتى المعجم اللغوي والطقس الاجتماعي بكافة تجلياته وهو ما لا نجده في أي مكان آخر ولا حتى في الجوار المباشر لهما، بل ان البوادي المجاورة والمتاخمة لهما لا تتأثر بتلك المتغيرات، وذلك لأن تلك المتغيرات هي متغيرات مجلوبة مع اصحابها وليست نابعة من البيئة المحلية، ولو نبعت من البيئة المحلية لكان لها دور في تغيير المحيط كله، ثم ان حرص الحكومات الاسلامية المتعاقبة منذ بني امية والى آخر زمن العثمانيين حرصهم على عزل مكة والمدينة عن محيطهما بسياج محكم حتى لم يكونوا ليعبئوا بالمحيط البدوي والقروي المجاور ولم يكن يعني أحد منهم سوى هاتين البقعتين مما شكل هذا الحصر القسري الذي نتج عنه حصر سياسي وثقافي واقتصادي، وكان كل ما يجري في مكة والمدينة هو مما لا صلة للمحيط به، ومن هنا نشأ في ثقافتنا الاجتماعية هذا الاختلاف النوعي في وجود مدينتين لا يتماثل وضعهما مع وضع سائر مدن المنطقة لقدسيتهما اولاً ثم لتنوع الهجرات اليهما واستمرار هذه الهجرات دون انقطاع ثم لاستقبالهما للمتغيرات الطارئة في أي بقعة اسلامية استقبالاً مباشراً ومستمراً، وهذه عناصر ايجاب، ولكن السلبي هو تعمد الحكومات المتعاقبة على عزل المدينتين عن المحيط مع اهمال المحيط العربي لهما اهمالاً تاماً وعدم الاكتراث به إلا بوصفه منطقة حرب ودار عداء، ولقد كانت كل جولات الحروب مع القبائل والمناطق الاخرى هي جولات اخماد تمرد او رد خطر او جولة تأمين طريق ولم تكن نشر ثقافة او علم او بناء مدارس ومساجد ولم يشهد التاريخ بناء مسجد او مدرسة خارج مكة والمدينة لأي دولة اسلامية في أي مكان في بقاع الجزيرة العربية، وهذا جعل لدينا نموذجاً مدنياً له طابعه الخاص. وهو الشكل الاول من اشكال المدينة التقليدية عندنا.

أما الشكل الثاني فهو شكل المدينة القبلية، وهي في غالبها مدن الجنوب، حيث انقسمت القبائل الجنوبية الى قبائل مستقرة وقبائل بدوية، وتجد ان القبيلة الواحدة من نوعين بعضها زراعي يسكن بقعة من الارض تخصه وبعضها رعوي يتنقل ولكن في شكل محدود ولا يباعد الجوار كثيراً، وتجد الباحة وبلجرشي وابها والنماص هي مدن لأهلها من القبائل وكل سكانها هم من العشيرة وهي دارهم ومستقرهم، وليس فيها تنويع خارجي، ولذا فهي مدينة قبلية تأخذ خصائص القبيلة بكل شروطها، بدءاً من الاسماء ومن اللباس ومن الحمية القبلية ومن نظام المشيخة، وهي قبيلة كأي قبيلة تاريخية غير انها مستقرة وتتخذ من الزراعة مصدراً للعيش، وهو تغير نوعي في النظام الاقتصادي والمعاشي ولكن بقي النظام الثقافي والمسلكي دون تغير جذري، والعصبة هنا هي عصبة قبلية حتى وان كانت تحت عنوان المكان وصورته، ولذا بقيت المسميات قبلية ولم تتحول الى عائلية.

أما الشكل الثالث للمدينة فهو الشكل العام لنشوء المدن وهو شكل يقوم على خليط بشري تحول مع الزمن من حياة الترحل الى حياة الاستقرار وهذا الاستقرار يأخذ صيغاً متنوعة، بعضه فردي كأن يأتي فرد بحاله ويلجأ الى مكان آهل ويدخل مع اهل المكان ساكناً وعائشاً، له ما لهم وعليه ما عليهم، او ربما يأخذ الاستقرار صيغة اكثر جماعية كأن يرتحل فخذ من قبيلة او فرع من فخذ ويقرر الهجرة الى مكان ما ويقر فيه وقد يبدأ في تكوين المكان او يندمج مع ساكني المكان من قبله، ويضاف الى هذا صنف ثالث تنقطع به السبل فيلجأ الى مكان ما ويدخل مع اهله، وربما يأتي من هو فار من مشكل مثل الثأر والدماء وهذا النوع يخفي عادة مصدره ويفرح بالمأوى، وهذه كلها مصادر لتكوين تجمعات سكنية، ما تلبث هذه التجمعات ان تجد نفسها في مواجهة مع ظروف الحياة فقد يأتيها عدوان طامع من راغب بالسلب وقد يأتيها ظرف طبيعي كفيضان واد او حدوث مجاعة او وباء مرضي، وهذه كلها عوامل توحيد في مواجهة الخطر وفي شرط حماية الذات ومن هنا تنشأ العصبية المدنية بوصف ذلك ضرورة حياتية، ويصير اسم المكان علامة وشرط وجود وشرط تحالف ويتحد الناس تحت راية واحدة وزعامة تفرضها الظروف غالباً والذي يوحدهم هنا هو الخطر المداهم حيث انه يعم ولا يخص ومن هنا يتعممون كلهم تحت هدف واحد هو الدفاع عن وجودهم، وهذا سيشكل بالضرورة ثقافة واحدة تقوم على وحدة الاسم، اسم المكان، ثم في اشهار الصفات حيث سيبرز الشجاع والفارس وسيبرز الصبور وسيبرز الكريم ويبرز صاحب النخوة والمبادر الى مواجهة الظرف. وهذه كلها صفات تخلقها الظروف من جهة وتكشفها الاحداث من جهة ثانية ثم تصير علامة بارزة ومسلكاً متواتراً، وتكون ثقافة للمكان واهل المكان.

هنا تنشأ صفات وسمات تتسبها المدينة لنفسها وتدخل في اشعارها وفي حكاياتها، وتكون علامة عليها ومفخرة لها، ولا يوجد مدينة من مدن الجزيرة العربية إلا وفي سجلها هذا النوع من التاريخ الثقافي والمعاشي، وهي هنا لا تختلف عن أي قبيلة عربية أو غير عربية في وصف نفسها بصفات الكرم والشجاعة والحمية والاصالة، مما يجعل المدينة نظاماً ثقافياً يمثل لساكنيها والمنتسبين إليها عصبية لا تختلف عن العصبية القبلية. ويبقى علينا الوقوف على عناصر تتعلق بالانتساب وأخرى عن الطبقات وثقافة المدن سيكون في المقالة اللاحقة - إن شاء الله -.

ملاحظة: سألني أحد القراء في موقع الرياض على الإنترنت بقوله: هل تسعى إلى المطالبة بإلغاء القبيلة في الجزيرة العربية....؟ وجوابي هو بالنفي طبعاً، فأنا هنا أحارب أول ما أحارب ثقافة الإلغاء والإقصاء، وموقفي من القبيلة يتلخص بالحديث الشريف الذي أوردته مراراً في مقالاتي هذه، وهو ما نقله ابن ماجة في سننه من سؤال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمن العصبية أن يحب الرجل قومه...؟ قال: لا، ولكن العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم). والقبلية باقية وستبقى بما إنها قيمة اجتماعية وثقافية، وهذه حقيقة، ولكن لا بد أن نفرق بين القبيلة والقبائلية مثلما نفرق بين الشعب والشعوبية ومثلما نفرق بين أن تحب أهلك وثقافتك وبين أن تتعالى على المختلف عنك، أي أن تجمع بين الحب الذي هو إيجاب والتعدي الذي هو سلب وإقصاء، ولو عرفنا هذا التمييز سنكون عندها عادلين وواقعيين.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 07:05 PM   #22
ولـد الـرفـيـعـة
Guest
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
البلد: بريدة
المشاركات: 439
شكرا لك وياليت يكون هناك تواصل بيني وبينك اخي الكريم ,, وترسل لي جميع مقالات الدكتور الفذ / عبدالله الغذامي عن طريق الايميل ,,

تحياتي لك اخي الكريم
ولـد الـرفـيـعـة غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 07:51 PM   #23
آهات
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 18
أنتم يامن تدعون وتفاخرون بكاتبة رجل يعرف عنه الشر الكثير

سأسأل كل خضيري وأريده ان يقسم بالله على انه لا يقول الا الحق

سؤالي له
هل لو اتاك رجل مسلم من الجنسية البنقلاديشية أو الهندية أو الباكستانية
هل سترضى به زوج لأبنتك أو اختك؟

أجب بصراحة وصدق مع اليمين

ولي بعد ذلك رجعة... إن شاء الله.
آهات غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 07:54 PM   #24
فتى الفايزيه
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2002
المشاركات: 390
والله اني غاسل ايدي منه سبع مرات
فتى الفايزيه غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 10:27 PM   #25
ولـد الـرفـيـعـة
Guest
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
البلد: بريدة
المشاركات: 439
آهات

أنا لست خضيرياً ولكن اسمح لي أن ارد عليك

سيدي ,, حينما يرفض الخضيريون الباكستاني أو البنقالي ,, لايعني ذلك حجة للشيوخ أنهم يرفضون يزوجون الخضيريين .
الخضيريين والشيوخ ابناء ثقافة واحدة وعقلية واحدة ,, حينما يتم رفض الاخر مهما كان جنسة ,, فأن ذلك خطأ .
فلاتأتي وتقول أننا لانرضى نزوجكم كما أنتم لاترضون تزوجون الهنود وغيرهم

كلكم على خطأ ,, وقاتل الله القبلية والعنصرية والحواجز الثقافية
ولـد الـرفـيـعـة غير متصل  
قديم(ـة) 26-04-2007, 10:51 PM   #26
آهات
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 18
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها ولـد الـرفـيـعـة
آهات

أنا لست خضيرياً ولكن اسمح لي أن ارد عليك

سيدي ,, حينما يرفض الخضيريون الباكستاني أو البنقالي ,, لايعني ذلك حجة للشيوخ أنهم يرفضون يزوجون الخضيريين .
الخضيريين والشيوخ ابناء ثقافة واحدة وعقلية واحدة ,, حينما يتم رفض الاخر مهما كان جنسة ,, فأن ذلك خطأ .
فلاتأتي وتقول أننا لانرضى نزوجكم كما أنتم لاترضون تزوجون الهنود وغيرهم

كلكم على خطأ ,, وقاتل الله القبلية والعنصرية والحواجز الثقافية



أخي ولد الرفيعة
اول شيء اشكرك على ردك
وثاني شيء اريدك ان تعرف بأني لست
من الناس الذين عندهم العصبية

وثالث شيء انا حينما كتبت ذلك اريد ان ابين نقطه
الا وهي انها كما قلت ثقافات وعادات
لكن منهم خضيريين كانوا ليسوا مقتنعين بذلك
وإنا جاؤا بالدين لدمجمهم ولتزاوجهم بالقبيليين

واعلم ياأخي ان ذلك ليس خطأ في الدين
لقول بعض العلماء ...



لأننا اعتدنا على ذلك سنين طويلة

لكن هم من ارادوا ذلك ,,,
فأنا أقول لهم
إذا زوجتم الهنود فنحن سنزوجكم

أليس عندهم بنات
فلماذا كل هذه الطهبلة

الدنيا كانت ماشية على ما يرام
لكن هم زادوا من فتيل الازمة




((نحن جميعا ضد العنصرية))

وإذا كنت تريد المزيد من تعصبهم
فلدي ما يكفي بأذن الله
آهات غير متصل  
قديم(ـة) 03-05-2007, 05:59 PM   #27
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (طبقات المدينة)

http://www.alriyadh.com/2007/05/03/article246529.html

عبدالله محمد الغذامي
كانت قريش قبيلة ومكانا حيث مكة دارهم وعصبة وجودهم، ولما جاء الإسلام تغير مسمى القرشيين تغيراً جذرياً حيث اكتسبوا اسما جديداً هو (المهاجرون)، وحدث مثل ذلك لقبيلتي الأوس والخزرج حيث صار لهما اسم جديد هو الانصار، وهذا تغير جذري من نسق ثقافي الى نسق ثقافي آخر، وكان السلوك هو العامل الجوهري في احداث هذا التغيير فالذي ترحل بدينه من مكة الى المدينة واحدث في نفسه وفي أسرته وغير مكانه وبيئته وربط معتقده بمجموع هذه الحركات هو شخص يتحول من حال كلية الى حال كلية أخرى، وهو تغيير نفسي واجتماعي واقتصادي وثقافي مثلما هو في الاصل تغيير ديني جذري، وهو اذ يدخل في الإسلام في تاريخ جديد له ولعائلته لوجوده كله، ومن هنا اكتسب اسما جديداً، وكلمة المهاجر هي كلمة مكتنزة المعنى فهو مسلم وهو من أهل مكة ثم صار من أهل المدينة وهو رجل تجرد من جسده الاول ولبس جسداً جديداً ولغة جديدة ووجها مختلفا ورضي بإدارة مركزية تحدد له معاشه ونظام تفكيره وذائقته مثلما تعيد صياغة لغته وتحالفاته وعصبته الامنية والثقافية، ومثله الأنصاري الذي يقابل هوية المهاجر بهوية مكملة فلا تتحقق هجرة المهاجر الا بنصرة الانصاري، ولا تتحقق صفة الانصاري الا بنظيره المهاجر، وهذه لحمة معنوية ولغوية مثلما هي لحمة اقتصادية واجتماعية ترتب عليها تغير جذري في مفهوم القبيلة وفي وظيفتها. فالمهاجر لم يعد قرشيا والانصاري لم يعد خزرجيا. ولم تكن القبيلة شرطا للحصول على هذه الصفة فكل من هاجر او نصر فهو كذلك سواء كان من قبيلة او غيرها، وفي هذي تساو بين الناس بناء على العمل في حين يتراجع النسب عن ان يكون أساس التقييم.
من هنا تغير اسم المكان ذاته فاختفت يثرب وحل محلها مسمى المدينة، وهذه مفهومة بالنظرية الألسنية اذ ان تغير الشكل يغير المضمون بالضرورة، وهناك تغير شكل المكان بتغير شكل السكان فتغيرت المسميات وتغيرت الهويات الثقافية للأشياء مع تغير لغة الشارع وعلاقات الناس المستخدمين للمكان والعابرين من فوقه.

هذا اول تغير ثقافي يمس علاقة المدينة كمكان من القبيلة كهوية وكمكان، وان كانت مكة محصورة من قبل بقبيلة تملك المكان وتسيطر على ثقافته وكذا الحال مع يثرب الا ان فاتحة الدين الجديد هي التي تولت تغيير سلوك المكان ليصبح هو الهوية بدلا من القبيلة وتولت تغيير المسميات فصار المهاجرون وصار الانصار، ونشأت طبقة ومعها طبقات هي الخلاصة السكانية للبيئة الإسلامية، ونجد علامة ذلك فيما نقله ابو يوسف في كتاب الخراج في وصية عمر رضي الله عنه وقوله: (أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله وأوصيه بالمهاجرين الأولين ان يعرف لهم حقهم وكرامتهم، واوصيه بالأنصار الذين تبوأوا الدار والايمان من قبل، ان يقبل من محسنهم وان يتجاوز عن مسيئهم، واوصيه بأهل الامصار فإنها ردء الإسلام وغيظ العدو وجباة المال ألا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم، واوصيه بالأعراب فإنهم اصل العرب ومادة الإسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله (ص) أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكفلوا فوق طاقتهم - ص 13، نقلا عن ناصر الدين الأسد: تحقيقات لغوية ص 91).

في هذه الوصية نلاحظ اختفاء اسم القبيلة وحلول طبقات اجتماعية تشير الى المكون السكاني والمكون الاقتصادي ايضا، وهم خمس فئات: المهاجرون/ الأنصار/ أهل الأمصار/ الأعراب/ أهل الذمة.

وأول ما نفقده هنا هو عنصر القبيلة فالأمة الآن لم تعد أمة قبائلية بل هي خليط سكاني من فئات اكتسبت مسميات جديدة، وهي مسميات عملية فالهجرة ليست نسبا وكلمة الأنصاري ليست سلالة كما ان اهل الأمصار هم سكان مدنيون وأهل الذمة كذلك، اما الاعراب فهم هنا سكان الصحراء، وصاروا لذلك اعرابا واذا حل احدهم في بلد فسيكون من أهل الامصار وينتقل من أهل الاعراب.

هذه مسميات ومصطلحات ثقافية تعود الى مرجعيات عملية ذات صلة بالمكان حيث ترك المهاجر مكانا وحل في مكان آخر ولذا صار مهاجرا، والانصاري هو من فتح المكان للفارين بدينهم، وأهل الامصار هم من أسس وبنى مدنا للإسلام في العراق والشام من مثل البصرة والكوفة وغيرهما، والبصرة والكوفة هما اول مشروع لتوطين البادية وهما الهجر الأولى في تاريخنا، ويظل المكان هو العامل الأصل في التسميات هنا بما ان أهل الذمة سكان مدن والاعراب سكان الصحراء، وهكذا فإن المكان هو المانح للمسمى والدال على الهوية.

وفي التكوينات المدنية المختلطة (حسب تقسيمنا لها في المقالة السابقة) نلحظ، اول ما نلحظ ان الناس الذين خرجوا من قبائلهم وقرروا الاستقرار في مكان آهل او قاموا بتأهيل المكان يجنحون الى تحويل مسمياتهم من قبلية الى عائلية ويدخلون في تناسب تكاملي مع من هم معهم في المكان ذاته، فتتغير الاسماء ويجري نسيان القبيلة تبعا لذلك حتى لا يعلم الناس عن بعضهم بعضا من اي قبيلة هم في الاصل كانوا، وأنا شاهد على ذلك فكل علاقاتي وصداقاتي منذ صغري هي مع اناس اعرفهم بأسماء عائلاتهم ولا اعلم البتة عن قبائلهم ان كانوا من اصول قبلية ام لا، وما كنت قط معنيا بأن لا يكونوا كذلك او ان اعرف ذلك ولا حتى على مستوى السؤال المجرد، وهذا امر يعم كل جيلي ومن هم سابقون علي وتلك كانت ثقافتنا، ثقافة مدنية تآلفية والمدينة هي عصبتنا (واختلف الامر بعد ذلك لأسباب سآتي عليها في مقال لاحق - إن شاء الله -).

على ان الاسماء كانت تأخذ لنفسها مسالك معينة فقد تقف عند اسم أحد الاجداد ليكون اسما عائليا لنسله، وقد تكون لقبا (معيارة)، وتلزم نسله، وقد تكون اسم حرفة او مهنة، مثل ان يكون امام مسجد او مؤذنا او خطيبا او صائغا وخياطا، فنجد اسماء عائلات هي مما يعود الى ذلك كالمطوع والريس وما سواها. ولقد جاء اسم عائلتنا بسبب كلمة كان جدنا البعيد يقولها وهي: اغذموا اولادكم، اي اطعموهم، وهي كلمة لها اصل تراثي قديم مثلما هي من مفردات محلية اندثرت الآن. وفي النصوص ان الغذم هو العطاء بسخاء، وفيها ورد نص في رسائل الجاحظ (347/2) ان أبا سفيان ذهب مع اثنين من ابنائه الى الشام لزيارة معاوية فكتبت اليه هند تقول: قد قدم اليك أبوك وأخواك فلا تغذم لهم فيعزلك عمر. ولقد شرح المعري هذا بقوله: غذم له من العطاء اذا اعطاه بكثرة (الفصول والغايات 169). وهناك انتساب للمكان وبعض انتساب للقبيلة، وهما قليلان في المدن المختلطة على عكس المدينة القبلية حيث تكون الاسماء كلها قبلية.

ويميل المتحولون الى المدن الى تبني نظام العائلة في العصبة وفي المسمى وفي التصنيف الاجتماعي والاقتصادي.

هذا ما يجري في المدن المختلطة (والتصنيف هنا من المقال السابق)، وتبقى المدن القبلية على نظام مسميات قبلية، ولقد ذكر ابن كثير في تفسيره ان حمير تنسب للمخاليف، اي للمكان، والحجاز للقبائل (217/4)، وهناك انتساب الى المذهب والطائفة والطبقة، وكلها أنظمة تشير الى قانون ثقافي واحد هو قانون (التعارف) الذي هو علة التقسيم البشري وسببه وعلة التواصل والصانع لشرط المعرفة والصلة وبناء الخلية الجوهرية للمعاش البشري.

ولكن المسمى العائلي هو العلامة القوية على التحول الثقافي وعلى اعتماد بنية المدينة بما انها وحدة اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، وذلك كمرحلة تسبق تأسيس الدولة وقيام المجتمع السياسي والمدني على أساس مفهوم الشعب، وتظل العائلة هي الوحدة المشتركة في كل الانظمة الاجتماعية، غير ان الفارق الجوهري يأتي عبر التسمية ذاتها بأن تتسمى العائلة باسم يخصها او تظل على نسبتها القبلية وهذا مؤشر مهم على التحول من ثقافة القبيلة الى ثقافة المدينة، واذا كبرت العائلة اكتسبت مسمى اضافيا هو (الحمولة) وهي تسمية ثقافية تعطي معنى طبقيا من مثل اولاد الحمايل ومن مثل قوله ان ذلك الشخص ابن حمولة وفي حالة الذم يقولون انه ليس من ابناء الحمايل وهي مماثلة لمعاني الذوات وابناء الذوات في افتراض التميز.

والمدينة بالضرورة كيان مختلط يقوم على تقسيم داخلي هو الحارة، وقد اكتسبت الحارة في الثقافة التقليدية قيمة معنوية وتمييزية عالية الدلالة، وكل حارة هي شخصية ثقافية ترمز الى معاني طبقية واقتصادية حتى لقد كانت الحارة سابقا بمثابة العصبة وتحمل معنى في العصبية عالي القيمة، ولقد ادركت في صغري آخر علامات هذه العصبية وكنت ارى الاولاد الاكبر منا يحملون عصيهم ويركبون على سعف النخل المقطوع كما يركب الفارس على الفرس وذلك بأن يفرد الولد قدميه على السعفة وكأنما هي فرسه المدرب ثم يجري مسرعا ومعه جمع من ابناء حارته ويتجهون نحو حارات أخرى لكي يتحاربوا مع اولادها بالعصي وتجري معارك صلفة وخطرة على مشهد من الكبار وتشجيع منهم وفرح بالنتائج وكانوا يرون ذلك تدريبا على الرجولة وتهيئة لساعة الحاجة، وتسيل الدماء وكنا نسمع مديحا لمن كان جرحه على جبينه وليس على ظهر رأسه، وهي علامة على الاقدام فيمدح المقدم ويذم المدبر ويوبخه اهله ويظل خجلا من حاله حتى يتمكن من مسح هذه المذلة بحرب أخرى ينتظرها مع حارة أخرى ليبلي فيها بلاء ينسخ خيبته الاولى.

تلك هي الحارة بما انها خلية اولى من خلايا المدينة ومعها الأسماء العائلية بما انها علامات اجتماعية تصنع ثقافة المكان، في حين انها تنتمي للمكان، والمهم هنا أؤكد ما هو واقعي وهو ان هذه الثقافة الموصوفة هنا هي ثقافة بيئية يتساوى فيها سكان المدينة والتمايز فيها هو بالصفات ولم يكن تمايزا قبليا قط، وفرسان المدينة وشعراؤها هم من أبنائها ولم تكن القبيلة معيارا في ذلك، وانما يكتسب الاسم قيمته بناء على افعال المنتسبين، وفي تلك البيئة تأتي الفروسية بوصفها انجازا وليس بوصفها علاقة نسبية، هذه في الاصل ثقافة المدينة، ولقد حدثت تغيرات جوهرية لصالح المدينة اكثر واكثر، ولكن وسط ذلك حدثت ردة فعل ثقافية عصية على التحول، وهي ما نحن بصدده وفي مزيد من القول - إن شاء الله -.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 03-05-2007, 06:17 PM   #28
المبتسم
عـضـو
 
صورة المبتسم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
البلد: أرض الله
المشاركات: 956
لكن دعوني اسال : هل الموجود عندنا فصل عنصري ؟
هل الموجود عندنا فصل عنصري ؟ كما هو موجود في امريكا واوربا وجنوب افريقيا من وهو النظر الى الجنس الاخر غير الامريكي او الاوربي ليس له قيمة كالكلب بل اقل من الكلب . بكل تاكيد لا ونما هو في امر واحد وهو الزواج وهذ من وجهة نظري للقبيلة حق في منعة حفاظا للنسب وشيخنا ابن باز اقر ذلك الشيخ الخريصي رحمهم الله جميعا فلم التعنت
انا لم اجد موظف فصل من عمله وبدل باخر لانه خضيري بل كل واحد له مكانته وحقوقه ينعم بكل خير في ظل حكومتنا الرشيدة ايدها الله
مجرد راي ...
__________________
أرى عيني تحن لمن تحب
وقلبي كله حب ووجد
أيارحمن فاجمعنا جميعا
بدار كلها أنس وسعد
بقوم لا نمل لهم حديثا
صفات الخير فيهم لا تعد
المبتسم غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:03 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)