|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
23-06-2007, 03:27 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
الصباخ ’ أهلا بك أخي الفاضل ، للحق .. أنا لم أعرف في الحفل إلا اثنان من الأخوة ، لستَ منهما أخي العزيز فلم أتشرف بمعرفتك إلا هنا ، وأظن أنني لو عرفتك في الحفل لما سلمت عليك كما لم أسلم على الأخوين ، لمرض يغمرني منذ الصغر يُسَمَّى الخَجَل ، و " البَرْطَمَة " ، و الارتباك ، ومن أعراضه احمرار الوجه ، وارتباك قرنية العين ، والتعرق ، فقل الحمد لله الذي عافاني مما ابتلي به الثائر ، وفضلني على كثير من الخلق تفضيلا ، لا أنس أن أبدي إعجابي بتصرف جميل قام به عدد من الأحبة ، حين مرُّوا على جميع المتواجدين في الحفل وسلموا عليهم .. حفظهم الله تعالى .
هاه ... زال الإحساس أيها الاخ الفاضل الحساس ؟! |
25-06-2007, 07:47 AM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
[ 6 ] قبل الانتقال إلى المرحلة الجديدة ! آه من دولاب الدهر ، وانطواء العمر ، كثيرًا ما قرأنا في كتب أهل العلم ، وسمعنا من كلامهم أنه من المستحيل أن يثبت أحدنا على حال واحدة ، ( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ) ، في ديننا .. إما أن تجد أحدنا متقدمًا عبر الصبر على طاعة الله ، وعن معصية الله ، أو متأخرًا عبر الركون إلى الكسل ، والاستسلام للفتور ، ثم الانغماس في المعاصي ، والغرق في مستنقعات الغفلة . كنت يومًا من أيام التأخر ، جالسًا مع أحد طلبة العلم من صغار السن في شقتي ، وهو إنسان ديّنٌ قوام ليلٍ محب لكتاب الله – تعالى - ... أحسبه كذلك والله حسيبه ، ولقد عرفني في مرحلة فتور وكسل .. وغفلة ، وسكن معي لأن أخاه الكبير يسكن معي ؛ فأخذ هذا الشاب يحدثني عن حفظ كتاب الله – عز وجل – وقراءته .. ، فسألته سؤال غريبًا ، قلت له : لو قلت لك أن هذا الشخص الذي أمامك ، كان يجلس – في مرحلة مضت – من بعد الغداء حتى صلاة العِشاء في المسجد يقرأ في كتاب الله – عز وجل – ويحفظ ويراجع .. هل تصدق ؟! نظر إلي وقد علت ملامحه ابتسامة يشوبها دهشة ، وقال لي بشجاعة : لا . فقلت : فاحرص على أدعية الثبات والإعانة ، واستشر واستخر ، ولا تجتهد من تلقاء نفسك ، وإلا فستجد نفسك يومًا وحيدًا ، تبحث عن شخصك الذي فقدته مع كر الأيام ، وانصرام الأعوام . أحبتي ! لست أعرّض بنفسي ، أو أجلد ذاتي ، إنما أكتب لكم ما يؤدي إلى أخذ العِبرة من هذه الذكريات التي لن تساوي شيئا إذا لم تستفيدوا منها عبرا وعظات ومتعة وفائدة ... قدر ما أستطيع ، هذا الحوار الذي جرى قبل مدة ، تذكرته وأنا أستعيد الأسابيع التي سبقت الانتقال من المرحلة الثانوية ، إلى المرحلة الجامعية . لم أدرك في تلك الأسابيع أنني سأنقطع تمامًا عن كل ما يربطني بمجتمع الحلقات والشباب في تلك المدينة ، وقد أثر هذا الانقطاع على طبيعتي واجتهادي ونشاطي في الجامعة على مراحل لم أحس بها إلا بعد حين من الدهر ، وأول سبب للانقطاع عنها هو توقف حلقتي ، وتفرق طلابها ؛ لانشغال المدرس ، وعدم وجود من يسد محله . انغماس تام في أشطة المركز الصيفي ، خصوصًا في الجانب المسرحي والذي أحبه وأعشقه ، ولم أنقطع عنه طوال السنوات الماضية ... وحتى هذا العام ، الأيام تجري بسرعة ، من المركز الصيفي إلى رحلة المركز الصيفي ، وعودة إلى بريدة مرة أخرى عبر هذه الرحلة ، تذكرت همّ السكن ، وشعرت ببعض التوتر ... ، بعد الرحلة استسلمت للكسل الذي يغمر الشباب في الأسابيع الأخيرة بالعطلة الصيفية ، ولم ألاحظ أنني انقطعت بشكل تام عن حفظ ما لم أحفظ من كتاب الله تعالى ، وشبه تام عن مراجعة حفظي ، وذلك بسبب الخطأ العظيم الذي ارتكبته ، وهو عدم تسجيلي ( مباشرة ) في حلقة أخرى بعد انقطاع حلقتي . اتصال هاتفي تلقيته من ( أبي الوليد ) وهو ذلك المدرس الذي كان لنا عونًا حين تسجيلنا في الجامعة ، وأخبرني أنني سأسكن مع فلان ، وهو ليس غريبًا عني ، بل شاب ملتزم خلوق في مثل سني ، وقد درس معي خمسة سنوات ، من الصف الثاني متوسط ، إلى ثالث ثانوي علمي ، ثم تخرج وانضم لركب جامعة الملك سعود ، أما أنا فقد انسحبت في آخر تلك السنة ، وأعدت الدراسة في السنة التالية .. لكن في قسم الشرعي . إضافة إلى أن ( عاصم ) وهذا الاسم الذي سأطلقه على هذا الشاب ؛ كان من طلاب حلقتي لعامين متتاليين في الأول ثانوي ، والثاني ثانوي . وقد فرحت بطلبه بأن أسكن معه ، لكنه لم يكن أمير الشقة ، ولم أعرف – حقا – من الشباب الآخرين الذين سأسكن معهم ، لكن كل هذا لا يهم مادام يسكن معي شخص واحد على الأقل .. أعرفه ، وأرضى بخلقه وطبعه من خلال معرفتي به في المدرسة والحلقة سابقا ، إضافة إلى أنني سأكون قريبًا من دندنته ، فـ ( عاصم ) هذا آتاه اله صوتًا جميلا جدا ، ولعلي أضع لكم إحدى أناشيده في قسم الصوتيات حين تصبح في متناول يدي . تمر الأيام وعلاقتي مع الصديق الجديد ( راكان ) تزداد ارتباطا ، بدا لي أنه يميل حقا للاستقامة والالتزام ، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت ، وأفضل طريقة لجذبه إلى عالم الاستقامة والقرب من الله - تعالى – هي أن تجعله يعيش مجتمع الاستقامة - إن صح التعبير - ، فتعيش معه هموم طالب الحلقة ، في الحفظ ، وفي المراجعة ، وفي الاستراحة ، وتعيش معه الهموم الفكرية للمستقيم ، في القراءة ، وحضور الدروس العلمية ، وفي تحليل الأحداث من حولنا بحسب ما يمليه العقل ... وهكذا . وتمر الأيام كذلك ... . في آخر ليلة قضيتها في رفحاء ، جلست مع راكان ، وصديق آخر من طلاب الحلقة ، وهو من أبطال هذه الذكريات ، إيجابًا وسلبًا في النهاية مع الأسف الشديد .. الشديد ، ( سامي ) هو اسم هذا الصديق ، تعرفنا على بعضنا في الحلقة ، وقويت العلاقة بعد ذلك في آخر سنة .. في ثالث ثانوي ، وله معي في السنة الجامعية الأولى مواقف جميلة ورائعة ، وله – كذلك - فضل علي كبير لا أنكره ، وهو صديق قديم لـ ( راكان ) ، عرفه قبل أن أعرفه ، إضافة إلى قرابة بينهما ، لكن الدنيا لا تثبت على حال تحبها وتتمنى دوامها : طبعت على كدر وأنت تريدها **** صفوًا من الأقذاء والأقذار كانت ليلة محزنة ؛ إذ كنت أشعر بغصّة في حلقي ، وعبرة في عيني . لا أعرف سبب هذا الحزن ، وكأنني ذاهبٌ إلى سجن ، أو مأتم لقريب ، جلسنا نحن الثلاثة نتحدث عن شققنا الجديدة ، وساكنيها معنا ، وتحدثنا عن اللقاء المقبل مع بعضنا ... ليلة طويلة جميلة ... حزينة ، ودعنا في نهايتها صاحبنا ( راكان ) ، ورجعنا إلى منازلنا . في غرفتي – رحمها الله ! -... لم أنم تلك الليلة أبدًا ، فقد أهمني التفكير في كل شيء ، عن أهلي ، وحلقتي ، وجدولي اليومي في الجامعة ، وعن اليوم الأول فيها ، وعن طبيعة العلاقات التي سأرتبط بها في الجامعة ، وعن الشقة ، فكرت كذلك بغرفتي فيها ، وأين سيكون مكان سريري ، أتمنى أن يكون تحت المكيف ، وهل المكيف يبرد جيدًا ، وفكرت بأفراد الشقة – وللشقة حلقات وحلقات - ، وعن كتاب الله - عز وجل - ، وأنني يجب أن أتدارك التقصير الذي حصل مني تجاه هذه الأمانة ، وعن حالتي الدينية والنفسية .. بقدر ما كنت حزينًا ، فقد كنت متحمسًا جدا كذلك .. ولقد فكرت في كل شيء . في ساعة الذهاب ، جهّزت أمي كل أغراضي ومتعلقاتي ، ثم ودّعتها هي وجدتي وأبي وجدي .. وأخوتي ، من المفروض أن يكون هذا المشهد هو الأجمل والأعظم والأنقى والأكثر تأثيرًا في حياتي وذكرياتي ، عائلة صغيرة تجتمع لتودع أكبر أبناءها في ذهابه لعالمٍ جديد ... الجامعة ! يا لِهَيْبة هذا الاسم .. في تلك الأيام ، لن أنسى دموع أمي ، ودعاء جدتي ، ونظرات أبي ، وتأمل جدي المتكئ على عصاه ، وتجمع أخوتي الصغار ، الكل يودعني بما يمثل شخصيته ... كم أحبهم ! ركبت ( الطائر الأزرق ) ، فانتبهت لأبي وقد خرج من المنزل واقترب مني قائلا : لا تسرع ، وانتبه من الجِمال ، ثم أتبع كلامه بالجملة التي سمعتها منه كثيرًا ، منذ بداية تعلمي للقيادة في الصف الثالث الابتدائي عام 1413هـ وإلى لحظة كتابة هذه الأسطر وهي قوله : اعتبر – أثناء القيادة – أن كل الناس مجانين ، وأنت العاقل الوحيد . وإلى ليلة ما قبل البارحة لما غادرت مركز الملك خالد الحضاري بعد الندوة الرائعة ، اتصلت عليه لأخبره أنني سأرجع إلى رفحاء في هذه الليلة ؛ فردّد هذه الجملة على سمعي . بعد الوداع مررت بمحمد و نايف ، ثم انطلقنا إلى القصيم ، وكان الطريق المناسب – في ذلك الوقت – هو ( رفحاء ) إلى ( حفر الباطن ) إلى ( الأرطاوية ) إلى ( الزلفي ) إلى ( طريق الرياض السريع ) .... إلى ( بريدة ) ، قبل أن يُنشأ الطريق الجديد والمختصر ( رفحاء ) إلى ( سامودة ) إلى ( قبة ) إلى ( أبا الورود ) إلى ( الطرفية ) .... إلى ( بريدة ) . و لِسَفر العزاب قوانين وآداب ، أنتم على موعدٍ معها في الحلقة القادمة ، والتي سأكتبها لكم غدًا – بإذن الله تعالى – من ( كورنيش ) مدينة الخفجي ، والتي سأسافر إليها اليوم - بعون الله تعالى – ، كما أنني سأكتب موضوعًا مُصَوَّرًا خلال الأيام القادمة عن هذه المدينة ، التي تحتضن في مشرقها أفضل ساحلٍ بحري في المملكة – في رأيي ، وقد سبحت في غرب المملكة وشرقها - . لا تنسوني من دعائكم . |
25-06-2007, 09:06 AM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: May 2007
المشاركات: 83
|
متابع
|
25-06-2007, 03:25 PM | #4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
مواري ’ أهلا بك أخي الفاضل ، وجزاك الله خيرا على متابعتك .
|
25-06-2007, 05:07 PM | #5 |
عبدالله
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
|
...
كنت على عجالة ، و لكن أبت حروفك إلا جذبي .. واصل فتح الله عليك أيها الثائر .. و عتبي عليك خروجك المبكر يوم الإربعاء الماضي .. لتفوت عليَّ فرصةَ رؤيتك .. فقد قيل أنكَ جئت .
__________________
ياربي ..افتح على قلبي .. و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك .. [عبدالله] من مواضيعي : آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات ) ::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة) |
26-06-2007, 06:22 AM | #6 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
الصمصام ’ أهلا بك أخي الفاضل ، وأشكر لك اهتمامك ومتابعتك وفقك الله - سبحانه - ، أما بالنسبة للخروج المبكر ؛ فهو - وسأكون صريحًا معك - هروب من الدخول في مواقف محرجة ، ففي غرفة الطعام هناك ، إما أن أجلس لوحدي لآكل .. وهذا محرج ، وإما أن أجلس مع من لا أعرفه .. وهذا موقف محرج جدا أيضا ، لذا أعترف أنني هربت .. .
لعلنا نتقابل في مناسبات مماثلة - بإذن الله تعالى - . |
26-06-2007, 01:26 PM | #7 |
مشرف أخبار بريدة
تاريخ التسجيل: Jan 2007
البلد: القصـ بريدة ـيم
المشاركات: 11,055
|
الثائر الأحمر
ماشاء الله نثرت ابداعاتك في هذا الموضع أجل لما الخجل اذا؟
__________________
|
26-06-2007, 02:27 PM | #8 | |||||||||||||||||||
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 301
|
واصل ونحن معك , نقرأ ماسطرته يداك لاعدمنا قلمك النابض بحرووووف الذكريات أنتظر منك ذكريات أخر , في يوم آخر ألتقي بحوووووفك إلى حيث أرى ماتكتب حلقة أخرى أنتظرها منك بأمل يحدوننننني أن تكووووون أجمل وأجمل وأجمل . طابت حرووووووفك . أبو هششششششششام .
__________________
إجعل نفسك محطة عبور للآخرين وإجعل الآخرين محطة توقف لك . * الكل يحبك فلا تكن إلا جميلاً في كل تصرفاتك . من أقوال أبو هشام . |
|||||||||||||||||||
26-06-2007, 06:46 PM | #9 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
أخو دريحم ’ لا خجل في الكتابة ( لا خجل وليس لا حياء ) ، لأنك تكتبها وحيدًا وتنشرها وحيدًا ، أما في المخالطة الاجتماعية ونحوها ، فالأمر ليس باليد ، أشكر لك جميل مرورك ، وفقك الله تعالى .
|
27-06-2007, 02:38 AM | #10 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: حيث السمو يكون .
المشاركات: 3,480
|
صمتاً ، فقد نطق .
__________________
|
27-06-2007, 08:57 AM | #11 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
أبو هشام ’ حياك الله أخي الفاضل ، وشكرًا على متابعتك ، وفقك الله تعالى .
السمو ’ أهلا بك أيها الأخ الفاضل ، أشكر لك حسن ظنك ، ومتابعتك . |
30-06-2007, 07:01 PM | #12 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
|
[ 7 ] سفر العزاب ... حِكمٌ وآداب ! أكتب هذه الحلقة ورأسي يدور من التعب والإجهاد ، أكاد أبغض مناسبات الزواج وما يسبقها وما يعقبها من حفلات و اجتماعات ، لأن الفرحة فيها والأنس والمتعة تنحصر للنساء وللأطفال ولكبار السن من الرجال ، أما الشباب من أمثال صاحبكم فعليهم التوصيل ، والمتابعة ، والارتباط المزعج ، وقلة النوم ، والتعب لأجل متعة الغير ، ثلاثة أيام لم أذق – بحق – طعم الراحة في مدينة الخفجي ، من عرس إلى مناسبة ، ومن وليمة إلى حفلة نجاح ، ويا ثائر وصل فلانة ، ويا ثائر وصل علانة ، و تعال بعد ساعة ، وتأخر كمان ساعة ... أصبحت متعهد توصيل ، الله لا يبتليكم !! وصلنا في الذكريات إلى سفري مع صاحبَي محمد ( طالب الشريعة ) ونايف ( زميلي في اللغة العربية ) متوجهين إلى ( بريدة ) لنبدأ العام الدراسي الجديد 1424 – 1425 هـ ، وكان الطريق – كما ذكرت لكم – ينطلق من مدينتي ( رفحاء ) إلى ( حفر الباطن ) ... إلى ( الزلفي ) .. إلى ( بريدة ) ، طول الطريق 750 كيلا تقريبا ، ويستغرق قطعه ستة ساعات إلى ثمانية ساعات ، إنها – لا شك – مسافة كبيرة ، ووقت طويل ، وكان الطريق خطيرًا في ذلك الوقت ، خصوصًا يومي الأربعاء والجمعة حيث الازدحام المزعج جدا .. والخطير جدا ، وكم من مرة كدنا أن نهلك فيها لولا فضل الله – تعالى - علينا . وفي الأربع سنوات الماضية تكونت لدي ثقافة لا بأس بها عن سفر العزاب من الشباب ، فلسفرهم آداب وواجبات يجب أن يعيها من يهتم ، وقد استوعبتها – بحمد الله تعالى – وحفظتها ، لأنك إن لم تعمل بما تتضمنها هذه الآداب فالنقد مصيرك ، ومع الأسف الشديد .. ربما يُعلن هذا النقد في المجالس صراحة ( أي : غيبة ) أو بالتلميح المقارب للتصريح . غير أن الذي يبتغي الرقي بنفسه لا يهتم كثيرًا بمسألة الخوف من النقد السلبي ، بقدر ما يطمح إلى السمو بنفسه في جانب الأدب والأخلاق .. والرجولة . أما أنت أيها السائق فلا تتأخر عن صحبك أبدًا حين الموعد ، بشكل عام .. لا تكن سبب تأخرهم عن مقصدهم ولو لم يكن لهم في مقصدهم ما يستلزم عدم التأخير ، لا تقلقهم بتأخرك عن الموعد ، وإذا تأخرت – لسبب لا يحتمل تأجيله أو رده – فاذكر لهم حقيقة الأمر .. واعتذر . ولا تستفز مشاعرهم بالإبطاء في سيرك ، ولا تخيفهم بالسير بجنون ، ففي سرعة الاعتدال ( 120 – 130 ) قطع لسبيل محبي السرعة ، ولمحبي البطء .. وإرضاء قطعي لكل الأطراف ، قبل سنتين وبسيارتي الحالية ( مرسيدس بنز موديل 90 ) ، تحديدًا عام 1425هـ في الفصل الثاني ، كنت أسير بسيارتي من ( بريدة ) إلى مدينتي ، وقبل أن أصل ( حفر الباطن ) حيث الطريق السريع ، زدت سرعة سيارتي ( وكنت من أرباب السرعة الجنونية ) حتى بلغ العداد 230 كيلو / ساعة ، صِحَابي هم محمد ونايف وآخران من الشباب الكبار في الجامعة ، أمير الرحلة شاب يكبرنا في السن ، كان راكبًا بالمقعد المجاور لي ، وألح علي عدة مرات بأن أخفف السرعة ، لكنني لا أستمع لكلامه ، بل أرد بأننا يجب أن نستغل الطريق الواسع المزدوج لكي نسرع ونختصر الوقت ، حتى أغضبته وأمسك بكتفي بغضب وهو يردد : يا أخي خفف السرعة الله يهديك . لكنني أعيد نفس الرد عليه ... ولما اقتربنا من حفر الباطن تقريبا ، وفي منعطف خطير بعض الشيء انفجرت العجلة الخلفية من جهة السائق بعنف ارتجت لها السيارة ، والتي أحمد الله تعالى أنها كانت ( مرسيدس بنز ) لأن هذه السيارات ثقيلة ، فإذا انفجرت إحدى العجلات رمت السيارة بثقلها إلى الأسفل ، وكأنها تفترش الأرض . ثبتّ يدَي على المقود ، وتركت الضغط على البنزين تماما ، وبحمد الله تعالى وستره أحكمت السيطرة عليها بعدت أن كدنا نهلك ، والشيء الوحيد الذي كنت أفكر فيه وأنا أقود السيارة لأقف بها بجانب الطريق هي ردة فعل الشباب ، وخصوصًا أميرنا .. أوقفت السيارة ثم التفتّ نحو الشباب مبتسمًا بقلق قائلا : صلينا العصر يا شباب .. ولكم أن تتخيلوا الموقف بعد هذه الجملة ! مسجل السيارة ... مشكلة ، مابين شاب يكره النشيد نهائيا ويحب المحاضرات ، وآخر يكره المحاضرات والنشيد ويحب سماع القرآن ، وآخر يحب سماع النشيد والمحاضرات لكنه لا يحب سماع القرآن – مع الأسف .. ربما - ، و آخر يكره المسجل ... بين هذا كله أضيع أنا وما أحب نهائيًّا ، خصوصًا حينما يركب معي مجموعة تختلف ميولها ، وخصوصًا أيضا عندما يأتي أحدهم بشريط لا يرغب به الآخرون ويستأذنك لسماعه . أما أنا فلا أبالي أسمعت محاضرات أو قرآن أو أناشيد .. لا فرق ، المهم ألا ينزعج الصاحب في السفر . هذه المشكلة حلها يكون بالتصور ثم التصرف بعدل وصراحة ، وليغضب بعدها من يغضب . فمثلا ركب معي شاب محب للنشيد ، وآخر للمحاضرات ، وآخر للقرآن ، وآخر يكره المسجل ، هنا .. سواء كان أصحاب الأطراف داعين لميولهم أم لا ... لا يهم ، إذ سأجعل من نفسي ممثلا لجميع الأطراف ، وأستقطع وقتًا للجميع ، وهنا تظهر مشكلة أخرى ، فحين يستمع محب المحاضرة لما يحب وجميع الرفاق يستمعون معه بسكون واحترام ، تجده حين تشغيل النشيد أو القرآن يطفئ المسجل بحجة الحديث ، أو تجده يتكلم أثناء تشغيل الشريط ، وهنا .. يأتي دوري لأبين له حقنا في سماع ما نرغب باستماعه ، ليس بأسلوب جاف ، وإنما بأسلوب المزح والدعابة ... وهكذا . من يقرأ هذه الفقرة يظن أنني أبالغ أو أتكلف في الكتابة عنها ، لكن أربعة سنوات تخللها عشرات الأسفار تكفي للكتابة عن مثل هذه الأمور كما هي ، للتصور الذي أحمله عنها ، وفي الحقيقة .. مع أن هذه الكتابة قد تحمل – بنظركم – شيئا من التكلف ، إلا أنها واقع ، والتعامل الذي ذكرته نتعامل معه تلقائيا تمامًا ، والأخذ والرد في واقع هذه الأمور يكون عادةً منا لا نستغرب منها كتصرفات ، وكم من أمور اعتدنا على التعامل معها بتلقائية ، لكننا نستغرب منها حين نجد وصفا كتابيًّا لها ، كما في موضوعي ( أنا .. ولغة الأعين ) ، وأفضل منه موضوع الكاتب الرائع كرمع .. ( صورتي الشخصية .. وسط أناس آخرين ) . من الأفضل للسائق ألا يمر بأصحابه إلا وقد انتهى من تغيير الزيت وتعبئة البنزين ، لكي لا تؤخرهم أو تحرج معهم ؛ لأن الشباب في السفر لا بد أن يدفعوا لتعبئة البنزين ، وأن يشتروا من الجمعية ( السوبر ماركت ) المشروبات والملهيات للطريق ، رضي السائق بذلك أم لا . ولذلك كنت – لأنهي هذا الجانب تمامًا – أقوم قبل المرور عليهم للسفر بتغيير الزيت ، وتعبئة البنزين ، وشراء كل ما يلزم للسفر من الجمعية من ماء ومشروبات غازية ومكسرات وبطاطس ونحوها ... ، ربما قد يستغرب البعض من هذا التعامل الذي يحدث بيننا في السفر ، لأن هؤلاء قد يكون لهم تعامل مختلف فيما بينهم ، كالقيام بدفعة مالية ( قطّة ) من قبل جميع المسافرين ، أو أن البنزين على السائق ، والملهيات على الصحبة ... ونحوها ، وكل هذا لا بأس به ، ولا اختلاف عليه ، ولا يثير لدي أي نوع من الانتقاد ، على عكس البعض الذي يمجدون أفعالهم على حساب أفعال غيرهم ، وهذا خطأ ، لأن كل واحد منا أو مجموعة منا أو إقليم منا له طبعه وعاداته . التفاتة لجانب الصحبة في السفر ، أستحضر فيها العديد من المواقف التي تعينني على رسم الصورة المثالية للتعامل مع رفيق السفر ، فرق بين مصاحبة أصدقاء لك تعرفهم منذ سنوات ، ومصاحبة مجموعة لا تعرفها ، ولا يعرف بعضهم بعضا .. وهنا موقف طريف ، قبل سنة تقريبًا سافرت بسيارتي المرسيدس من ( بريدة ) إلى مدينتي ، وصحبت معي أربعة أشخاص ، لا أعرفهم ، ولا يعرف بعضهم بعضا ، والمصيبة أن كل واحد منهم غارق في الصمت ، ولولا الحياء والخجل ؛ لانفجرت ضاحكًا أمامهم ، لطرافة الموقف ، ولكم أن تتخيلوا حالي معهم ، أسأل سؤالا طويلا ، ثم أجاب بكلمة واحدة ، وأحكي حكاية طريفة فأقابل ببسمة سرعان ما تخفت ، ونعود إلى السكون ، ولولا أبا عبدالملك ، وأحمد أبو خاطر ، وأبا علي ، ومحمد المنجد ، وعبدالباسط ، والشاطري ... لقتلت نفسي . أكثر المواقف إحراجًا هي عندما تنفرد للسفر مع صديق حبيب وخاص ، وفي اللحظات الأخيرة ، وأنت في بداية الطريق ، يأتيك اتصال هاتفي من شخص لا تعرفه أبدًا ، سوى أنه من طلاب الجامعة من مدينتك .. فقط ، لتنقطع متعة الانفراد مع صديقك نهائيا ، وقد حدث هذا معي ؛ إذ كنت في سفر مع صديق حبيب ، ممن زالت الكلفة بيني وبينه ، طالب علم تقي موفق .. أحسبه كذلك والله حسيبه ، خفيف دم كما يقال . أخبرت الشباب بسفري ، لكن لم يرغب بالسفر إلا صاحبي هذا ، وفي ساعة الانطلاق ، دخلنا طريق الرياض السريع ، فتلقيت اتصالا من شاب لا أعرف إلا اسمه ، وأخبرني أنه يرغب بالذهاب معي ؛ فقلت : حياك الله ، أنا قد دخلت في طريق الرياض السريع . فأخبرني أنه سيصل مع صاحب له ، فانتظرته وأخبرت صديقي الذي غضب وعبر عن غضبه بتطبيق يديه الكبيرتين على عنقي وهو يصرخ : " ما تعرف تصرف .. ما تعرف تقفل جوالك .. ؟! " بكل صراحة – وأظنكم توافقوني – أنا أحب أن أنفرد مع صاحبي في السفر ، لكن مساعدة شخص مسلم ومن مدينتك كذلك أهم بكثير من هواك ، وأبغض شيء عندي هو أن يذهب أحد الشباب بسيارة واسعة ثم تجده لم يخبر أحدًا بسفره ، وأبغض منه من تَعْلم بأنه سيسافر فيخبرك بألا تخبر أحدا بسفره ، لأنه لا يرغب بصحبة أحدهم .. كذا !! وتجد أن هناك الكثير من الشباب يعتمدون – بعد الله تعالى – على أخوتهم في الله ليزوروا أهلهم وأحبتهم . ويبقى السفر مع الأخوان والخلان والأحبة من متع هذه الدنيا ، فيه يُختبر الرجال ، ويتعلم الإنسان شيئا من تجارب هذه الحياة ، ويستخرج من صحبة الناس العبر والعظات ، ولولا أنني بلغت في كتابة هذه الحلقة أربع صفحات لعرضت الكثير مما في ذاكرتي . |
01-07-2007, 12:53 PM | #13 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 946
|
الثائر الأحمر
ذكريات ماتعة .. متابعين ..
__________________
أختي |؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛|أصداف|؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛| جزاك الله خيراً على التوقيع
|
01-07-2007, 01:15 PM | #14 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2007
البلد: المملكة
المشاركات: 274
|
شكرا ...لك
__________________
إن قوى هائلة تعمل على تحطيم هذا الجيل،
وتفتيت قدراته وكانت قبل مقصورة على العدو الخارجي أما اليوم فقد وجدت لها مرتكزات، لا تحصى في الداخل وإن ارتباط مستقبل هذا الجيل صعودا أو هبوطا بمدى التزامه هداية الإسلام، أو إعراضه عنه. إن المسلمين اليوم في حاجة ماسة إلى قادة كخالد والمثنى وغيرهم إلا أن حاجتهم إلى العلماء العاملين أمس وأشد. اللواء الركن ((محمود شيت خطاب)) رحمه الله تعالى... |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|