|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
11-09-2009, 01:09 PM | #57 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 308
|
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد سمعتُ قبل أيام فتوى للشيخ د: سلمان العودة ، بخصوص حكم النظر إلى مذيعات الأخبار في القنوات الإخبارية وغيرها ، فاستغربتُ من هذه الفتوى فأحببتُ مناقشة الموضوع مناقشةً سريعة طالباً الحق والنصيحة بإذن الله ، وقبل أن أشرع بالمقصود هاكم نص كلام الشيخ حول هذا الموضوع : يقول الشيخ : سألني شخص في ذات مرة: هل يجوز مشاهدة نشرة الأخبار التي تذيعها امرأة، فقلت له: استفت قلبك. قال لي: كيف ؟ قلت: إذا أنت تسمع الأخبار وترى هذه المرأة كما لو كنت ترى رجلاً ـ مثلاً ـ ملاكمًا أو ترى جدارًا فهذا عادي، لكن إذا كنت ترى هذه المرأة وتستعذبها وتستحليها وتتلمح ملامحها وقسماتها وربما أخذتك عن الأخبار فهنا استفت قلبك، فهذا دليل أنك تمارس إثمًا حتى لو كان لا يوجد نص صريح بخصوصه لكن هنا قلبك يدل على أنه أنت هنا تقع في خطأ. وأضاف فضيلته: فهنا الضمير يعطيك مؤشر؛ ولذلك الضمير هو إنذار داخلي (جرس)، فبعض الأخطاء التي لا يوجد عليها نص خاص أو دليل خاص، ولكن تجد من داخلك شيء يقول لك: "اترك هذا الأمر"، يقول تعالى (بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:15) ، فمن الممكن أن يأتي الإنسان بأعذار ويقتنع ويقنع الآخرين لكن في داخله لا يستطيع أن يقنع نفسه. (برنامج حجر الزاوية تاريخ 5/9/1430هـ ) انتهى كلام الشيخ . قلتُ: سأجعل المناقشة وقفاتٍ موجزة أوردها كما يلي : الوقفة الأولى : من المعلوم لدى الجميع أن غالب المذيعات في القنوات الإخبارية متبرجات سافرات –قد كشفن شعورهن ونحورهن وأيديهن ووجوههن وبعضهن قد كشفن سوقهن- وأفضلهن حالاً من كشفت وجهها وكفيها فقط . وعلى هذا فإن الكلام في الوقفات التالية سيكون على الحال الأغلب ( من كشف الشعور والنحور والأيدي وغيرها). الوقفة الثانية : من المتقرر لدى أهل العلم رحمهم الله أن كل ما سوى ( الوجه والكفين ) من المرأة هو عورة بالنسبة للرجل الأجنبي عنها . فيجب عليها ستره عن الأجانب ، وهذا محل اتفاق وإجماع لا يُعارض فيه ، وقد اختلفوا في (الوجه والكفين ) كما هو مشهور . ولا أظن أنني بحاجة إلى سرد نصوص الفقهاء من المذاهب كلها ، لأن الأمر متفق عليه لا يحتاج إلى إطالة . لكن سأذكر بعضها للإشارة فقط : قال الإمام القرطبي في تفسيره (12/237): (أجمع المسلمون على أن السوأتين عورة من الرجل والمرأة، وأن المرأة كلها عورة، إلا وجهها ويديها فإنهم اختلفوا فيهما). قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/99) : (حد العورة في المرأة ، فأكثر العلماء على أن بدنها كله عورة ما خلا الوجه والكفين ، وذهب أبو حنيفة إلى أن قدمها ليست بعورة ، وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن ، وأحمد إلى أن المرأة كلها عورة). الوقفة الثالثة : ما يُفهم من كلام الشيخ أن حكم مشاهدة المذيعات ( المتبرجات ) فيه تفصيل وهو : أن من شاهدها بدون شهوة ( أي كما لو كان يرى رجلاً ـ مثلاً ـ ملاكمًا أو يرى جدارًا) فهذا كما يقول الشيخ عادي) ، أما إن كان يشاهدها بشهوة (أي أنك ترى هذه المرأة وتستعذبها وتستحليها وتتلمح ملامحها وقسماتها وربما أخذتك عن الأخبار) قال الشيخ ففي هذه الحالة : ( استفت قلبك )!! فإن قلبك سيدلك على أنك تمارس إثماً!! قلتُ : وهذا كلام غريب من الشيخ! ، فإن الأدلة التي تنهى عن النظر إلى عورة المرأة الأجنبية مطلقة لم تقيد بهذا القيد الذي ذكره الشيخ !! فمن أين أتى الشيخ بهذا القيد وبماذا يستدل؟ اللهُ أعلم !! وإليك أخي بعض الأدلة التي تدل على منع النظر إلى عورة الأجنبية مطلقاً ولم تقيد بقيد الشهوة: 1- قال تعالى :قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) - قال ابن كثير رحمه الله : (هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرَّم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعًا..). - قال القرطبي رحمه اللهأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها). فهذه الآية مطلقة لم تقيد بشهوة أو بدونها . 2- قال النبي r : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ) رواه مسلم . قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم 4/30 : (فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع ونبه r بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى....إلخ) وهذا النهي مطلق لم يقيد بالشهوة . وقال أيضاً رحمه الله في شرحه 2/50 : ( وأما نظر الرجل إلى المرأة فحرام في كل شيء من بدنها فكذلك يحرم عليها النظر إلى كل شيء من بدنه سواء كان نظرُهُ ونظرُهَا بشهوة أم بغيرها ، وقال بعض أصحابنا لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة وليس هذا القول بشيء). 3- عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله r عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم . قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير 1/320 : ( [اصرف بصرك] أي اقلبه إلى جهة أخرى إذا وقع على نحو أجنبية بلا قصد فإن صرفته لم تأثم وإن استدمت أثمت). وهذا الحديث فيه الأمر بغض البصر عما لا يحل مطلقاً ولم يقيد بشيء. 4- وحديث (المرأة عورة) ، وحديث ( إياكم والجلوس في الطرقات ) . كل هذه الأحاديث تأمر بغض البصر مطلقاً دون تقييد . فالتقييد يحتاج إلى دليل خاص حتى يُقال به . الوقفة الرابعة:إن مما يدل على خطأ هذا القول وهو (تقييد تحريم النظر إلى الأجنبية بقيد الشهوة) ، أن هذا القيد لا يجعل فرقاً بين المرأة الأجنبية وبين ذات المحرم كالأم والأخت ، لأن هذا القيد ينطبق على الأم والأخت وكل ذات محرم فلا يجوز النظر إلى ذات محرم بشهوة ويجوز بغير شهوة ، فصارت ذات المحرم في الحكم كالأجنبية لا فرق ! بل التقييد يلغي الفرق بين المرأة والرجل في مسألة النظر !! فإن من نظر إلى رجل سواءً كان أمرداً أو غيره بشهوة فإنه لا يجوز له فعل ذلك أيضاً ، ولغير شهوة يجوز. وعلى هذا فقد تساوى الجميع في هذه المسألة (بسبب هذا القيد) حيث يجوز النظر إليهم بدون شهوة ويحرم إذا كان بها ! وهذا مما يبين خطأ هذا القول ومخالفته. قال النووي رحمه الله تعالى : (قال أصحابنا: النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة، والله أعلم). الوقفة الخامسة :إننا إذا قلنا بجواز النظر إلى عورة المرأة الأجنبية كشعرها ونحرها وغيرهما بشرط عدم الشهوة ، فإنه يلزمنا القول بجواز مشاهدة (العورات المغلظة) التي لا تثير الشهوة كذكر رجل أو غيره ، لأن كلها عورات فيجوز النظر إليها إذا كان بغير شهوة. ولا أظن أن أحداً سيقول بهذا ؟؟!! قد يعترض معترض فيقول : إن العورات المغلظة تختلف عن العورات الأخرى فلا يقاس بينهما . فأقول : ما الدليل على التفريق؟ فإن الشرع قد أمر بستر الكل مغلظةً كانت أو مخففة ؟ بل إن المخففة قد تكون أشد إثارة من المغلظة لأن النفوس تشمئز من منها في الغالب وتستقذرها !! فإن قيل : إن العورات المغلظة مظنة للشهوة ! أما المخففة فلا ! فنقول : هذا غير صحيح لأن الواقع بل والفطرة تثبت أن مشاهدة عورة رجل مغلظة أهون من مشاهدة نهد فتاة جميلة أو نحرها أو فخذها ! مع أنها عورة مخففة ! الوقفة السادسة : قال الشيخ وفقه الله في سياق كلامه عن حكم مشاهدة المذيعات : (فبعض الأخطاء التي لا يوجد عليها نص خاص أو دليل خاص، ولكن تجد من داخلك شيء يقول لك: اترك هذا الأمر..) قلتُ : لا أظن أن الشيخ قد فاتته هذه النصوص الخاصة الصريحة -في مسألة النظر إلى الأجنبية- ولا أظنه تخفاه تصريحات الفقهاء في هذه المسألة . لكن لعل الشيخ – وفقه الله- بنى قوله في هذه المسألة على ما يلي : وهو أن النظر إلى الأجنبية (في الخيال والصورة) لم ترد فيه نصوص تخصه فيكون حكمه حكم الصور العامة ، لأن الأدلة جاءت في غض البصر عن الصور الحقيقة لا عن الصور الخيالية (كالصور الفوتوغرافية والفيديو وغيرها). (تنبيه : هذا تخمين مني وظن، وإلا فإن الشيخ لم يفصل في المسألة). فأقول: قد ذكر ذلك بعض فقهاء الشافعية رحمهم الله حيث قالوا : ( بأن النظر إلى المرأة الأجنبية عن طريق المرآة أو الماء يجوز إذا لم يكن بشهوة معللين بأنه لم يرها حقيقة وإنما رأى مثالها ). قال في إعانة الطالبين 3/301 : ( ولا يحرم نظره لها [أي المرأة الأجنبية] في نحو مرآة كماء وذلك لأنه لم يرها فيها وإنما رأى مثالها.) وقد احتج بهذا بعض المعاصرين بأن النظر إلى الأجنبية من خلال الصور والإعلام يجوز إذا كان لغير شهوة لأنه نظر إلى الخيال والمثال لا إلى الحقيقة. فأقول: إن هذا الكلام فيه نظر لأمور : الأمر الأول : أنه قد جاء في البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي rقال لا تباشر المرأة المرأة ، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها). قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 15/56 قال القابسي: هذا أصل لمالك -رحمه الله- في سد الذرائع ، فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يُعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة). فهنا قد نهى النبي r عن وصف المرأة للرجل – مع أن الوصف ليس بنظر أصلاً إنما هو تفكير-كل هذا خشية أن يفتتن بها ، فما بالك بالصورة فإنها أشد من الوصف بلا شك فهي تحرم من باب أولى !! الأمر الثاني : أن التفريق في مسألة النظر بين الحقيقة والخيال ( الصورة ) تفريقٌ في أمرٍ غير مؤثر، لأن من العلل التي مُنِع من أجلها النظر إلى الأجنبية هو الافتتان بها، وهذه العلة موجودة في النظر إلى الأجنبية في الحقيقة أو في الخيال (الصورة) ، بل قد تكون المرأة في الصورة أجمل من الحقيقة وهذا أمر واقع لا شك فيه ، لاسيما بعد التقنية الحديثة وفنون التصوير!! فإن قال قائل : إن مشاهدة الأجنبية في (الصورة) ليست مثل مشاهدتها حقيقة في الشارع أو في المدرسة أو غيره لأنه إن شاهدها في الحقيقة قد يطمع بها ما لا يطمع بمن شاهدها في الصورة !! فنقول : إن هذا منقوض بمشاهدة الرجل إلى (صورة) جارته الأجنبية عنه ، فإنه سوف يطمع بها لقربها منه مع كونه رأى صورتها ولم يرها حقيقة !! فهل يُباح له نظرها مع الخوف أنه سيطمع بها؟ ويلزم من هذا القيد (وهو عدم الطمع بها) جواز مشاهدة عورة الأجنبية (في الحقيقة وليس في الصورة) إذا كانت أميرة أو وزيرة مثلاً ، لأنه لا يمكن أن يطمع بها أحد من عامة الناس! وهذا لا يقول به أحد . الأمر الثالث: يلزم من القول بأن الأدلة الآمرة بغض البصر هي متعلقة بالحقيقة لا بالخيال (الصورة) لذلك فهي لا تشمل الصور، يلزم منه إباحة النظر للصور ولو بشهوة !! لأن الأدلة التي استنبطنا منها تحريم النظر لأي شيء بشهوة هي نفسها أيضاً متعلقة بالحقيقة لا بالخيال (الصورة)!! ولم يأتِ دليل خاص بمنع التشهي بالخيال (الصورة)؟ وعلى هذا اللازم فإنه يكون النظر إلى الأفلام الجنسية مباحاً لأنه نظر إلى صورة لا إلى حقيقة . وهذا لا يقول به أحد إلا (حزب التحرير) فيما أعلم ! الأمر الرابع: أنه يلزم من هذا القول وهو التفريق بين النظر إلى الصورة والنظر إلى الحقيقة هو أن الذين يذهبون إلى صالات المسارح لحضور مسرحية فيها متبرجات أو حفلة لأحد المغنيات أن بعضهم آثم والآخر ليس عليه شيء !! فالذين شاهدوا الممثلة أو المغنية(بغير شهوة) حقيقةً لا عن طريق التصوير فهؤلاء آثمون لأنهم نظروا إلى عورة أجنبية حقيقة ، أما الذين شاهدوها (بغير شهوة) عن طريق الشاشات التي في الصالات الخلفية للمسارح فهؤلاء ليس عليهم شيء لأنهم نظروا إلى الصورة ولم ينظروا إلى الحقيقة .. وهذا لا أظن أن أحداً يقول به ، لأنه تفريق بين متماثلين، والشريعة لا تأتِ بمثل هذا !!! الأمر الخامس : قد يُقال بأنه يلزم من التفريق بين حقيقة الشيء وخياله ، جواز سماع الموسيقى والغناء عن طريق الأشرطة لأنه خيال وليس بصوت حقيقي !! والأدلة متعلقة بالحقيقة لا بالخيال ؟! الأمر السادس : إن الداعي لذكر هذه المسألة (وهي التفريق بين النظر إلى عورة الأجنبية في الحقيقة والخيال) عند الفقهاء أن بعضهم يرى أن الرجل إذا رأى عورة مغلظة لأجنبية عنه فإنها تحرم عليه فلا يحل له نكاحها، لذلك تشددوا في النظر المُحرِّم وقيدوه بأن يكون حقيقة لا خيالاً، لأن الأصل في مصاهرتها الإباحة ، فلا يخرج عنه إلا بأمر جلي واضح. قال ابن عابدين رحمه الله في رد المحتار 26 / 407 لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء، وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء ، لأن المرئي مثاله لا عينه ، بخلاف ما لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه لأن البصر ينفذ في الزجاج والماء ، فيرى ما فيه ، ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء ، إلا أن يفرق بأن حُرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها ، لأن الأصل فيها الحل ، بخلاف النظر لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة ، وذلك موجود هنا ، ورأيت في فتاوى ابن حجر من الشافعية ذكر فيه خلافا بينهم ورجح الحرمة بنحو ما قلناه والله أعلم ). الوقفة السابعة: قد يقول قائل : إن الشريعة منعت النظر إلى الأجنبية لعِلَّة ومقصد وهو الافتتان بها فتثور الشهوة فإذا أمّنّا هذا الجانب باشتراط عدم الشهوة حصل المقصود وانتفى المانع! فأقول: إن استعمال فقه المقاصد بهذه الطريقة دون ضوابطِ مُراعاة الأدلة أمر خطير، لأنه يؤدي إلى إلغاء الأدلة وتقييد المطلق وإطلاق المقيد! قد تقول كيف ؟ فأقول: نستطيع بهذه الطريقة أن نغير الأحكام فمثلاً نستطيع أن نقول: إن الشرع حرّم الربا لعلة ومقصد وهو منع الظلم بأخذ مال الغير دون وجه حق، وعلى هذا فإنه يجوز لرجل أن يُقرض رجلاً بشرط أنه إذا انخفضت قيمة العملة وقت حلول الدين فإنه يدفع له مبلغاً قدره 0.5% (نصف بالمئة) من الدين ، حتى يعوض الدائن جزءاً من النقص !! وبما أن تعويض (نصف بالمئة) وإن كان ربا إلا أنه ليس فيه ظلم للمدين فتجوز هذه المعاملة، حيث أن مبلغ التعوض قليل جداً مقابل الخدمة الجليلة التي قدمها المُقرض للمقترض ، بحيث لو أن الدين = 10.000 ريال فإن التعويض سيكون = 50 ريالاً فقط ،وهذا مبلغ يسير جداً بالنسبة للدين فلا يكون ظلماً مع نزول قيمة العملة وتضرر المقرض ؟؟!! فهنا انتفى الظلم لذا فإنه يجوز أخذ هذه القيمة !! وقد قال بهذا القول أحد المعاصرين !! وهذا مخالفة صريحة للأدلة والإجماع لأنه (ربا فضل ونسيئة) ،كل هذا بحجة مقاصد التشريع !! مثالٌ آخر (للطرفة) كنتُ قد قرأته في أحد كتب الرافضة،يقول ما معناه: إن الله تعالى يقول ﭽ ﭑ ﭒﭓﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ذكر الله تحريم الخمر وذكر السبب في تحريمه حيث أنه يوقع العداوة والبغضاء لأن السكران قد يقتل أو يفسد دون أن يشعر فتحدث العداوة والبغضاء بين المؤمنين ، وأنه يصد عن الذكر فيتكاسل عن العبادات ويضيع وقتاً كثيراً في السكر فلا يذكر الله إلا قليلاً ، وأنه يضيع الصلاة فقد لا يصليها لسكره أو يؤخرها حتى يصحو ، لهذا حرم شرب الخمر ، لكن ! إن استطعنا أن نتجنب هذه المساوئ فإنه يجوز لنا شربه لأن الحكم يدور مع علته !! وذلك بأن يجلس الإنسان في بيته في غرفة آمنة ويجعل عنده شخصاً أميناً يراقبه ويمنعه من فعل أي خطأ وذلك بعد أن يصلي العشاء الآخر ويشرب خمراً لا يزيد سُكره عن ساعة أو ساعتين !!! ففي هذه الحالة نكون قد تجنبنا جميع المفاسد التي حُرِّم من أجلها شرب الخمر فلا أحدثنا بغضاء وعداوة ولا صددنا عن ذكر الله ولا تركنا صلاة واستمتعنا أيضاً والحمد لله !!!! وفي ختام هذه الوقفة أقول : إن فقه المقاصد لا يلغي صريح الأدلة أو يقيده أو يطلقه بعلل وحكم مستنبطة !! فالحذر الحذر من هذا المزلق الذي قد يتساهل به دون تعمق في فهمه وضوابطه !! الوقفة الثامنة : أحب أن أنبه إلى مسألة قد تختلط على البعض حين يراجع بعض كتب الفقه: وهي أن بعض الفقهاء قال بجواز النظر إلى (وجه الأجنبية وكفيها) بشرط عدم الشهوة، أما إن كان بشهوة فيحرم. قلتُ: وهذا مبني على قولهم واختيارهم أن (الوجه والكفين) ليسا بعورة ، أما ما كان من العورة (كالشعر والنحر) فلا يقولون بهذا التفصيل ! لأنها عورة عندهم بالاتفاق . فلا يختلط الأمر عليك أخي الكريم فإن كلامنا هنا كله في مذيعات الأخبار اللواتي يكشفن العورة المتفق عليها كـ(الشعر والنحر والساق ) . فلا ترِدُ علينا مسألة الوجه والكفين !! وليس هذا محلاً لنقاشها فالمقام لا يحتمل . الوقفة الأخيرة: ( تعجُّبٌ !! ): نسمع كثيراً من محبي الشيخ – وفقه الله –أن الشيخ بعيد النظرة واسع الأفق لا يحده إقليم أو قطر ، ومع ذلك نرى بعض فتاوى الشيخ التي تجعلنا نحس وكأننا نعيش في عالم بسيط يكتنفه حسن النوايا ويسوده صفاء القلب بجو إيماني رقراق ! فهذه الفتوى مثلاً التي نحن بصدد نقاشها : تبيح مشاهدة المذيعات بشرط عدم الشهوة ، مع علم الجميع (ومنهم الشيخ –وفقه الله-) بأن مذيعات الأخبار متبرجات متزينات بأبهى زينة وجميلات بل من أجمل النساء زد على هذا فنون التصوير والإخراج، فكيف يقال بجواز النظر إليهن إذا أُمنت الفتنة !! هل يعتبر هذا فقهاً للواقع ! الله المستعان ! أخيراً : هذه الوقفات رسالة إلى الشيخ د.سلمان بن فهد العودة – وفقنا الله وإياه إلى الحق – الذي قال في يوم من الأيام : (إن مجرد صورة المرأة، تُحدث نوعاً من تداعي المشاعر عند الرجل، وهذا أمرٌ مشاهدٌ عند كل إنسان، حتى لو كانت المرأة محجبة، ثم هب أن الغض هو عن الوجه، فإن المسلم الذي يؤمر بغض بصره، قد يحدث أن يرى كافرة أو فاسقة أو امرأة على حين غرة فيؤمر بغض بصره عنها....) (... ومن قال: إن الإنسان لا تثور غريزته إلا إذا رأى وجه المرأة؟ أحياناً رؤية كف المرأة أقوى في الإثارة من رؤية وجهها. ورؤية بدنها وهو مستور -أحياناً- أقوى في التأثير من رؤية وجهها). [ حوار هادئ مع الغزالي ]. (دواء الحب،أولاً: الوقاية خير من العلاج: فاصرف بصرك، فإن لك الأولى وليست لك الثانية؛ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ)[النور: 30-31]. لاحظ كيف فصل الله في الآيات (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ) (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ)، فلخطورة غض البصر وأهميته خاطب الله عز وجل الرجال على حدة والنساء على حدة؛ لأن الأمر يهم كلاًّ من الطرفين بمفرده. وهذا من المرات القليلة التي يُفرد كل جنس فيها بخطاب، والنظرةُ هي البداية؛ ولذلك عقب الله عز وجل بقوله: (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)، فالبداية نظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء ،فالوقاية خير من العلاج!........واحفظ هذه الآية الكريمة: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) احفظها، وكررها، واكتبها وعلقها في غرفتك، أو في سيارتك إذا احتاج الأمر إلى ذلك.) [فتوى في موقع الإسلام اليوم بتاريخ 17/5/1427هـ بعنوان دواء الحب ] وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين أبو علي - بريدة |
11-09-2009, 11:08 PM | #58 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2001
البلد: السرداب
المشاركات: 1,487
|
يشكر الأخ الفاضل ( أبو علي - بريدة )
لكن كيف فهم أن مراد الشيخ النظر للمرأة بلا شهوة ؟؟؟ لو كان الشيخ يقصد هذا لصرح بكلامه وبفتاويه المنتشرة بأن النظر للمرأة يجوز إذا كان لغير شهوة وهذا ما لم نقرأه أو نسمعه من الشيخ سلمان .. لهذا تمنيت من أبي علي أن لو اتصل على الشيخ أو راسله برسالة جوال يستوضح منه الأمر قبل أن يطرح المسألة ويناقشها عموماً يشكر الأخ الفاضل على رده المحترم والمدعم بأدلة من الكتاب والسنة |
12-09-2009, 05:10 AM | #59 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2007
البلد: الـفـُّلـوجـه
المشاركات: 3,063
|
كل شيء يجي منه الله يصلحه
قديمك نديمك لو الجديد انغسل مخه
__________________
سيجيءُ يومٌ حافلٌ بجهادِنا *** الخيلُ تصهلُ والصوارم تلمعُ قدْ طالَ ليل الكفر لكني أرَى *** من خلفِه شمسُ العقيدة تسطعُ موقع الشيخ حمود العقلا الشعيبي: http://www.al-oglaa.com/ |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|