بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حـصـاد الإنـتـرنـت » المعنى العام للجهاد ومراتبه

حـصـاد الإنـتـرنـت حصاد شبكة الإنترنت و المواضيع المنقولة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 13-02-2008, 03:23 AM   #1
ابو العبد
عـضـو
 
صورة ابو العبد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 3
المعنى العام للجهاد ومراتبه

المعنى العام للجهاد ومراتبه
المعنى اللغوي:
قال الراغب في مفردات القرآن: (الجَهْد والجُهْد: الطاقة والمشقة• وقيل الجَهْد بالفتح: المشقة، والجُهْد: الوسع)(2).
المعنى الشرعي:
يدور المعنى الشرعي عند أغلب الفقهاء: على قتال المسلمين للكفار بعد دعوتهم إلى الإسلام أو الجزية ثم إبائهم•
فهو عند الأحناف: (بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك)(4).
إذا عُرِفَ هذا فالجهاد أربع مراتب:
جهاد النفس - وجهاد الشيطان - وجهاد الكفار - وجهاد المنافقين•
فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً:
إحداها: أن يجاهدها على تعلُّم الهُدى، ودين الحق الذي لا فلاح لها، ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها عِلمُه، شقيت في الدَّارين•
الثانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرَّدُ العلم بلا عمل إن لم يَضُرَّها لم ينفعْها•
الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهُدى والبينات، ولا ينفعه علمُهُ، ولا يُنجِيه من عذاب الله•
الرابعة: أن يُجاهدها على الصبر على مشاقِّ الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمَّل ذلك كله لله• فإذا استكمل هذه المراتب الأربع، صار من الرَّبَّانِيينَ؛ فإن السلف مجمِعُونَ على أن العَالِمَ لا يستحقُّ أن يُسمى ربانيًا حتى يعرف الحقَّ، ويعمل به، ويُعَلِّمَه،.
وأما جهاد الشيطان، فمرتبتان:
إحداهما: جهادُه على دفع ما يُلقي إلى العبد من الشبهات والشكوكِ القادحة في الإيمان•
الثانية: جِهادهُ على دفع ما يُلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات• فالجهادُ الأول يكون بعُدة اليقين، والثاني يكون بُعدة الصبر؛ قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24). أما جهاد الكفار والمنافقين ، فأربع مراتب:
بالقلب، واللِّسان، والمال، والنفس، وجهادُ الكفار أخصُّ باليد، وجهادُ المنافقين أخصُّ باللسان•
وأما جهاد أرباب الظلم، والبدع، والمنكرات، فثلاث مراتب:
الأولى: باليد - إذا قَدَرَ - فإن عَجَزَ انتقل إلى اللسان، فإن عَجَزَ جاهد بقلبه، فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد، و (من مات ولم يغزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُْعبَةٍ من النفاق)(12).
من هذا الكلام النفيس حول المفهوم العام للجهاد وأنواعه يمكن الخروج بالفوائد التالية:
الأولى: أن الجهاد بمفهومه العام يشمل جهاد النفس والشيطان في طاعة الله عز وجل وترك معصيته، كما يشمل جهاد الكفار والمنافقين بالحجة والبيان، وجهاد أهل البدع والمنكرات باليد أو باللسان أو بالقلب حسب الاستطاعة، كما يعني جهاد الكفار بالسيف والسنان إما جهاد دفع أو طلب وجهاد الكفار بالسيف هو الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذروة سنام هذا الدين وهو المراد من الجهاد في سبيل الله عند الإطلاق•
الثانية: أن جهاد الكفار في المعارك هو قمة الجهاد وكماله، بل هو قمة الإيمان وهو ثمرة جهاد طويل مع النفس والشيطان وتربية لها على الصبر والتضحية وقوة الصلة بالله عز وجل، ولا يصبر على جهاد الكفار وينتصر عليهم إلا أولئك الذين انتصروا على أنفسهم والشيطان.
الثالثة: أن الكُمَّل من الناس في باب الجهاد من قام بمراتب الجهاد كلها وأعد نفسه بجميع متطلبات الإعداد للانتصار على النفس والهوى؛ والذي هو ممهد للانتصار على الكفار في ساحات الوغى، وممهد للدخول في ذروة سنام هذا الدين، والثبات أمام الأعداء، والاستجابة لداعي الجهاد، والتضحية في سبيل الله عز وجل بالمال والنفس عند النداء، لتكون كلمة الله هي العليا وليكون الدين كله لله، ولكن لا يسارع إلى ذلك إلا من كان له جهاد سابق مع نفسه وهواه وكان النصر له عليها•
قال رجل للحسن البصري رحمه الله تعالى: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال جهادك هواك•

عن كتاب التربية الجهادية
ابو العبد غير متصل  


قديم(ـة) 13-02-2008, 04:55 PM   #2
فتح مبين
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
البلد: عند بيت المقدس بأذن الله
المشاركات: 79
مشكور أخي الفاضل .. جهد مبارك بإذن الله ..


.. والسلام عليكم ..
__________________

فتح مبين غير متصل  
قديم(ـة) 13-02-2008, 05:31 PM   #3
إكسير
عـضـو
 
صورة إكسير الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 2,619
جزيت خيراً أيها الكاتب المبارك . . . . .


لعلي أستشهد بقول الله تعالى " ولا تقربوا الصلاة " . . .


ليت القارئ يفهم المقصد . . .
إكسير غير متصل  
قديم(ـة) 26-02-2008, 02:21 AM   #4
ابو العبد
عـضـو
 
صورة ابو العبد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 3
المقدمة الثانية
أقسام الجهاد في سبيل الله



بعد أن تعرفنا على المعنى العام للجهاد ومراتبه نأتي فنتعرف على أقسـام الجهـاد مع الكفـار حيث ينقسم إلى قسمين: جهـاد الدفـع، وجهاد الطلب•
- جهاد الدفع: وهو جهاد الصائل والمعتدي - سواءً كان فردًا أو طائفة - ومنعه من فتنة المسلمين في دينهم والاعتداء على الأنفس والأعراض أو الاستيلاء على بلاد المسلمين•
وهذا القسم من الجهاد فرض عين على كل مسلم مكلف قادر؛ وذلك عندما يهاجم الكفار المسلمين في عقر دارهم أو يحصل الاعتداء من الصائل على مال المسلم أو عرضه، أو نفسه، وقد يكون الصائل كافرًا أو محاربًا مسلمًا، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد)(16).
كما قال الله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)(الحج: من الآية39).
وأما جهاد الطلب فالأمر فيه واضح وجلي؛ حيث إن مقصود المسلمين في طلبهم للكفار وفتح ديارهم إنما هو لرفع الفتنة - وهي الشرك - عن الناس في بلدانهم وليكون الدين فيها لله عز وجل وليس للكافرين والمشركين والطواغيت الذين يستعبدون الناس ويظلمونهم ويدعونهم إلى عذاب النار•
المقدمة الثالثة
غاية الجهاد في سبيل الله تعالى
الجهاد في سبيل الله تعالى عبادة من العبادات العظيمة التي يتعبد لله تعالى بها، وهو كما ذكرت سابقًا يعد من لوازم القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإبلاغ التوحيد للناس وإزالة ما يضاده من الشرك•
ويمكننا حصر الغاية من الدعوة والجهاد في الأهداف التالية:
1- التعبُّد لله عز وجل بهذه الشعيرة العظيمة؛ شعيرة الجهاد في سبيل الله تعالى.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فمن كان محبًا لله لزم أن يتبع الرسول فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، ويتأسى به فيما فعل، ومن فعل هذا فقد فعل ما يحبه الله، فيحبه الله•
إن بذل النفس والمال في سبيل الله عز وجل ليعد من أكبر العلامات على محبة الله تعالى ودينه

2- الفوز برضوان الله تعالى وجنته في الدار الآخرة؛ وهذا هو ثمرة التعبُّد لله عز وجل السابق ذكرها، وهي الغاية العظمى التي وعد الله عز وجل بها عباده الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والمجاهدين في سبيله على بصيرة•
ولذلك فإن أصحاب هذه النفوس المخلصة لا يتطرق إليهم الوهن ولا الفتور الذي يتعرض له أصحاب الأغراض الدنيوية القريبة، الذين إن حصلوا على أهدافهم في الدنيا رضوا وواصلوا العطاء، وإن تأخرت عليهم فتروا وكلوا وتوقفوا•
3- تعبيد الناس لرب العالمين عز وجل، وإنقاذهم - بإذنه تعالى - من الظلمات إلى النور، وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومن جور الأديان والمذاهب إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا وشقائها إلى سعتها وسعادتها، ومن عذاب النار يوم القيامة إلى جنات النعيم•
وبعد هذا التفصيل في غايات الجهاد يمكن القول بأنها كلها ترجع إلى غاية في الدنيا، وغاية في الآخرة•
فأما غاية الجهاد في الدنيا:
فهي نشر التوحيد وتعبيد الناس لربهم سبحانه، ورفع الفتنة والشرك عنهم؛ وذلك لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله وحده•
وأما الغاية من الجهاد في الآخرة:
فهي الفوز بمرضاة الله عز وجل وجنته، والنجاة من سخطه وعذابه•
شبهة وجوابها :
يثير بعض المهزومين روحيًا وعقليًا من أبناء المسلمين - وتحت ضغط الواقع اليائس وتحت الهجوم الاستشراقي الماكر - قولهم بأن الجهاد في الإسلام إنما شرع للدفاع عن النفس والأوطان وليس لإكراه الناس على الدخول فيه بالسيف والاستيلاء على ديار غير المسلمين بالقوة• ولقد ظهرت هذه الشبهة بشكل جلي في السنوات الأخيرة وبالأخص في هذه الأيام بعد الحملة الصليبية واليهودية على ديار المسلمين بحجة ما يسمى مكافحة الإرهاب، مما دفع بعض المهزومين من أبناء المسلمين بل - ويا للأسف - من بعض دعاتهم إلى أن يركزوا على أن الإسلام دين سماحة وسلام ومحبة للناس، وليس دين إرهاب ولا قتال ولا غلظة على الكفار، وصاروا يكررون الآيات والأحاديث التي فيها ذكر الصفح والسماحة والسلام، ويضربون صفحًا عن النصوص التي فيها جهاد الكفار والإغلاظ عليهم حتى يكون الدين كله لله، وحتى يسلم الكفار أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون•
وللرد على هذه الشبهة أورد جوابين: أحدهما مجمل والآخر مفصل:
أما المجمل :
فهو القول بأن دوافع الجهاد في الإسلام تختلف عن تلك الدوافع التي تنشأ عنها الحروب من أجل الملك فحسب؛ فالجهاد في الإسلام إنما شرع لتكون كلمة الله هي العليا وليكون الدين كله لله في جميع المعمورة، فمتى كان في المسلمين قوة وجب عليهم أن ينشروا هداية الله عز وجل في العالم، ولا يتركوا مكانًا تعلو فيه كلمة الكفر إلا فتحوه وأعلو كلمة التوحيد فيه• فإن لم يكن بهم قوة فلا أقل من أن يدافعوا عن بلادهم التي تحت أيديهم حتى لا يعلوا فيها الكفر ويفتن الناس في دينهم، مع إعدادهم لجهاد الفتح والطلب• وبناء على هذه الغاية الشريفة للجهاد تسقط كل بنود هيئة الأمم المتحدة الكافرة، وما يسمى بإعلان حقوق الإنسان التي تدعو إلى احترام حدود الغير، والسلام الدائم، والتعايش بين أصحاب الملل، وإلى حرية الاعتقاد لجميع الأفراد•
نخلص بعد هذا الكلام النفيس في بيان المراحل التي تنقل فيها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده إلى النتائج التالية:
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية قد أُمِرَ بكف اليد وترك الجهاد المسلح مع كفار قريش، وأُمِرَ فيها بجهاد البلاغ والبيان، وتحمل في سبيل ذلك هو وأصحابه رضي الله عنهم من الأذى أصنافًا كثيرة• ولا شك أن في الأمر بكف اليد في المرحلة المكية حكمًا وغايات عظيمة لعل من أبرزها:
- ضعف المسلمين وقلة عددهم بحيث لو تمت المواجهة مع المشركين فإن ذلك من شأنه أن يئد الدعوة في مهدها•
- ومنها: الإعداد والتربية للقاعدة الصلبة التي يقوم على كاهلها نشر الإسلام ونصرة الدين•
- ومنها: أن يأخذ البلاغ حقه، وتقوم الحجة على المشركين، ويتم البيان للناس عن حقيقة الإسلام وحقيقة سبيل المجرمين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة•
وغير ذلك من الحكم(29).
2- أن الجهاد المسلح للكفار لم يؤذن فيه إلا بعد الهجرة بعد أن تهيأ للمسلمين المكان الذي يأمنون فيه وينطلقون منه ويفيئون إليه•
وجاء الإذن في أول الأمر لرفع الظلم، ثم تلا ذلك الأمر بجهاد المعتدي، ثم لمَّا قويت شوكة المسلمين بدأ جهاد الطلب حتى انتهى أمر الجهاد بعد آية السيف إلى أن لا يقبل من الناس إلا الإسلام أو الجزية أو الحرب•
وفي ضوء ما سبق عرضه من غايات الجهاد ومراحله يمكن مناقشة موقفين خاطئين من الجهاد اليوم أحدهما يقابل الآخر•
الموقف الأول:
هو من نظر إلى أحوال المسلمين اليوم وضعفهم وعجزهم عن مواجهة أعدائهم فرأى استحالة الجهاد في هذا الزمان، ورضي بالأمر الواقع ولم يسع للإعداد والاستعداد، وتجاوز تبرير ضعفه وموقفه إلى التشنيع على الحركات الجهادية التي قامت للدفاع عن المسلمين في بقاع الأرض؛ كما في كشمير وأفغانستان والشيشان وفلسطين وغيرها•
حاول سيد قطب - رحمه الله تعالى - تفسير مواقف هؤلاء المهزومين، ولماذا تهولهم مثل هذه النصوص حتى يحاولوا تقييدها بالمراحل السابقة من أحكام فرض الجهاد فيقول: "إننا نعرف لماذا يهولهم هذا الأمر ويتعاظمهم على هذا النحو •• إنهم ينسون أن الجهاد في الإسلام جهاد في "سبيل الله" •• جهاد لتقرير ألوهية الله في الأرض وطرد الطواغيت المغتصبة لسلطان الله •• جهاد لتحرير "الإنسان" من العبودية لغير الله، ومن فتنته بالقوة عن الدينونة لله وحده والانطلاق من العبودية للعباد •• "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" •• وأنه ليس جهادًا لتغليب مذهب بشري على مذهب بشري مثله؛ إنما هو جهاد لتغليب منهج الله على مناهج العبيد! وليس جهاداً لتغليب سلطان قوم على سلطان قوم؛ إنما هو جهاد لتغليب سلطان الله على سلطان العبيد! وليس جهادًا لإقامة مملكة العبد؛ إنما هو جهاد لإقامة مملكة الله في الأرض •• ومن ثم ينبغي له أن ينطلق في "الأرض" كلها، لتحرير "الإنسان" كله؛ بلا تفرقة بين ما هو داخل في حدود الإسلام وبين ما هو خارج عنها •• فكلها "أرض" يسكنها "الإنسان" وكلها فيها طواغيت تُعَبِّد العباد للعباد!
الموقف الثاني:
وأصحاب هذا الموقف يرون أن آية السيف التي نزلت في سورة براءة قد نسخت كل مراحل الجهاد السابقة؛ سواء من كف اليد أو المسالمة مع الكفار، أو عقد صلح أو هدنة معهم •• إلخ، ونظروا إلى أن قتال الكفار والمرتدين اليوم فرض دون أن ينظروا إلى أحوال المسلمين وضعفهم، ودون أن ينظروا إلى تحقيق شرائط الجهاد من: القدرة، وإقامة الحجة على الناس بالبيان الكافي لسبيل المؤمنين، والتعرية التامة لسبيل المجرمين؛ حتى يكفر من كفر ويهلك من هلك عن بينة، ويؤمن من آمن ويحيى من حيى عن بينة، ودون أن يكون هناك الإعداد المعنوي الروحي للمجاهدين علمًا وعملاً وعبادة وأخلاقًا•
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-: "فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذي أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"(32).
تنبيه:
ليس المعني في الموقف الثاني تلك الحركات الجهادية التي تدافع عن المسلمين في أفغانستان والشيشان وغيرها، وإنما المعني هم أولئك الذين يرون مواجهة الأنظمة الطاغوتية في بلدان المسلمين دون الحصول على الحد الأدنى من الإعداد والقدرة، وقبل وضوح راية الكفر في تلك البلدان للناس، ودون وضوح راية أهل الإيمان في مقابل ذلك؛ مما ينشأ عنه اللبس والتلبيس على الناس، فتختلط الأوراق ويجد هؤلاء المجاهدون المستعجلون أنفسهم وجهًا لوجه أمام إخوانهم المسلمين الذين غرر بهم ولبس عليهم وقيل لهم بأن حكومتهم شرعية، وأن الخارجين عليها متطرفون إرهابيون مفسدون، ولم يجد الناس من يزيل عنهم هذا اللبس• فحينئذ تقع الفتنة بين المسلمين، ويقتل بعضهم بعضًا•
أما تلك الحركات الجهادية التي أعلنت جهادها على الكفار في مثل أفغانستان لمواجهة التحالف الصليبي أو في كشمير لمواجهة الهندوس الوثنيين، أو في الشيشان لمواجهة الملاحدة الشيوعيين، أو في فلسطين لمواجهة اليهود الغاشمين فإنها حركات مشروعة لوضوح الراية الكفرية،


المقدمة الرابعة
فضائل الجهاد في سبيل الله تعالى وثماره في الدنيا والآخرة
تقدم الحديث عن غاية الجهاد في سبيل الله عز وجل وثمرته الكبرى في الدنيا والآخرة، وأنه شرع لتعبيد الناس لرب العالمين، وحتى لا تكون فتنة ولا شرك ويكون الدين كله لله• هذا في الدنيا أما في الآخرة فرضوان الله وجنته والنجاة من سخطه والنار•
وقد نبه الله سبحانه إلى خيرية الجهاد في الدنيا والآخرة في قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216).
وسيتم في هذه المقدمة تفصيل بعض الثمار والخيرات التي تترتب على الجهاد في سبيل الله عز وجل في الدنيا والآخرة، والتي هي فرع عن غاية الجهاد.
( أ ) الثمار التي تظهر في الدنيا :
1- بالجهاد تظهر حقيقة المحبة لله عز وجل وصدق العبودية له.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)(آل عمران: من الآية31).
فتأخر الخلق كلهم، وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة بتزكية (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَـافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة: من الآية54).
فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم، فهلموا إلى بيعة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ )(التوبة: من الآية111).
وقد تقدم قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "•• والجهاد دليل المحبة الكاملة ••• فإن المحبة مستلزمة للجهاد لأن المحب يحب ما يحب محبوبه، ويبغض ما يبغض محبوبه، ويوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه، ويرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، ويأمر بما يأمر به، وينهي عما نهى عنه؛ فهو موافق له في ذلك •••)(34).

ولعقيدة الولاء والبراء صلة تناسب مطرد متبادل؛ بمعنى أن الحماس للجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى يقوى بقوة عقيدة الولاء والبراء في القلب، كما أن الولاء والبراء يقوى ويشتد بالجهاد في سبيل الله تعالى•
2-نشر التوحيد وشريعة الإسلام التي يهنأ الناس في ظلالها، وتسعد البشرية بها.
ففي الجهاد عاقبة محمودة للناس في الدنيا يحبونها: وهي النصر والفتح، وفي الآخرة الجنة، وفيه النجاة من النار؛ وقد قال تعالى في أول السورة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف:4) 3- بالجهاد يُدفع عذاب الله عز وجل ونقمته في الدنيا والآخرة ويعيش المسلمون حياة طيبة عزيزة خالية من التذلل للكفار والبقاء تحت سيطرتهم وقهرهم• والعكس من ذلك يحصل حين يُترك الجهاد ويركن الناس إلى الدنيا؛ حيث يحل محل العزة ذل المسلمين واستكانتهم لأعدائهم ولا نطمع أن يكف الكفار شرهم عن المسلمين بمجرد المفاوضات السياسية أو عن طريق مجلس الأمن - أعتذر - مجلس الخوف، أو هيئة الأمم الكفرية الطاغوتية
وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا ظن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء، فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)(37).
4- المجاهدون في سبيل الله تعالى من أهدى الناس إلى الحق، وأسعدهم بسبيل الله عز وجل عند اختلاف السبل؛ ولهذا قال الإمامان عبدالله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما: إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر فإن الحق معهم لأن الله يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)(39) ا•هـ،
5- الجهاد في سبيل الله تعالى من أعظم وسائل التربية للنفس وتزكيتها باطنًا وظاهرًا:
وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في تعليقه على كون الجهاد ذروة سنام هذا الدين؛ ••• وفي الجهاد أيضاً: حقيقة الزهد في الحياة الدنيا، وفي الدار الدنيا، وفيه أيضًا: حقيقة الإخلاص؛ فإن الكلام فيمن يجاهد في سبيل الله، لا في سبيل الرياسة، ولا في سبيل المال، ولا في سبيل الحمية، وأعظم مراتب الإخلاص تسليم النفس والمال للمعبود، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) (التوبة: من الآية111)(40).
6- وحدة صف المسلمين واجتماع كلمتهم:
( ب ) الثمار الأخروية للجهاد :
في الآخرة تتحقق الثمرة العظمى للجهاد في سبيل الله تعالى، والتي تنافس فيها المتنافسون، وضحى في سبيلها المجاهدون بأرواحهم رخيصة راضية بها نفوسهم،
وإن المتأمل في كتاب الله عز وجل والمتدبر لجميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجنة وما أعد الله عز وجل فيها لأهلها من الرضوان والنعيم ليلفت نظره أمرٌ مهم وشيئ عجيب؛ ألا وهو أن جل ما ورد من الآيات التي يذكر فيها سبحانه ما أعد لأوليائه من الجنة والرضوان يسبقها في العادة صفات الموعودين بذلك، وبالتأمل في أوصافهم تلك نجد أنها تكاد تنحصر في: المجاهدين، والصابرين، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر•
وفيما يلي ذكر بعض الآيات التي يذكر الله عز وجل فيها ما أعد لعباده المجاهدين من الرحمة والنعيم والرضوان•
- الآية الأولى: قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:218).
- الآية الثانية: قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214). - الآية الثالثة: قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:142).
- الآية الرابعة: قوله تعالى: )وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (آل عمران:157).
-
وأما الأحاديث في فضائـل الجهـاد ومـا أعـد الله للمجاهدين والشهداء في الآخرة فهي كثيرة جدًا
ومن هذه الأحاديث:
- قوله صلى الله عليه وسلم: (انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمانٌ بي، وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سَرية، ولوددت أني أقتلُ في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أُقتل، ثم أُحيا، ثم أُقتل)(41).
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المُجاهد في سبيل الله)(42).
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقةِ، وجبت له الجنة)(43).
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِن في الجنة مائة درجةٍ أعدها الله للمُجاهدين في سبيل الله؛ ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سأَلتم الله فاسألُوهُ الفرْدَوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة)(44).
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف)(50).
- وقوله صلى الله عليه وسلم: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يُشَفَّع)(51).

ولأجل هذه الفضائل كان السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم ومَنْ بعدهم أحرص الناس على هذه الشعيرة العظيمة؛ •
وأسوق فيما يلي نماذج من حرص السلف على هذه الشعيرة العظيمة:
- صُهيب مهاجرًا.
- عمارًا يوم اليمامة وقد قطعت أذنه .
- خالدًا قال: ما من ليلة يُهدى إليَّ فيها عروسٌ أنا لها مُحِبٌّ أحبّ إليَّ من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد في سريَّةٍ أُصَبِّحُ فيها العَـدُوَّ(55).
- وفاة خالد.
- وَ أبا طلحة وهو شيخ كبير غزا البحر، فمات، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونَه فيها إلاَّ بعد سبعة أيام، فلم يتغير.
- ابن أم مكتوم كان بيقولُ: ادفعوا إليَّ اللواءَ.
- أبي عقيل عبدالرحمن بن ثعلبة يوم اليمامة.
سؤال وجوابه:
لماذا هذه الفضائل العظيمة التي أُعدت للمجاهدين والشهداء في سبيل الله عز وجل دون غيرهم؟
الجواب - والله أعلم –يكمن في:
1- معرفة غاية الجهاد وبواعثه في نفس المؤمن•
2- تقديم الروح في سبيل الله عز وجل.
وفي هذا يستطرد الأستاذ المودودي رحمه الله تعالى: لم يرد معنى الفوز والعظمة في أي موضع بالحصول على المال والثروة، والملك والسلطان مثلما كان كرشن يقول لأرجُن: "إذا فزت في هذا القتال فسوف تنال ملك الدنيا" (جيتا 2:73)، فمثل هذا لم يرد في القرآن، ولم يحث القرآن المجاهدين على القتال في سبيل الله لينالوا مقابله ثروة الدنيا وسلطانها، بل على العكس من هذا كلما ذكرت ثمار الجهاد في سبيل الله كان ذكرها مقترنا بمرضاة الله فقط، والحصول على مقام عالٍ عند الله، والنجاة من العذاب الأليم•
وانظر قوله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) (البقرة: من الآية251)، (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (الأنفال: من الآية73)؛ فالله لا يريد أن تنتشر الفتن وينتشر الفساد على أرضه، وهو لا يقبل أن يتعذب عباده دون ذنب، أو أن يحل بهم الدمار والبلاء، ولا يحب أن يأكل القوي الضعيف، وأن يسلبه أمنه وطمأنينته، أو أن يصاب عباده في حياتهم الأخلاقية والنفسية والمادية، وهو لا يرضى أن تنتشر أعمال السوء والشر في الدنيا، وأن ينتشر الظلم والإجحاف والقتل والغزو، كما لا يقبل أن يصبح عباده عبادًا لمخلوقيه من بقية العباد فيلطخوا شرفهم الإنساني بجراح الذلة والهوان، وبعد كل هذا فالجماعة التي تنهض لتطهير العالم من هذه الفتنة وتخلصه من الظلم، وتقيم العدل دون رغبة في نيل جزاء، وبغير أي طمع في ثروة أو في مال، وتضحي في سبيل هذا العمل الطيب بروحها وبمالها وبمصالحها التجارية وبحبها لأبنائها وآبائها وأخوتها، وبراحتها داخل بيتها •• أهناك من هو أحق منها بمحبة الله ومرضاته؟ ••
هذه هي فضيلة الجهاد في سبيل الله التي جعلته يحتل الدرجة العليا بين جميع الأعمال الإنسانية بعد الإيمان بالله"(76).

المقدمة الخامسة
مخاطر ترك الجهاد في سبيل الله
بعد أن تبين لنا في المقدمة السابقة فضل الجهاد وثمرته في الدنيا والآخرة فإنه يسهل علينا في هذه المقدمة الحديث عن مخاطر ترك الجهاد والاستعداد له، وما يترتب على ذلك من المفاسد والشرور والعواقب السيئة في الدنيا والآخرة•
ويمكن تفصيل المخاطر والعواقب السيئة لترك الجهاد فيما يلي:
1- ترك الجهاد كما مضى كبيرة من الكبائر؛ لأن فيه تعريض النفس لسخط الله عز وجل وعقابه في الدنيا والآخرة•
قال تعالى: (إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة:39).
فترك الجهاد في سبيل الله سبب للهلاك في الدنيا والآخرة؛ وهذا ما يفهم من قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195).
كما أن في ترك الجهاد إضعافًا لعقيدة الولاء والبراء.
2- بترك الجهاد يفشو الشرك والظلم ويعلو الكفر وأهله ويستعبد الناس بعضهم بعضًا، ولا يخفى ما في ذلك من الشقاء والتعاسة والفساد الكبير على الناس قال الله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة: من الآية251)، وقال تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: من الآية40).

لأجل هذا شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهاد حتى مع الإمام الفاجر الذي لم يصل إلى درجة الكفر؛ لأن بقاء الإسلام وأهله يحكمهم فاسق خير لهم من أن يحكمهم كافر يحكم بغير ما أنزل الله؛ فإن الحكم بغير ما أنزل الله هو سبب فساد الأرض"(81).
3- ترك الجهاد سبب للذل والهوان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لئن تركتم الجهاد وأخذتم بأذناب البقر وتبايعتم بالعينة ليلزمنكم الله مذلة في رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا إلى ما كنتم عليه)(82).
ويقول سيد قطب رحمه الله: "والذين يخشون العذاب والألم والاستشهاد وخسارة الأنفس والأولاد والأموال إذا هم جاهدوا في سبيل الله، عليهم أن يتأملوا ماذا تكلفهم الدينونة لغير الله في الأنفس والأموال والأولاد، وفوقها الأخلاق والأعراض •• إن تكاليف الجهاد في سبيل الله في وجه طواغيت الأرض كلها لن تكلفهم ما تكلفهم الدينونة لغير الله؛ وفوق ذلك كله الذل والدنس والعار!"(85).
4- وفي ترك الجهاد تفويت لمصالح عظيمة في الدنيا والآخرة؛ منها الأجر العظيم الذي أعده الله تعالى للمجاهدين والشهداء في الآخرة، ومنها الحياة العزيزة في الدنيا وإقامة شرع الله عز وجل، والشهادة والغنائم والتربية الإيمانية التي لا تحصل إلا في أجواء الجهاد ومراغمة أعداء الله تعالى•
5- إلقاء العداوة والفرقة بين المسلمين: وهذا أمر مشاهد؛ فما من وقت تركت فيه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا انشغلت بنفسها ووجه المسلمون حرابهم إلى صدور إخوانهم وانشغل بعضهم ببعض•
ونظرة أخرى إلى واقعنا المعاصر وما جرى فيه من تعطيل لشرع الله عز وجل - ومن ذلك الجهاد في سبيل الله - ترينا كيف حلَّ بالمسلمين من الفرقة والتحزب والاختلاف بين المسلمين حيث انشغل بعضهم ببعض• وما ذاك إلا من الانحراف عن المنهج الحق وتعطيل هذه الشعيرة العظيمة وما ترتب عليها من تسلط الكفار على بلاد المسلمين وتأجيجهم نار الخلاف والفرقة والتحريش بين المسلمين، وهذه سنة الله عز وجل في كل من أعرض عن شرعه سبحانه ونسي حظًا مما ذكر به قال تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14)

عن كتاب التربية الجهادية
ابو العبد غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:51 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)