بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » نـــظـــام الـــجـــهـــاد

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 19-07-2002, 03:47 AM   #1
اللاجئ إلى الله
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 276
نـــظـــام الـــجـــهـــاد

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام الجهاد

الجهاد في اللغة : بذل الإنسان جهده وطاقته ، وفي الاصطلاح الشرعي : بذل المسلم طاقته وجهده في نصرة الإسلام ابتغاء مرضاة الله ، ولهذا قيد الجهاد في الإسلام بأنه في سبيل الله ليدل على هذا المعنى الضروري لتحقيق الجهاد الشرعي ، وبهذا جاءت الآيات القرآنية معلنة أن جهاد المسلمين ومنه القتال ، إنما هو جهاد في سبيل الله بخلاف الكافرين فإن جهادهم وقتالهم في غير سبيل الله ، أي في سبيل الشيطان ، قال تعالى : ( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله ، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ) . وقد يعبر عن المعنى الذي بيناه بعبارة : القتال لتكون كلمة الله هي العليا ، كما جاء في الحديث الشريف ( سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) لأن المقصود بكلمة الله الإسلام ، وجعلها هي العليا أي هي النافذة الظاهرة ، ولاشك أن إظهار دين الله مما يرضي الله تعالى .

والجهاد أنواع ، فهناك الجهاد باللسان ببيان شرائع الإسلام ودحض الأباطيل المفتراة عن الإسلام ، والجهاد بالمال بإنفاقه في وجوه البر ، لاسيما على الغزاة والمقاتلين في سبيل الله بشراء العتاد والسلاح والأرزاق لهم ، والجهاد بالنفس أي القتال كما أن الجهاد بالنفس يقرن غالبًا بالجهاد بالمال ، كما نلاحظ ذلك في آيات القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) .

والجهاد بالنفس بمقاتلة الأعداء من فروض الكفاية في الأحوال الاعتيادية إذا حصلت به الكفاية ، ولكنه يصير فرض عين ، إذا احتل الكفرة بلدًا من بلاد الإسلام أو إذا استنفر الإمام المسلمين ، قال الإمام ابن العربي المالكي : ( إذا كان النفير عامًا لغلبة العدو على الحوزة أو استيلائه على الأسارى كان النفير عامًا ووجب الخروج خفافًا وثقالاً وركبانًا ورجالاً عبيدًا وأحرارًا ، من كان له أب من غير إذنه حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ، ويخزي الله العدو ويستنقذ الأسرى ، ولا خلاف في هذا ) .

ولما كان الجهاد من فروض الإسلام فقد عظمت به الوصية ، وأمر الله تعالى بأخذ العدة اللازمة له قال تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) فكل ما به قوة وحاجة في القتال وجب تحصيله وإعداده ، وهذا يختلف باختلاف الأزمان والأحوال ، ولاشك أن من وسائل القوة المهمة في زماننا تعلم وإتقان مختلف العلوم والفنون والصناعات اللازمة لإعداد القتال ، وتعلم هذه الأمور من الفروض الكفائية في الأمة ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . ومن المستحب لكل مسلم أن يتعلم ما يستطيعه من أمور القتال ، كالرمي والطعن واستعمال السلاح مبتغيًا بذلك وجه الله تعالى ويعلمه للآخرين ، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذه الأمور فقال - رحمه الله - : ( وتعلم هذه الصناعة - أي صناعات الحرب وآلات القتال - هو من الأعمال الصالحة لمن يبتغي بذلك وجه الله عز وجل فمن علم غيره ذلك كان شريكه في كل جهاد يجاهد به لا ينقص أحدهما من الأجر شيئًا ) ، وكان سيدنا عمر - رضي الله عنه - يوصي المسلمين وولاتهم : ( أن علموا أولادكم الرمي والفروسية ) وفي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ... ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا ) .

والواقع أن الجهاد ضروري لبقاء المسلمين أمة قوية مرهوبة الجانب بعيدة عن أطماع الطامعين والحاقدين من الكافرين والمنافقين ، كما أن الجهاد بنفسه دليل قاطع على إيمان المسلم ومبادرته إلى ما يحبه الله تعالى وإيثاره مرضاته وما عنده ، ولهذا وبخ الله تعالى من يتقاعس عن الجهاد قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الدنيا في الآخرة إلا قليل ) .

ولعظيم أثر الجهاد ودلالته على الإيمان ، قال الفقهاء : المقام في ثغور المسلمين أفضل من المجاورة في المساجد الثلاث : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والمسجد الأقصى . وتعليل ذلك أن الرباط من جنس الجهاد ، والمجاورة غايتها أن تكون من جنس الحج ، وقال تعالى : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ) وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن أي الأعمال أفضل ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إيمان بالله ورسوله ) . قيل : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم جهاد في سبيله ) . قيل : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم حج مبرور ) .

وترك الجهاد سبب للمذلة والهوان وضياع الديار وتسلط الكفرة على بلاد الإسلام ، وهذا من العذاب الذي توعد به الله تعالى تاركي الجهاد ، قال ربنا في القرآن الكريم : ( إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم ولا تضروه شيئًا والله على كل شيء قدير ) . قال الإمام ابن العربي المالكي في تفسيره : في هذه الآية تهديد شديد ووعيد مؤكد في ترك النفير والخروج إلى الكفار لمقاتلتهم على أن تكون كلمة الله هي العليا . أما نوع العذاب ، فقال عنه الإمام ابن العربي : ( هو الذي في الدنيا باستيلاء العدو على من يستولي عليه ، وبالنار في الآخرة ) . ووقائع التاريخ القديمة والحديثة تؤيد ما ذكره ابن العربي ، فما أصاب المسلمين من ذل وتسلط الكفرة عليهم إلا بتركهم الجهاد المطلوب منهم .

وعلى ذكر الجهاد والقتال في سبيل الله يقول بعض الكتاب المحدثين : إن القتال في الإسلام أو الجهاد في الإسلام هو دفاعي لا هجومي ، بمعنى أنه لا يجوز للدولة الإسلامية أن تهاجم دولة غير إسلامية إلا إذا هاجمتها هذه الأخيرة . والواقع أن هذا القول غير سديد وينقصه التحقيق والتدقيق ، ولا تدل عليه دلائل الشريعة ، ذلك أن القتال في الإسلام له أسباب منها : رد الاعتداء وفي هذا قال تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) . ومنها : القتال لنصرة ضعفاء المسلمين الذين يتعرضون لظلم الكفرة قال تعالى : ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) . ومنها : أن يبدأ المسلمون قتال الكفرة إذا رفضوا الإسلام ومنعوا المسلمين من تولي الحكم والسلطان لإقامة شرع الله وتطبيقه في الأرض ، وهذا هو الذي يجادل فيه البعض ويعتبره من قبيل القتال الذي يبدأ به المسلمون غيرهم بلا مبرر . والحقيقة أن القرآن والسنة النبوية يدلان على هذا النوع من القتال ، قال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) والفتنة معناها الكفر والشرك ، قال الإمام أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن في تفسيره هذه الآية : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) يوجب فرض قتال الكفار حتى يتركوا الكفر قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع .. أما الدين فهو الانقياد لله بالطاعة .. والدين الشرعي هو الانقياد لله عز وجل والاستسلام له .. ودين الله هو الإسلام لقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) فقول الإمام الجصاص : حتى يتركوا الكفر ، أي كفرهم المتعلق بتشريع الأحكام ؛ لأن التشريع من حق الله وحده ، فمن نازعه ذلك فقد كفر وأشرك ، قال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) .

ويؤيد ما قلناه أيضًا قوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) قال الإمام الشافعي : الصغار أن تؤخذ منهم الجزية وتجري عليهم أحكام الإسلام . فهذا صريح في أن قتال المسلمين إنما هو لإظهار دين الله بتطبيق شرائعه بعد أن يتولى المسلمون الحكم والسلطان وليس المقصود قتل غير المسلمين أو إكراههم على الإسلام لأنه لو كان هذا هو المقصود لما شرعت الجزية ولما أقر الكافر على كفره في دار الإسلام .

وفي السنة النبوية ما يؤيد ما قلناه ، فقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمراء الجند عند توجيههم إلى المشركين أن يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فإلى الجزية أي إلى الخضوع إلى سلطان الدولة الإسلامية فإن أبوا قاتلوهم حتى يخضعوهم قهرًا لسلطان المسلمين .

والحقيقة أن بدء المسلمين لغيرهم بالقتال إذا رفضوا الإسلام أو الجزية ، إنما هو لمصلحة عموم المشركين الذين يخضعون لسلطان الكفر ؛ لأن المسلمين يريدون بهذا القتال رفع هذا الحكم الكافر عنهم وإزالة شرائعه الباطلة ، ورفع الحواجز عن عموم الناس لرؤية الإسلام وشرائعه ، فمن شاء آمن ومن شاء بقي على كفره بشرط الولاء للدولة الإسلامية . وهذا كله من مصلحة المشركين الدنيوية والأخروية . أما الدنيوية فتظهر في تمتعهم بعدل الإسلام والحافظة على أموالهم وحقوقهم . وأما الأخروية فبتهيئة سبل رؤيتهم الإسلام واحتمال دخولهم فيه عن رضى واختيار لا عن جبر وإكراه وفي هذا سعادتهم وفوزهم في الآخرة .

والخلاصة فإن المسلم لا ينفك عن الجهاد في سبيل الله أبدًا فهو في جهاد دائم : يجاهد نفسه ليحملها على الطاعة وعلى بذل المال والنفس في سبيل مرضاة الله تعالى ، ويجاهد بلسانه وقلمه ليبين معاني الإسلام ويرد على افتراءات المبطلين ، ويجاهد في جميع أحواله ، في الرخاء والشدة ، وفي حالة الضعف والقوة ، وفي حالة الفقر والغنى ، وبهذا قال المفسرون في قوله تعالى : ( انفروا خفافًا وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) . والأمر بالجهاد وذكر فضائله وثوابه في الكتاب والسنة أكثر من أن يحصر ، بل ولم يرد في ثواب الأعمال وفضائلها - كما يقول ابن تيمية رحمه الله - مثل ما ورد فيه . وتعليل ذلك أن نفع الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا ، ويشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة مثل محبة الله والإخلاص له والصبر والزهد ، وأن القائم به بين إحدى الحسنيين دائمًا ، إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة .


* أصول الدعوة ، الدكتور / عبدالكريم زيدان . ص272-277 .
__________________
( اتق الله حيثما كنت )
من السهل جدًا أن نستخدم الإسلام ، ولكن من الصعب جدًا أن نخدم الإسلام
اللاجئ إلى الله غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)