|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
01-08-2008, 03:40 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 176
|
الفردوس المفقود ( سلسلة حلقات ) الحلقة الرابعة عشر : الحاجب المنصور
(( الحلقة الرابعة عشر )) الحَاجِبُ المَنْصُور ـ هو أَبُوعَامِرٍ محمدُ بنُ عبدِالله بنِ أبي عامرِ بنِ الوَليدِ بنِ يَزيدَ بنِ عبدِالملكِ المعَافِريّ ، أَصْلُه من اليَمَنِ ، وَجَدُّهُ عَبدُ الملكِ كانَ معَ جَيْشِ طَارِقٍ حِينَ فَتْحِ الأنْدلُسِ . ـ وُلد في الجَزيرةِ الخَضْراءِ وهْي منطقةٌ قريبةٌ من قُرْطُبة سنة ( 326 ) هـ , وكان له هِمَّةٌ عاليةٌ في جَمِيعِ الأُمُورِ . ـ اتَّجه إلى قُرطبةَ وَهُوَ فِي شَبَابِهِ لِطَلَبِ العِلمِ , فَطَلَبَ العِلْمَ والأَدَبَ , فَنَبَغَ فيهما عَلى كافَّةِ أَقْرانِه ، وعَمِلَ في مِهَنٍ وحِرَفٍ كثيرة. ـ اشْتَغَل أَجِيراً عِندَ بَعضِ أَصْحَابِ الدَّكَاكِين ، إِلى أَنِ انْتَهَى به الأمْرُ إِلى الجلوسِ في دُكّانٍ لَهُ عِندَ بَابِ قَصْرِ الخِلافةِ يَكْتُبُ الرِّقَاعَ والمَعَارِيضَ. ـ وَصلَ خبرُه إلى ( صُبْح ) وهي أُمُّ ولد الخليفةِ الحَكَمِ المُسْتَنْصِر , فَاتَّخَذَتْه كاتباً لها ، ثمَّ تَمَكَّن في القصر شيئاً فشيئًا ,،،، . ـ لَمَََّا تُوُفِّي الحَكَمُ خَلَفَه ابنُه هِشَامٌ الملَقَّبُ بـ( المُؤَيَّد ) ، وكانَ لايَتَجَاوَز عُمُرُهُ تِسْعَ سَنَواتٍ , فَكَانَ أَبُوعَامِرٍ هُو القَيِّم المُباشِر عَلى الخليفةِ الصّغيرِ . ـ وتَطَوَّرَ بِهِ الأَمْرُ إلى أَنْ قادَ بعضَ الجيوشِ وانْتَصَرَ فِيها ، وكانَ ذلكَ بطَلبٍ مِنهُ وتَكْليفٍ من الحاجبِ المصْحَفِيّ . [ وَمَعنَى الحاجِب : ( يَعْنِي أَنّه أَصْبَحَ بِمَثابَةِ وَزِيرِ الدَّولةِ ، أَوْ رَئِيسِ الدِّيوَانِ الملَكِي ،وَهُوَ الوَزِيرُ الخاصُّ للخَليفةِ الذِي لا يَنْفَذُ أَمْرٌ لِلْخليفةِ إِلا بِعْلْمِه وَمُوافَقَتِه ، ولا يَدْخُلُ أحَدٌ علَى الخلِيفَةِ إلا بِإِذْنِهِ ] . ـ وصَار قَائِدَ الشُّرْطَة في قُرْطُبَةَ ، حتى زَادَتْ شعبيّتُه فيها ، وأَثْبْتَ وُجُودَه وصارَ يأْمُرُ ويَنْهَى في القَصْرِ، بَلْ وَفي قُرْطُبَةَ . ـ اسْتطَاعَ أَنْ يَقْضِيَ على كَثيرٍ من الصَّقَالبةِ ( وهم خَدَمُ القصْر ) ويَبْلُغُ عَدَدُهُمْ ( 800 ) تقرِيباً ورُؤَسَاؤُهم اثْنَانِ هُما ( جُؤْذُرٌ وفَائِقٌ ) ؛ لأَنَّ لَهُمْ تأثيراً كَبِيراً في إِدَارةِ شُؤُونِ الدّولةِ . ـ ثمّ حَجَبَ الخلِيفةَ هِشَاماً الملَقَّب بـ( المُؤَيَّد ) عن أَنْظَارِ النّاسِ , واسْتَصْدَرَ أَمْراً بإِبْعادِ الحاجِبِ المصْحَفِيّ وَطَرَدَهُ وَأَهَانَهُ وَسَجَنَهُ وَمَحَا أَثَرَهُ من الدّوْلَةِ ، وَجَرَّدَهُ مِنْ أَمْوَالِهِ هُوَ وَأَوْلادَه إلى أنْ تُوُفِّيَ ، وقيل إن المنْصورَ هوَ الذي قَتَلَه . والله أعلم [ وذلك في قصة طويلة ، والمؤرخون يشبهون نكبته هذه بنكبة هارون الرشيد للبرامكة ] . (( والحاجِبِ المصْحَفِيّ هُوَ جَعْفَرُ بنُ عُثْمانَ أَبو الحسَنِ الوَزِيرُ الحاجِبُ المعْروفُ بِابْنِ المِصْحَفِيِّ كانَ مِن أَهلِ العِلْمِ والأَدَبِ البَارِعِ ، وَكَانَ هُوَ النَّاظر في أُمُورِ الدَّوْلةِ قَبْلَ المنْصُورِ ، وقدْ تُوُفِّيَ ، وَقِيلَ بَلْ قَتَلَهُ المنْصُورُ سَنَةَ ( 372 ) هـ لأَشْيَاءَ كَثِيرةٍ نَقَمَهَا وَأَخَذَهَا عَلَيْهِ ، وَلَهُ شِعْرٌ كَثيرٌ يَدُلُّ عَلَى طَبْعِهِ وَسَعَةِ أَدَبِهِ ، من شِعْرِهِ وَهُو يَرْثِي حَالَه بَعْدَ نَكْبَتِهِ : ـــ لا تَأْمَنَنَّ مِنَ الزَّمَانِ تَقَلُّباً******** إِنَّ الزَّمَانَ بِأَهْلِهِ يَتَقَلَّبُ و َلَقَدْ أرَانِي وِالُّليُوثُ تَخَافُنِي********* فَأَخَافَنِي مِنْ بَعْدِ ذَاكَ الثَّعْلَبُ حَسْبُ الكَرِيمِ مَذَلَّةً وَمَهَانَةً ********أَنْ لا يَزَالُ إِلَى لَئِيمٍ يَطْلُبُ وَإِذَا أَتَتْ أُعْجُوبَةٌ فَاصْبِرْ لَهَا ********فَالدَّهْرُ يَأْتِي بِالذِي هُوَ أَعْجَبُ وَكَتَبَ لأَبِي عَامِرٍ المنْصُورِ وَهُوَ في السَّجْنِ يَسْتَعْطِفُهُ بِقَوْلِهِ : هَبْنِي أَسَأْتُ فَأيْنَ العَفْوُ والكَرَمُ******** إِذْ قَادَنِي نَحْوَكَ الإِذْعَانُ وَالنَّدَمُ يَا خَيرَ مَنْ مُدَّتِ الأَيْدِي إِليْهِ أَمَا******** إِنَّ الملُوكَ إِذَا مَا اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا بَالَغْتَ في السُّخْطِ فَاصْفَحْ صَفْحَ مُقْتَدِر******** تَرْثِي لِشَيْخٍ رَمَاهُ عِنْدَكَ القَلَمُ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِو عَامِرٍ المنْصُور بِقَوْلِهِ :ِ الآنَ يَا جَاهِلاً زَلَّتْ بِكَ القَدَمُ******** تَبْغِي التَكَرُّمَ لَمّا فَاتَكَ الكَرَمُ نَدِمتَ إِذْ لَم تَفُزْ مِنّا بِطائِلَةٍ******** وَقَلَّمَا يَنفَعُ الإِذعانُ وَالنَدَمُ أَغرَيتَ بِي مَلِكاً لَوْلا تَثَبُّتُهُ ********مَا جَازَ لِي عِندَهُ نُطْقٌ وَلا كِلَمُ فَايْأَسْ مِنَ العَيشِ إِذْ قَدْ صِرْتَ في طَبَقٍ******** إِنَّ الملُوكَ إِذَا مَا اسْتُنْقِمُوا نَقَمُوا نَفْسِي إِذَا جَمَحَتْ لَيْسَتْ بِرَاجِعَةٍ ********وَلَوْ تَشَفَّعَ فِيكَ العُرْبُ وَالعَجَمُ ـ جَعَلَ المنْصورُ مِنْ نفْسِه حاجباً للخليفة , وَقَضَى على خصومِه . ـ قَالَ بَعْضُ المؤَرِّخِينَ يُبَيِّنُ سِيَاسَةَ المنْصُورِ بنِ أَبي عَامِرٍ : كَان المنصُورُ آيةً مِن آياتِ اللهِ في الدَّهَاءِ وَالمكْرِ وَالسِّيَاسَةِ ، عَدَا بِالْمَصَاحِفَةِ أَيْ ( أَعْوَانِ الحاجِبِ الْمِصْحَفِيِّ ) عَلَى الصَّقَالِبَةِ حَتى قَتَلَهُم ، ثُمَّ عَدَا بِغَالِبٍ عَلَى الْمَصَاحِفَةِ حَتى قَتَلَهُم ، ثُمَّ عَدَابِجَعْفرِ بنِ الأَندَلُسيِّ عَلَى غَالِبٍ حَتى اسْترَاحَ مِنْهُ ، ثُمّ عَدَا بِنَفْسِهِ عَلَى جَعْفرٍ حَتى أَهْلَكَهُ ثُمّ انْفَرَدَ بِنَفْسِهِ يُنَادِي صُرُوفَ الدَّهْرِ : هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ ؟ فَلَمّا لَمْ يَجِدْهُ ، حَمَلَ الدّهرَ عَلى حُكْمِهِ ، فَانْقَادَ لَهُ وَسَاعَدَه ؟!! وَاسْتقَامَ لَهُ أَمْرُهُ مُنْفرِداً بِسَابِقَةٍ لا يُشَارِكُهُ فِيها أََحَدٌ . [ وغالب هذا هوَ : غَالِبُ بنُ عبدِ الرّحمنِ النّاصِرِيّ صَاحِبُ مَدِينةِ سَالِمٍ ( أَيْ حَاكِمُهَا ) وَشَيْخُ الموَالِي ، وَفَارِسُ الأَنْدَلُسِ وَكَانَ أَمَوِيّ النّزْعَةِ مُخْلِصاً لِلشّرْعِيةِ ، وَقَدْ عَرَفَ السُّؤْدَدَ وَالْمَجْدَ مِن خِلالِ الثِّقَةِ التي مَنَحَهَا إِيّاهُ الحكَمُ المسْتَنْصِرُ فَتْرَةَ تَعْيِينِهِ أَمِيراً عَلَى مَدِينَةِ سَالِمٍ ، تُوُفَّيَ عَامَ ( 371 ) هـ فِي مَعْرَكَةٍ حَدَثَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجِ ابْنَتِهِ المنصُورُ ،،،، قِيلَ : إِنّهُ تُوُفَّيَ في المعْركَةِ وَفَاةً طَبِيعِيّةً ، وَقِيلَ إِنّهُ قُتِلَ . وَاللهُ أَعْلَمُ . تَزَوّجَ المنْصُورُ ابنُ أَبي عَامِرٍ ابْنَتَهُ، لِمَصَالِحَ سِيَاسِيّةٍ وذلك بِسَبَبِ : (1) أَنّ المصْحَفِيَّ خَطَبَ ابْنَةَ غَالِبٍ لابْنِه حَتّى يُصْلِحَ مَا فَسَدَ بَيْنَهُمَا مِن العَدَاوَةِ العَظِيمةِ المسْتَحْكِمَةِ ، فَأَرَادَ ابْنُ أَبي عَامِرٍ أَلا تَتِمَّ هَذهِ الْمُصَالَحَةُ ؛ لأَنّهُ لَيْستْ في صَالِحِهِ .(2) أَنّ ابنَ أَبي عَامِرٍ مِن صَالِحِِهِ في هَذهِ الفَتْرَةِ أَن يَتَقَرَّبَ إِلى غَالِبٍ ؛ وَلِذَلِكَ خَطَبَ ابْنَتَهُ المذْكُورَةِ وَتَزَوّجَهَا ] . ـ أَدارَ الدولةَ لمدِّة خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سنةً إدارةً لم يُسْمَعْ بِمِثْلِها في تَارِيخِ الأَنْدلُسِ ، بالحزْم والقُوَّةِ وَمُبَاغَتَةُ الخصُومِ وخَاصَّة النّصارى وعَدَمِ التّوَانِي في ذلكَ ، وَأَمَرَ ألا يُنادَى إِلا بالْمُلِكِ . ـ بَنَى مَدِينَةَ ( الزَّاهِرَة ) التي يُضَاهِي فِيها ( الزَّهْراء ) ، وكان أقْوَى ملوكِ الأَندلس على الإِطلاق . ــــ قال عنه الذَّهَبيُّ في سير أعلام النبلاء:- ( كان بطلاً شُجاعاً حازماً سَائساً غزَّاءً عالماً ، جَمَّ المحاسِنِ ،كثيرَ الفُتوحات ِعاليَ الهِمّة , عديمَ النّظَرِ , دانَتْ لِهَيْبَتِه الرّجالُ ، ودانتْ له الجزيرةُ أَي ( الأندلس ) وأَمِنَتْ به ,،،،، ـ وقد غَزَا في مُدَّتِه نَيِّفاً وخَمْسِينَ غَزْوَةً لم يُهزمْ في وَاحدَةٍ مِنها قَطّ . ـ وكانَ إذَا فَرَغَ مِن قِتَالِ العَدوّ نَفَضَ ما كانَ عَلَيْهِ مِن غُبَارٍ ثم يَجْمعُه وَيَحْتَفِظُ بِهِ , فلمَّا احْتُضِر أَمَرَ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِن ذلكَ بأَن يُذَرَّ عَلَى كَفَنِه , وتُوُفِّيَ مَبْطوناً شَهِيداً ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ وهُو بِأَقْصَى الثَّغْرِ في مَدِينَةِ سَالِم سنة ( 393 ) هـ . ـ ومِنْ شَجاعَتِه أَنه أُحَيطَ به [ يعْني : حُوصِر لِوَحْدِهِ ، والذِي حَاصَرَهُ هُوَ غَالبٌ النّاصِريُّ ] في مدينةِ ( فُتَّة ) فَرَمَى بِنَفْسِهِ من أَعْلى جَبَلِها وصار في عَسْكرِه , فبَقِيَ مُفْدَع القَدمينِ لا يَرْكَبُ ( يعني اعْوَجَّتْ قَدَمَاهُ ومالتْ عن مفاصِلِها ) وإنما يُصْنَع له مِحْمَل على بَغْل يُقَادُ به في سَبْع غَزواتٍ وهو بضْعَة لَحْمٍ , فانْظُر إلى هذه الهمَّة العَليَّة ، والشجاعةِ الزَّائدةِ ، وَكانَ مَوتُه آخرَ الصّلاحِ وأوّلَ الفَسَادِ )انتهى من كتابِ [ سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ] . بِتَصَرُّفٍ ــ رَوَى شُجَاعٌ مَوْلَى المستَعِينِ بنِ هُودٍ القِصَّةَ التَّالِيَةَ عِندَمَا ذَهَبَ لِمُقَابَلَةِ الفُونْسُو ( الأَذْفُونْش ) [ وَهُوَ أي ( الأَذْفُونْش ) الذِي اسْتَرَدَّ الأَنْدَلُسَ أوْ بَدَأَ بِاسْتِرْدَادِهَا ] : قال : لَمَّا تَوَجَّهْتُ إِلى اذْفُونْش وَجَدتُه في مَدِينَةِ سَالمٍ [ وهِيَ المدِينَةُ التي تُوُفِّيَ فِيهَا المنْصُورُ ] ، وَقَدْ نَصَبَ عَلَى قَبْرِ المنْصُورِ بنِ أَبي عَامرٍ سَرِيرَهُ ، وَامْرَأَتُهُ مُتَّكِئَةٌ إِلى جَانِبِهِ ، فَقالَ لِي : يَا شُجَاع أَمَا تَرَانِي قَدْ مَلَكْتُ بِلادَ المسْلمِينَ ( يَقْصِدَ الأَنْدَلُسَ ) وَجَلَسْتُ عَلَى قَبْرِ مَلِيكِهم ؟ قَالَ : فَحَمَلَتْني الغَيْرَةُ أَنْ قُلْتُ لَهُ : لَوْ تَنَفَّسَ صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ وَأَنْتَ عَليهِ ، لسُمِعَ مِنْكَ مَا يُكْرَهُ سَمَاعُهُ، وَلا اسْتَقَرَّ بِكَ قَرَارٌ . فَهَمَّ بِي ، فَحَالَتْ امْرأَتُهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، وَقَالتْ لَهُ : صَدَقَكَ فِيمَا قَالَ ، أَيَفْخَرُ رَجُلٌ مِثْلُكَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ ــ وله أَخْبارٌ وقَصَصٌ في غَزَواته ضِدّ النصارَى ، وفَكّ الأسْرَى كأَنّها من نَسَجِ الخيَال، مَعَ ما عَلَيْهِ مِنْ مُلاحَظَاتٍ فَرَحِمَهُ اللهُ رَحْمَةً واسِعَةً . في الحلقة القادمة إن شاء الله سوف يكون الحديث عن : أهم المعارك في الأندلس
|
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|