[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد جاءت الشرائع السماوية بكل ما فيه المصلحة و الفلاح للإنسان ، و كلما ازداد الناس تطبيقاً لأوامر الله تحققت لهم وسائل بناء الأرض التي استخلفهم ربهم فيها ، و كلما ابتعدوا عن مراد الله حل الاضطراب في شؤون حياتهم و تقاطعت مصالحهم مع مصالح غيرهم .

و لما حرف الدين النصراني و أصبح رجال الكنسية أصحاب نزعة تسلطية على الناس ثار الثوّار على دينهم و كنسيتهم آنذاك رافضين هذا التسلط الغير مبرر على معايش الناس و سبل حياتهم ، فقد ضيق الخناق بشكل لا يطاق و ظهر استغلال رجال الدين و تكسبهم من وراء هذه الممارسات ..

و من هنا كانت الثورة الليبرالية التحررة ، و العاقل المنصف يرى أن أسباب الثورة على الكنيسة أسباب واقعية لتخليص البلاد و العباد من النزعة السلطوية التي حالت بين الناس و بين التقدم و الرقي في مجال العلوم ، و بلا شك أن الحديث عن نشأة هذا الفكر و تطوره حديث لا يزال يشوبه بعض الغموض حتى هذه اللحظة ، و لكن حسبنا تحديد بعض المعالم ، و إعطاء تصور بسيط لأبرز ما يحتويه هذا الفكر الفلسفي .

دارت السنين و تنقل هذا الفكر على هيئة مراحل و تنوع معتنقوه ، حتى أصبح في بلادنا هنا من يجاهر به و يرفع لواءه على علن ، في الصحف المحلية و القنوات و الإذاعات ثم هو يعتز بالانتماء له و الدعوة إليه ، و هؤلاء لا يعون ما يهرفون و يهتفون به ، فهم لما جهلوا شرع الله و ما فيه من المعاني السامية التي تبني الحضارة راحوا يتهافتون على كل ما هو وافد ، و هذه نتيجة منطقية ، فإن الكأس الفارغ من السهل ملؤه بأي شي ، فلما فرغت عقولهم أو قلوبهم من فقه الشريعة و إدارك مقاصدها و دلالتها ، صارت فارغة متاحة لتقبل كل دخيل .كحال العاشق الذي قال :

[poem="font="simplified arabic,4,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""] أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى = فصادف قلبا خاليا فتمكّنا[/poem]

فهم جهلوا الإسلام أولاًَ ثم جهلوا واقعهم فالثوار الليبراليون في الغرب معذورون في رفع لواء الليبرالية حيث قاومت الكنيسة التقدم و حاربت الإبداع ، أما في الإسلام فلا تعارض بين التقدم و العلم و البناء الحضاري و بين الإسلام ، بل إن التقدم العلمي و الإسلام يسيران في خط متوازٍ يشد أحدهما الآخر ، فقوة الإسلام نابعة من وقوفه مع كل إبداع و علم .

من الليبراليين من يتهم علماء المسلمين بأنهم غير منطقيين في تطبيقهم لنصوص قد ولى زمانها منذ أربعة عشر قرناً من الزمن ، و هم كذلك غير منطقيين في نقلهم لفكر قام في بيئة غير بيئتنا و على ظروف تغاير ظروفنا تماماً ، فهم قد وقعوا فيما جعلوه مذمة لعلماء الإسلام .

في الفكر الليبرالي معالم حضارية جميلة ، و لكن الإسلام كان له السبق في تقرير هذه المعاني و الدعوة إليها و إشاعتها ، و بناءً على ذلك فإن الأولى أن تُنسب للإسلام ، و أن يُنادى لهذه المعالم من مصدرها الأول الذي أقرها و أعلنها ، و إن كان في الفكر الليبرالي ما يتعارض مع الإسلام فهو مطروح بلا شك ، لأن الدين مقدم على ما خالفه ، و من هنا كانت الخطوط متقاطعة بين الإسلام و الليبرالية . و إذا تقرر هذا تَبَيَّنَ لنا زيف دعوى من يحاول التقريب بين الإسلام و الليبرالية من خلال الخلط في المصطلحات كمن يحمل لواء ( الليبرالية الإسلامية ) أو ( الإسلام الليبرالي ) فهذان ضدان لا يجتمعان بحال ، و ما كان في الليبرالية من الخير فنسبته إلى الإسلام أولى ، و ما كان فيه من الشر فلا مريةَ في وجوب اطِّراحه لبطلانه ، و { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} (17) سورة الرعد

و من أراد التوسع في هذا الموضوع فليرجع إلى بحث مشهور على الشبكة الإلكترونية بعنوان : تعريف الليبرالية نشأتها و مجالاتها ، لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحيم بن صمايل السلمي ، عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ، وهي رسالته لنيل درجة الدكتوراه ، و كتابه تحت الطبع بإذن الله كما بلغني ، وهو من طلاب الشيخ سفر الحوالي ، والمدير العام لمركز التأصيل للدراسات والبحوث .

أخوكم / عبدالله

[علي عزت بيجوفتش]

مشكور ياعبيّد

المشكلة الحقيقة والتي كنت أظن أنك ستذكرها في موضوعكَ من ساعة رمقي لعنوان الموضوع هي أن اللبراليين المحليين لايعرفون اللبرالية وفلسفتها وشروطها, فهم يتغنون بها دون أن يكون هناك تطبيق عملي لها, وأتحدى أي لبرالي ينسب نفسه لها أن يطبقها كواقع عملي, لأن التركيبة الكاملة له والخلفية المتينة والتنشئة الكبيرة التي نشأ عليها منذ الطفولة تمنعه من التحول الفكري لفكرة مناقضة تماما لما نشأ عليه, بغض النظر سواء كانت نشأته دينية أو غيرها لكنها في النهاية نشأة محافظة تناقض شروط اللبرالية, فمن اللبرالية هي أن تدع لكل فردٍ حريته, فمثلاً لو افترضنا أن متلبرلاً أرادت أخته أو بنته ممارسة الجنس مع أي شخص بحجة الحرية والمبادئ اللبرالية التي تتيح لها ذلك فإن (المتلبرل زعماً) سينقض تلك المبادئ وسيزول الغشاء الذي غطا فكره ( وهو غشاء التلبرل ) وستكون التنشئة والتربية والعوامل التي كونته منذ الطفولة حتى اللحظة التي يزعم أنه أعتنق فيها الفكر اللبرالي قد حظرت وزال ذلك الغشاء وظهرت الحمية والشرف وغير ذلك من مصطلحات, هنا أتحدث عن فرد عادي فما بالك بأفراد كانوا متطرفين ويحملون أفكاراً حِديةً كالنقيدان والذايدي وغيرهم فإن هؤلاءِ الأكثر كذاباً في تطبيقها فيما لو كانوا أمام موقف يختبر زعمهم, والظواهر والأمثلة كثيرة جداً في تعرية وزعم هؤلاء, ويبين لنا اتجاههم لتلك النداءات أنه نتيجة أمرين إما أن يكون هوى وافق النفس كما تفضلت, أو أنه مجرد معاداة ونرفزة لأصحاب الاتجاه المحافظ, أوردٌ عكسي لظروف تطرف عاشوها .

[الـصـمـصـام]

علي عزت بيجوفتش/


أحسنت عزيزي علي ، و لعلك أيها الأستاذ الكريم تدرك ما يحدث من إقصاء و إستيلاء على جهات ممن يتنادون بالحرية و بعضهم ينادي بالليبرالية ، ثم هم يكيلون أقسى الألفاظ و أشد العبارات على مخالفيهم ، حتى أن أحدهم يصم كل من خالفه بأنه مؤدلج من قبل تنظيم القاعدة ، مع إقصائهم التام و القاسي لمخالفيهم و منعهم من التمكن من بعض المؤسسات .

يبدو أن الليبراليين العرب ليبراليون إلا ضد الإسلام ، نقدهم للعلماء حاد ، و طريقتهم في تعاطي الأعراف السائدة يتم بنقد جارح ، و تعدٍ إلى الظلم جانح ..

شكراً لك على إثرائك ، و تشعب الموضوع جعلني أُحيل إلى المصدر الذي ذكرته في آخرهـ .

[بدر بن عبدالله]

أشكرك أبا عبد العزيز على الطرح هذا الرائع، وبارك الله فيك،

اقتباس:

اقتباس من الليبراليين من يتهم علماء المسلمين بأنهم غير منطقيين في تطبيقهم لنصوص قد ولى زمانها منذ أربعة عشر قرناً من الزمن ، و هم كذلك غير منطقيين في نقلهم لفكر قام في بيئة غير بيئتنا و على ظروف تغاير ظروفنا تماماً ، فهم قد وقعوا فيما جعلوه مذمة لعلماء الإسلام .

متى يعي هؤلاء الليبراليين أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، هم يعلمون
ذلك لكنهم حادوا عن الحق واتبعوا أهواءهم،
قال تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )).

الحقيقة أن هؤلاء الليبراليين يدندون حول أشياء هي أقرب لهوىً في أنفسهم،
وإن ناقشتهم وخاطبت فطرتهم التي فطروا عليها - وهي الإسلام - تهربوا ولاذوا
بأعذار لا علاقة للإسلام بها، والمشكلة أن بعضهم يأخذ من الأدلة يرى أنها موافقة
لرأيه وهي أبعد ما يكون عن ذلك، أو يأخذ الدليل ثم يؤوله كيفما يشاء.

أشكرك يا أبا عبد العزيز مرةً أخرى على هذا الطرح المميز.

[ تــمـيــز ].

تقبل مروري.

* ودمت بود.

[السمو]

بودي أن أعرف هل منهم من يعرف ؟

تساؤلات كثيرة تدور في مخيلتي ، هل يعون مايقولون ؟
أم يهذون بما لا يعلمون ؟
هم في زمننا عجبٌ !

...
والذي أعتقده بأن الليبراليين الذين كانوا على منهج سابق ، حاولوا التعديل على
منهجهم السابق لسببٍ ما ، لكنهم عجزوا فلم يجدوا إلا نهج الليبرالية .
وهم كمن قال ( أراد أن يكحلها فعماها ) .

[تميم نجد]

احمد ربك ياخلفهم

والله اننا بنعمة لا شفنا هالفئات

يعطيك العافية ياعم

[الـسـكـب]

كفانا الله شر الأشرار وكيد الفجار
لك مني أحلى تحية

[دعبل نجد]

أما الليبراليون الذين ثاروا على الكنيسة فهم ثاروا لسبب معين وكانت ثورتهم كما ذكرت أستاذي مبررة , وليت شعري ماهو تبرير اعتناق هؤلاء الامعات لمثل تلك الافكار والفلسفات , دين الاسلام ميزته عن الاديان التي سبقته أنه صالح لكل زمان ومكان أما شموليته فكما قال أحد الصحابه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيف يقضي الواحد منا حاجته وأما صلاحه لجميع الازمنه أن كان فيه متسع للإجتهاد حسب مقتضى الحال وهذا مالا تجده في الاديان التي سبقته وتعجز عن مثله كل القوانين المستحدثه عصريا فكل ماجد جديد راحوا يعدلون ويحرفون !!
مثل هؤلاء الثوار كما يقال أن غرابا أعجبه طريقة مشي الحمامة فبدأ يقلدها حتى نسي طريقة مشيته هو فأضاع مشيته ومشية الحمام ويبدو أني قلبت هذا المثال رأسا على عقب إلا أنني أزعم أنكم حينما ترون وجود الغراب والحمامة ستتذكرون المثال الاصلي , فهؤلاء أكرمكم الله أضاعوا طريقتهم ولم يلتزموا طريقة أولئك فقط يريدون أن يقلدوا ولو تحاكمنا وإياهم على الأصلح ثم فكروا بعقولهم لما رأوا غير هذا الشرع صالحا ولكن الحمد لله الذي جعل لنا عقولا نفكر فيها !!!!

كل الشكر أبا عبدالعزيز . .

[الـصـمـصـام]

بدر بن عبدالله /
الغبش البادئ على حقيقة ليبراليتهم جعلهم انتقائيين يأخذون ما يشتهون و يتركون ما يشتهون
و الحقيقة المشاهدة أنهم يساريون متطرفون إقصائيون ، و لا يعرفون من أمر الحرية شيئاً .

[الـصـمـصـام]

السمو /
كما قال أحد العارفين بهم : لو اجتمع عشرة من الليبراليين لإخراج تعريف لليبرالية
لخرجوا لنا بأحد عشرَ تعريفًا ..!
شكراً يا أبا سلمان .

[A N A S]

الليبراليون هل هم مسلمون ..؟؟


سؤال يدور في مخيلتي

[الـصـمـصـام]

تميم نجد /
أشكرك على تواجدكـ يا ابا فهد ..


البروفسيور /
كتب الله أجرك
شكر الله لك هذا المرور .

[أنثى لا تُنسى]

تعاملت معهم وناقشتهم في أحد المنتديات الحوارية ولم أجدهم إلا (شلة دشير) بالليبرالية يسمعون
ناسخون لما لايدركون ,حافظون لما لايفقهون , مشتتون متناقضون , حريتهم على تسير على الأهواء
وهمهم بث الشبهات في ديننا وشريعتنا السمحة , ومعاداة أهل الدين واستفزازهم , وإدعاء المثالية
وهم بعيدون كل البعد عنها ,يتبنون الفكر دون وعي حقيقي لمعناه وأهدافه الظاهرة منها والخفية هم إمَعات ليس إلا
وأكبر دليل على ذلك هو هروبهم من أي تساؤلات عقلانية وإن تكرموا مرة وأجابوا تجد السؤال في الشرق والإجابة في الغرب وكل إجاباتهم
تجدها تدندن حول الحريَة والمساواة والعدل والحوار
وكل مطالبهم قمة في السطحية وتخفي خلفها دناءة لتحقيق مآربهم القذرة بإسم (الحريَة) , وبغباء شديد
(أسأل الله العافية) اتجهوا للإلحاد بإسمها وأصبحوا يرددون بلا وعي مايقشعر منه البدن وما يجعلنا
ندرك تمام الإدراك أنهم ليسوا إلا مرضى بحب كل ماهو غريب وإتباع كل ماهو متغرب00

موضوعك رائع أخي الفاضل , وبإذن الله سأطلع على البحث لمزيد من الفهم للعون على المواجهه..

[اليراع الأبيض]

رائع

نعم سقط هذا الفكر في الغرب على رغم ظلال منهجهم و تحريف معتقدهم فكيف به في مواجهة الإسلام ؟
سيسقط بإذن الله كما سقط غيره ,فقد أسقط من هو أشد منه قوة و طمس نور الإسلام ظلامه بفضل من الله, ثم يأتي هؤلاء ليحيوا هذا الفكر و الذي قتل في مهده و كما قال دكتور مصري ـ لا أذكر اسمه ـ ( نحن لا تصلنا إلا النسخة الأخيرة ) .

وليتك توسعت قليلاً و بينت الأساسات التي يقوم عليها و بينت أفكارهم التي دائماً ما يدندنون عندها , فكثير من الناس يرى شعارتهم و يسمع حديثهم فيفتتن بهم لجهله بحقيقتهم و ذلك لم في شعاراتهم من جمال , فأذكر على سبيل المثال أني قرأت مقال لعبد الله زقيل نقل فيه عن أمرأة غاصت في أعماق هذا المنهج و تواصلت مع بعض ممثليه فانكشف لها أهدافهم و تهالك أفكارهم , فمثل هؤلاء يحتاجون لمن ينور لهم الطريق و يكشف ما خلف الستار حتى لا ينخدعوا و يفتتنوا.

و قد روج لأفكارهم تواجدهم في مناصب عليا في الدولة و تمكنهم من الصحافة مما جعل لهم ظهور قليل في المجتمع .

و أذكر أن هناك كتاب عنوانه ( التطرف المسكوت عنه )
للدكتور ناصر الحنيني( المشرف العام على مركز الفكر المعاصر وأستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
ممنوع من النشر هنا و هو موجود في الإنترنت , تكلم فيه عن الليبرالية كذلك


بارك الله فيك و سددك