|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 239
|
التفاؤل في زمن اليأس
بسم الله الرحمن الرحيم
التفاؤل في زمن اليأس الحمد لله الذي أفاض على عباده النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وأن رحمته سبقت غضبه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم. وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يستعيذ بالله من الهم والحزَن، ويعجبه الفأل، وخير الحديث كتاب الله الذي يقول فيه: (ولا تـهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). أشير إلى غزو القراصنة للعراق قائلاً: لا تسمع لليائسين والمتشائمين الذين يفتون في عضد المسلمين، فهؤلاء لن يصنعوا تاريخاً، ولن يقودوا جيلاً، إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه، إن علاج المصائب لن يكون بالوجوم والتحازن، ولكن بالرأي السديد والعمل الرشيد، ولا شيء يدمر إمكانيات الأمة ويدحر مستقبلها أكثر من الحزن واليأس والقنوط، وصنيعهم هذا كصنيع الذين استعبدتـهم أمريكا فيريدون من الناس تأليه أمريكا والاستسلام لها بالتحليلات التي يتشدقون بـها ويزعمون دقتها وينشرونـها بين الناس، مرجفين بالسيطرة المطلقة لأمريكا، كأن ما تريده أمريكا يكون، وما لا تريده لا يكون، وأنـها تعلم ما كان وما يكون، والعياذ بالله من الكفر والجبن، وكم خاب ظنهم وبطلت تنبؤاتـهم، لكنهم لا يتوبون ولا هم يذكرون، فأمريكا لم ولا ولن تملك العالم، فالملك لله الواحد القهار، ولا تدبر أمريكا الأمر، قل إن الأمر كله لله. إن غزو الأمريكان للعراق معركة وليست حرباً، يوم بيوم والحرب سجال، ولسنا سواء فقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، ونحن في انتظار وعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بالنصر والتمكين، ففي مسند ابن أبي شيبة وفي المستدرك على الصحيحين عن عبد الله بن عمرو قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل: أي المدينتين يفتح أولا قسطنطينية أو رومية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل مدينة هرقل أولا تفتح، يريد قسطنطينية، وقد فتحت منذ 1492م على يد السلطان محمد الفاتح رحمه الله، وسميت مدينة استامبول، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون، فنحن على وعد صادق بفتح مدينة روما، كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الشام والعراق وهو محاصر في غزوة الأحزاب فقال المنافقون يومئذ ((ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا)) [الأحزاب:12]، وقال المؤمنون ((صدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما)) [الأحزاب:22]. إن الحرب مع الروم مستمرة فقد قال الله تعالى: ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)) [البقرة:217]، وعدواتـهم مستمرة فقد قال: ((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)) [البقرة:120]، وروى الإمام أحمد عن المستورد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أشد الناس عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة. وفي مسند ابن أبي شيبة عن ابن محيريز قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبدا، والروم ذات القرون أصحاب بحر وصخر، كلمّا ذهب قرن خلف قرن مكانه، هيهات إلى آخر الدهر هم أصحابكم ما كان في العيش خير). فالعداوة والحرب مستمرة إلى يوم القيامة، ولن تنتهي بمعركة. ولا تلتفت لأوهام المعرضين عن هذه المعاني جهلاّ أو هوى، وألقِ سمعك لحديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها عندما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل مرّ عليك يوم أشد من يوم أحد فقال: (لقد لقيت من قومك - وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة - إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بـ ( قرن الثعالب) فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: (إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال، وسلّم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابـهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ) رواه مسلم. كذلك نحن نرجو أن يخرج الله من أصلاب هذا الجيل من يطرد الغزاة من أرض العراق وفلسطين وديار المسلمين كلها، هذا التفاؤل وحسن الظن بالله تعالى مطلوب مع الإقرار بالضعف وعظم المصاب ووجوب التغيير، وذلك إيماناً بالله، وثقة بالنصر الموعود، كما قال صلى الله عليه وسلم: (والله ليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئبَ على غنمه ولكنّكم تستعجلون) عندما اشتكى إليه بعض الصحابة تعذيب قريش لهم. قال تعالى: ((ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)) [آل عمران:152]، هذه في غزوة أحد، وأشهد أن الله سبحانه وتعالى قد أرانا بعض ما نحب في هذه الحرب، فسقطت بعض طائراتـهم وسلّط عليهم ريحا تفسد عملهم وقتل بعضهم بعضاً، واستعصت عليهم قرية أم قصر، ولكن خيانة قيادة العراق المنافقة أصلا سلمت القصر والعرش الجمهوري نفسه، وتكاملت مع خيانة الأعراب والفرس والأكراد من حولها، فازدهرت سوق النفاق والخيانة في هذه الأيام، ولو كان ذلك بالتفريط في جميع القيم الدينية والقومية والأخلاقية وبالتفريط في المصالح الإستراتيجية والتاريخية للوطن والشعب والأمة، وما كان لأمريكا أن تنتصر لولا هذه الخيانات. إن هذا يبعث الأمل في النفس بالنصر لو كانت القيادة صادقة مؤمنة، فهناك الأبطال الذين هبوا للاستشهاد ولنصرة العراق من كل حدب وصوب، فخانـهم فدائيو صدام، وعذبتهم المخابرات السورية، وهناك الشعب الصبور الذي يتناسى ويتعالى على كل ما أصابه من قهر وظلم، ورب غفور رحيم يصدق الوعد وعزيز حكيم يمنح النصر، لكن من يخذل أمر الله يخذله الله، ففضلت قيادة العراق المجرمة الاستسلام على مواقف العز والشرف، وآثروا الدنيا التي لم يبق لهم فيها شيء على الآخرة التي لم يؤمنوا بـها ولم يعملوا لها، فالنار والعار أولى وأقرب إلى أجسادهم التي نبتت من سحت، وما كان الله لينصر أمثالهم. وأبشر بخروج الأمريكان سريعاً كما دخلوا سريعاً، فمن سهل دخوله سهل خروجه، ولن يرضى أبناء الإسلام في العراق بـهذا الظلم والغزو وإن أدهشتهم هزيمة النظام وجلبة العدو وتشويش المعارضة، وأقعدتـهم الخلافات العميقة والمصائب المتراكمة عن سرعة الرد والتنبه لمخاطر الغزو، وسيمن الله عليهم بالنصر والتمكين، وسيري الله بوش وشارون وملأهم منهم ما كانوا يحذرون، ولو رأى الناس ذلك بعيداً. وأبشر بخراب أمريكا، فقد قال تعالى: ((فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون )) [النمل:52]، فقد ظلموا العالم وكسبوا عدواته ولوثوا البيئة وانتهكوا الحريات وحقوق الإنسان في بلادهم كما فعلوا في غيرها، وأصبحت محاكمهم مثل محاكم التفتيش وإجراءاتـهم القضائية أسوأ من إجراءات قانون الطوارئ والأحكام العسكرية في العالم الثالث، وقد وقعت إحدى انتفاضات السود في أمريكا بعد حرب الخليج الثانية، وربما تقع بعد هذه الحرب كذلك منهم أو من غيرهم، فوالد الجندي الأسود لم يرض بفقدان ولده الوحيد، وأكثر قتلى الأمريكان هم من ذوي الأصول الأسبانية وممن لا يحمل الجنسية الأمريكية، وستجد الحرب الداخلية بينهم من يسعّر لها، ولعبة الفتن والحروب الداخلية التي تتقنها الإدارة الأمريكية ربما ترتد عليها، ولعل جورج بوش لعنة على الأمريكان فقد قّسمهم عند مجيئه وفي حربه وسيقسم الأمريكان أكثر عند خروجه. إننا بحاجة إلى الأمل الذي يحيي النفوس، والعمل الذي يتجاوز بنا هذه المرحلة المظلمة، ((ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ))[محمد:4]، لا لدفق اليأس في القلوب، فاليأس والإحباط بضاعة فاسدة تصدر من قلوب كاسدة في الخير زاهدة، ليست في العمل جادة. إننا نطلب المعجزات والكرامات وإيقاف السنن الإلهية وخرق العوائد ونحن لم ننصر أمر الله ولم نكرم دينه ولم نتخلف عن عاداتنا السيئة. وفوق ذلك نستعجل النصر على الأعداء بلا جهاد ولا إعداد ، أليس ذلك ظلماً. إن الله - عز وجل - لا يعجل لعجلتنا، ولا تتحوّل سننه لأهوائنا ولا لأحزاننا، وسنن الله لا تحابي أحداً، فلنعمل لله دوما، ولنصبر ولنصابر، فإذا لم ندرك نحن ثمرة النصر فليقطفها أبناؤنا، وعُمر الإسلام أطول من أعمارنا والعاقبة للمتقين، والله تعالى بيده الأمر كله، وليست الذلة والمرارة التي تعيشها الأمة الإسلامية حتماً صارماً لا يزول، فليس بعد الظلام الدامس إلا الفجر الساطع وربما سبقه فجر كاذب، وليس صحيحا ما يردده الأمريكي المتغطرس من نـهاية التاريخ، فهو إما غاش مخادع و أما مغرور جاهل بل التاريخ في دورات متعاقبة يتحقق فيها التقديم والتأخير والتمكين والاستضعاف. وعليك بـهذه الآية ((فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)) [الروم:60] وإن كثر البوم والغربان في هذا الزمن فـ ((لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)) [الروم:4]، وسيقول المتشائمون حينئذ: ويْ كأن الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم . ![]() |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|