|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
20-08-2011, 04:30 PM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
الفرق بين ( إذا ) و ( إنْ ) الشرطيتين في الاستعمال .
الفرق بين ( إذا ) و ( إنْ ) في الاستعمال . كثير من الكتاب والأدباء بل والعلماء لا يكادون يفرقون في الاستخدام بين أداتي الشرط ( إنْ ) و ( إذا ) لتقاربهما في المعنى ؛ إذ يؤديان معنى الجزاء والشرط , حيث يتعلق الجواب بشرطه . ولكن عند التأمل اللغوي نجد بينهما فرقا عظيماً في الاستعمال , ولن أتطرق للفرق النحوي , فهذا له أهلُه , ومجاله , ولكني سأعرِّجُ على الفرق المعنى والاستعمال . فأداة الشرط ( إنْ ) حرف جازم , واستعمالها غالباً يكون في الأمور غير المؤكد وقوعها , أو غير المحبب حصولها , كأن تقول لشخص : إنْ أخطأتَ فاستغفِرْ . وأما ( إذا ) فهي اسم شرط ( ظرف زمان ) , وتستعملُ غالباً في الأمور المؤكد وقوعها أو المحببُ حصولها , كأن تقول : إذا زرتني أكرمتُك . فإذا قلتَ : إنْ زرتني أكرمتُك , فأنت أحد رجلين : إما أنك غير متأكد من زيارته لك , وإما أنك لا تودُّ زيارته , ولكنك تعرضُها مجاملة . وهذا الفرق بين الأداتين دقيق جداً لا يكاد يعيره أحدٌ انتباهاً , ولكنه كثير الورود في كتاب الله تعالى خاصة , وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام العرب عامة . ومن الأمثلة على ذلك ما يلي : 1. جميع ما في القرآن من أخبار يوم القيامة واليوم الآخر جاء التعبير عنه بـ ( إذا ) ولم يأتِ ب( إنْ ) , لأنه متحقق الوقوع , كما قال تعالى " إذا وقعت الواقعة " " إذا السماء انفطرت " " إذا الشمسُ كورت " " إذا السماء انشقت " " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " والآيات في ذلك كثيرة . 2. الآيات التي تتحدث عن الموت والأجل يكون التعبير عنها غالباً ب( إذا ) كما قال تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف , وقال تعالى : {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (49) سورة يونس , {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (45) سورة فاطر . 3. ولنلحظ الآية الكريمة : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران , فالتعبير هنا كان بين موتٍ طبيعي أو قتل , فهما خياران لا يجتمعان , فجاء التعبير بـ ( إنْ ) , ثم إن جواب الشرط كان غير مراد للشارع شَرْعاً , وهو الانقلاب على الأعقاب , فاستعمل لفظ ( إنْ ) ولم يستعمل لفظ ( إذا ) . 4. قال تعالى : {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1) سورة النصر , فلأن النصر مؤكد من عند الله تعالى جاء الشرط بإذا , ويقابله قوله تعالى : {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (140) سورة آل عمران , فهي تعبر عن مصاب المسلمين في أحد , فجاء التبير عنه بإنْ لأنه خلاف المعتاد من الله لأوليائه , ولكنه امتحان وابتلاء . 5. ويتبين الفرق إذا اجتمعت الأداتان في تعبير واحد , كما قال تعالى : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (36) سورة الروم , فحصول الرحمة من الله تعالى مؤكدة ومرغوبة فجاء التعبير بإذا , وأما حصول السيئة فغير مؤكد وغير مرغوب , فجاء التعبير بإنْ . وقال تعالى : {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (131) سورة الأعراف , فمع الحسنة جاءت ( إذا ) , ومع السيئة جاءت ( إنْ ) وقال تعالى : { وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ} (48) سورة الشورى . 6. ولنتأمل هذه الآية الكريمة : {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} (6) سورة التوبة فاستجارة المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس أمراً مؤكد الحصول والوقوع , فجاء التعبير عنه بإنْ . 7. والشواهد على ذلك كثيرة جدا , ولكن لا يمنع أن تخرج بعض الآيات عن هذه القاعدة لسبب بلاغي آخر أعظم وأكمل , فقد تأتي ( إنْ ) في موضع ( إذا ) والعكس كذلك لأمور بلاغية تحتاج إلى تأمل , كما قال تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} (17) سورة الأنعام , وكما قال تعالى{إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (20) سورة المعارج , وقال تعالى : {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } (51) سورة فصلت . 8. ومن طريف الفرق بين الأداتين قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي وغيره. , فعبّرَ بمجيء الكفء للفتاة طالبا نكاحَها بإذا , وعبّرَ عن رفض أهلها له بإن ( إلا تفعلوه ) وأصلها : ( إنْ لا تفعلوه ) في دلالة على الحث على الأول , والتحذير من الثاني . 9. وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا دُعي أحدُكم فليُجب , فإن كان صائما فليصلّ , وإن كان مفطرا فليطعم " رواه مسلم , فعبر بالدعوة وإجابتها بإذا تحضيضا على الكرَم والتكَرُّم , وعبر بالصوم أو الفطر بإن لاحتمال الأمرين إما هذا وإما هذا ! . 10. وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإنْ سابّه أحدٌ أو قاتله فليقل : إني صائم " رواه البخاري ومسلم , فيوم صيام المسلم مؤكد بإذن الله , فجاء التعبير عنه بإذا , وأما المسابّة والمقاتلة فليست مؤكدة ولا مرغوبة , فجاء التعبير بإن . 11. ومن طريف استعمال هاتين الأداتين قول المتنبي : إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتَه ,,, وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيم تَمَرّدا فمع إكرام الكريم المحبب للنفس المراد حصوله جاء بلفظ ( إذا ) , ومع إكرام اللئيم الذي تعافه النفوس , ولا ينبغي أن يكون جاء بلفظ ( إنْ ) . والأمثلة على ذلك كثيرة جدا , أكتفي بهذا القدر , ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علَّمَنا إنه سميع مجيب , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . كتبه الفقير إلى عفو ربه : علي بن سليمان الحامد 20/9/1432هـ . علما أني أسمح بنقله للاستفادة شريطة حفظ حقوق كاتبه .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
آخر من قام بالتعديل أبو سليمان الحامد; بتاريخ 20-08-2011 الساعة 04:35 PM. |
20-08-2011, 06:25 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2008
البلد: اكيد في بوريده
المشاركات: 506
|
معلومه مهمه ومفيده
والاهم انك جئت بادلة من القرءان الكريم لتتضح الصوره اكثر
__________________
اللهم اكتب لي الموت وانا ساجده خاضعه متذللـه بين يديك |
20-08-2011, 09:33 PM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2010
البلد: السعوديه
المشاركات: 1,509
|
شرح مفيد..
ومفهوم.. كثر الله من امثالك..
__________________
"من كانت الاخرة همه جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبة واتت اليه الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله وجعل فقرة بين عينيه ولم يؤتى من الدنيا الا كتب له" |
21-08-2011, 06:54 AM | #4 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا لكما وبارك الله فيكما
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|