[الزنقب]

اذا أدلهمت الخطوب .. وضاقت النفوس .. وعظم الكرب ..

فهناك رب رحيم .. يفتح ابوابه للسائلين .. ولا يرد احد عن بابه

فتدخل عليه من باب الافتقار المحض .. بنفس مفلسه من كل شي الا من جوده

وقلب ايس من كل شي الا من رحمته ..



الافتقار الى الله هو ان لا ترى لنفسك شي ولا ترى في نفسك شي

مدار الامر على ( الرؤيه )

1 - والرؤية هي اعتقاد القلب وجزمه ويقينه

2 - ورؤية الشي للنفس هي رؤية الملكيه .. انت ترى نفسك ملكا لما اعطيت

مما خولك الله تعالي .. وكل نعمه التى أعطاك هي محض فضله وجوده

فما تملكه ليس لك .. هو لله وملكك له ملك اضافي مؤقت وهو راجع الى الله

فأنت مملوك في صورة ملك ..

ولذا كان من اسماء الله ( الوارث ) وهو الذي يرجع اليه كل شي ويرث كل شي

وكثير من الناس دخلت عليه الغفله أو تعالي وتعاظم على عباد الله وربما طغي وظلم

بسبب امتحان الله له بأعطاه شي من ( ملك الدنيا )


وملك الدنيا هي الاموال والجاه والمنصب وألتأمر والتسيد والشهره وغيرها من الحظوظ

فهذه الحظوظ هي عطاء امتحان من الله تعالي .. وهي عاريه مؤقته لها بداية ونهايه

وفيها قوة وضعف ولن تدوم .. ولها عواقب وخيمه اذا لم تضعها في موضعها اللائق بها

وفي صحيح البخاري ( انكم ستحرصون على الاماره فنعم المرضعه وبئس الفاطمه )

وفيه ( تعس عبد الدينار تعس عبد الخميصه تعس عبد الخميله )


3 - ورؤية الشي في النفس ان ترى ان فيك صفات ترتفع بها على غيره

مثل الذكاء .. وقوة البأس .. والاصرار .. وقوة الاراده .. والصبر .. والعزيمه والهمه .. الخ


وهي عطاء امتحان من الله ..

وربما تكون سبب موصول الى الله .. وربما كانت نقمة على الانسان

قال بعض العلماء إن الله امتحن الاذكياء بالاعتقاد وأمتحن اهل العزيمه والهمه بالتشريع

فجعل للعقل حدود لا يتجاوزها وجعل في النصوص اشياء تحتار عقول الاذكياء فيها

وجعل في التشريع حدود وضوابط تحد من حركه اصحاب الهمم والعزائم


والانسان بطبعه يسعى الى ما ينفعه ويهرب مما يضره

كما في المسند ( اصدق الاسماء حارث وهمام )

اصدق اسم للانسان انه صاحب تفكير دائم وعمل مستمر

فقوله ( حارث ) الحرث هو اثارة الارض لاجل الفلاحه وهو استعاره تصريحيه

فشبه الانسان العامل المتحرك بالحارث الذي يديم حرث الارض

وقوله ( همام ) الهم هو التفكير فيما يهتم به الانسان .. وجاء على صيغة

اسم المبالغه ( فعال ) لكي يشير على دوامه كثره وقوته

بخلاف حارث الذي جاء على صيغة اسم الفاعل

وذالك ان هم الانسان وتفكيره اكثر واقوى وأعم من عمله وحرثه


وقلنا ان الهم هو تفكير الانسان فيما ( يهتم ) به لا فيما ( ينفعه )

لان مدار حركة الفكر والعقل على ما يعتقده الانسان من الخير والشر

لا على ما ينفعه .. فالنفع امر خارجي موضوعي .. والهم امر ذاتي داخلي

فربما اهتم الانسان بما ينفعه في المعاد كمن يهتم بتكميل التعبد وتحقيق التأله

وربما اهتم الانسان بما ينفعه في الحال كأصلاح المعاش وحمايته

وربما اهتم بشي لا ينفعه في الحال ولا في المأل كمن يهتم بالتوافه وينشغل بالمباحات

وربما اهتم بما يضره في الحال والمأل كالظالم المتعدي على عباد الله والفاسق الخارج

عن شرع الله


وفي اثناء حركة الانسان وهمه وطلبه وسعيه فيما يهتم به يكون له ثلاثة احوال


الاول ان يعتمد على ما تملكه نفسه

فيعتمد على عزوته ومن يناصره او يحبه في تحصيل ما يهتم به

كمن يعتمد على الاعوان والانصار والاصدقاء والاخوه واهل الجاه والمنصب

في تحقيق اغراضه ودفع الشرور عنه وعمن يحب



الثاني أن يعتمد على ما في نفسه


فيعتمد على ذكائه وقوة حجته وعزمه واصراره وصبره في تحصيل اغراضه


الثالث من يعتمد على ربه

وهذا هو الموفق .. واكثر من يعمتد على ربه من لم يعطه الله قوة خارجيه

كالمال والعزه ولم يعطه قوة داخليه كالصبر والذكاء

قال عليه السلام ( رب اشعب اغبر ذي طمرين مدفوع بالابواب لو اقسم على

الله لابره ) خرجاه ..

فهذا ليس له قوة المال فهو اشعث اغبر يلبس اثواب باليه

وليس له جاه او قوة فهو مدفوع بالابواب

وربما وفق الله من اعطي قوة الخارج أ قوة الداخل بالافتقار اليه

لكنه يحتاج الى أحد امرين

اما رياضه ومجاهده حتى يتخلص من رؤية اسبابه

او توفيق من الله بدون بذل جهد من العبد وهو ما يسمونه ( الجذب )

فالجذب هو الوصول الى منازل عاليه بأدني جهد او بدون جهد مبذول


بينما من لم يعط قوة خارجيه ولا داخليه هو مضطر الى الله بالنفس

فضرورته الى الله تفوق كل ضروره لانه ليس له ما يملكه وليس له صفات ترفعه

ولذا كان اكثر المستجيبين للانبياء هم ضعفاء الناس وصغارهم

وفي حديث هرقل عند البخاري قال ( فهل يتعبه ضعفاء الناس ام اقويائهم فقال

بل ضعفاء .. قال فكذالك الانبياء ) وفي القران ايات كثيره تدل على هذا ..

[جهاد البازعي]

يعطيك العافيه