تراه عابس الوجه , غير راض عن حياته , يحسب الدنيا له , لكن القدر أخطأ نصيبه منها , فراح يندب حظه على المجتمع , وإن سألته عن مقامه ومكانته التي يجب أن يكون عليها قال لك بثقة : أنا النجدي لا كذب , أنا ابن العقيلات الأرب ! !
حياته كأنها ليست له , فتراه كما مال البخيل حين يكون لغيره , قلما تجده في قناعة من حاله , يحسب الناس أخسرين وهو الرابح الأوحد , فيه طبع نزّاع إلى المداراة والمجاملة التي تموج في صدره حسب هواه وألاعيبه , وإن وقع ؛ فإنه يقع وقعة الجمل حين تكثر سكاكينه !
فيه غرور على لا شيء ومن لا شيء , فيه ثقة عجيبة بنفسه , وطالما أوردته التهلكة من حيث لا يدري , إن مرّ راكبًا أو سائرًا ؛ حسب أن الناس تنظر إليه , فتراه يقصد في مشيه تارة , ويتبختر فيه تارات , فكأنه يقول : الأرض أرضي والزمان زمانيه !
تراه يأكل الجمل , بينما يغص في حبة الأرز , وماله في يده سريع الذهاب على أشياء ليس له فيها فائدة , يساوم فيما يشتريه من الضروري حتى يكاد ريقه يجف , بينما يشتري ما لا فيه فائدة كلمح البصر .
مزواج من الطراز الأول , وفيه ميل عجيب نحو التعدد , تراه بالكاد يجد قوت يومه , لكنه لا يُغفل المبيت عند زوجات أربع , وإن كان مدقع الفقر فلا بأس في اثنتين .
يهيم في تفخيم نفسه بلا حقيقة ماثلة , وإنما يعشق الوهم عشقه للتعدد , ولن يضيره أعدل أم لم يعدل , فسيان حياة غيره , إذ إن حياته ألزم حين يحيل حياة غيره إلى غبش الحياة النكدة برفقته !
يهوى السرقة تحت مسميات عديدة , ويخيّل إليه أن ما بجيوب الناس له , فلا يطمئن حتى يحتال عليهم , فكان أن كثر السرّاقون من بريدة , فتلك مساهمات عقارية , وتلك شراكة وهمية , وتلك أقساط غير مسددة , فمن يرى فعله يحسبه منتحر من الغد بلا مواربة !
كثير التدين , وسيماه سيما الخير , فإن داخلته في مال , أو عقدت عليه الآمال ؛ نأى بجانبه , وغدر بك من حيث لا تدري , فكنت الملوم حين لم تفطن لتلك الأجناس من الرجال , فحبذا تحرص على مخدوعك حين كنت أنت من تحاك له الخدع ! !