|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 239
|
يومان متشابهان
بسم الله الرحمن الرحيم
يومان متشابهان ضج العرب في مطلع القرن الماضي من طغيان حكومة الاتحاد والترقي التي اضطهدت دعاة الإصلاح، وفرضت عليهم سياسة التتريك، وتضاعفت نقمة العرب بعد السياسة القمعية التي مارسها القائد العام للجيش الرابع في الشام أحمد جمال باشا [1915 – 1917] الذي أعدم أكثر من عشرين زعيماً من زعماء الشام، وسجن أضعاف هذا العدد، وأخذ الناس بالشبهات، وكان مجرد ذكر اسمه يثير الرعب في نفوس أهل الشام. تلقف المستعمرون الإنكليز أخبار أهل الشام مع حاكمهم المستبد، وهيأوا الظروف المناسبة لاستغلال هذا الحدث، لاسيما وأن الاضطهاد كان - ولا يزال - أرضية لدمار البلاد والعباد، ولأمر عرفه العرب فيما بعد كان عبد الله بن الحسين الثغرة التي تسلل الحلفاء من خلالها إلى دولة الخلافة، كما كان العلمانيون والنصارى ثغرة أخرى. كان أول لقاء بين الإنكليز وعبد الله في القاهرة، ووعدهم بنقل رغبتهم لأبيه الحسين بن علي أمير مكة المكرمة، ثم توالت الرسائل السرية بين الطرفين، وكان من أهمها المراسلات المتبادلة بين الحسين والوزير البريطاني مكماهون، التي انتهت بالاتفاق على أن يعلن العرب بقيادة الحسين بن علي الحرب على العثمانيين، ويعدهم الإنكليز مقابل ذلك بقيام مملكة عربية مستقلة، واتفقوا فيما بينهم على حدود هذه المملكة. الشريف حسين ما كان يجهل الحكم الشرعي في مثل هذه الاتفاقية، ولا كان يجهل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتوعد كل من يوالي المشركين، ويحارب تحت رايتهم المسلمين، وولي أمرهم السلطان الذي أحسن الظن به، وعيّنه أميراً على مكة المكرمة. أجل كان يعرف الحكم الشرعي، ولكنها الأطماع والشهوات وتقديس الذات أركبته هذا المركب الوعر، وأوردته موارد الغدر والخيانة، وليس هذا خلاصة ما وصلنا إليه بعد ما يقارب التسعين عاماً، وإنما هذا ما سجله الشعراء إبان هذه الثورة. يقول أحمد شوقي: فسمعت مالم تسمع الأذنان وحمت ولاة البيت من عدنان مُلكاً. سواك به السعيد الجاني بصحائف التاريخ من نسيان لم يبـق في الدنيا مُقِيـــمُ أذان نبئت ما زعم الشريف وقومه فأباح ما منعت فوارسُ هاشم يا ذا الجلالة لا سَعِدْتَ بتاجه أنسيتم الآيات بالغةً، فما التـرك جند الله لولا بأســهم ويقول معروف الرصافي: لم ينقض العهد أو لم يخفر الذمما فصرحت عن طباع تخجل الكرما حتى غدا بعدو الله معتصماً فضـاعف الشـر فيما جر واجترما قالوا الشريف ولو صحت شرافته وكيف وهو الذي بانت خيانته لم تكفه في مجال البغي فتنته إذ راح بالإنكـليز اليـوم ممتنعاً وفي العاشر من حزيران 1916 الموافق التاسع من شعبان 1334 هـ أطل الشريف حسين من إحدى نوافذ قصره، وأطلق رصاصة من بندقيته فكانت هذه الرصاصة إعلاناً عن بداية ما سمي بالثورة العربية الكبرى، وهذا هو اليوم الأول الذي جعلناه عنواناً لهذا المقال، أما اليوم الثاني فهو يوم الأربعاء [7/2/1424 الموافق 9/4/2003] الذي سقطت فيه بغداد، ودخلتها قوات الاحتلال الأمريكي. ولننظر ماذا جرَّ هذا اليوم الأول من مصائب على العرب والمسلمين: تولى فيصل بن الحسين قيادة الجيش العربي، الذي تشكل من الضباط العرب الذين هربوا من الجيش العثماني، ومن المتطوعين العرب، وكان أكثرهم من الشاميين والعراقيين، ومن الأعراب كالحويطات والرولة وغيرهم. وبعد استيلاء قوات فيصل على مكة والطائف أخذوا يزحفون نحو الشمال، وجدير بالذكر أن هذا الجيش كان رديفاً للقوات الإنجليزية التي يقودها الجنرال "اللنبي"، وكان مديناً في تسليحه وتمويله وتخطيطه للإنكليز الذين يرافقون فيصل وكان من أشهرهم الضابط الإنكليزي "لورنس". وفي أوائل تشرين الثاني من عام 1918 دخل فيصل دمشق منتصراً، وما بين بداية الثورة ونـهايتها ارتكبت مجازر تقشعر لها أبدان أصحاب الضمائر الحية، وهُدِمْت مرافق أنشأها المسلمون بسواعدهم وأموالهم، وكان من بينها الخط الحديدي الحجازي[1] الذي يربط بلدان الخلافة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد كان هذا الخط أمنية لكل مسلم، ورغم المطالبة بإصلاحه والوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة على اختلاف مشاربـها لا يزال معطلاً حتى هذا اليوم، وفي ذلك ما فيه من الدلالة. وبينما كان فيصل يمتطي جواداً عربياً في شوارع دمشق، والناس يهتفون له، وينثرون الزهور والرياحين بين يديه أصر القائد اللنبي على إذلاله فاستدعاه، وفي قاعة الاستقبال وجد فيصل اللنبي واقفاً ينتظره مع حاشيته، وكان هذا أول لقاء بينهما، ومن غير ما لباقة ولا أدب أخبره باتفاقية سايكس بيكو، وأنه سيتولى حكم سورية بالنيابة عن والده تحت حماية فرنسا، فأجاب فيصل: إنني لا أعترف لفرنسا بأي شأن، فما كان من اللنبي إلا أن أنـهى المقابلة بقوله: "أنا السر أدموند اللنبي القائد العام، وأنت فيصل جنرال تحت أمرتي، وعليك أن تطيع أوامري" فانصرف كسيفاً ذليلاً. حكم فيصل سورية، وكان شبح اتفاقية "سايكس بيكو" يطارده، ويشعره بأن حكمه مؤقت ومثقل بالقيود، ومن أجل هذا كان يتردد على لندن وباريس، ويستعطف هذا وذاك، ولكن من غير جدوى... وما زال الفرنسيون يضغطون عليه حتى أجبروه على مغادرة سورية بعد معركة ميسلون [25/7/1920] التي لم يحظ بشرف المشاركة فيها، ولم يجرؤ بعد إنذار غورو على البقاء في دمشق، فغادرها إلى قرية الكسوة، ومن الكسوة إلى درعا، وحاول أهل حوران ثنيه عن مغادرة البلاد، وإقناعه بعدم الرضوخ للإنذار الثاني الذي تلقاه بوجوب مغادرة البلاد، ولكن هيهات فهو مهزوم ولا شيء غير ذلك. خرج فيصل هائماً على وجهه، خائفاً حتى من أصدقائه الإنكليز الذين كانوا قد تولوا شؤون الحكم في فلسطين، وما زال يتنقل بين فلسطين وإيطاليا وسويسرا والحجاز حتى جاءه الفرج من جهة الإنكليز، فاختاروه ملكاً على العراق، ولهذا الاختيار قصة نوجزها فيما يلي: احتل الإنكليز العراق وعاصمتها التاريخية بغداد [11/5/1917]، وقال قائد القوات المحتلة [الجنرال مود] في منشور عام: "يا أهل بغداد جئناكم منقذين لا فاتحين...". ويتكرر المشهد في [9/4/2003] فيقول قائد القوات الأمريكية: يا أهل العراق جئنا لنحرركم من الاستبداد والطغيان والفقر، وننشر في ربوعكم الديموقراطية والحرية والعدل والمساواة والغنى. يريدون تحرير العراق بقواتـهم الغازية التي تدمركل شيء يقف في وجهها، بل تدمر من لا يقف في وجهها.. يريدون تحرير العراق بقنابل "النابالم" والقنابل العنقودية، وبالقاذفات الجهنمية التي تلقيها طائرات [B52] وبأحدث أنواع أسلحتهم الجهنمية: البرية، والبحرية، والجوية!! ((كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)) [الكهف:5]. هؤلاء الذين يريدون تحرير شعب العراق هم الذين جاءوا بحزب البعث وزعيمه السفاح صدام حسين، وهم الذين ساعدوه في الحصول على الأسلحة الكيمياوية والجرثومية ... وهم الذين سلطوه على شعبه وعلى غيره ... وهم الذين كانوا سبباً في موت أكثر من مليون عراقي في الحصار الذي تضرر منه الشعب وليس صداماً. أدرك العراقيون كذب المستعمرين الإنكليز عام 1917 وأنـهم محتلون وليسوا محررين، فبدأت المقاومة تشتد حيناً وتضعف حيناً آخر ، ثم ما لبثت أن تحولت إلى ثورة عامة سنة (1920) وليست قاصرة على طائفة دون طائفة. أدرك الإنكليز بعد ثلاث سنين بأنـهم غير قادرين على حكم العراق بشكل مباشر، وأن حساباتـهم كانت خاطئة، وأخذوا يبحثون عن زعيم عربي يكون دمية بأيديهم، وكان من الأسماء الواردة: مبارك الصباح حاكم الكويت، وهو أول من استعان بالإنكليز بعد قتله لأخويه، والشيخ خزعل حاكم المحمرة، وأحمد الشريف السنوسي وكان لا يزال يقيم في تركيا، وطالب النقيب، وفيصل بن الحسين. واستقر قرارهم على فيصل بن الحسين، ملك سورية المخلوع، لأنـهم يعرفونه ويعرفون أنه مطيع لهم، ولن يحرجهم عند اختلاف وجهات النظر. وبعد إجراءات شكلية، ومنها الاستفتاء الذي نظمه مكتب المعتمد البريطاني والذي لا يختلف عن الاستفتاءات المزيفة في عالمنا العربي المعاصر أصبح فيصل [1921] ملكاً على العراق، وكانت "المس بيل" أو الخاتون كما كان يلقبها العراقيون شريكة فيصل في ملكه أو الملكة الحقيقية للعراق وهذا يعني أنـها قامت بالدور الذي كان يقوم به لورنس فيما يسمى بالثورة العربية الكبرى. ويقوم المندوب الأمريكي اليوم "جاي غارنر" بالدور الذي كان يقوم به "الجنرال مود" من قبل، وسيفشل هذا كما فشل ذاك - إن شاء الله -، فهل يعمدون بعد فشله إلى اختيار حاكم عربي من خارج العراق؟!، وهل يكون الحسن ابن طلال الأوفر حظاً في هذا الاختيار؟ * * * وإذن فلقد كذب الإنكليز والفرنسيون على الحسين بن علي وعلى أبنائه وعلى العرب من ورائهم عندما وعدوهم بقيام مملكة عربية مستقلة. وكذبوا عليهم عندما قالوا لهم "جئناكم منقذين لا فاتحين"... كذبوا في هذه وفي تلك، وما جاءوا إلا ليثأروا من هزيمتهم على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله... وما من مؤرخ منصف يكتب عن هذه الحقبة إلا ويذكر قول القائد الإنكليزي "اللنبي" عندما دخل القدس: "الآن انتهت الحروب الصليبية". أما القائد الفرنسي "غورو" فقد وقف أمام قبر صلاح الدين الأيوبي عندما دخل دمشق وقال مخاطباً إياه: "ها قد عدنا يا صلاح الدين". وما كان لهم أن يعودوا لو كان حكام أمتنا كصلاح الدين ديناً وصدقاً وأخلاقاً، ولكن الميدان أقفر من الأبطال وخلت الأجواء للغربان تنعق بين جنباته. إلا أن ماقاله اللنبي وغورو يهون أمام ما تقوله وتفعله الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش. فبوش ومساعدوه يعتقدون بأن إسرائيل مشروع إلهي، ومحطة تاريخية لازمة لعودة المسيح، وهذا يعني أن "هيكل سليمان" يجب أن يعاد بناؤه في القدس، ويجب دعم دولة إسرائيل وتوسيع رقعتها وإزالة كل خطر يهددها. وقال بوش للمذيعين الدينيين مؤخراً: "إن الإرهابيين يمقتوننا، لأننا نعبد الرب بالطريقة التي نراها مناسبة"، والإرهابيون في إصطلاحه هم المسلمون وحدهم دون غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، وذكرت مجلة نيوزويك في عددها: 10/3/2003 بأن أنصار بوش من الإنجليين يأملون أن تكون الحرب القادمة على العراق فاتحة لنشـر المسيحية في بغداد[2]. فهل يتحقق لهم هذا؟!. نعود إلى الأحداث التي تلت اليوم الأول، فنقول: لقد جاءوا لتنفيذ مخططاتـهم في بلادنا، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: - اتفاقية سايكس بيكو السرية التي تقضي بتقسيم البلاد العربية بين فرنسا وإنكلترا، وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت بلاد الشام أربع دول، فسورية ولبنان لفرنسا، وفلسطين والأردن للإنكليز. - وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، وبلفور هو وزير الخارجية البريطانية الذي وعد اليهود بوطن قومي في فلسطين. - اتفاقية فيصل وايزمن [11/12/1918]، وتتضمن تسع مواد: منها النص على القرابة العرقية والصلات القديمة بين العرب واليهود، ومنها تقديم الضمانات لتنفيذ تصريح بلفور، ومنها تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين[3]. - تبنى الاستعمار البريطاني مشروع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وفتح أمامهم أبواب الهجرة وأبواب إقامة دولة لهم، ولهذا فقد كانت الحركات الجهادية تستهدف الإنكليز واليهود في معظم الحالات، كما كانت المقاومة الفلسطينية للغزاة المحتلين مستمرة، وكان من بين أهم هذه الثورات: ثورة النبي موسى، وثورة البراق، وثورة القسام، والثورة الفلسطينية الكبرى [1936 – 1939] ثم حرب 1948 التي انتهت بقيام دولة إسرائيل وهزيمة العرب. - صنعوا حدوداً ملغومة بين البلدان العربية وقابلة للتفجير في أي وقت، كما صنعوا محاور عربية، وكل محور يتقوى بالإنكليز أو الفرنسيين على المحور الآخر، ومن الأمثلة على ذلك الصراع الهاشمي السعودي. * * * تذكّر زعماء العرب بعد سنوات قليلة كيف كانوا، وكيف أصبحوا، وماذا فعلوا بأنفسهم، ولعلهم قد ترحموا على الاتحاديين وطغيانـهم الذي لا يقاس بالطغيان "الأنكلو فرنسي"، فبعض الذين أعدمهم أو سجنهم جمال باشا كانوا متآمرين، وكان عنده وثائقٌ قوية ضدهم، والبعض الآخر – وهم قلة – أخذهم بالشبهات والوشايات الكاذبة. وكان الحسين بن علي وأبناؤه في طليعة النادمين المفجوعين من خيانة الإنكليز لهم، وتنكرهم لمواثيقهم ووعودهم .. ولكن هذا الندم جاء في وقت ليس فيه أي نفع. قال فيصل بن الحسين في رسالة بعثها لأبيه: "قد توافرت القناعة عندي بأن بريطانيا استخدمتنا لمصالحها وتركتنا، وأن أمريكا تخلت عنا بعد أن أضرت بنا وكانت السبب في وقوعنا في هذا المأزق الحرج، وأن من الصعب على السوريين أن ينتصروا على الفرنسيين لعدم وجود الوسائط والآلات الحربية، وعدم وجود التربية الملية التي تدفع الأمة، ولهذا فقد رأيت لدى وصولي إلى باريس أن أتوصل إلى نوع من التفاهم مع الفرنسيين أخرج به عن المجرى القديم القائم على التزام جانب الإنكليز التزاماً تاماً"[4]. ونقل الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله عن شيخ فلسطيني أنه قال: "ذهبت مع سماحة المفتي يعود الملك حسين [بن علي] في عمان في مرضه الذي توفي فيه. قال: دخلت مع سماحة المفتي والملك عبد الله بن حسين، وكان الملك مضطجعاً على فراش على الأرض والطبيب قائم إلى رجليه فلما رآنا أشار أن أجلسوني قال: فأجلسوه فلما تركوه وقع على الفراش مستلقياً، ثم قال: يا عبد الله قال: لبيك. قال: هذا ما جنته يدي اعتبر اتعظ. قال: فاغرورقت عيوننا، أما الملك عبد الله فقد بكى وعلا نشيجه، ثم ودعناه. وأردنا أن ننصرف وألح الملك عبد الله بأن نقيم ونتعشى عنده فاعتذرنا وألح. فامتنع والوقت ليل والدنيا برد، وكلمته في ذلك فقال: نأكل في بيتنا وذلك خير لنا من ضيافة الملك عبد الله، ووقع لنا ذلك مرتين فقد ألح الملك عبد الله لتناول الغداء عنده وامتنع المفتي"[5]. وفي تشرين الثاني من عام 1926 كتب الحسين بن علي خطاباً لرئيس عصبة الأمم في جنيف يشكو فيه الإنكليز والوهابية، وكان مما قاله عن الإنكليز: "وما كنت لأظن أن واحدة من هذه الدول العظمى - يقصد بريطانيا - توعز إلى رجال هذه العصابات - يقصد الوهابيين - بواسطة بعض ساستها الأغبياء، فيدخلون الأراضي المقدسة ويدمرون الأضرحة والمعابد والمشاعر الدينية. أجل ما كنت لأتصور أن الحليفة الكبرى تأتي من وراء أكبر حليف لها في الشرق - يقصد نفسه - وأعظم ساعد لها في الحرب الكبرى، فتطعنه في ظهره دون أن يكون لها ضمير يوبخها أو مروءة ووفاء يمنعانـها من هذا العمل الفظيع الظالم"[6]. * * * وخلاصة القول: هل سيحقق الأمريكان الأهداف التي جاءوا من أجلها؟!. علينا أن لا نقلل من خطورة الأهداف التي خاض الأمريكيون حرباً كان من الممكن أن تكلفهم الكثير الكثير من أجلها، لاسيما وأننا نعيش في عصر الهيمنة الأمريكية، وضعف وهوان الحكومات العربية، واستعداد كل منها لفعل أي شيء من أجل الاحتفاظ بالحكم، وأقرب مثال على ذلك أن الحكومة الليبية وافقت في هذا اليوم [28/2/1424 الموافق 30/4/2003] على تحمل مسؤولية "لوكربي" ودفع المليارات من الدولارات التي تطلبها أمريكا منها. ورغم كل ما يثار من خطورة الأمريكان وإسرائيل وغيرهم وغيرهم، فالله جل وعلا أقوى وأعظم، وعندما يوحد المسلمون صفوفهم ويأخذون بالأسباب الشرعية والمادية يستحقون نصر الله تعالى وتمكينه. أمريكا عندما بدأت حربـها كانت تعلم أنـها تقاتل نظاماً علمانياً مهترئاً، وجيشاً جائعاً منهكاً يفرض عليه سيده حروباً ليس مقتنعاً بـها، وما كان جيش الغزاة ينتظر مواجهة مقاتلين أشداء دخلوا من الأقطار العربية ينشدون إحدى الحسنيين، وهم وحدهم الذين خاضوا معارك ضارية وأوقعوا خسائر جسيمة في قوات العدو. والصفعة الثانية التي تلقاها الأمريكان هي قوة المساجد وروادها الذين واجهوا اللصوص والغوغاء والنهب والسلب في غياب متعمد من القوات الأمريكية .. وإن الذي يسر هذا وذاك سييسر أضعافه، وسيجد الأمريكان في عراقنا الحبيب كل ما يذكرهم بغبائهم وطيشهم، ثم بجهلهم بطبيعة أمتنا الإسلامية، وتاريخها الناصع، وتناسيها لخلافاتـها عندما يواجهها عدو خارجي، ولابد لكل مسلم من الإعداد والعمل: ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)) [التوبة:105]. |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|