|
|
|
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2007
البلد: في دنيا زائله
المشاركات: 479
|
في رحاب قوله تعالى: { ومن يتوكل على الله فهو حسبه }
بــسم الله الرحمن الرحيم
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته في رحاب قوله تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } في سورة الطلاق أو سورة النساء الصغرى - كما تسمى - وردت أربع آيات كريمة ، ربطت بين الفعل والجزاء ، ورتبت النتيجة على أسبابها ومقدماتها ؛الآية الأولى ، قوله تعالى: { ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب } (الطلاق:2-3) والثانية ، قوله سبحانه: { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } (الطلاق:3) والثالثة، قوله عز وجل: { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا } (الطلاق:4) الرابعة، قوله تعالى: { ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا } (الطلاق:5) ولنا مع هذه الآيات بضع وقفات: الأولى : أن الجزاء في ثلاث من هذه الآيات رُتب على تقوى الله ؛ وتقوى الله في معهود الشرع ، فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وهي رأس الأمر كله ، وفي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته ، قوله عليه الصلاة والسلام : ( اتق الله حيثما كنت ) رواه أحمد و الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح . الثانية : جاء قوله تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } تكملة لأمر التقوى ؛ فإذا كانت تقوى الله سبب لتفريج الكربات ، ورفع الملمات، وكشف المهمات ، فإن في توكل المسلم على ربه سبحانه ، ويقينه أنه سبحانه يصرف عنه كل سوء وشر، ما يجعل له مخرجًا مما هو فيه ، وييسر له من أسباب الرزق من حيث لا يدري؛ وأكد هذا المعنى ما جاء في الآية نفسها ، وهو قوله تعالى : { إن الله بالغ أمره } أي : لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة ، فإن الله إذا وعد وعدًا فقد أراده ، وإذا أراد أمرًا يسر وهيأ أسبابه . وقد وردت عدة أحاديث تشد من أزر هذا المعنى ؛ من ذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم ، ثم تلا قوله تعالى: { ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب } فما زال يكررها ويعيدها ). رواه أحمد و الحاكم وغيرهما . وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن ثوبان رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر ) . الثالثة : أن الله سبحانه وعد عباده المتقين الواقفين عند حدوده ، بأن يجعل لهم مخرجًا من الضائقات والكربات التي نزلت بهم ؛ وقد شبَّه سبحانه ما هم فيه من الحرج بالمكان المغلق على المقيم فيه ، وشبَّه ما يمنحهم الله به من اللطف وتيسير الأمور، بجعل منفذ في المكان المغلق ، يتخلص منه المتضائق فيه . الرابعة : في قوله تعالى سبحانه : { من حيث لا يحتسب } احتراس ودفْعٌ لما قد يُتوهم من أن طرق الرزق معطلة ومحجوبة ، فأعْلَم سبحانه بهذا ، أن الرزق لطف منه ، وأنه أعلم كيف يهيئ له أسبابًا ، غير مترتبة ولا متوقعة ؛ فمعنى قوله تعالى : { من حيث لا يحتسب } أي : من مكان لا يحتسب منه الرزق ، أي لا يظن أنه يُرزق منه . الخامسة : تفيد الآيات المتقدمة ، أن الممتثل لأمر الله والمتقي لما نهى الله عنه ، يجعل الله له يسرًا فيما لحقه من عسر؛ واليسر انتفاء الصعوبة ، أي : انتفاء المشاق والمكروهات ؛ والمقصود من هذا تحقيق الوعد باليسر، فيما شأنه العسر . السادسة : في قوله تعالى : { ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا } أعيد التحريض هنا على التقوى مرة أخرى ، ورتَّب عليه الوعد بما هو أعظم من الرزق ، وتفريج الكربات ، وتيسير الصعوبات، وذلك بتكفير السيئات ، وتعظيم الأجر والثواب . وبعد : فإن للتقوى أثرًا أي أثر في حياة المؤمن ، فهي مفتاح كل خير، وهي طريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة ، يكفيك في ذلك، قول الله عز وجل: { ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } (الأعراف:96) ) وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم ، نسأل الله أن يجعلنا من الملتزمين بشرعه ، ومن المتقين لأمره ونهيه . |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|