[أبو سليمان الحامد]

لا أحد ينكر أهمية علم العربية لطالب العلم الشرعي مفَسِّراً أو محدِّثاً أو متفقِّهاً أو أصُوليّا أو متكلّماً .
وغني عن القول عناية العلماء الأوائل بعلم العربية وأخذه بقوة تعينهم على فهم النص الشرعي وتحليله واستيعابه , ولكنّ هذه العناية بدأت تضعف في العصر الحاضر في بلدنا خاصة مقتصرين على متنين أو ثلاثة من متون النحو ظناً منهم أنهم حازوا العربية بحفظها أو فهمها.
فكثير من طلَبة العلم الشرعي , بل من العلماء الأجلاء لا تتعدى معرفتهم للعربية متن الآجرومية , أو قطر الندى وإن ارتقى في المجد وصل ألفية ابن مالك .
وهذه متون جليلة القدر – ولا شك – ولكنها لا تُخرِّج عالماً بالعربية , مجتهداً في النص الشرعي ( قرآناً أو سنة ) .
لأن هذه المتون تعطيك القاعدة النحوية مجردة جافة , ليس لها روحٌ أو عُمق .
وهي تصلح مفتاحاً لعلم العربية وليس نهاية الوصول إليها , لأن عِلم العربية بحر خضم يشمل النحو والصرف والبلاغة وعلم الدلالة وعلم المُعجَم وعلم الرسم والأدب والشعر .
ولا غنى لطالب العلم الشرعي عن هذه العلوم ولو أن يأخذ من كل علم بطرف , كي يكون واسع الإدراك , قوي الملاحظة , شديد الفهم , مجتهداً في فهم النص , له قدرة على التحليل , والتوجيه , والترجيح .
لستُ أطالب هنا أن يكون العالم حافظا لكتاب سيبويه أو مفصل ابن يعيش أو منصِف ابن جني أو إيضاح القزويني , ولكن على طالب العلم كي يكون فقيها عالماً بحق , أن يوسع مداركه في هذه العلوم فيأخذ منها ما يستعين به على نفع المسلمين لفقه الكتاب والسنة .
إني لأعجب حين أرى إعلانا لدورة علمية قوية تضع بلوغ المرام , وزاد المستقنع , وغيرها من كتب العلم الشرعي الرصينة , ثم تبحث عن موقع العربية في هذه الدروة فلا تجده , وإن وجدته فلن يتعدى متن الآجرومية الذي يصلح لطلاب الرابع الابتدائي , وليس لطلبة العلم !!!
حين تقرأ لابن تيمية أو الشاطبي أو النووي أو الشوكاني أو ابن عثيمين رحمهم الله جميعاً وتراهم يخوضون في مسائل من العربية تظن أنهم لا يحسنون إلا النحو واللغة , وحينئذ تفهم ما أريد وأعني . والله المستعان .
أصبحنا نرى طلبة علم لا يحسنون كيف يبحثون في لسان العرب , ولا يعرفون تصريف ( ميزان ) و ( وإيمان ) فضلا عن ( خطايا وتقوى ) , ولا يعرفون من النحو إلا ما يميزون به الفاعل عن المفعول , والحال عن التمييز , ويظنون أنهم صاروا عباقرة زمانهم في العربية .
وفي النهاية أنصح كل طالب علم جاد يريد أن يفهم في العربية حق الفهم أن يقرأ في كتاب سيبويه , وكتاب الخصائص لابن جني , ومؤلفات أبي علي الفارسي , ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني , ومعاني القرآن للفراء , وأمالي ابن الشجري .
وليس بالضرورة أن يحفظ الألفية أو الكافية الشافية , فعلم العربية لعالم واعٍ فاهم أحوج منه لحافظ .
والله أعلم.

[R.B.j]

السلام عليكم

اي والله انك صادق .. اصلا مايستقيم العلم الشرعي الا بعد فهم العلوم العربية ..
فمثلا شفنا حنا الحين مانفهم القران الكريم وهو منزل بلغتنا الا بعد الرجوع للتفسير ...
وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مااحتاجوا للتفسير عشانهم فاهمين القران لأنهم فصيحين ...
واللغة العربية هي الفصاحة وبها تتغير احكام وتفاسير وغيرها بسبب قاعدة واحدة ...

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووور
على الموضوع الاكثر من رائع
تقبل مروري

[الـصـمـصـام]

علم اللغة قبل كل شيء ، و علماء الشريعة يصنفونه من علوم الآلة التي لا يمكن فهم نصوص الخطاب المنزّل و دلالته إلا عن طريق تعلم هذا العلم حتى إنك لتجد البارع في علم النحو بارعاً في ملكته الفقهية الاستنباطية ، و المؤسف حقاً هو الفصل بين تلك العلوم باسم التخصص الأكاديمي الذي فهمه البعض على غير مقصده ، فلما اختلت فهومهم خرجوا لنا ( أنصاف ) متعلمين ، وهم بلا شك أخطر على كل أمة من الجهّال .


شكر الله لك .

[أبو عمر القصيمي]

بارك الله فيك
كلامك واقعي .
علم العربية وعلم الأصول تقل العناية بهما من قبل الكثير من طلاب العلم الشرعي للأسف ، بل المؤسف أن تجد دكتوراً وشيخاً في التفسير يلحن في شرحه بل ويقلل من شأن النحو وهو قد درسني في التفسير .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا عليم .

[أبو سليمان الحامد]

شكرا لإثرائكم الموضوع أحبتي في الله .