[أبوعمر السحيم]

.................................................. .........................
إبن تيمية يقول بتأثير الكواكب والأبراج على الإنسان

.................................................. .........................

- يُرد أنصاف المتعلمين كل مايقابلهم عن الأبراج والكواكب ، ويوصمون من يتحدث بتأثيراتها الواضحة على المخلوقات بالشعوذة والدجل ... ولمزيد من التنوير والإيضاح أورد هنا أقوال واضحة لشيخ الإسلام إبن تيمية قدس الله روحه في مجموع الفتاوى عن الكواكب والنجوم ، وإقراره رحمة الله عليه بتأثيراتها وما يمكن فعله لرد التأثيرات السلبية لها مثل قوله :

( .... فمن اراد بقوله ‏:‏ ان لها تاثيرًا، ما قد علم بالحس وغيره من هذه الامور، فهذا حق، ولكن الله قد امر بالعبادات التي تدفع عنا ما ترسل به من الشر، كما امر النبي صلى الله عليه وسلم عند الخسوف بالصلاة والصدقة والدعاء والاستغفار والعتق، وكما كان صلى الله عليه وسلم اذا هبت الريح اقبل وادبر وتغير،وامر ان يقال عند هبوبها‏:‏ ‏(‏ اللهم انا نسالك خير هذه الريح،وخير ما ارسلت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما ارسلت به‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏ ان الريح من روح اللّه، وانها تاتي بالرحمة وتاتي بالعذاب، فلا تسبوها، ولكن سلوا اللّه من خيرها، وتعوذوا باللّه من شرها ‏)‏‏.‏ فاخبر انها تاتي بالرحمة، وتاتي بالعذاب، وامر ان نسال اللّه من خيرها، ونعوذ باللّه من شرها‏.‏ )

- وهاهو رحمه الله تعالى يصف كلام من ينكر أن حركة الكواكب قد تكون سبباً مؤثراً بأنه قول بلا علم فيقول :

( ... واما انكار بعض الناس ان يكون شيء من حركات الكواكب وغيرها من الاسباب، فهو? ـ ايضا ـ قول بلا علم، وليس له في ذلك دليل من الادلة الشرعية ولا غيرها، فان النصوص تدل على خلاف ذلك، كما في الحديث الذي في السنن عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ ان النبي صلى الله عليه وسلم نظر الى القمر فقال‏:‏ ‏(‏ يا عائشة تعوذي بالله من شر هذا، فهذا الغاسق اذا وقب ‏)‏، وكما تقدم في حديث الكسوف حيث اخبر ‏(‏ ان الله يخوف بهما عباده‏ )‏‏.‏

- وبعد أن يبيّن رحمه الله تعالى فساد معتقد من يظن أنّ سعده ونحسه معلق بنجم من النجوم ، نجده يشير إلى أن طالع الإنسان ( أوبرجه ) مؤثراً في أحوال المولود .. لكنه يؤكد أن هذا القدر من التأثير ليس هو كل مايؤثر على المولود .. بل هناك أمور أخرى تشارك في التأثير :

( .. واعتقاد المعتقد ان نجما من النجوم السبعة هو المتولي لسعده ونحسه اعتقاده فاسد، وان المعتقد انه هو المدبر له، فهو كافر‏.‏ وكذلك ان انضم الى ذلك دعاؤه والاستعانة به كان كفرا، وشركا محضا، وغاية من يقول ذلك ان يبني ذلك على ان هنا الولد حين ولد بهذا الطالع‏.‏ وهذا القدر يمتنع ان يكون وحده هو المؤثر في احوال هذا المولود، بل غايته ان يكون جزءا يسيرا من جملة الاسباب‏.‏ وهذا القدر لا يوجب ما ذكر، بل ما علم حقيقة تاثيره فيه مثـل حال الوالدين، وحال البلد الذي هـو فيـه، فـان ذلك سبب محسوس في احوال المولود، ومع هذا فليس هذا مستقلا‏.‏ )

- ونراه رحمه الله تعالى عندما ُسأل عن دعوى البعض بأنّ برج الرسول عليه الصلاة والسلام هو العقرب ، وأنّ نجم المسلمين هو الزهرة .. نراه يرد على الصفات التي أطلقوها وينفي أنها تتفق مع طبائع الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وطبائع أمة المسلمين ، ولم نجده رحمه الله يرد المبدأ نفسه أو يدجّل المتكلم به :

( وكذلك دعوى المدعى ان نجم النبي صلى الله عليه وسلم كان بالعقرب والمريخ، وامته بالزهرة، وامثال ذلك هو من اوضح الهذيان، المباينة لاحوال النبي صلى الله عليه وسلم لما يدعونه من هذه الاحكام، فان من اوضح الكذب قولهم ان نجم المسلمين بالزهرة، ونجم النصارى بالمشترى، مع قولهم ان المشترى يقتضى العلم والدين، والزهرة تقتضي اللهو واللعب‏.‏

وكل عاقل يعلم ان النصارى اعظم الملل جهلا وضلالة، وابعدهم عن معرفة المعقول والمنقول، واكثر اشتغالا بالملاهى وتعبدا بها‏.‏ ... )

- وهاهو يتكلم رحمه الله تعالى عن الجُهال المنتسبين للعلم الذين يعارضون كل مايُقال عن النجوم والأبراج لمجرد أنهم رأوا بعض المخالفين للدين أو المشعوذين تكلموا واشتغلوا بها :

( ثم هؤلاء الذين يخبرون من الحساب، وصورة الافلاك وحركاتها امرًا صحيحًا قد يعارضهم بعض الجهال من الاميين المنتسبين الى الايمان، او الى العلم ـ ايضًا ـ فيراهم قد خالفوا الدين في العمل بالحساب في الرؤية، او في اتباع احكام النجوم في تاثيراتها المحمودة والمذمومة، فيراهم لما تعاطوا هذا ـ وهو من المحرمات في الدين ـ صار يرد كل ما يقولونه من هذا الضرب، ولا يميز بين الحق الذي دل عليه السمع والعقل، والباطل المخالف للسمع والعقل .. )

- ونراه رحمة الله عليه في تفسيره لسورة الفلق يؤكد الدلالة الشرعية لتأثير الكواكب والنجوم على المخلوقات كونها قد تكون سبباً في الخير أو الشر :

- ( وقــد روى الترمذي والنسائي عن عائشة، ان النبي صلى الله عليه وسلم نظر الى القمر فقـال‏:‏ ‏( ‏يا عائشة تعوذي بالله من شره، فانه الغاسق اذا وقب‏)‏‏.‏ وروى من حديث ابي هريرة مرفوعًا‏:‏ ‏(‏ان الغاسق النجم‏)‏‏.‏ وقال ابن زيد‏:‏ هو الثريا، وكانت الاسقام والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها، وهذا المرفوع قد ظن بعض الناس منافاته لمن فسره بالليل، فجعلوه قولًا اخر، ثم فسروا وقوبه بسكونه‏.‏ )

.................................................. ..................

والحقيقة أن نقلي هنا لكلام إبن تيمية رحمه الله تعالى ليس لترغيب القراء بالإهتمام في الأبراج ، أو للبحث عن طالعهم في المجلات والجرائد ... ولكني أحببت أن أوضّح لأصحاب النظرة الأحادية أن علماء السلف الكرام كانت عقولهم ومداركهم أوسع من أن يردوا شيئا لمجرد إسمه .. بل يتحرون عن ماهيته ( فالحكم على الشيء فرع من تصوره ) .. ثم نراهم أيضاً يفصّلون أحواله وما يليق منه ومالا يليق ..

مع تحياتي لكل محب وكاره .

منقول!!

[البدائعي]

جزاك الله خيرا يا أبا عمر السحيم

على مواضيعك الرائعة