|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
28-08-2003, 12:44 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2003
المشاركات: 161
|
وقفات حية مع حياة الشيخ الشهيد الدكتور عبد الله عزام (في عدة حلقات)!
الحلقة الاولى:
المولد والنشأة: ولد الشهيد عبد الله عزام - رحمه الله- في قرية تقع في الشمال الوسط من فلسطين اسمها سيلة الحارثية في لواء جنين عام 1941م، في حي اسمه حارة الشواهنة، واسم والده الحاج يوسف مصطفى عزام الذي وافته المنية بعد سنة من استشهاد ابنه، أما والدته فهي زكية صالح حسين الأحمد، من عائلة ثانية لها صلة قرابة بآل عزام، وقد وافتها المنية قبل استشهاد الشيخ عزام بسنة تقريبا ودفنت في مقبرة الشهداء ببابي. وعائلة عزام عائلة مشهورة أصلا ، ولعل الشهرة التي حظيت بها هذه العائلة نتيجة بروز بطل من أبطالها وليث من ليوثها، يحمل الدعوة أولا وهو في سن مبكر، عرف بين أقرانه منذ صباه في طهره وصفائه وقربه من الله تعالى. درج الشهيد على أراضي القرية، فشب وترعرع في أحضان والديه، يسهران عليه، ويقومان برعايته وتربيته، وتنقل بين مرابع قريته وهو لم يتجاوز في سنه العقد الأول من حياته. إن المتتبع لحياة الشهيد وهو صغير يلمس أن طفولته ليست كبقية الطفولات، تقول لي والدتي - وهي شقيقة الشهيد وقد تربى في كنفها - كنت أدخل على عبد الله وهو في المرحلة الابتدائية وهو منهمك في دراسته ويطالع بين كتبه، فأقول له: يا أخي رفقا بنفسك، لو ذهبت تلعب مع أقرانك الذين يلعبون ويرتعون، فكان - رحمه الله - لا يزيد على القول ليس وقته الآن . نبوغ مبكر: كان الشهيد لامعا منذ طفولته المبكرة، فكان يتردد على أرحامه وأقاربه من أسرته، وكان أكثر ما يتردد على بيتنا وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره، يقول لي جدي الحاج صالح محمود العزام - رحمه الله - وقد توفي 1970 م وهو والد والدي، وهو خال والد الشهيد، يقول: كان عبدالله يدخل علينا كثيرا وهو دون الخامسة من عمره، فكنت أمسك بأذنيه وأقول له: يا عبدالله أذناك أذنا شملة (كناية أنه سيصبح شيخا ) وكان الحاج صالح مشهورا بصلاحه وتقواه وورعه - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا - وهكذا كان يشهد له أهل المنطقة، إنها فراسة المؤمن (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله). المهم: ليس غريبا أن يكون هذا النبوغ المبكر من الشهيد عبدالله وهو لم يتجاوز سن البلوغ بعد، فقد شهد له أساتذته ومدير مدرسته بذلك وهو لا يزال طالبا في المرحلة الابتدائية، كما انخرط في صفوف الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون) وهو دون سن البلوغ، ولهذا ليس غريبا أن نرى المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن (أبو ماجد) يتردد على قرية الشهيد وهو في مراحله الأولى من دراسته، وهو لا يزال في الصف السادس الإبتدائى كما ذكر هذا أبو ماجد بنفسه، ولقد زار قريتنا أكثر من مرة كي يرى شابا صغيرا في الصف السادس الإبتدائي اسمه عبدالله عزام، كان يرى مخايل النجابة والذكاء تلوح على وجهه. إجمالا فقد اشتهر وذاع صيته وهو لم يتجاوز العقد الرابع من عمره. حمل الدعوة وهو صغير: لقد عرفناه مصليا تاليا للقرآن منذ نعومة أظفاره، وعرفه أقرباؤه وعشيرته وأهل بلده، وعرفته فلسطين، كان لا يضيع لحظة واحدة من وقت فراغة، بل وصل الأمر به أن يقوم الليل وهو في المرحلة الإبتدائية المتوسطة . تقول أمه الحاجة زكية: كنت أفيق في الليل فادخل عليه وإذا به يصلي، فأقول له: يا ولدي رفقا بنفسك والزم فراشك واسترح، فيقول لها: وهل لنا من راحة للنفوس والقلوب إلا بهذا? أي بالعبادة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب). وقد غرس بفعله هذا حب قيام الليل والتهجد في نفوس أرحامه وأهله وعشيرته. وما كنت أراه إلا ملازما للمسجد يحافظ على صلاة الجماعة، ومدرسا وواعظا يقرع آذان المصلين بالذكر والموعظة الحسنة. لقد بلغ الأمر بإمام مسجد قريتنا -رحمه الله- وقد تتلمذت عليه في الكتاتيب قبل دراستي الإبتدائية -أن يغار من الشهيد نظرا لإقبال الناس على دروسه في المسجد يوم الجمعة وهو لا يزال شابا صغيرا دون العقد الثاني من عمره، وحاول أن يقف في طريقه بشتى الوسائل، ولا زلت أذكر ذلك الموقف سنة 5691م وقبل دخول اليهود إلى الضفة الغربية حيث كانت دائرة الأوقاف لا تسمح لأحد أن ي درس إلا بإذن مسبق منها، ولكن الشيخ الشهيد لم يكن يلتفت إلى هذ الأمر، فأذكر مرة حاول إمام المسجد أن يخيفه بعسكري أردني داخل إلى المسجد ليصلي مع الناس، فنزل الإمام عن ظهر المسجد وقال: يا شيخ عبد الله جاء العسكري... جاء العسكري، ولكن الشيخ الشهيد لم يلتفت لهذا الكلام، ودخل العسكري وتوضأ على مصف الوضوء ودخل المسجد وصلى ركعتين وجلس يستمع لدرس الشهيد. في مراحل دراسته وعمله: تلقى الشهيد علوم الإبتدائية والإعدادية في مدرسة القرية، ثم واصل تعليمه العالي بكلية خضورية الزراعية، ونال منها دبلوما بدرجة إمتياز، ورغم أنه كان أصغر أقرانه في الكلية إلا أنه كان أذكاهم، يقول لي والد الشهيد: رغم أن عبد الله كان أصغر الطلاب سنا إلا أنه كان أذكاهم، فكنت عندما أذهب لزيارته في خضورية الزراعية -طولكرم- كان الطلاب يتجمعون حولي عندما أصل ويحيطون بي ويقولون: تريد الولد الصغير?! - لأنه كان أصغر أقرانه في الكلية - فأقول لهم: نعم أريد عبد الله. وبعد تخرجه من خضورية تم تعيينه معلما في قرية أدر -جنوب الأردن- في منطقة الكرك، والسبب في ذلك إبعاده عن بلده ومسقط رأسه، نظرا للخلافات التي كانت قائمة بينه وبين مدير الكلية، حيث كان الشهيد من الأوائل ويعرفه القاصي والداني، ولكنه لم يكن يصبر على الضيم، ولا يقبل اللف والدوران، فكان لا يعرف المهادنة بهذا، صلبا في الحق بل أحد من السيف، مما أثار حفيظة المدير فتركت هذه الخلافات بعض الحساسيات التي جعلت مدير الكلية يثأر لنفسه، بأن يوصي بتعيين الشهيد خارج الضفة الغربية كعقوبة له. وبعد سنة من عمله نقل إلى مدرسة برقين(1) [قضاء جنين].، وقد التقيت بمعظم المعلمين الذين كانوا معه يوم أن دعاهم على وجبة غداء في قريتنا، يقول لي أحدهم: إن الشيخ عبد الله يختلف عن جميع المعلمين بكثرة تلاوته للقرآن، وكلماته الحارة التي يبعثها من بين جنبيه للطلاب، إن الأساتذة عندما ينصرفون من حصصهم إلى فترة الإستراحة -إلى غرفتهم- يتناولون السندوشات ويشربون الشاي، إنه يذهب لوحده إلى إحدى غرف المدرسة وقد خلت من الطلاب، يقرأ القرآن ولا يضيع لحظة واحدة من فراغه دون أن يستفيد منها. لكن الشهيد لم يقف عند هذا الحد في التحصيل العلمي، فقد كان شغوفا بدراسة الشريعة، حتى أنه غرس في أعماق نفسي حب دراسة الشريعة وأنا صغير، وقد فكرت في دراستها وأنا طالب في الصف الثالث الإعدادي. المهم: إنتسب الشيخ الشهيد إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق ونال منها شهادة الليسانس في الشريعة بتقدير جيد جدا 6691م. صلة الشهيد بعلماء الشام: تعرف الشهيد أثناء دراسته على خيار علماء الشام أمثال الدكتور محمد أديب الصالح، والشيخ سعيد حوى، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، وملا رمضان شيخ الشافعية في بلاد الشام، وقد زار ملا رمضان بيت الشهيد وقدم له الطعام فامتنع عن الأكل، فقال له صاحبه الذي يرافقه كل من طعام عبد الله، فاستحيا وأكل، وقال: أنا لا آكل من طعام ابني الدكتور البوطي الذي يعمل استاذا في كلية الشريعة، لأن راتبه من الدولة التي اختلطت أموالها بالحلال والحرام مع المكوس وضرائب الخمر. ولقد تأثر الشهيد بمثل هذه المواقف التي يظهر منها ورع العلماء، كما التقى الشهيد في حياته بالشيخ مروان حديد المشهور بعداوته للطواغيت وجهاده لهم. جهاد الشهيد في فلسطين: بعد احتلال الضفة الغربية 7691م حيث سقطت والشهيد يعيش داخل فلسطين، لم يرق للشهيد أن يعيش في ظلال الإحتلال اليهودي ولقد رأيته يومها يتململ من هذا الوضع الجديد الذي رأى فيه نفسه أنه يعيش مكبلا داخل عشه وقفصه، فصمم على الهجرة من فلسطين ليقوم بمرحلة الإعداد والتدرب على السلاح. إن ما رآه بأم عينه وهو دخول الدبابات اليهودية إلى فلسطين -وكأنها في نزهة- قد أثر على نفس الشهيد كثيرا ، مما جعله يأخذ للأمر أهبته واستعداده، لذلك اليوم الذي يثأر فيه لدينه وربه ولأقصى المسلمين. والآن: فإن الفرصة سانحة للتدرب على السلاح، بعد السماح للعمل الفدائي من أرض الأردن، إذن لابد من التفكير في الأمر جديا لإنقاذ الأرض المباركة. في هذا الوقت كان الشهيد يعمل معلما في مدرسة التاج الثانوية للبنات، وكان يقيم في شقة في نفس الجبل غرفة في عمان، وفي ليلة هادئة، وإذا بصوت نشيد ينبعث منه الحماس، من أفواه بعض الشباب للقتال على أرض فلسطين، يقول الشهيد: فقلت في نفسي: أليس من العار عليك يا عبد الله أن يسبقك هؤلاء الشباب إلى ساحات الأقصى? من أولى بالجهاد منا? أليس الشباب المسلم أولى بالدخول إلى فلسطين والوصول إلى روابي القدس? ذهب وقدم استقاتله، وانتقل فورا بعائلته من عمان، من الشقة التي كان يسكن فيها مع عائلته إلى غرفة من طين!! غرفة واحدة، هي المطبخ، هي غرفة النوم، وهي معدة للإستقبال، وهي الحمامات. فاستنهض الشيخ الشهيد مجموعة من الشباب وبمشاورة الحركة الإسلامية في الأردن اتخذوا قواعد لهم في شمال الأردن، وبدأوا عملياتهم على اليهود في فلسطين. ردود الفعل من جهاد الشهيد: ولا زلت أذكر يوم أن جاءت مجموعة من الأقارب، من بينهم والد الشهيد لإقناعه بالعدول عن طريقه، حيث كان الجهاد يومها مستغربا ، خصوصا من موظف مؤهل يحمل شهادة، لأنه كان في نظر الناس أن الجهاد لا يقوم به إلا العاطل عن العمل أو غير الموظف! كان هذا في قرية الرصيفة حيث كانت تسكن شقيقته (أم محمد) فقال له والده: يا بني أنا كنت مؤملا أن تكون من القضاة الكبار في عمان، وإذا بك تدور مع الأولاد الصغار -مع الشباب في الجبال، وبدأ يبكي هو والوالدة. وأذكر يومها -وقد كنت جالسا - فهب الشهيد غاضبا وقام من مكانه وقال: أنا أدعوكم إلى الجنة وأنتم تدعونني إلى النار (يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار). (المؤمن: 14) فهو من يومها يرى أنه لا إذن للوالدين منذ أن كان مجاهدا على أرض فلسطين. اما زوجته أم محمد: فقد ارتضت هذا الخط الجهادي الذي قبله الشهيد لنفسه وصبرت معه. ما بعد جهاده في فلسطين: كان الشهيد عزام وهو في ساحة الجهاد -في فلسطين- يقرأ وهو في المغارة -حيث كان أميرا لقاعدة بيت المقدس (في مرو)- وكان قد انتسب إلى الأزهر للحصول على شهادة الماجستير، وفي ظل هذا الجو كان يدرس، ثم تقدم للامتحان وهو خائف من عدم النجاح، لأن القراءة كانت على الهامش، فأرسل الشهيد يومها لأحد الإخوة في القاهرة أن يرسل له النتيجة، فأبرق له: إنك ناجح في الماجستير، فأرسل الشهيد لهذا الأخ قائلا : أنت استحييت أن تقول إن معدلك مقبول ولا يقبل في الدكتوراه، فأرسل للشهيد برقية ثانية أن تقديرك جيد جدا وأرسل مخطط الدكتوراه! وإذا به الأول على الدورة بكاملها. من معلم مدرسة إلى أستاذ جامعي: أعلنت كلية الشريعة يومها في أوائل سنة 0791م أنهم يريدون معيدين، فتقدم فكان من ضمن المقبولين للتدريس في كلية الشريعة، فأصبح محاضرا فيها، ثم أرسل بعد سنة في بعثة إلى الأزهر للحصول على شهادة الدكتوراه، حيث حصل عليهاعام 3791م، فعاد مدرسا في الجامعة الأردنية، وفي فترة إعداده للدكتوراه التقى بآل قطب، وأخذ عنهم أخبار سيد قطب، وفترة سجنه وإعدامه، والفتن التي تعرضت لها الحركة الإسلامية أثناء اعتقال أفرادها. الموازين مقلوبة: لما كان الشهيد في قواعد الجهاد كانت نظرة الأقارب والأصدقاء تختلف تماما عن نظرتهم له ولأهله يوم أن كان معلما في المدارس الثانوية، أو بعد أن أصبح استاذا في الجامعة الأردنية. لقد تغيرت نظرات النساء تجاه زوجته وأولاده، واحترامهم لها لأنها كانت زوجة موظف، فأصبحت زوجة مجاهد تنتقل في الجبال مع الأولاد الصغار -مع الشباب- في نظر الناس. لقد شكت زوج الشهيد من عدم زيارة نساء الأقارب لها، فقال لها: إطمئني أنت ستصبحين بإذن الله خيرا منهن في الدنيا قبل الآخرة، لأن الله يقول: (والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة) (النحل: 14) ويوم أن فتحت الدنيا على الشهيد وجاءت إليه طائعة أحست فعلا زوجته أن نعمة وبركة الجهاد لا يعدلها وظيفة ولا منصب ولا مال. لقد أصبح راتب الشهيد عشرة أضعاف، ولكن البركة التي كانت تخيم على بيته (غرفة الطين) يوم أن كان مجاهدا قد فقدت بعد أن أصبح استاذا في الجامعة، فزادت تكاليف الحياة والكماليات، وفقد أهل الشيخ الشهيد السعادة الحقيقية والنعمة والبركة التي كانت تغمرهم أيام جهاد الشيخ في فلسطين. نقلة إلى الوراء: إن هذه النقلة من مجاهد إلى أستاذ جامعي -في نظري- نقلة غير طبيعة في إحساس الشهيد عزام وفي نظر المجاهدين الذين ذاقوا حلاوة الجهاد. ولهذا ليس غريبا أن يضيق الشهيد -رحمه الله- ذرعا بإيصاد أبواب الجهاد في وجهه، وهو يعبر عن الجهاد بالنسبة للمجاهد بأنه كالماء للسمك، فمعاودة الشهيد إلى العمل الوظيفي، والحياة الروتينية نغص عليه عيشه، وكدر عليه صفو حياته. ورغم أن الدنيا فتحت عليه وجاءته طائعة إلا أنه يرى أن هذه ليست هي الحياة الحقيقية، وليس هذا هو الدور المنوط به، وقد سار في طريق الجنة شوطا كبيرا وهو يرى نفسه الآن يعود إلى الورا، بالرغم من أنه ربى جيلا في الأردن، ومعظم من نلتقي بهم يقولون لنا: إننا تأثرنا بالشهيد، ولولا الله ثم عبد الله لكنا الآن نرتع مع الضائعين، وإن كنا ننسى فلا ننسى أروقة الجامعة الأردنية التي شهدت له في محاضراته العامة والخاصة، وبصماته الواضحة فيها، وقد تربى على يديه مئات الشباب المسلم العائد إلى ربه، والذين كان يعدهم ليوم اللقاء مع العدو ليزيل بهم نير الإحتلال عن فلسطين، ويقيم بهم دولة القرآن. ولهذا لم يمهل، فتم فصله من الجامعة الأردنية بقرار من الحاكم العسكري العام. جهاده في أفغانستان: الحديث عن هذه النقطة يحتاج إلى مجلد كبير، لكننا سنلقي بعض الضوء عليها: إلتفت الشهيد بعد فصله من الجامعة وإغلاق أبواب الجهاد على أرض فلسطين عله يجد أرضا يؤدي عليها عبادة القتال، فرأى نورا لمع فوق أرض أفغانستان، فقال: لعل الإنفراج يكون من هناك. وكان للقاء الذي تم بينه وبين الشيخ كمال السنانيري رحمه الله- الذي زار أرض الجهاد- عند المسعى في الحرم أثر كبير في تصميم الشهيد وعزمه أن يحمل أمتعته ويتوجه إلى أفغانستان. ارتحل الشهيد وعمل فترة وجيزة في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد، ليكون قريبا من الجهاد الأفغاني، وبدأ يتصل بأمراء الجهاد، وتوثقت صلاته بهم. وكان الشهيد قد جمع محاضراته في ثلاثة أيام في الأسبوع لينصرف بقية الأسبوع للجهاد، ولما وجد أن هذه الأيام لاتكفي لأمور الجهاد عاد فحصر محاضراته -في الجامعة- في يومين، ولما وجد أن عمله في الجامعة يعرقل سير جهاده استقال من الجامعة وتفرغ نهائيا للجهاد. لقد تحول الشهيد بحق إلى قلب الجهاد على أرض أفغانستان وعقله المفكر، فهو الذي عرف بهذا الجهاد في العالم، وهو الذي نقله نقلة بعيدة من جهاد إقليمي محلي إلى جهاد إسلامي عالمي، حتى أضحى الجهاد وأخباره حديث السامر والناس في كل مكان. وكان الشهيد ترسا لهذا الجهاد، يدفع عنه مؤامرات الأعداء وكيد الألداء الخصام، وتحول فكر الشهيد إلى مدرسة جهادية عملية أقضت مضاجع الظالمين والكافرين في أرجاء الأرض، وتحول بفضل الله أولا ثم بمشاركته عمليا في المعارك داخل أفغانستان إلى شخصية جهادية عالمية لا تبارى، بعد أن سرى حب الجهاد في دمائه وعروقه، وتغلغل في روحه، وصقلت نفسيته، ونضج واستوى على سوقه، حتى وصل به الأمر أن يصرح قبل استشهاده: ؛إنني أشعر بأن عمري الآن تسع سنوات، سبع سنوات ونصف في الجهاد الأفغاني، وسنة ونصف في الجهاد في فلسطين، وبقية عمري ليس له قيمة عندي«. ولهذا تآمر عليه أعداء هذ الدين ورصدوا حركاته وسكناته ثم قاموا باغتياله وتفجير سيارته في أكبر شوارع بيشاور وفي وضح النهار. لقد وصل الأمر - في ظني - أن تصبح دماء الشهيد عزام أجدى وأنفع للأمة الإسلامية من مداد قلمه فاختاره الله شهيدا ، وأخذ معه زهرتين من أفلاذ كبده (محمد وإبراهيم). لقد كنا نراه يوميا قبل استشهاده يحمل روحه على كفه يعرضها على فاطرها أن يقبضها فرحا مستبشرا ، لقد فرغت نفسه من حظ نفسه، وطلب الشهادة صادقا فأعطيها، وتنسم الناس رائحة المسك من دمائه الزكية، ورأوا الإبتسامة العريضة على وجهه عندما وضع في قبره، رحمه الله وأنزله منازل الشهداء في عليين، إنه سميع مجيب. شــهيد أحــيا الجــهاد بدمـــه* [نشر في لهيب المعركة العدد: 80 التاريخ: 4 جمادي الأولى 1410هـ الموافق 2 ديسمبر 1989]. قال تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (الأحزاب: 32) لقد كان النبأ المزلزل الذي وقع على نفسي وماأظن أنني تلقيت خبرا في حياتي أشد منه ، لقد فجع العالم الإسلامي والمسلمون في شتى أرجاء الأرض وهم يتلقون نبأ استشهاد المجاهد وقائد مسيرة المجاهدين العرب في أفغانستان الشهيد الدكتور عبدالله عزام رحمه الله واسكنه فسيح جناته إثر المؤامرة الاجرامية التي تعرض لها وهو في طريقه إلى مسجد سبع الليل لإلقاء خطبة الجمعة بتاريخ 42/11/98م، فمرت السيارة التي كان يستقلها من فوق لغم بوزن (02كغم ت. ن . ت ) كان قد زرعه الحاقدون المجرمون، وبهذا العمل اللئيم الجبان . وقد انفجرت السيارة وتطايرت أجزاؤها في الهواء، وقد نتج عن هذا الإنفجار استشهاد شهيد الأمة الإسلامية الدكتور عبدالله عزام ومعه زهرتين من فلذات كبده ( محمد نجله الأكبر وإبراهيم ) . وقد سارت الجموع الغفيرة وهي تودع كوكبة الشهداء(شهيدنا الغالي، ومحمد، وإبراهيم) إلى مقبرة الشهداء في بابي بعد أن صلى عليه الشيخ عبد رب الرسول سياف وجمع غفير من المجاهدين العرب والأفغان وغيرهم من المسلمين ممن حضر الجنازة . ثم ألقى على كوكبة الشهداء بعض قادة الجهاد الافغاني يتقدمهم الشيخ سياف رئيس وزراء دولة المجاهدين المؤقتة والشيخ برهان الدين رباني أمير الجمعية الإسلامية ووزير الاعمار في حكومة المجاهدين كلمات تأبينية أشادوا فيها بدور الشهيد في مسيرة الجهاد الأفغاني وبمناقبه وخدمته للإسلام والمسلمين، كما ألقى الأخ أبو عبادة والأخ أبو يوسف والشيخ فتحي الرفاعي كلمات تأبينية، كما ألقيت أيضا كلمة على أرواح الشهداء . كرامات شهيدنا الغالي ونجليه: 1- رائحة - المسك التي لم أر في حياتي رائحة أفضل منها - انبعثت من دمه الزكي والتي عبقت في أنوف الإخوة ممن حضر، وبقيت هذه الرائحة الزكية حتى تم دفنه . 2- حفظ جسده من التشويه رغم أن الانفجار نتج كما قلنا عن (02كغم ت . ن .ت ) وقد أحدث دويا هائلا وقطع تيار الكهرباء، وحفر حفرة في الأرض، وتناثرت أجزاء السيارة في الهواء . وقد وجدت جثة الشيخ على مقربة من الحادث . 3- إنبعثت من الأولاد رائحة زكية كرائحة الحناء ويبد ولي - والله أعلم - أنها حكمة من الله: حتى نميز رائحة المسك أنها صدرت من شهيدنا الشيخ الغالي بحيث لو كان الجميع قد صدر منهم رائحة المسك لم نميز من أيهما صدرت،ومن ناحية أخرى فالشهادة درجات ومراتب . ردود الفعل بعد حدوث الجريمة: لقد تناقلت وكالات الانباء العالمية هذا الخبر بشيء من التعتيم في بداية الأمر، ولكن عندما شعروا أن الأمر جد خطير وأن العالم الاسلامي بمختلف فئاته قد نزل عليه الخبر نزول الصواعق وأن هذا الخبر قد زلزل القلوب والعقول نظرا لاختفاء منارة كانوا يستضيئون بها، ثم بدأوا يوحون إلى أوليائهم أن يتعاطفوا مع هذا المصاب الجلل لأمر يخفونه في أنفسهم . وهو أنهم بعد أن قتلوا هذه الشخصية الاسلامية الجهادية التي طالما كانوا يترصدون لها يريدون أن يجهضوا المنهاج الفكري الجهادي الذي خلفه للجيل المسلم فيكونون قد قتلوه حيا وقتلوا المنهج الجهادي الذي خلفه لتتربى عليه الاجيال المسلمة من بعده . أصداء الجريمة على نفوس قادة الجهاد الأفغاني: لقد نزل هذا الخبر المزلزل على نفوس قادة الجهاد الافغاني نزول الصواعق على البشر، وقد كان من المقرر أن يتوجه شهيدنا مع قادة الجهاد الأفغاني إلى إسلام آباد صباح يوم الجمعة، ولكنه قرر أخيرا أن يسافر بعد صلاة الجمعة .وقد كان قادة الجهاد متوجهون إلى إسلام آباد لحظة حدوث الجريمة، وبمجرد سماعهم النبأ عادوا فورا إلى مدينة بيشاور . وقد دخل الشيخ سياف ورأى جثث الشهداء فما تمالك نفسه من شدة البكاء، وقد أبلغني بأنه قد رأى ليلة الجمعة رؤيا بأن يديه قد قطعتا، يقول: فقمت صباحا لا أدري تفسير مارأيت في المنام! يقول الشيخ سياف: ثم تحركت إلى أسلام آباد وفي نفسي شيء من هذه الرؤيا، وعندما تلقيت الخبر عبر الهاتف عرفت تفسير هذه الرؤيا. لقد سمعت سيافا يقول: لقد رافقت الشهيد عبدالله في كثير من الرحلات داخل أفغانستان وفي خارجها، فكنت والله أستصغر نفسي أمام فقهه وعلمه . ومن جهة أخرى صرح المهندس قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الاسلامي ووزير الخارجية لدولة المجاهدين المؤقته أن استشهاد المجاهد الكبير الدكتور عبدالله عزام قد ترك فجوة في مجال الحركة والعمل الإسلامي، وأضاف يقول في كلمة ألقاها في بيت الحكومة لرئيس وزراء دولة المجاهدين - حيث كان بيت الأجر - أن الشهيد كان شخصية نادرة بين العلماء في هذا العصر . وأضاف حكمتيار:إنني إذ أمر الآن في شوارع بيشاور فأرى الشباب العربي فأشعر أنهم أصبحوا كالأيتام بلا والد بعد رحيل شهيدنا عن الدنيا .وقد كان لاستشهاد الشيخ أعظم الأثر على نفوس المجاهدين والمهاجرين الافغان. يقول الشيخ برهان الدين رباني وزير الإعمار في دولة المجاهدين المؤقته: عندما سمع المجاهدون الافغان بل والمهاجرون نبأ استشهاد الشيخ عبدالله عزام كأن زلزالا ضرب أرض أفغانستان . زواجـــــــــــــــــــــــه: وكان سنة 5691 م قد اختار شريكة حياته ( أم محمد)، وهي من بيت محافظ على الدين، قد تربت على يدي والدها الذي هاجرمن قرية ( أم الشوف ) في شمال فلسطين بعد طردهم من قبل اليهود - إلى قريتنا، وقد سكنوا فترة وجيزة في بيتنا، ثم ارتحل والدها مع عائلته إلى قرية ( دير الغصون ) في منطقة طولكرم . وقد طلب الشيخ الشهيد من والده ووالدته أن يجهزوا هدية، ثم انطلقوا إلى دير الغصون، وتم بفضل الله عز وجل عقد القران ( الزواج ) بينهما . ومن هذا الزواج المبارك الذي تم بين الشيخ عبدالله عزام وشريكة حياته أنجبت خمسة ذكور:محمد نجله الأكبر الذي ذهب إلى ربه شهيدا مع والده وعمره (02سنة )، وحذيفة (81عاما )، وإبراهيم الذي اختاره الله شهيدا مع والده، وعمر إبراهيم (51 سنة )، وحمزة ( 31) ومصعب ( 5 سنوات ). ومن الإناث أنجبت منه فاطمة وعمرها (32سنة )، ووفاء عمرها (22سنة )، وسمية وعمرها (41سنة ). عداوة الشهيد لليهود: وأذكر بعد الاحتلال اليهودي للضفة الغربية والقطاع بأسبوع تقريبا كان الشيخ يتململ من الوضع الجديد، فقرر أن يغادر الضفة الغربية إلى شرق الأردن نظرا لأنه: لم يرق له أن يعيش ذليلا أسير ا مقيدا بقيود الاحتلال، وامتثل لقوله تعالى: ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) (النساء: 79) حتى لايكون من المستضعفين الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا فتنطبق عليه الاية: ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض ). (النساء: 79) ومما أذكره يوم أن حاول شيخنا الشهيد أن يخرج من القرية تشبث به والدي ومجموعة من أقربائي قائلين له: ياشيخ عبدالله كيف تخرج وتتركنا? فأجاب الشهيد يومها - رحمه الله - (أنا لا أستطيع أن أتعايش مع اليهود، كيف ترضون مني أن يمر اليهود أمام ناظري- دون أن أقف في وجههم - وأنا مكتوف الأيدي?). لذلك عزم الشيخ الشهيد أن يخرج مشيا على الأقدام ومعه مجموعة من الشباب بينهم رجل كبير من أهالي القرية، وبينما هم يتحركون باتجاه الشرق وفي منتصف الطريق اصطدموا بدورية عسكرية اسرائيلية، فاستوقفتهم، وقام أحد الجنود بتفتيش الإخوة، فكان الدور ينتظر الشيخ الشهيد، فلما مد الجندي يده في جيب الشيخ أمسك بيد الجندي حتى لا يقع المصحف الصغير الذي كان يحمله بيد اليهودي لأن الكافر لا يجوز لنا أن نمكنه من المصحف ، فرجع الجندي اليهودي إلى الوراء وسحب أقسام البندقية، وأراد أن يقتل المجموعة ومن ضمنهم شهيدنا، فتشهد الشيخ الشهيد، وتقدم الرجل الكبير الذي يرافقهم يرجو الجندي أن يطلق سراحهم قائلا له إنهم أبنائي، وتدخل أحد الضباط اليهود الذي دار بينه وبين الجندي محاورة أسفرت عن إطلاق سراحهم .
__________________
*****تحت الإنشاء***** ***{سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم}*** |
28-08-2003, 12:45 AM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2003
المشاركات: 161
|
تكمله لأن المساحه ماسمحت
ثم تابع الشيخ الشهيد سيره باتجاه الاردن حتى وصل إليها، وقد تعاقد مع التربية والتعليم في السعودية لمدة سنة رجع بعدها إلى الاردن وكان العمل الفدائي قد ظهر على الساحة الأردنية .
يتبع ان شاء الله
__________________
*****تحت الإنشاء***** ***{سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم}*** |
28-08-2003, 07:50 AM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2003
البلد: بغداد
المشاركات: 181
|
جزاك الله خير
كذا فليجل الخطب وليفدح الامر###فليس لعين لم يفض مـــاؤها عذر توفيت الآمــــــال بعد عـــــــزام###وأصبح في شغل عن السفر السفر
__________________
|
الإشارات المرجعية |
|
|