[النفس المتحررة]

أبا سليمان وفقه اللهُ لكلّ خير

موضوعٌ يجذب النفس ويُعمل العقل , الآياتُ التي تستوقف الانسان كثيرة لكني سأعرج على ماتأملت فيها ووقفت عندها .

أولاها في سورة البقرة حين قال الله سبحانه إني جاعل في الأرض خليفة , وفيها قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ولي فيها وقفات :
1: الحوار الجميل بين الملائكة وخالقها فهم يحارون ربهم وربنا يحاورهم مع علمهم بأنه عالم الغيب والشهادة وربنا ينقل لنا هذه المحاورة دون أن يوبخ الملائكة بسؤالها ؟ ولذا كتب أحد الغربيين ممّن أسلم وهو دكتور جامعي لفت نظره هذه المحاورة فكتب كتاباً بعنوان : حتى الملائكة تسأل ؟

2 : قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها, هنا إشارة أن الملائكة تخبر عن وجود مخلوقات في الأرض سبقت آدم قد أفسدت في الأرض وحصل منها سفك الدم وعلى ضوئه حصل محاورتهم لربهم بأن آدم سيكون مثل من سبقه ؟ فهل من سبقه هم الجن كما يقول بعض العلماء ...أم خلق لم يخبرنا الله عنهم سفكوا الدماء وأفسدوا في الأرض أبدل الله بهم جنس البشر.

3 : في الآية دليل ظاهر على جواز السؤال عن كل شيء مالم يأت الدليل بمنعه كسؤال من خلق الخالق ؟ وعليه فيجوز أن يسأل الإنسان لطلب المعرفة والتأكد والتعلم ومن يضع حاجزاً للسؤال فهو كمن يريد إغلاق العقل ؟ وملائكة الرحمن تسأل بقولها أتجعل ؟ وهي تسأل الرب الخبير العليم ويجبهم وينقله لنا لا لنتلوه فقط بل لنتعلم من هذ المحاورة العظيمة....

ثانيها : آية البقرة وفيها قصة التابوت الذي فيه بقية ممّا ترك آل موسى وآل هارون ...لم يفصح عن البقية وقال بعض المفسرين بأن فيه عصا موسى وقطعة من التوراة ...فهل المعجزة في العصا منقطعة بموت موسى أم هي باقية لمن جاء إليه التابوت , فلو كانت المعجزة انقطعت بموت موسى فما فائدة انتقال العصا في التابوت ؟؟ وهنا أتساءل ؟؟

ثالثها : في البقرة في قصة طالوت مع جنوده حين قال لهم: فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني ..

بلاغة القرآن حين قال : من شرب , وفي الأخرى : ومن لم يطعمه , فلم يقل سبحانه فمن شرب منه ومن لم يشرب منه , وحين قرأتُ كلام المفسرين رأيت حولها درراً : منها أن العرب لاتعيد الكلمة مرتين فلاتقول من شرب ولمن لم يشرب بل من لم يطعم , وفيه أن الماء يطلق عليه طعام , وبما أنه يطلق عليه طعام فيدخله الربا _ على خلاف أوردوه بين الفقهاء _


أختم بهذه الآية : بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ...
عودة الضمير على قوله : بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ...يفيد : أن صحف إبراهيم وموسى ذكر فيها هاتين الآيتين بلفظهما وليس بمعناهما , لأن تخصيص صحف إبراهيم وموسى دون سائر الصحف السابقة يدل عليه ذلك ولاشك أن الكتب السابقة يذكر فيها الحرص على الدنيا والحض على الآخرة .
وأيضاً : حين يشار للصحف فهذا فيه - والله أعلم - تأكيد نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يطلع قارئوا الصحف على النص في التوراة وكذا في صحف إبراهيم فيحصل لمن يجده الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب خاصة , وعليه فإن بقية من صحف إبراهيم وصلت لأهل الكتاب وكانوا يتداولونها ويقرأون فيها , وإلاما السر في أن يخبر الله أن هذا مذكور في صحف إبراهيم وموسى فقط وتكون صحف إبراهيم غير مقدور الوصول إليها .




هناك المزيد , أكتفي بما ذكرت وأشكرك على تحريك العقل قليلاً .