عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 172
|
 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
المشاركة الأساسية كتبها برق1 |
 |
|
|
|
|
|
|
أضحك الله سنك
وشر البلية ما أضحك البريّة
كيف لا , ونحن في أكثر بلاد الله دخلا قياسا بعدد الناس !!!
ذكّرتني برحلة لي وبعض الصحبة في زمن خلا , على عبارة حالوها اليوم على المعاش
ولكأنك الآن بوصفك تصف حالنا !
لكننا على ما يبدو كنا من أهل الكرامات دون أن نعلم , فقد حبانا الله بكرامتين ! كرامة قبيل السفرة , وكرامة قبيل الإياب
إذ جئنا كما جئتم آملين رحلة ماتعة , نحسب الأمر هيّنا وهو عسير .
جئناهم الثامنة صباحا , فقالوا تأخرتم وانتهى الحجز ! قلنا متى إذن قالوا غدا في السادسة
عدنا من الغد قبل الشمس ! وكنا خمسة معنا سيارة
أخبرونا أن للعبارة ( الوحيدة ) رحلتين أسبوعيا فقط , فمن فاتته رحلة إلى فرسان أو منها لزمه المكث يومين إلى ثلاثة منتظرا .
مكتب الحجز ( صندقة نقالة ) , تكدسنا فيها مع أصناف الناس ما بين قاعد على كرسي وقائم لا يجد مجلسا
ننظر إليهم نظرة المستضعف الذليل الجائع إلىمن أجلسه ليتفضّل عليه بما يسد الرمق !
وصلنا ( الدور ) فحجزوا لنا على الرحلة المشهودة , وفرحتنا فاقت فرح من أعطي صك غفران , جاء الغد وحان الوقت وظللنا نرقب ( طابور ) السيارات يدخل الهوينى واحدة واحدة في جوف عبارة عجفاء , لا تسغ لغير ست وعشرين سيارة , لم يبق أمامنا إلا سيارتين , لكن العبارة المحروسة انحشرت , فأرجعونا بخفي حنين فقد امتلأت , وقد رأينا امتلاءها رأي العين .
رجعنا ومعنا اليأس , تصحبه خيبة الأمل , وبينما كنا في الشارع العام ميممين إلى حيث لا ندري , قلنا لبعض - من قلة الحيلة وتمتمات اليأس : ماذا لو رجعنا الكرة إليهم مرة أخرى , فقد يحدث اله عند ذلك أمرا .
رجعنا , وما الذي يمكن أن نفعل غير هذا
فسبحان من فتح لنا باب الفرج بعد أن استحكم اليأس , جئنا نرقب الوضع , وبطن العبارة غاص بالسيارات ! وقفنا فترة نرقب , ولا أحد غيرنا بالمكان , فمن ردوه انصرف , ومن حملوه قد استوى راكبا إلا صاحبي شاحنتي بضائع كانا لازالا يسوّيا شاحنتيهما في العبارة .
رآنا أحد الجنود . فنادانا وسألنا عن أمرنا فأخبرناه , قال : ( جيب السيارة ) فأوقفناها على باب العبارة , وأمر صاحبي الشاحنتين بجهد أكبر لترك مفحص قطاة لسيارتنا ! وبعد جهد من ( إرجَع , قدّم , لف يمين يسار ) أدلفت سيارتنا بحمد الله في مكان أحسها ستختنق من ضيقه .
صعدنا نحن وغادرنا الميناء , في رحلة كانت حقا ماتعة , صحبتنا فيها طيور النورس جوا , والأسماك بحرا فقد كانت تعودت أن يرمي لها الناس شيئا , فعلنا معها ذلك فكانت الطيور تخطف ما نرمي وهو في الجو في منظر بديع ينسيك ما مضى من هم
كان الرجال على ظهر العبارة وهو سطح مستو , ما بين مضطجع وجالس وواقف يرقب البحر العجيب وأحياءه , وأرضه التي يبعد قعرها تارة ويقرب أخرى
ولئن كانت رحلتكم ساعتين فرحلتنا أربع ساعات, ولولا خوفي من التعب لسبحت جنبها وسابقتها , فالمسافة خمسون كيلا , وزمن الرحلة أربع ساعات , فالسرعة إذن أقل 31 كيلا . لكنها من أمتع ما رأيت .
جئنا الجزيرة فوجدنا عجبا
وجدنا أهلها ثلاث قرى على جزيرتين . أمها في جزيرة والأخريان في جزيرة
لا تدري قراها هل اكتشف العالم الإسفلت أم لا , الهم غير طريق يربط الجزيرتين , ينطلق من وسط القرية الأم فيعبر المضيق على جسر, ثم يمر بالقرية الثانية فيقف بالثالثة.
ومن عجائب ما رأينا أن قرية كانت ترعى بقطعان الحمير
وأخرى بقطعان الكلاب
وكأن لكل قرية أحياءها , فسبحان الله تعالى !
رأينا بعض الضبا , وعجبنا من لافتاة التحذير من الحيوانات على الطريق , فقد تعودنا أن تكون عباراتها ( عبور جمال ) فوجدناها هناك ( عبور غزلان )
أردنا البيات , فلم نجد شيئا يؤجر , إذ لا علم لهم بالسياحة والسياح , إنما عن الكذب فقد وجدنا على الشاطئ بيوتا جاهزة مرصوصة داخل ( حبس ) من الرمل مكتوب عليها ( فندق ... ) وليت شعري متى كان اشتغل هذا الفندق ؟! إذ لا حسيس ولا رسيس بل رأيناه أطلالا في ظلام دميس .
أنزلنا رحلنا على ( كورنيش , وهو ثلاث ( لمبات ) شوارع مهملة على ساحل البحر , لا يضيء منها إلا واحدة , وكان تحتها غيرنا
نفعنا ما تعودناه أيام الطفولة , قصدنا المصباح الأخير , فضربنا ماسورته بأكبر حجر وجدناه , فأضاء بحمد الله فكان ذاك منزلنا ليلتين.
غدونا بكورا إلى العبارة المحروسة , إذ كانوا أمس أخبرونا أن لا حجز مسبق , بل من شاء السفر يحضر في الموعد و ( لعله ) يركب
زجدنا الناس قد تكدست والسيارات اصطفت تدلف شيئا فشيئا في العبارة
كنا كالمتسولين وقوفا - إذ لا مكان للحجز أو الجلوس - ننظر إذلة لقائد العسكر , فجاءته إشارة بقرب امتلاء بطن المحروسة بالسيارات , فقال , ابدؤوا بالعوائل والشباب يتحملون يومين آخرين !
وضعنا أيدينا على القلوب تتقلب بين قنوط وإحباط وأمل , حتى سلّم الله وقدّر الفرج , فكنا من أواخر الراكبين في رحلة لم تقل متعة عن سابقتها
أحببنا زيارتها مرة أخرى , قبل سنة من اليوم , فوجدنا الميئنا قد تطور , ومكتب الحجز قد تحسن , وأن عبارة سلاح الحدود قد بادت وحل محلها سفينتان فخمتان لوزارة الطرق
وكان الإركاب مجانا , فوجدناه اليوم بـ( فلوس )
وليتها على الفلوس , فقد قالوا لنا : أقرب موعد لجز مركب للسيارات بعد أربعة أيام من اليوم !
فركبنا ( القارب ) أو ما يسمونه الفلوكة , وجلنا فرسان التي تطورت كثيرا وحوت اليوم فندقا فاحش الفخامة فاحش الغلاء , ولم نسكن فيه بل أخذنا منه مشروبا ساخنا بأضعاف قيمته بالسوق العامة !
رأينا الغزلان وقد كثرت ! وصارت قطعانا في الأكمات
ولم نجد مارأينا من قبل من تميّز قرية بقطعان الحمر وأخرى بالكلاب , ولا أدري ما حل بكثرتها هل ماتت أو صدّروها ؟!
أما عن نفسي ففرسان ممتعة , ومن وجد وقتا أخذوه للجزر غير المأهولة يعيش فها ساعات من الخلوة عن الخلق على شاطئ رملي جميل .
لا أدري أين بلديتها عن التشجير وتزيين المتنزهاة والسواحل بالخدمات والخضرة !
ومعذة عن أخطاء الكتابة , فلا جلد بي على المراجعة فقد تعبت أكتب ما توارد على الذكرة هذه اللحظات .
|
|
 |
|
 |
|
[FRAME="15 70"]
الغالي : برق 1
حروفك لامعة ، وبرقها خاطف ، وهمنا قريب ، ( والمطب وأكلناه ) ، وتوبة [/FRAME]
|