|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
19-02-2010, 11:02 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Feb 2010
البلد: القصيم
المشاركات: 2
|
هيلة الفاجح .... سيرة عطرة
[poem="type=0 font="bold large tahoma, verdana, arial, helvetica, sans-serif""][/poem][poem="type=0 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""][/poem] هيلَة الفَاجِح .. سيرةٌ عطِرةٌ بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ، والصلاة والسلام على خير خلق اللّه،أما بعد: ففي زمن قدْ تاهَ بعضُ الخَلِيقَة في أوديَة الغفْلة ومسَارب الرْدَى بحُجّة تغيّر الزمان وندُرة أهل الخير والصلاح وأنّ زمانَنَا قدِ اسْتَدَارَ فلم يعدْ فيه من تسْتَحقُ نسْبته لأهل الخير والصَلاح والإصْلاح..يتأكدُ في موجة هذا الفهم المُنْهَك أنْ تُذْكر محاسنُ موتانا من أهل عصْرنا ليكونوا نماذجَ في إثبات وجودِ أمثال هؤلاءِ الأخيار في زمن الغربة والتوان لعلّ الهمَمَ تنْبعثُ للمنافسة في ميادين الخير والإصلاح وما ينفعُ الأمّة في النهوض من كبْوتِها واللّه المستعان وفي هذا المقطع أترككم مع نموذجٍ من هؤلاء فإلى السطور التالية. حدثّني صاحبي قال: كنتُ في يوم السبت الموافق29/2/1431هـ ، في المنزِل غارقاً في عُمق ظرفٍ لي ، تُحيط بيَ المشاغلُ من كل جانب ، إذْ بأخي يدخلُ عليَّ ولمْ يكن يظهر على تقاسِيم وجْهه ما يُكنُّه بداخلةِ نفْسه ، وبعد التحيّة قال لي:هل علمتَ بفلانة ؟ قلتُ:وماذا ! توفيت ؟! قال:نعم..عنْدها ضاقتْ بي الأرض ، وأكْسَفَ بالي شِدة وقْع الخَبر ، وتركتُ ما بيدي من عمل ، ووجَمْتُ ممّا غالني وأذْهَل لُبي ، وقد ضافَني الهمُ ضَحْوَة ذلك اليوم ، وحلّقتْ طيور الحُزْن فوقَ رأْسي فلم أبرَح أنْ رميتها بقولي: (إنّا لله وإنّا إليْه راجعون ، للهِ مَا أخَذَ وله مَا أعْطى وكلُ شيءٍ عنْده بأجلٍ مسمّى) الحَمْد للّه ، رضينا بمَا قسَمتَ وقضَيتَ ، وحكَمتَ وقدّرتَ ، وهذا هو أجَلُ الإنْسان متى جاءه لا يسْتَأخِرُ عنه ساعة ولا يسْتَقْدِم ، وقدْ كُتِبَ قبل خَلْق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، فما شاءَ اللّه كانَ ومالم يشَأْ لم يكُن ، فلَهُ الحمْد ولهُ المنّة ولهُ الفضل لا نحْصي ثناءً عليه ، وهذا ما ينْبغي أن يكون عليه المؤْمن من الرضا بقضاءِ اللّه وقدره. [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]إنْ جاءَهُ فَرَحٌ أو نابه ترحٌ في الحالتين يقول:الحمد للّه[/poem] كنتُ أفكِّر قبْل قَليلٍ أنْ أقوم بزيارتِها ظناً منّي أنّها في المسْتشْفى ولم أعلم مافي مكنون الغيب منْ أنّها مُمَدّدة على سرير مغسلة الموتى ! ولم يَدُرْ في خَلَدي أنّ كأس المَنِية أقرب منّي إليها ! هكذا هي الدُنيا ! فرحٌ وغم ٌ، ويسارٌ وفَقْرٌ ، ودُنوٌّ وبُعْدٌ ، ورَخَاءٌ وشِدّةٌ ، وأَمْنٌ وخَوفٌ, واجْتِماعٌ وتَفَرقٌ ، وعُسْرٌ ويسْرٌ , وربْحٌ وخُسْرانٌ ، وقُوةٌ وضَعْفٌ ، وصحْةٌ ومَرَضٌ ، وسَراءٌ وضَراءٌ, ورِفْعَةٌ وضَعَةٌ ، ونصْرٌ وهزيمةٌ. [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]طُبِعَتْ عَلى كَدَرٍ وأنْتَ تُرِيدُها صَفْواً من الأقْذَارِ والأكْدَار[/poem] وهذه سُنّةُ فاطرِ الكَون جلّ وعَزّ، ولكنّ السَعيد من ركب قارب النجاة وجدّفَ بمجَادف الإيمان حتّى يجْتاز بُحيرَة الدنيا سَالماً إلى الآخِرة ، فلاَ إله إلا أنْتَ سُبْحانك إنّا كنّا من الظالمين. [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]تَنامُ ولمْ تنَمْ عنْك المَنَايا تَنبّه للمَنيّة يا نَؤومُ[/poem] أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ؟ تلك المرأة الصابرة ، نحسبها كذلك وربُنَا حسيبها.. أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ، تلك المرأة التي عظّها المرضُ بأنْيابه طِوال عشر سنين خلتْ ، تدْخل المستشْفى وتخرج بين فينَة وأختها ، حتى أنّ عاملات المستشْفى عرفْنَها من طول لُبْثِها فيه ، وحُسْن معاشرتِها معَهن ، تُحبِّب نفْسَها إليهنّ بمدِ ما تجود به يدها ، وقد وطِئَهنّ الفقرُ بأظلافه.. أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ، تلك المَرْأَة التِي هي مثالٌ للمسلمَةِ الصابرة ، فكم مرةٍ زُرْتها والمرضُ قد ضَرب بأطْنابه على ذلك الجسم الهَزِيل المرتمي بيْن أحضَانِ العِلَلِ والأوصاب ، فهي لا تستطيعُ إخراج الحروف من بين شفَتيها لطلبِ ما يلزم ، فضلاً عن تبادل ما لايهمُ من تحايا الزُّوَار ! ومع تلك الشدة هي تبادِلنيْ السلام والتحيةِ , وتدعو لي وتسألني عن حالي كأنْ لم يكنْ بها بأس ! فسبحان من لفّها بلِبَاس الصَبر وزَيّنَها بِحِلْيَة اليَقِين ، وأَطَاب نفْسَها بحكمِ القضَاء ، ولسانُ حالها.. [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]رضِينَا بما يقْضِ الإِلهُ على الوَرَى رضِينَا بحُكْم اللّه أحْكَمِ حاكِمِ[/poem] أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ، تلك المَرأة التِي كانَت الصلاةُ همُها..تقول لي:كلّما دخلتُ في الصلاةِ دهَمَني النومُ فلم أفق إلا وقد نسيت ما قرأت من شدّة ضُوارِ الحُمّى ، وأنا في حزنٍ من حالي ! سبحان اللّه ! الأمراضُ تحْتَوشُها من كل جانب ، والحمّى تنْهشُ جسمَها وهي في صلاتها فتَنْسى من شدةِ ألمِها ما تقولُ ، وهي في عذْرٍ من حالها ! ومعَ ذلك هي قلقَةٌ مما هي فيه من عدم إتمامِ صَلاتها ! وبعض الناس قد لفّتْه الصحةُ بثيابها وليس يقْلق منْ تفْويت بعض الفروض..فسبْحان من فاوت بين عباده ! وهذا الاهتمام من (أم عبد اللّه) لم يأت من لا شيء ، وذلك أنّي أذْكر عندما كنتُ أدْرُجُ في مراتع الصبا عندها في البيت..كنتُ أستيقظ أحياناً قبل الفجر فأجدها قد أعَدّت (القهوة والشاي) وهي في زاوية الغرفة قائمةً تصلي وهذا دأبها هي و(أبوعبداللّه) ! فأين عنْها من ارْتَمى بين أحضانِ العافية ورغَد العيش ، ومعَ ذلك قدْ أسرفَ عَلى نفسِه بتَرك الصلاة أوْ تَأخيرها ! [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]أَنَلْهُو وأيّامُنا تَذْهَبُ ونَلْعَبُ والمَوتُ لا يَلْعَبُ[/poem] أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ، التي لم أذْكر في شيءٍ من أحَادِيثي معها أنْ تناولت أحداً بما يكره ! بل كنت أقول لها:أُعْذُرينا عن التقصير في حقك من الزيارة ، فترد عليّ بعطفٍ ونفسٍ رضيّةٍ لا تعْرف للشَرهِ طريقاً:أنتم في حل ، إن أتَيتُم فحيّاكم اللّه ، وإن غِبْتم فحفِظَكم اللّه ووفقكم ، فسبْحان اللّه ! تُكْرِمُ زائِريها بالكَلام الحسنِ ما داموا عنْدها وتُتْبِعهم الدعاءَ حيثُ أبْطَئُوا عنها ، علماً أنّ منْ نقوم بزيارتهم من الأقارب بعضُهم ينقمُ علينا تأخُرنا عنه ! مع أنّنا قد نكون عن قريب زرْناهم ! أحقاً توفيت أمُ عبداللّه ، تلك المرأة التي هي مثالٌ للمرأة الوفية لزَوجِها ، فلم يأتِ ذكرُ (أبوعبداللّه) على لسانها إلا ذكَرَتْه بخير ، وأثْنَتْ عليه بأنّه لم يقصّر معَها ومع أبنائِها ، وهو أيضاً في العزاءِ يترحمُ عليها ويثْني على حميدِ سجَاياها ، بل رأيتَه حريصاً على وداعِها حتى ونحنُ نضَعُ آخِر لبنَةٍ على قبرها ، حتى كاد أن يسْقطَ من شدّة الزحام ، ولكنّ أحد الأحباب أخذ بمجَامعه وثَبّتَه ، بلْ رأيتُ أسرَابَ الدموع تماطَرتْ من عينيه من شدّة وجْدِه عليها ، ولا غَرْوَ فهو يمرُ بخطب يسْتَوكِفُ الدُموع ، ويسْتَمْطِر المآقي ، فما أجمل الألفة بعد هذا العمر المديد ، ولاشكّ أنّ إغْماد الهفَوات في جِراب الصفح والعفو هو مفْتَاح هذه الألفَة. توفيت أمُ عبداللّه ، وقد فقدها أبنَائها ، كيف لا ، وهي الأم للصغير، والكبير ، والقريب ، والبعيد ، فهي كالدَوْحة الغنّاء في ذلك البيت العامر ، وكالرَوضة المَمْطورة أشْرقتْ عليها شمسُ الصبح ، يحيط بها الأولاد والبنات وزوجات الأولاد..تعطِف على هذا وترحمُ ذاك وتَحِن على أولائكَ..فهي أمٌ للجميع حتّى لزوجات أبْنائها اللّاتي أحْزَنهُنّ وقْعُ المُصاب أشدّ منْ أوْلادها..فيا تُرى ما السّر في كلّ هذا ؟ توفيت أمُ عبداللّه ، وأبنائها كبيرهم وصغيرهم قدْوة للمقصرين مع والديهم ، فهم حولها جل وقتهم لا ينْفكون عنها إلا لما له بدٌ ، فهم كجيادِ الصافنات تحومُ حولَ مَوَاقع القطْر ، يتوددون إليها بتقديم خدماتهم لها ، ويَتسابقون في زيارتِها والبَحثِ عن أفضَل المسْتشفيات ، ومُتابعة أوْرَاقها أنّا استطاعوا..وليس ذلك بكَثيرٍ على الوَالدين..فيَا أيُّها الفتية أكملوا المشْوارَ في برِكم بوالدِكم فذلك ما يُرضي ربَكم ووالدتِكم رحمها اللّه. [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]عَليكَ ببر الوالدين كلَيْهما وبرّ ذوي القُرْبى وبرِّ الأَباعِد[/poem] توفيت أمُ عبد الله ، وقد فقدها جيرانُها ، كيف لا يكون ذلك كذلك وهي كثيرة الأيادي على من حولها ، جزْلة العطايا ، وقد حدّثَني من أثِق به عن ابنتها قالت:عندما كانتْ أُمي في أَوَجِ عافيَتها ، كانت لهم جارة كبيرة في السّن تقطُن بيتاً لها مع شغّالتها لوحدهما ، ولمدة عشر سنين كانت أمي إذا أتى والدي بالخبز تأخذ خبْزتين وتجْعل معهما (كرتون جبن) وتبعث به إلى هذه المرأة العجوز ، سبْحان اللّه ! عشر سنين على هذه الحال ! من يصْبرُ على هذا ! فرحمة اللّه على تيك المرأة ، فقد امتثلتْ قول نبيها _ صلى اللّه عليه وسلم _ (يا أبَا ذَرٍ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً ، فَأَكْثِر ماءَها ، وتَعَاهَدْ جِيِرانَكَ). حدّثنا في مجلس العزاء فضيلة القارئْ ، إمام مسجد الشيخ ابن باز رحمه اللّه الشيخ/ أحمد أبا الخيل قائلاً:كانت أمُ عبد الله أماً لنا ، لا أنْسى عندما كنّا ندرجُ في أيام الشباب ما تصنعه من طعام ثمّ تبعث به إلينا وتقول: (هذا عشا من راس) أيْ أنّه لم يكن فضْلةُ طعامنا ، بل هو ممّا لم تمسّه يد لامس ، يقول الشيخ:لم أسمَع كلمة ( من راس) إلاّ من أم عبد الله فجزاها اللّه خيراً عنّا فهي أمُ لنا وللجميع. حدّثَ أبْنَائها أن والدهم (أبو عبداللّه) حفظه اللّه كان إذا أتى بالفاكهة من السوق تقوم والدَتهم (أمُ عبداللّه) بإطْعام الجيران منها.. توفيت أمُ عبد اللّه ، وقد فقدتْها العصافيرُ ! وهل تفْقِد البهائم الإنسان ؟َ! نعم..كيف لا تفْقِدها وهي لا تسمح لأبنائهَا بأن يرْموا بقايا الطعامِ خارج المنزل ! بل تقومُ هي بنْشر سُفْرةَ الطعام في سطْح المنزل ، لتَأتيَ الطيور تأكُل بقاياه ! فالّلهمّ افسح لها في قبرها ونوِّر لها فيه. توفيت أمُ عبد الله ، أمُ المساكين ! لما ياتُرى ؟ حدثّ أبْنائها أنّها كانت طوال سبع سنين خلونَ من عمرها تضع طعام الإفطار عند باب البيت لعامل النظافة !! اللّه أكبر ! سبع سنين ! من يطيق ذلك ؟ لقد أدرَكتْ أمُ عبد اللّه حقيقة قوله _ صلى اللّه عليه وسلم _ : (السَاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ والْمِسْكِيِن كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيِل اللّه ، أوْ كَالّذِي يَصُومُ النَهَارَ ويَقُومُ اللّيْلَ). فرحماك ربي بمن هذه فعلتها مع هذا المسكين الذي ليس بينه وبينها واشج قربى ولا حبل نسب ! [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]لا تَنْهَر المِسْكين يوماً أتى فقدْ نَهاكَ اللّه عنْ نُهْرَتِه[/poem] وفي يوم الإربعاء26/2/1431هـ ، ومع بداية إجازة نصف السنَة تحسّنَ حال أمُ عبداللّه ، وأفاقت مما ألمّ بها ، وباتتْ من العافية على موعد قريب ، وطلبتْ من الطبيب الخروج لرؤية أبنائها الذين اجْتمعوا في بيت والدهم ، فكتَب لها الطبيب خروجاً مقروناً بعودة تكون في يوم الجمعة ، وبالفعل جاءت إلى البيت والأبناء في غاية السرور والفرح ، قد اجتمَعوا بعد تعب الدراسة وكدِّ العمل ، وتسامروا تلك الليلة معها ، والتَفوا حولها ، وبدأتْ رحمها اللّه توزع الحلوى على الصغير والكبير..وشَرَعتْ أفراخُ السعادةِ تُحلِّق فوق رؤوسِهم ، وأخذَتْ طيور السرور تُزَقْزِقُ بينَ جَنَبات البيت ، ولم تعلم تلك الأفْراخُ والطيور أن أسدَ المَنِيَة قدْ كشّرَ عنْ أنيابه واستعدّ للانقضاضِ على تلك الطيورِ ليَسْلِبَ منْ بيْنِها تلك الروح الطيْبة ، ولم يعلمِ الأبناء ما في مكنونِ القدَر من علم الغيب ، وأن والدَتهم جاءَت لتوَدعهم الوداع الأخير..قالت الوالدةُ لأبنَائها سأَغتسلُ قبل الذهاب للمسْتشفى لأنّ غسْلَهم لي ليس بشيءٍ ، إنما هو صبّ الماء على جسمي فقط ، وأنا أريدُ أنْ أتَنظّف وأغتَسل غسلاً حقيقياً ، فقامت رحمَها اللّه واغتَسلت بنفسِها وتنَظّفتْ ولم تعلم أنّ هذه هي الغَسْلة الأخيرة لها في الدنيا وليس بعدها إلا اغْتِسال الموت ، وفي يوم الخميس أخذَ المرض يسْري في داخل ذلك الجسم المكْدود حتّى اظْطرها إلى العودة إلى المسْتشفى ، ودخَلتْ في غيْبُوبةٍ أبْكتِ الأحبة ، وحاولَ الأطباء إنْعاشها ولكنْ هيهات ، فهذه المَنيةُ تُطلُّ برأسها وتمدُ يدَها لتَأْخُذَ روحَها ، وهذا هو الموتُ ليسَ منه واق ولا مهرب ، ولو كان الإنسانُ في أعْتى برجٍ مُشَيدٍ ، هذا هو الموت لا حرسَ يردّه ، ولا تُقْبل فيه شَفاعَةٌ ولا فدْية ، فكل نفْسٍ له ذائِقَة ، ولابد من خَلْعِ لباسِ الحياة ، ولابد من نزْعِ قميص البقاء ، ولابد من لبس ثياب أهل القبور..قد كُتِب على أهل السمواتِ والأرضين..فسُبْحانَ منْ (كُلُ شَيءٍ هَالِكٌ إلاّ وَجْهَهُ) وهو الذي قال: (كُلُ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوت). [poem="type=1 font="bold x-large 'traditional arabic', arial, helvetica, sans-serif""]كٌتِبَ الموتُ على الخلقِ فكمْ فلَّ من جيشٍ وأفْنَى من دولْ أينَ نمـرودُ وكنْـعَانُ ومـن ملَكَ الأرضَ وولّى وعَــزَلْ أينَ من سَادوا وشَادوا وبَنوا هلكَ الكُلُ ولمْ تُغْـنِ القُـللْ سيعـيدُ اللّهُ كُلاً منْهمُ وسَيَجْزِي فاعلاً ما قدْ فعلْ[/poem] وفي فجْر يوم السبت الموافق29/2/1431هـ ، وفي الساعة السادسة تزيدُ أو تنقُص توفيتْ أمُ عبد اللّه وأُسلِمتْ الروحُ إلى بارئِها ، فنزَل الخَبرُ على أبْنائِها فَفَلّ جمْعَهم ، وأطَارَ النومَ منْ مآقيهم ، وأَذابَ أفْئِدَتهم ، وأذْهلَ ألْبَابهم ، ونالهمْ من ذلك الخَبرِ لوعة أحرَقَتْ أكْبَادَهم ، فلا تثْريبَ عَليْهمْ فقدْ مالتْ شمْسُ حبيبَتهمْ للغروب ، وأَفَلَتْ خلْفَ الأفق ، وولَجَتْ إلى عالمِ الآخِرةِ دون رجْعَةٍ تاركةً الدنْيا لنا.. وفي مغْسَلَة الأموات قالت المُغَسِّلَةُ الفاضِلة للنساء:ما شأنُ هذه المرأة وما عملها ، لقد كانَ جسْمها بارداً ليناً على خلافِ عادةِ الأموات وقد كانت تشُعّ نوراً..ولعلّ ذلك من عاجلِ بشْراها..فالّلهمّ اجعَلْ قبْرها روضةً من رياضِ الجنّة وجميع موتى المسلمين. وأخيراً:هذه هي الدنْيا وأيامُها ، فلا صَفْوَ للمَشَارِبِ حتّى تُكَدّرُها شوائبُ الدهْر ، ومن عرف حقيقةَ الدنْيا لم يسْتَشْعر منها الأمان ، فهي دار عبورٍ لا مَقَرّ فيها ، فمن راحلٍ ليومه ، ومن مدْعوٍ لغدِه ، والكُل مُسْتَوفٍ للأجل لا محالة ، ولتعلمْ يا أخي أنّ الميتَ لا تردُّه نارٌ نُلْهِبُها على أكْبَادنا ، وخيرٌ من ذلك قولنا:إنّا للّه وإنّا إليه راجِعون ، ولولا أنّ الموتَ طريقٌ يسْلُكُه عامّة الخلْق لمَا انْشَرَحَ بالعزاءِ صدْرٌ ولا بقي مع ذلك صبْر..وكلُّ مصيبة وإنْ عَظُمتْ فصغيرةٌ في جنْبِ ثواب اللّه..فالزَمِ التقْوى يا أخي فهي أقْوى ظهيرٍ لكَ في حياتك وبعد مَمَاتك ، واعْلمْ أنّ نعْمَةَ اللّه عليك هيَ عروسٌ في ذمْتِكَ مهْرُها الشُكْر ، فزَود نفْسك من الخير وهئ مركَبَاً يسِيرُ بكَ إلى اللّه والدار الآخرة ، ولعلي أُنَكِّس القلمَ وأَكُفّ عن الإطالة فلعلّ ذلك أبْلَغُ في الإبانة. |
19-02-2010, 11:15 PM | #2 |
Registered User
تاريخ التسجيل: Nov 2009
البلد: بـريــدة
المشاركات: 917
|
الله يرحم ام عبدالله ويجمعنا معها في جنات الخلد وجميع موتى المسلمين.........اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــيييييييييييييييييييييييين
|
20-02-2010, 03:21 PM | #3 |
Registered User
تاريخ التسجيل: Feb 2008
البلد: alriyadh + buraydah
المشاركات: 3,889
|
اميييييييييييييييييييييييييييييييييييين
وجزاك الله خيـــر |
20-02-2010, 03:46 PM | #4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2009
البلد: في ارض المحبة
المشاركات: 563
|
لقد كتبت فكفيت ووفيت فحقا انها والدتنا جميعا ..
من اجمل ماقراءت رحمها الله واسكنها الفردوس الاعلى من الجنة .
__________________
رحمك الله يا أسامة .. عشت طريداً ومت غيلة شهيداً . حتى أنه لا يوجد لك قبراً إلا في قاع المحيط ، وأجواف الأسماك فأي حياة عشتها وأي تغيير صنعته في دنيانا،وأي إنسان أنت تراقصت غربان الدنيا بمقتلك ، وأي قبر لك صُنع .وخير من ذلك أي قدوة أصبحت , فسلام عليك يوم حييت وسلام عليك يوم قُتلت وسلام عليك يوم تراقصت أمواج البحار فرحاً باحتواء جسدك . |
20-02-2010, 08:29 PM | #5 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2009
البلد: [][][]جزر الكناري[][][] البشره:[][][] حـنـطـي[] [][]
المشاركات: 1,977
|
رحم الله أم عبدالله
|
24-02-2010, 07:42 AM | #6 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Feb 2010
البلد: القصيم
المشاركات: 2
|
صديقة الجوري غريب احساس بدر الدجى قلم جريء أشكر لكم مروركم الكريم
|
الإشارات المرجعية |
|
|