بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الـــمـــروءة .. للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 30-04-2004, 05:58 PM   #1
اللاجئ إلى الله
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 276
الـــمـــروءة .. للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد

بسم الله الرحمن الرحيم



المروءة

محمد بن إبراهيم الحمد



الحمد لله الوهَّاب الرزَّاق، والصلاة والسلام على من بُعِثَ لإتمام مكارِم الأخلاق، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تَبِعهم بإحسان إلى يوم التلاق.

أما بعد:

فإن المروءةَ خَلَّةٌ كريمة، وخَصْلَةٌ شريفة، تَجْري في مُنْشئات الأدباء، ويُتَحَدَّثُ عنها في علوم الشريعة والأدب والأخلاق.

ولقد عُرِّفت المروءةُ بتعريفات عديدة لا تكاد تحصر، ولا تنافي بين أكثر تلك التعريفات؛ فالاختلاف فيها لفظي، ومن باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، وأكثر تلك التعريفات إنما هو من قبيل التعريف بالمثال وببعض الأفراد.

فمما قيل في تعريف المروءة ما يلي:

1- هي كمال الرجولية.

2- هي صيانةُ النفس عن كل خُلُقٍ رديء.

3- وقال الأحنف بن قيس: المروءة العفة والحرفة.

4- وقال ميمون بن ميمون: أول المروءة: طلاقةُ الوجهِ، والثاني: التودُّدُ، والثالث: قضاء الحوائج .

5- وقال ابن هبيرة: المروءة إصلاح المال، والرَّزانة في المجلس.

6- وقيل: مروءة الرجل صدقُ لسانه، واحتمال عثرات جيرانه، وبذل المعروف لأهل زمانه، وكفُّه الأذى عن أباعده وجيرانه.

7- وقيل: المروءةُ إنصاف الرجلِ مَنْ هو دونه، والسُّمُوُّ إلى مَنْ هو فوقه، والجزاءُ بما أوتي إليه.

8- وقيل: المروءةُ إذا أُعْطِيتَ شكرتَ، وإذا ابتليت صبرت، وإذا قدرت غفرت، وإذا وعدت أنجزت

9- وقيل: المروءة حسن العشرة، وحفظ الفرج، واللسان، وترك ما يعاب به.

10- وقيل: هي ألا يأتي الإنسان ما يُعْتَذَر منه مما يحط مرتبته عند أهل الفضل.

11- وقال أبو العميثل أبياتاً جمعت خلالَ المكارمِ، وموجباتِ السؤدد، وتفاريق المروءة، قال فيها:

فاصدقْ و عَفَّ وبِرَّ وارفقْ iiواتئِدْ * واْحْلِمْ ودارِ وكافِ واصبر واشْجَعِ
والطف ولِن وتأنَّ وانْصُرْ واحتملْ * واحْزِمْ وجِدَّ وحامِ واحملْ وادفعِ
هذا الطريق إلى المكارم iiمهيعاً * فاسلك فقد أبصرت قصد iiالمهع


12- وقال بهرام بن بهرام : المروءة اسم جامع للمحاسن كلها .

13- وسئل عبد الله الفارسي عنها فقال: التَّألُّفُ، والتَّظَرُّف، والتَّنَظُّفُ، وترك التكلف .

14- وقال الشربيني: أحسن ما قيل في تفسير المروءة أنها تخلُّقُ المرء بأخلاق أمثاله من أبناء عصره ممن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه
15- و قال ابن سلاَّم: ما من شيء يحمل على صلاح الدين والدنيا، ويبعث على شرف الممات والمحيا إلا وهو داخل تحت المروءة.

هذا بعض ما قيل في المروءة، ولا خلاف بين من تحدثوا عنها أن هناك آداباً لا يعلو مقام الرجل في المروءة إلا بالمحافظة عليها.

وبين أيدينا منابع للمروءة عذبة صافية هي: الكتاب الحكيم، والسنة المطهرة، وآثار العظماء من سلفنا الصالح، وما أثر عن الحكماء وأهل المروءات.
من مقومات المروءة وآدابها:

إليك أيها القارئ الكريم جملةً من الآداب التي يزداد بها معنى المروءة وضوحاً، وترتفع منزلة القائم بها درجات.

1- أن يكون المرء ذا أناةٍ و تُؤَدَةٍ، فلا يبدو في حركته اضطراب أو عجلة، كأن يكثر الالتفات، أو يعجل في مشيته عجلةً خارجة عن حد الاعتدال، أما السرعةُ بمعنى عدمِ التباطؤ فدليل الحزم، ومن مقومات المروءة.

2- حسن البيان، وجمال المنطق، والترسل في الكلام.

3- حفظ اللسان عن أعراض الناس، وعن ساقط القول ومرذوله.

وحذار من سفهٍ يشينك iiوصفه * إن السفاه بذي المروءة زاري


4- ملاقاة الناس بوجه طلق، ولسان رطب دون بحث عما تكنه صدورهم، وتنطوي عليه سرائرهم.

كان الحسن بن سهل يقول: المروءة والشرف في البِشْر، ولا يصلح للصَّدْر إلا واسع الصدر.

5- الإصغاء لمن يتحدث، ولو كان حديثه مكروراً معلوماً؛ فإن ذلك يغري بمحبة من يصغي، ويشعر المتحدث بقيمته، وإلى هذا المعنى الجميل يشير أبو تمام في قوله :

من لي بإنسان إذا iiأغضبته * وجهلت كان الحلم ردَّ جوابه
وتراه يصغي للحديث iiبقلبه * وبسمعه ولعله أدرى iiبه


6- الصراحة، والترفع عن النفاق والمواربة؛ فلا يبدي لشخص مودة وهو يحمل له العداوة، ولا يشهد له باستقامة السيرة وهو يراه منحرفاً عن سواء السبيل.

فسري كإعلاني وتلك iiسجيتي * وظلمة ليلي مثل ضوء نهاريا


والمراد أن صاحب المروءة لا يتخذ الملق والرياء عادة له، أما إذا اقتضت الحكمةُ إخفاء بعضِ ما يضمر من نحو الصداقة والعداوة – فإن ذلك من مكملات المروءة.

7- ألا تطيش به الولاية في زهو، ولا ينزل به العزل في حسرة.

8- ضبط النفس عند هيجان الغضب، أو دهشة الفرح.

9- الوقوف موقف الاعتدال في السراء والضراء، قال البعيث:

ولست بمفراح إذا الدهر سرني * ولا جازع من صرفه iiالمتقلب


وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي :

قد عشت في الدهر أطواراً على طرقٍ * شتى فصادفت منها اللِّيْنَ والبشعا
كلاً بلوت فلا النعماءُ iiتُبْطِرني * ولا تخشعت من لأوائها iiجزعا
لا يملأ الهولُ قلبي قبل وقعته * ولا أضيق به ذرعاً إذا iiوقعا


10- إكرام الضيف، والتَّطَلُّقُ له، والقيام على خدمته، وألا يكلف المرء زائريه بأي عمل ولو قلَّ، كأن يطلب من ضيفه أن يناوله كتاباً، أو كأساً أو نحو ذلك، خصوصاً إذا كان الضيف غريباً، أو ليس ممن ترفع معه الكلفة، قال عمر بن عبد العزيز : " ليس من المروءة استخدام الضيف ".

11- المروءة تنادي صاحبها أن يسود مجلسه الجدُّ، والحكمة، وألا يسوده إسفاف في مزاح، أو إسراف فيه .

12- ألا يفعل المرء في السر ما يستحيي منه في العلانية، مما يخل بالمروءة، ويزري بصاحبها.

13- لزوم الحياء.

14- صدق اللهجة.

15- حفظ الأسرار.

16- العدل والإنصاف.

17- العفة عما في أيدي الناس.

18- الغيرة على الدين و المحارم.

19- كبر النفس وعلو الهمة، والترفع عن الدنايا ومحقرات الأمور.

20- الوفاء للإخوان.

21- قضاء حوائج الناس.

22- التودد إليهم والحرص على إدخال السرور على نفوسهم.

23- لزوم التواضع.

24- تحمل ضيق العيش .

25- تجنب إظهار الشكوى من حوادث الدهر إلا عند تقاضي الحقوق، ومن أحكم ما قالته العرب:

ولربما ابتسم الكريم من الأذى * وفؤاده من حَرِّهِ iiيتأوه


26- تَجَنُّبُ المنةِ وتعدادِ الأيادي إلا في مواضع العتاب، والاعتذار لا لإظهار المنة، وإنما للتذكير بالود السالف .

27- الحذر من إيذاء الآخرين، أو جرح مشاعرهم بقول، أو فعل، أو إشارة.

28- الشوق للإخوان، والحنين للأوطان، والبكاء على ما مضى من الزمان؛ قال ابن عبد البر -رحمه الله-: " قيل لبعض الحكماء: بأي شيء يعرف وفاء الرجال دون تجربة أو اختبار؟ قال: بحنينه إلى أوطانه، وتلهفه على ما مضى من زمانه "

وقال -رحمه الله-: " عن الأصمعي قال: قال أعرابي: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل، ودوام عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه"

29- البر والصلة للوالدين والأرحام.

30- مقابلة الإساءة بالإحسان.

31- قبول المعاذير من المعتذرين.

32- السخاء في كافة صوره، من سخاء بالنفس، أو العلم، أو المال، أو الجاه، أو الخدمة، أو السخاوة عما في أيدي الناس، أو السخاء بالعفو، ونحو ذلك من أنواع السخاء.

33- صيانة العرض، والبعد عن مواطن الريب والسخرية.

34- الإعراض عن الجاهلين.

35- التغاضي.

36- السماحة بالبيع والشراء من غير ضعف ولا عجز.

37- الإتحاف بالهدايا.

38- الحلم وكظم الغيظ.

39- إنزال الناس منازلهم.

40- قلة الخلاف على الأصحاب خصوصاً في السفر.

41- نشر الجميل، وستر القبيح عمن تفارقهم.

42- نظافة البدن.

43- طيب الرائحة.

44- العناية بالمظهر بلا إسراف ولا مخيلة.

45- قبول النقد الهادف والنصيحة الصادقة بقبول حسن وصدر رحب.

46- تجنب الفضول من الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام.

47- مراعاة العادات والأعراف ما لم تخالف الشرع.

48- مراعاة أدب الغربة.

49- مجالسة أهل المروءات.

50- استكثار القليل من معروف الآخرين، يقول سفيان الثوري -رحمه الله- : " إني لأُريدُ شربَ الماءِ ؛ فيسبقني الرجل إلى الشربة، فيسقينيها، فكأنما دَقَّ ضلعاً من أضلاعي ؛ لا أقدر على مكافأته ".

51- نسيان الإنسان معروفه، واستقلاله إذا قدمه للآخرين.

52- القيام بحقوق الجيران من كف الأذى عنهم، واحتمال أذاهم، وحمايتهم، ونصرتهم، والإحسان إليهم، وإكرامهم .

53- التقوى؛ فهي جماع المروءة، وأولها، وآخرها، وواسطة عقدها .

لذة المروءة وفضلها:

وإذا كانت المروءة تقتضي الإعراض عن كثير من اللذات – فإن المروءة نفسَها لذةٌ تفوق كل لذة في هذه الحياة، وإن كان في حفظ المروءة ملاقاةُ كثيرٍ من المشاق فإن راحة الضمير التي يجدها الرجل عندما يبلغ في المروءة غايةً ساميةً تُنسيه كلَّ مشقة، ولا يبقى معها للتعب باقية، وإذا نظرنا في تفاصيل الأخلاق والآداب التي تقوم المروءة على رعايتها وجدناها تبعث على إجلال صاحبها، وامتلاء العين بمهابته.

التربية على المروءة:

وبعد أن تبين لنا كيف انتضمت المروءة أخلاقاً سنيةً، وآداباً مضيئةً، وعرفنا أن رسوخ هذه الأخلاق، والآداب في النفس يحتاج إلى صبر، ومجاهدة، ودقة ملاحظة، وسلامة ذوق – فإنه حقيق بنا أن نربي أنفسنا على رعايتها، ونربي أولادنا، ومن تحت أيدينا على ذلك الخلق منذ عهد التمييز حتى لا تسبق إليهم أخلاق غير نقية، وعادات غير رضية، فتحول بينهم وبين الفضائل، فلا تجد المروءة إلى نفوسهم مدخلاً.

وإذا ربَّيناهم على خلق المروءة حمدوا أُبُوَّتنا، وحسنَ تربيتنا، وكانوا قرةَ عينٍ لنا، وأسوة لأحفادنا، وزينة لأمتنا، وبذلك يفوزون بالعزة في الدنيا، والسعادة في الآخرة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه

17/ 8 / 1420هـ

http://www.toislam.net/files.asp?ord...=1465&per=1111
__________________
( اتق الله حيثما كنت )
من السهل جدًا أن نستخدم الإسلام ، ولكن من الصعب جدًا أن نخدم الإسلام
اللاجئ إلى الله غير متصل  


قديم(ـة) 08-05-2004, 07:29 PM   #2
العمود
عـضـو
 
صورة العمود الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2003
البلد: alamod640@live.com
المشاركات: 3,413
جزيت خيراً أخي الفاضل ..

كلام من ذهب من رجل ذهب ..
العمود غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 02:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)