بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » القصيم والعقيلات

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 02-02-2005, 04:01 PM   #1
كاشف الضباب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 82
القصيم والعقيلات

العقيلات




1) - أساس التسمية :

العقيلات واحدهم عقيلي والجمع عقيلات وجمع الجمع عقيل ..
وهم فئة من قبائل عربية متحضرة في أغلبهم يدخل معهم أعداد من القبائل العربية المتنقلة، تربط بينهم مصالح مشتركة، يعملون أينما وجدوا هذه المصلحة، في أي نشاط من أنشطة الحياة المختلفة، فهم يعملون بالتجارة بمختلف السلع، كما يعملون بمختلف المرافق التي يحصلون منها على فائدة، كما يقومون بعملية نقل البضائع والمسافرين والحجاج وغير ذلك من المهام التي تعود عليهم بالنفع ولا تتنافى مع دينهم وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم العربية الأصيلة، وقد تباينت الآراء في سبب تسميتهم بالعقيلات، فمن قائل بأن التسمية كانت لها جذور تاريخية تمتد حتى القرن الرابع الهجري الحادي عشر الميلادي ومنهم من يرى بأن هذه التسمية بدأت من منتصف القرن الثاني عشر الهجري الثامن عشر الميلادي، ومنهم من يرى أنها بعد ذلك، ومن يرى قدم التسمية، يعزو التسمية إلى قبيلة عقيل التي انطلقت منها هذه الفئة باتجاه إلى العراق والشام ومصر، ومن يرى أنها في القرن الثاني عشر يجعل منطلق التسمية من العراق في عهد الحكم التركي عندما كان أفراد هذه الفئة يرتدون "الغترة والعقال" أثناء عملهم في الجيش العثماني بالعراق على خلاف العثمانيين الذين يرتدون الطربوش، أما الرأي الثالث فيرى أن التسمية مشتقة من عقلهم الإبل بالعقل وغير ذلك من التعليلات، ولو ألقينا نظرة على بعض التفصيل لهذه الآراء لكان ذلك أجدى وأنفع .

فصاحبُ رأيٍ يقول : كان بنو عقيل أهل الشوكة والحضارة على البراري في عهد العيونيين من عبد القيس، في القرن السابع الهجري ومن مرتكزاته التاريخية ما يلي:
أ - بنو عقيل تعمر البحرين (الاحساء) وما بين العراق والحجاز أي جميع أطراف نجد الشمالية الشرقية.
ب - أن عقيل لها سيادة القوافل وخفارة الطرق خلال سبعة قرون.
ج - أنها ذات رحلة وجلب منذ ذلك التاريخ.
د - أنها أي عقيل ذات مشاركة في السلطة تارة وذات حكم مستقل تارة أخرى إلى نهاية رأس الألف الهجري.
هـ - أن من عاش في بلاد يحكمها العقيليون سبعة قرون فمن المستبعد ألا ينسب إلى جنسية دولته، فنسبة عقيلي نسبة الرعية إلى قبيلة الراعي.
و - أن العقيليين أهل إبل وخيل وتجارة ومن المستبعد أن تلحظ هذه الحرفة المشتركة في التسمية اللغوية.
ز - أن العقيلات أطلقت فيما بعد الألف أي بعد انقراض الدولة العقيلية، وقد شاع في الاستفاضة الخاطئة أن بني خالد عقيليون فلا يستبعد بأن يقال أن كل من جاء من تلك الأصقاع فهو عقيلي وإن كانت الأسرة الحاكمة خالدية، ويلاحظ أن تجارة العقيلات من أهل نجد التي كانت فيما مضى مقاطعة عقيلية قد غمرت شمال الجزيرة والشام والعراق ثم مصر بتجارتها، كما يلاحظ أن العقيلات أخلاط من الأسر والقبائل والنسبة رعوية وليست قبلية، فلهذا يرجح أحد معنيين: أن العقيلي نسبة رعوية لدويلات عقيلية، وإن لم تكن من قبيلة واحدة، أو أن العقيلات على التشبيه ببني عقيل ذوي التجارة من أهل تلك البلاد والعقيلات ليست من إطلاق أهل نجد وإنما إطلاق غيرهم عليهم .

وفي بداية عهد الخلافة العباسية كان العراق مملوءاً بالعقيليين وهاجر بطن منهم وسكنوا البطحاء أو البطائح في منطقة البصرة وشعبة من بني عقيل التي حكمت الموصل من بين ظهرانيهم وامتدت بلاد العقيليين من بغداد إلى حلب وكان آخر حاكم من العقيليين هو علي بن مسلم الذي دام حكمه على الموصل حتى عام 489هـ 1095م .

وجاء في كتاب مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري بتفصيل أكثر فقد قال: خرج بنو عقيل من البحرين إلى العراق حيث ملكوا الكوفة والبلاد الفراتية وأصبحوا رعايا لبني حمدان الذين كانوا يحكمون الموصل ثم غلبت عقيل الحمدانيين على الموصل عام 380هـ990م وكان بعضهم في حوران والبثنية تزعمهم ظالم بن موهوب العقيلي، واسس أبو الداود محمد بن المسيب العقيلي الدولة العقيلية في الموصل وقد اشتهر من ملوكها في الفترة 386-479هـ-996-1087م المقلد بن المسيب العقيلي الملقب حسام الدولة وقرواش بن المقلد العقيلي الملقب معتمد الدولة وقريش بن بدران العقيلي الملقب علم الدين أبو الموالي، ومسلم بن قريش العقيلي الملقب شرف الدولة أبو البركات، وكانت بنو عقيل قبيلة مشهورة تأخذ تجارتها حتى مصر .

وبنو خفاجة من عقيل احتفظوا بدلالة القوافل وحراستها حتى عام 727هـ1327م يشتغلون أدلاء على القوافل التي تأخذ طريقها من العراق إلى الشام واليمن والجزيرة العربية، يقول الرحالة ابن بطوطة في كتاب تحفة النضار في غرائب الأمصار من عام 725-732هـ-1324-1331م سافرت إلى البصرة صحبة رفقة كبيرة من عرب العقيلات وهم أهل تلك البلاد ولهم شوكة عظيمة وبأس شديد ولا سبيل للسفر لتلك الأقطار إلا في صحبتهم فأكثرية جمالاً على يد أمير تلك القافلة وهو سامر بن دراج الخفاجي .

وأصبحت قيادة القوافل وخفارتها وحراستها وبيع الإبل وجلب البضائع من نصيب بني خالد طوال فترة حكمهم التي دامت من عام 1080 حتى 1208هـ / 1169-1793م بل إن كل التقارير تشير بوضوح إلى بني خالد ومسئوليتهم عن حماية القوافل ومسئولية أميرهم في تعيين رئيس القافلة التي تخرج من الاحساء وتمر بالزبير وتنتهي إلى الشام، وبما أن بني عقيل القدامى اشتهروا في العراق منذ بداية سيطرتهم على البحرين بما فيها الاحساء ثم ما كان بعدئذ من إقامتهم الأمارة في العراق ولهذا أصبح العراقيون يشيرون إلى كل وافد من شبه الجزيرة العربية بهذا اللفظ عقيلي .

عاش العقيلات مجموعة متجانسة حتى اعتقد بعضهم أنهم يرجعون إلى نسب واحد، وما ذلك الاعتقاد بصحيح، وإذا صح التعبير فهم مجموعة عسكرية اقتصادية متجانسة تأثرت بكل ما اعترى المنطقة من خير وضير، عملوا في التجارة التي هي قلب الأمن ورئته فقد أورد ابن سند البصري: أن العقيلات فئة من أهل نجد المعروفين بعقيل، أما سليمان فائق بك فيقول إن عشيرة العقيلات تتكون من فرقتين الأولى من نجد وهم "القصيمات" والثانية وإن كان أصلها من نجد إلا أنها ترجع إلى شمر الجربا، أما "موريزي" 1224هـ/ 1809م فيقول إن لفظ العقيلي يطلق على الجندي العامل في حراسة قوافل المسافرين عبر الصحراء أو عبر أراضي دجلة والفرات، أما "داوتي" فيعرف العقيلات بقوله: بأن عقيل كانت مهنة لهؤلاء الجماعة ولم تكن رابطة نسب ولا دم، وأنها كانت الجندية والحراسة، ولعل هذا يؤكد بشكل لا لبس فيه ولا غموض بأن عقيل مهنة ولا تدل على نسب فالرجل يكون مزارعاً وابنه عقيلي، وتُعِّرفُ المخابرات البريطانية العقيلات بقولها: إن العقيلات ليسوا قبيلة ولكنها منظمة لها طبيعة الرابطة أو الهيئة أو التجمع حول تنظيم معين وليس لهم ارتباط بقبيلة عقيل القديمة من أهل الشمال التي يدعى المنتفق انحدارهم منها، إذ يبدو أن تلك القبيلة انتهت كوحدة، أما عقيل الحاليون فهم من حواضر عرب نجد أو من بدو الإحساء والعارض والقصيم وجبل شمر أما الحضر من بني تميم وبني خالد نجد والقصيم فهم أكثر فئة تفي بأهداف هذه الجماعة، أما عبدالكريم أبا الخيل فيقول: إن العقيلي لقب يطلقه أهل العراق عامة بلفظ "العكيلي" وأهل بغداد خاصة على كل عربي أصله من البادية نزح من نجد وتوطن العراق وأوكل إليه أمر تسيير القوافل التجارية وهدايتها وحمايتها بين حواضر العراق وبوادي الجزيرة العربية وذلك لما له من خبرة في معرفة سبلها ومجاهلها ولما له من عصبية عشائرية تحميه وتحمي معه القافلة التي يكون فيها فتسير في الصحراء آمنة مطمئنة .

أما إبراهيم المسلم فيقول: العقيلات اسم أطلق على جماعة من أهل القصيم تجاراً للمواشي من الإبل والخيل اتخذوا من الشام ومصر والعراق سكناً لهم يروحون ويغدون بقوافلهم، ولم يكونوا بتكويناتهم التي عرفوا بها ينتمون إلى قبيلة عربية واحدة وإنما خليط من القبائل العربية التي تحضرت وسكنت منطقة القصيم والبلاد المجاورة لها يجتمعون حول كلمة عقيل، ويقول الدكتور عبدالعزيز عبدالغني إبراهيم بأن هذه الجماعة ويعني العقيلات تنظيم عثماني إقامه ولاة بغداد لضبط شئون القادمين إلى تلك المدينة من حواضر نجد المختلفة اعتباراً من منتصف القرن الثاني عشر الهجري 1160هـ الثامن عشر الميلادي 1750م ولما كان أهل القصيم أكثر النازحين من نجد إلى العراق عدداً علقت بهم التسمية واشتهر بها فريق منهم دون سواهم .

أما الشيخ سليمان بن ناصر الوشمي أحد العقيلات فيقول: العقيلات تسمية أطلقت على النجديين الذين سكنوا شمال العراق حيث استعان بهم العثمانيون ضد البادية واستخدموهم كقوة عسكرية، وكان شعار الدولة العثمانية "الطربوش" وشعار العقيلات "الغترة والعقال" ومن العقال جاءتهم التسمية .

وعلى هذا فمن قائل بان التسمية كانت للعقال الذي يعصبون به رؤوسهم والذي ميزهم عن غيرهم من جنود العراق الأتراك وهذه الشارة لم تكن في العراق لسواهم، والرأي الثاني أن التسمية لحقت بهم من بني عقيل الذين اشتهروا قبل هذا بتجارة الخيل والإبل ودخل العقيلات تحت هذا المسمى بنسبة المهنة نفسها ويرى البعض ترجيح الرأي الأول والبعض ترجيح الرأي الثاني .

وأرى أن ترجيح الرأي الثاني أقرب للصواب طالما أن هذه التسمية قد لازمت هذه المهنة طيلة تلك المدة منذ عدة قرون اعتباراً من القرن الرابع أو الخامس الهجري ومروراً بالقرن الثامن الذي أشار إليه ابن بطوطة والقرن التاسع الذي أشار إليه العمري وتمتد حتى القرن العاشر فالقرن الثاني عشر الهجري عندما حلت سلطة بني خالد محل العقيليين وبدأت تنظيم القوافل وحمايتها ورعايتها من مهامهم وذلك قبل أن يستعمل اللفظ من قبل السلطات العثمانية بالعراق وجاءت التسمية العثمانية لتمييز جنودها العرب المستخدمين في صفوف قواتها ولم تكن التسمية نابعة من فراغ كما أشارت إلى ذلك بعض الآراء بان كل من يأتي من ناحية الجزيرة العربية أو باديتها يسمى عقيلياً، ولهذا فالتسمية لها جذور تاريخية اعتمدت عليها وربما جاءت التسميات اللاحقة مستندة عليها لأن "العقال" الذي يلبس فوق الرأس كان يسمى "معصب" أو "عصابة" حتى عهد قريب وإنما العقال الصحيح هو الذي يعقل فيه البعير، وإذا كان العثمانيون قد ميزوا جنودهم العرب بلبس "العقال والغترة" باعتبارها أشياء ألفوها في بيئتهم وذلك بتمييزهم عمن يلبسون "الطربوش" من جنودهم الأتراك فهذا أمر طارئ انطلقت منه التسمية لهذه الفئة من العسكريين غير أن هذا لا ينطبق بالضرورة على أصحاب المهن الأخرى من تجار وناقلين وموردين ومصدرين ولو كان الأمر كذلك لصارت التسمية لأولئك الذين يعملون في السلك العسكري فقط لكن التسمية كانت أعمق من هذا، فهي عميقة الجذور وتشمل الفئات المشار إليها آنفاً من تجارة ونقل وغيره وهؤلاء الذين سماهم العثمانيون فئة قليلة وطارئة لا تشمل العديد من القطاعات التي يشغلها العقيلات في مختلف جوانب الحياة التي تتضح في مادة هذا الكتاب، وخلاصة القول أن اسم العقيلات له جذور تاريخية قديمة نابعة من المهنة التي كانت تعمل بها قبيلة عقيل ثم من جاء بعدها ويعمل بنفس العمل حتى عرفوا بهذه التسمية وما التسمية العثمانية إلا جزء لاحق من التسمية الشائعة والمتعارف عليها في القطر العراقي ثم امتد إلى الأقطار العربية الأخرى التي مارس العقيلات نشاطهم فيها عبر مئات السنين.

2) - وقت العقيلات :

يمتد الوقت الذي شغلت فيه هذه الفئة التي سميت بها فيما بعد إلى بضعة قرون خلت وبلغت عنفوان قوتها في القرون العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ونصف القرن الرابع عشر الهجرية حيث توقف نشاطها تماماً عام 1370هـ / 1950م حينما حلت السيارات محل الإبل والخيل في الحياة العامة والمواصلات والنقل في البلاد العربية وبالذات بين بلدان الجزيرة العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وبين الأقطار العربية المجاورة، وبنظرة إلى بداية أصحاب هذه المهنة التي كانت في البداية تقوم بها قبيلة بعينها ثم أصبح فيما بعد لفرع من هذه القبيلة شوكة في شرق الجزيرة العربية زادت عمق التسمية وبقيت هذه السلطة العقيلية عدة قرون من الزمن أضفت على التسمية وصبغتها بصبغة اشمل فأصبح أهل القطر الأكثر التصاقاً بهذه السلطة يطلقون على كل من جاءهم من هذه الناحية لقب عقيلي ثم ورثت هذه السلطة سلطة أخرى وإن لم تكن عقيلية مائة بالمائة إلا أنه انسحب عليها من حيث التسمية العامة ما انسحب على سابقتها وعندما استخدمت شريحة من هذه الفئة في قوة الأتراك العسكرية وما صاحب ذلك من الأحداث التي اشتركوا فيها سواء فيما يتعلق بالنزاعات والصراعات الداخلية بين الولاة العثمانيين أنفسهم أو فيما دار بين تلك الفئات والقبائل العربية المتصارعة داخل العراق أو في الأحداث التي جرت بين العثمانيين والفرس كما سنرى ذلك في مكانه لاحقاً، وما كان لهذه الفئة من مواقف مميزة، وما ابلاه أفرادها من بلاء حسن، كان لهذه المواقف دوي هائل في الأوساط التي عايشت هذه الأحداث مما جعلهم يطلقون هذه التسمية بصوت قوي مدوي على هذه الفئة التي واكبت تلك الأحداث مما جعل تسمية هذه الشريحة تغطي على الشرائح الأخرى التي تقوم بعمليات التجارة والنقل العام بين الجزيرة العربية والأقطار العربية المجاورة لها، بل تعدت مهمتهم هذا الحيز المحدود إلى ربط التجارة العالمية بين الشرق والغرب عبر موانئ الخليج العربي وموانئ شرق البحر الأبيض المتوسط، وهم الذين يقومون بعملية النقل عبر اليابسة وذلك قبل حفر قناة السويس استمر هذا الازدهار بأيدي العقيلات ردحاً من الزمن، كما لعبوا دوراً مهماً إبان انتقال الغرب إلى الشرق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين سواء فيما يتعلق بنقل التجارة العالمية أو نقل الرواد الأوائل من مكتشفين ومستشرقين وتجار، كما واكب تواجدهم على الساحة فترة اندفاع الأطماع الاستعمارية الغربية نحو الشرق من برتغاليين وإنجليز وهولنديين وفرنسيين فلعب العقيلات دوراً مهماً في هذا الجانب سلباً كان أو إيجاباً وسنرى ذلك في مكانه لاحقاً وبدأ دورهم يتناقص في عد تنازلي بعد حفر قناة السويس وانحسار التجارة العالمية عبر الممر القاري الذي كانوا يشغلونه واقتصر نشاطهم على التجارة الداخلية من الجزيرة العربية وإليها وبعض الخدمات التي بقيت لهم في الأقطار العربية التي لا تزال ترزح تحت سلطة الأتراك حتى إذا قامت الحرب العالمية الأولى انتهى دورهم من هذا الجانب كما جاءت عملية اقتسام الأقطار العربية التي كانوا يمارسون نشاطهم بها بين كل من بريطانيا وفرنسا واصطناع كيان اليهود في فلسطين ووضع الحدود بين الأقطار العربية مما عرقل مسيرتهم وكلفهم الكثير من الجهد والمال ومحدودية الحركة ثم جاءت قاصمة الظهر بالنسبة لهم وهي استخدام وسائل النقل الحديثة من سيارات وطائرات بين الجزيرة العربية والأقطار المجاورة واستغناء الناس عن استخدام الحيوانات في النقل والركوب والجر والحرث وبذلك وضع آخر العقيلات عصا الترحال حوالي عام 1370هـ 1950م بعد رحلات متوالية وخدمات متصلة استمرت قرابة ثمانية قرون.

3) - فئات العقيلات :

ينقسم العقيلات إلى عدة فئات سواء من حيث حجم التجارة التي يتعاملون بها أو كبر قوافلهم واستعداداتهم وخدماتهم وهم في الغالب يتكونون من ثلاث مستويات:

أ - المستوى الكبير سواء في حجم التجارة أو حجم القوافل وهؤلاء الذين تصل قوافلهم إلى ما بين 300-400 رعية من الإبل والرعية من الإبل تتكون من 81 أو91 بعيراً والخيل ما بين 100-200رأس وتصل أعداد ما تحتويه الحملة إلى ثلاثة آلاف من الإبل والخيل أو أن تكون قوافلهم التجارية التي تصل إلى 300-400 شراع أو خيمة والشراع لخبرة تتكون من 6-10 أشخاص وتحتاج مثل هذه القوافل الكبيرة إلى آلاف الأشخاص الذين يصحبون مثل هذه القوافل من حراسة مسلحة وعاملين بمختلف شئون القافلة من رعيان للإبل ومساعدين وأدلاء ومعرفين وطلائع أو "قلوطاً" ومن يقومون بخدمة هؤلاء الرجال من إعداد الطعام ونصب الخيام وتحميل الأحمال وإنزالها وغير ذلك من مهام هذه القافلة ومثل هذه القوافل الكبيرة تحتاج إلى وقت طويل من الإعداد والتجهيز والترتيب ومسيرها يكون بطيئاً فقد يستغرق إعداد القافلة ومسيرها ووصولها إلى هدفها حوالي ستة أشهر أي أن مثل هذه القوافل تتحرك مرتين في السنة للقافلة الواحدة والتاجر أو الناقل الواحد خلال السنة.
ب - القوافل المتوسطة وهي التي يكون حجمها أصغر من الأولى وتتراوح ما بين 100-300 رعية من الإبل والخيل أو ما بين 100-300 شراع وتكون حاجتها من الرجال أقل من حاجة الأولى لمختلف الخدمات وحركتها أسرع إذ لا تحتاج في إعدادها وترتيبها سوى وقت قصير ومثل هذه القافلة يمكن أن تتحرك من ثلاث إلى أربع مرات في السنة سواء فيما يتعلق بتجارة المواشي أو التجارة العادية أو النقل وتمتاز القوافل المتوسطة بسرعة الحركة ويملكها في الغالب التجار والناقلين متوسطي المستوى وأحياناً يلجأ إليها التجار والناقلون الكبار تبعاً للضرورة ومتطلبات الوضع.
ج - القوافل الصغيرة وهذه التي تتكون من أقل من 100رعية أو 100شراع وهذه تتطلب أقل من سابقتيها وتمتاز بسرعة الحركة وتستخدم عادة في الظروف المستعجلة على الأغلب وذلك عندما ترتفع أسعار سلعة معينة أو يرد سلعة جديدة أو عندما ترتفع أسعار الإبل أو الخيال في مكان ما، فإن العقيلات يسارعون لاهتبال تلك الفرصة والفوز بمكاسبها، أو عندما تكون البضاعة المنقولة مما خف حملة وغلى ثمنه وتتحرك مثل هذه القوافل الصغيرة في السنة من 5-6مرات.
د - توجد فئة رابعة أصغر من سابقاتها وقد تتكون من قوافل صغيرة لعدد من التجار أو الناقلين تجمع مع بعضها لتكون قافلة واحدة وذلك من أجل اختصار وتجميع رجال الحماية المسلحة والخدمات الأخرى وتكون في الغالب لصغار التجار أو الناقلين الذين يشتركون فيما بينهم في تسيير مثل هذه القافلة تمشياً مع أوضاعهم ومجاراة لظروفهم وغالباً ما تكون مثل هذه القوافل تحت إدارة أصحابها أنفسهم بالإضافة إلى من يستعينون بهم من رفاقهم وأقاربهم وقد يدخل في مثل هذه القوافل الصغيرة من يملك البعيرين والثلاثة يذهب معها بحملها سواء لكونه تاجراً لبضاعة يملكها أو ناقلاً لبضاعة يملكها غيره وشيئاً فشيئاً تتكون وتنمو إمكانية هذا الصغير فيبلغ درجة المتوسطين ثم يبلغ درجة التجار الكبار، مثل هذا المستوى من القوافل يكثر انتشاره وهو بداية الانطلاق، وهو بمثابة التعليم الابتدائي للمرحلة الأكاديمية.

.

7) - التنافس فيما بينهم :

كأي مهنة من المهن طبيعي أن يحصل التنافس ليس بين أفرادها ومجموعاتها فحسب بل بين أمرائها ورؤسائها الذين يتنافسون على المصلحة المادية والمركز القيادي، كل فئة تريد الحق لها، ويرجع بعض هذا الخلاف إلى التنافس الاقتصادي بين بعض العقيلات الذين يؤجرون الحجاج وتعهدون بحراستهم وتأمينهم بقوافلهم وبين زعماء آل رشيد الذين عملوا أيضاً بقيادة قوافل الحجاج في العراق وما وراء النهر، هذا الاختلاف والتنافس ينشط حيناً ويفتر حيناً آخر تبعاً للقوى المسيطرة على الساحة يومذاك، وكان عقيلات شمر أقرب إلى الإمام فصل بن تركي آل سعود من عقيلات القصيم المؤثرين في منطقتهم بما لهم من ثروة وجاه، ويبدو أن العلاقة الحميمة التي ربطت بين دولة الإمام فيصل بن تركي آل سعود بالرياض وأمراء حائل والروابط العضوية بين العراق الذي يحكمه العثمانيون ومنطقة شمر سواء من حيث القرب في رقعة الأرض أو امتداد القبيلة إلى العراق في شبه الجزيرة الفراتية وشرقها هذه العوامل قد تداخلت لتقوى أمراء أسرة آل الرشيد في العراق حيث نرى الأمير متعب بن عبدالله آل الرشيد عام 1275هـ / 1859م يحاول أن يتولى إمارة الحج بدلاً من مهنا الصالح الحسن، وتدخل حينئذ أحمد الرواف أحد كبار العقيلات لحسم هذا الأمر الذي أصبح نزاعاً مستشرقياً فاشترى حقوق مهنا من إمارة القوافل وكان الصراع على هذا الأمر قائماً يومذاك بين أسرتي آل مهنا وآل أبي عليان الأكثر ميلاً إلى آل الرشيد ثم تضعضعت من الناحية الرسمية أسرة آل مهنا، من هذا المنطلق صار آل الرشيد أنفسهم يتولون إمارة الحج العراقي وحراسته دون عقيلات القصيم وذلك لفترة طويلة استمرت طيلة حكمهم الذي دام حوالي قرن من الزمن عام 1250-1340هـ/ 1834-1921م ولم يكتفوا بقيادة قوافل الحجاج بل صارت لهم الغلبة في نقل المتاجر وسيطروا عليها، سواء قاموا بذلك بأنفسهم أو وكلوا ذلك إلى من ينيبونهم عنهم لأداء هذه المهمة، غير أن الأمر لم يدم دون منغصات ففي فترة الحرب العالمية الأولى 1333-1337هـ / 1914-1918م قاسى عقيلات شمر أكثر من عقيلات القصيم من مشاكل هذا الحرب حيث حاول البريطانيون منع سلع العراق من الوصول إلى المنطقة التي أعلنت انحيازها للعثمانيين وحرضت بعض قبائل عنزة كيلا يتركوا القوافل الشمرية تمر من الشام باتجاه حائل بسلام وذلك بعرقلة مسيرها أو محاولة الاستيلاء عليها في هذا الوقت الذي تدخلت الدول الكبرى يومذاك ومنها بريطانيا وفرنسا اللتين كان لهما مطامعهما الاستعمارية في المنطقة، من هذه النقطة بدأت الكفة تميل شيئاً فشيئاً لصالح عقيلات منطقة القصيم حتى حصلوا على نصيب الأسد من هذه المهنة فرجحت كفتهم حتى انتهى دور العقيلات نهائياً عام 1370هـ -1950م .
كاشف الضباب غير متصل  


قديم(ـة) 02-02-2005, 04:22 PM   #2
الوسيــــــم
عـضـو
 
صورة الوسيــــــم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
البلد: بريدة
المشاركات: 3,316
الله يعيد ايام زمان ...

بوركت ...
__________________


الوسيــــــم غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)